الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
20 -
حكم إلقاء التواشيح والابتهالات الصوفية في مدح رسول الله صلى الله عليه وسلم
س: يسأل م. ح. مصري ويقول: هناك ما يسمى بالتواشيح، والابتهالات الشرعية، وهي عبارة عن عبادات مدح للرسول صلى الله عليه وسلم، وشيء من الأدعية يؤديها بعض الأشخاص الذين يملكون صوتا حسنا، هذه التواشيح إذا صحبها شيء من المعازف، ما رأي سماحتكم فيها؟ وما حكم الاستماع إليها؟ (1)
ج: هذه التواشيح لا نعرف تفصيلها فإذا كانت قد توقع في الغلو في النبي صلى الله عليه وسلم، ووصفه بما لا يجوز وصفه به حرمت، أو كانت بألفاظ مبتدعة حرمت، وإنما السنة عند الدعاء، أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، ويكفي كما قال النبي صلى الله عليه وسلم، في الحديث الصحيح: لما سمع رجلا يدعو ولم يصل على النبي صلى الله عليه وسلم ولم يحمد الله، قال:«إذا صلى أحدكم فليبدأ بتحميد ربه، والثناء عليه ثم ليصل على النبي، ثم يدعو (2)» ، هذه خير من التواشيح، التواشيح لا حاجة إليها، قد يكون فيها شر، قد يكون فيها بدعة، النبي علمنا كيف الصلاة، قال: «قولوا: اللهم صل على محمد، وعلى آل محمد، كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميد
(1) السؤال السابع من الشريط رقم 401.
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند الأنصار، مسند فضالة بن عبيد الأنصاري رضي الله عنه، برقم 23419.
مجيد، اللهم بارك على محمد، وعلى آل محمد، كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد (1)»
فالمؤمن إذا أراد الدعاء يدعو بحمد الله، اللهم لك الحمد، اللهم لك الحمد على كل حال، اللهم لك الحمد حمدا كثيرا، ثم يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بالصلاة المشروعة ثم يدعو، ولا حاجة إلى تواشيح ما أنزل الله بها من سلطان كأشعار أو كلمات قد يكون فيها غلو، لا، بل يحمد الله، ويثني عليه ثم يصلي على النبي الصلاة الشرعية، ثم يدعو بما أحب من خيري الدنيا والآخرة.
س: نعلم أن في بعض الدول تقام حفلة بمناسبة مولد من الموالد، كمولد النبي أو كمولد علي كرم الله وجهه، ويقوم موظفو وزارة العدل بإحياء هذه الذكرى، هل إحياؤها يعتبر من البدع، وإذا كانت بدعا فكيف لهؤلاء أن يصدوا عنها وفقكم الله؟ (2)
ج: الاحتفال بالموالد ليس بمشروع، بل هو من البدع ولم يثبت
(1) أخرجه البخاري في كتاب تفسير القرآن، باب قوله تعالى:" إن الله وملائكته يصلون على النبي. . . " برقم 4797، ومسلم في كتاب الصلاة، باب الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 406.
(2)
السؤال الخامس والعشرون من الشريط رقم 33.
عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولا عن أصحابه أنهم احتفلوا بالمولد، وهكذا القرون المفضلة، الأول والثاني والثالث، لم يوجد في هذه القرون المفضلة من يحتفل بالمولد النبوي، فهو من البدع التي أحدثها الناس، وقال بعض أهل العلم: إن أول من أحدثها حكام المغرب ومصر، وهم بنو القداح المسمون الفاطميين وهم من الشيعة، قال فيهم شيخ الإسلام ابن تيمية: إن ظاهرهم الرفض وإن باطنهم الكفر المحض. قال بعض الناس: إنهم أحدثوا الاحتفال بمولد النبي صلى الله عليه وسلم ومولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة. وهؤلاء ليسوا قدوة، فلا يقتدى بهم، ثم أحدث بعد ذلك عند ملك أربل، وهذا كله لا يجعل هذا الشيء سنة، بل هو حدث وبدعة، ولو فعله هؤلاء وليس هؤلاء بقدوة، إنما القدوة النبي صلى الله عليه وسلم وخلفاؤه الراشدون وصحابته رضي الله عنهم وأرضاهم فهذا لم يقع منهم، والرسول صلى الله عليه وسلم يجب أن تعظم سنته وأن يتأسى به المسلم دائما في جميع الأيام والليالي، لا في ربيع أول فقط، الواجب أن يعتنى بسنته وتدرس في كل زمان، وأن يتعلمها المسلمون وأن يدرسوا أوامره ونواهيه، وما كان عليه، حتى يعملوا بذلك، أما أن يحتفل بالمولد في ربيع الأول، في الثاني عشر منه أو قبل ذلك أو بعد ذلك، بالطريقة المعروفة، بجمع الناس وإقامة الولائم، وقراءة المولد، هذا بدعة لا أصل له، ولذا يجب تركه، أما تدريس سنته ومولده، بالدرس المعروف في المساجد والمدارس، هذا طيب وسنة، مطلوب حتى يعرف الناس مولده، وما جاء فيه، وسنته وسيرته عليه الصلاة والسلام،
هذا هو الذي قرره المحققون من أهل العلم، ونبه عليه أبو العباس ابن تيمية رحمه الله في كتاب اقتضاء الصراط المستقيم، ونبه عليه أيضا الإمام الشاطبي رحمه الله، في كتابه الاعتصام ونبه عليه آخرون، ثم هذا المولد، وهذا الاحتفال يقع فيه بعض الأحيان من بعض الناس أمور شركية وأمور منكرة علاوة على أنه بدعة يقع فيه منكرات وغلو بعض الأحيان وربما وقع فيه شركيات ودعاء الرسول صلى الله عليه وسلم، واستغاثة به كما في البردة التي ينشدها كثير من الناس في المولد، قصيدة فيها أنواع من الشرك، هذا كله من آفات هذا المولد ومن آفات هذه البدعة، فينبغي للمسلمين تركها والواجب عليهم عدم حضور هذا الاحتفال، وهكذا بقية الموالد: مولد علي رضي الله عنه والحسين وفاطمة أو غيرهم أو مولد البدوي أو عبد القادر الجيلاني أو غيرهم، كل هذه الموالد لا يجوز إحداثها ولا الاحتفال بها وهكذا غيرها من الموالد، كالذي يحتفل بمولد أمه أو أبيه تأسيا بالنصارى وغيرهم، كلها بدعة لا وجه لها، لا يجوز، وفيه تشبه أيضا بالنصارى وغيرهم والله المستعان.
21 -
الصحابة أكثر الناس حبا واتباعا للنبي صلى الله عليه وسلم، ولم يحتفلوا بمولده
س: أسأل عن مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، نحن عندنا عندما يموت شخص، وبعد ثلاثة أيام يقوم أهل الميت، يعملون مولدا للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، أو بعد شهر يعملون أو بعد سنة، يذبحون بقرة أو يشترون لحما ويعملون أكلا ويوزعونه على القرية، وبعد ذلك يعملون مولد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، هل هذا جائز أو سنة، أو الصحابة فعلوا ذلك أو أحد من السلف نرجو توضيح ذلك جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: الاحتفال بالموالد من البدع المحدثة في الدين، ولا فرق بين مولد النبي عليه الصلاة والسلام وغيره، فإن الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الخلق، وهو المعلم والناصح، لم يحتفل بالمولد عليه الصلاة والسلام، وهكذا خلفاؤه الراشدون، لم يحتفلوا بالمولد، وهكذا بقية الصحابة رضي الله عنهم، وهم أعلم الناس، وأكثر حبا منا للنبي صلى الله عليه وسلم، وأعلم بالسنة ومع هذا لم يحتفلوا بالمولد، فدل ذلك على أنه بدعة، والبدع كلها ضلالة كما قاله النبي صلى الله عليه وسلم:«كل بدعة ضلالة (2)» وقد مضت القرون المفضلة الثلاثة ولم يحتفل بالمولد ولا فعله من السلف الصالح فيما نعلم بذلك
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 31.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، باب إذا اجتهد العامل أو الحاكم.
فهو بدعة وأن هذا مما أحدثه الناس من بعد القرون المفضلة، يقال: إن أول من أحدثه حكام مصر، من العبيديين وهم من الشيعة مما ذكره جماعة من المؤرخين، أحدثوه في المائة الرابعة، ويقال إنهم أول من أحدثه وعلى كل حال فهو محدث بدعة لا أصل له، وقد زعم بعض الناس في بعض القرون الماضية وفي عصرنا هذا زعموا أنه سنة. وأنه لا بأس به وأنه من البدع الحسنة، وهذا قول فاسد لا وجه له، بل هو فاسد وفي الحقيقة فيه اعتراض على الرسول صلى الله عليه وسلم، وأصحابه وهم أعلم الناس، وأفضل الناس، ولم يفعلوا هذه البدعة، فالواجب ترك ذلك، وفي الإمكان أن تدرس السيرة في الحلقات العلمية، وفي الدروس اليومية والأسبوعية، فيتعلم الناس السنة، سنة الرسول صلى الله عليه وسلم وما كان عليه من أعمال وأقوال، كما يتعلمون أحكام الشريعة التي جاء بها عليه الصلاة والسلام هذا هو المطلوب في الدروس المدرسية، في الحلقات العلمية في المساجد، في الوعظ والتذكير يتعلم فيها السنة والسيرة وإنكار المولد وما يحدث في المولد، كل هذا ممكن وهو شاف كاف، أما إيجاد موالد يحتفل بها ويقام بها موائد الطعام فهذا لا أصل له، وهو من البدع المحدثة، وكل بدعة ضلالة، ولا ينبغي لعاقل أن يغتر بفعل الناس فإن فعل الناس ليس بحجة وأكثر الناس ليس على بصيرة في أمور الدين قال تعالى:{وَمَا أَكْثَرُ النَّاسِ وَلَوْ حَرَصْتَ بِمُؤْمِنِينَ} (1)، فالعمدة: الحجة والدليل، وقد قال عليه الصلاة
(1) سورة يوسف الآية 103
والسلام: «من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» والدراسة لحال النبي صلى الله عليه وسلم وسيرته، ومولده وفي هجرته كل هذا يفعله العلماء في المدارس وفي الحلقات العلمية وفي التذكير والمواعظ، من غير حاجة إلى إقامة الموالد التي ابتدعها المبتدعون، ويقع فيها بعض الأحيان شيء من الشرك والغلو ما لا يعلمه إلا الله يقع فيها أنواع من الشرك، ويقع فيها أنواع من الشرور، بعض الأحيان فيجب قفل هذا الباب، وسد هذا الباب، ويكتفى بالدروس الإسلامية في المساجد، وفي حلقات العلم، في التذكير والوعظ في جميع شئون الدين، وفي كل ما يتعلق بالسنة وأحكامها، هذا هو الحق، وما فعله بعض الناس اليوم، وقبل اليوم من احتفالات بمولد الرسول صلى الله عليه وسلم، أو بمولد البدوي أو الشيخ عبد القادر أو فلان أو فلان كله بدعة كله لا أصل له، والواجب تركه عملا بقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» ، ولقوله عليه الصلاة والسلام:«كل بدعة ضلالة (4)» .
(1) أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.
(4)
صحيح مسلم الجمعة (867)، سنن النسائي صلاة العيدين (1578)، سنن أبو داود الخراج والإمارة والفيء (2954)، سنن ابن ماجه المقدمة (45)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 311)، سنن الدارمي المقدمة (206).
س: ما حكم المولد النبوي؟ وما حكم الذي يحضره؟ وهل يعذب فاعله إذا مات وهو على هذه الصورة؟ (1)
ج: المولد لم يرد في الشرع ما يدل على الاحتفال به، لا مولد النبي صلى الله عليه وسلم ولا غيره، فالذي نعلم من الشرع المطهر وقرره المحققون من أهل العلم، أن الاحتفال بالموالد بدعة، لا شك في ذلك؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم وهو أنصح الناس، وأعلمهم لشرع الله، وهو المبلغ عن الله لم يحتفل بالمولد مولده صلى الله عليه وسلم، ولا مولد غيره، ولا احتفل أصحابه بذلك لا خلفاؤه الراشدون ولا غيرهم، فلو كان حقا وخيرا وسنة لما تركوه، ولما تركه النبي صلى الله عليه وسلم، ولعلمه أمته وفعله بنفسه، ولفعله أصحابه وخلفاؤه رضي الله عنهم، فلما تركوا ذلك، علمنا يقينا أنه ليس من الشرع، وهكذا في القرون المفضلة، لم يفعل ذلك، فاتضح بذلك أنه بدعة، وقد قال عليه الصلاة والسلام:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (2)» ، وقال عليه الصلاة والسلام:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (3)» ، وفي أحاديث أخرى تدل على ذلك.
وبهذا يعلم أن هذه الاحتفالات بالمولد النبوي، في شهر ربيع الأول أو في غيره، وهكذا الاحتفالات بالموالد الأخرى: كالبدوي، والحسين وغير ذلك، كلها من البدع المنكرة، التي يجب على أهل
(1) السؤال السادس عشر من الشريط رقم 8.
(2)
أخرجه البخاري في كتاب الصلح، باب إذا اصطلحوا على صلح جور برقم 2697.
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.
الإسلام تركها، وقد عوضهم الله، بعيدين عظيمين: عيد الفطر وعيد الأضحى، ففيهما الكفاية عن إحداث أعياد، واحتفالات منكرة مبتدعة، وليس حب النبي صلى الله عليه وسلم يكون بالموالد، وإقامتها، وإنما حبه صلى الله عليه وسلم يقتضي اتباعه، والامتثال بشريعته، والذب عنها والدعوة إليها، والاستقامة عليها، هذا هو الحب يقول سبحانه:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (1)، فحب الله ورسوله، ليس بالموالد ولا بالبدع، ولكن حب الله ورسوله يكون بطاعة الله، ورسوله والاستقامة على شريعة الله، والجهاد في سبيل الله بالدعوة إلى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم، وتعظيمها والذب عنها والإنكار على من خالفها، هكذا يكون حب الرسول صلى الله عليه وسلم، ويكون بالتأسي به في أقواله وأعماله، والسير على منهاجه عليه الصلاة والسلام، والدعوة إلى ذلك، هذا هو الحب الصادق الذي يدل عليه العمل الشرعي، والعمل الموافق لشرعه سبحانه، وأما كونه يعذب أو لا يعذب، هذا شيء آخر، هذا إلى الله جل وعلا، فالبدع والمعاصي من أسباب العذاب، لكن قد يعذب الإنسان بفعل معصيته، وقد يعفو الله عنه، إما لجهله، وإما لأنه قلد من فعل ذلك، ظنا منه أنه مصيب، أو لأعمال صالحة قدمها، صارت من أسباب العفو من الله، أو لشفاعة الشفعاء، من الأنبياء والمؤمنين أو الأفراط، فالحاصل أن المعاصي والبدع من أسباب العذاب، وصاحبها تحت مشيئة الله جل وعلا، إذا لم تكن بدعته مكفرة، أما إذا كانت
(1) سورة آل عمران الآية 31