الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
من الغش ليس من النصح، وعلى طالب العلم أن ينصح الناس بما ينفعهم على الطريقة التي سلكها أهل السنة والجماعة في بيان معاني كلام الله ومعاني كلام رسوله صلى الله عليه وسلم والنصيحة في ذلك ويعلمون العامة ما يحتاجون إليه في أمور دينهم.
60 -
بيان الطريقة التيجانية
س: يقول السائل: مرسل هذه الرسالة منفعل أشد الانفعال، ويتلفظ بعبارات أسأل الله تعالى أن يغفر لنا وله، ملخص ما في الرسالة الدفاع عما يسمى بالطريقة التيجانية، أرجو أن تتفضلوا بتبصير أخينا جزاكم الله خيرا، وحبذا لو بعثتم إليه ما توصل إليه البحث العلمي حول هذه الطريقة جزاكم الله خيرا ونفع بكم؟ (1)
ج: الطريقة التيجانية بدعة لا أساس لها ومنكر لا أساس له، نسأل الله أن يعافي إخواننا في أفريقيا وفي السنغال وفي غيرها، نسأل الله أن يعافيهم من شرها وأن يخلصهم منها، وأن يوفقهم لاتباع نبيهم ورسولهم محمد عليه الصلاة والسلام، فطريقته بحمد الله كافية، وقد بعثه الله رحمة للعالمين، وأتم له الإسلام، فالواجب على جميع
(1) السؤال الثالث من الشريط رقم 96
الأمة التمسك بما كان عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأصحابه ففيهم الأسوة والقدوة كما قال الله عز وجل في كتابه العظيم:{لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الْآخِرَ وَذَكَرَ اللَّهَ كَثِيرًا} (1)، وقال سبحانه وتعالى في سورة التوبة:{وَالسَّابِقُونَ الْأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (2) التابعون لهم بإحسان هم السائرون على منهجهم من دون زيادة ولا اختراع بدع، وقال تعالى:{قُلْ إِنْ كُنْتُمْ تُحِبُّونَ اللَّهَ فَاتَّبِعُونِي يُحْبِبْكُمُ اللَّهُ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ} (3)، فأمر الله نبيه بأن يقول للناس هذا الكلام، قل يعني: قل يا أيها الرسول للناس: إن كنتم تحبون الله فاتبعوني - يعني محمدا عليه الصلاة والسلام يحببكم الله، فاتباع النبي هو طريق محبة الله، وهو طريق السعادة، من يطع الرسول فقد أطاع الله، قال تعالى:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ} (4).
فطريق الجنة والسعادة في اتباع محمد عليه الصلاة والسلام، ليس في اتباع أحمد التيجاني، أحمد التيجاني متأخر إنما ولد في عام 1150 للهجرة، يعني بعد النبي محمد صلى الله عليه وسلم، فهو ولد كما في كتب التيجانيين
(1) سورة الأحزاب الآية 21
(2)
سورة التوبة الآية 100
(3)
سورة آل عمران الآية 31
(4)
سورة النساء الآية 13
ذكروا أنه ولد في عام 1150 هـ، يعني في القرن الثاني عشر من الهجرة، ويزعم أنه طاف في بلدان كثيرة، وتعلم الطرق الصوفية، ثم رأى النبي صلى الله عليه وسلم عام 1196 هـ، فعلمه الورد الذي يعلمه الناس، وأنه يعلم الأمة هذا الورد من الدعاء والاستغفار، قال: أنت ابني علم الأمة، ورأى عام 1200 هـ بعد أربع سنين من لقاء النبي صلى الله عليه وسلم من علمه أن يشفع للدعاء والاستغفار، قل هو الله أحد، وأن يعلم الأمة ذلك، وزعم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم مشافهة ويقظة لا نوما، وكل هذا باطل فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لا يرى يقظة بعد وفاته عليه الصلاة والسلام، فإنما يرى في المنام، فإن الله جل وعلا لا يبعثه إلا يوم القيامة، قال الله تعالى في سورة المؤمنون:{ثُمَّ إِنَّكُمْ بَعْدَ ذَلِكَ لَمَيِّتُونَ} (1){ثُمَّ إِنَّكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ تُبْعَثُونَ} (2)، فالبعث يوم القيامة، وقال عليه الصلاة والسلام:«أنا أول من ينشق عنه القبر يوم القيامة (3)» ، فبعثه يكون يوم القيامة، فمن قال: إنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة، وعلمه كذا وكذا فقد كذب، أو كذب عليه أو رأى شيطانا، زعم أنه رسول الله عليه الصلاة والسلام، والشيطان قد يتمثل بصور كثيرة، ويزعم للجاهلين أنه النبي صلى الله عليه وسلم، أما أن يتمثل بصورته فلا؛ لأن الرسول صلى الله عليه وسلم قال:«من رآني في المنام فقد رآني، فإن الشيطان لا يتمثل في صورتي (4)» ، فدل على أنه قد يتمثل في
(1) سورة المؤمنون الآية 15
(2)
سورة المؤمنون الآية 16
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الفضائل، باب تفضيل نبينا صلى الله عليه وسلم، برقم 2278
(4)
أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب إثم من كذب على النبي صلى الله عليه وسلم، برقم 110، ومسلم في كتاب الرؤيا، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم " من رآني. . . "، برقم 2268
غير صورته عليه الصلاة والسلام، كما أخبر به العلماء، ولكن التيجاني لم يرض بهذا، بل قال إنه رآه يقظة، وأنه علمه يقظة، هذا كله باطل سواء كان كذبه هو، أو كذب عليه وغره شيطان قال له ذلك، ثم أيضا قد بين النبي صلى الله عليه وسلم طريق الجنة وطريق السعادة للأمة، ودرج عليه الصحابة، فهل هناك دين جديد يأتي به أحمد بعد اثني عشر قرنا يخالف ما عليه الصحابة أصحاب النبي الذين هم أفضل الناس، وخير الناس، ثم من يليهم، فالدين الذي درج عليه الصحابة هو الدين الصحيح وهو دين الله وهو الصراط المستقيم فمن جاء بشيء بعده جديد فهو مردود عليه، يقول النبي صلى الله عليه وسلم:«من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد (1)» . متفق على صحته، ويقول صلى الله عليه وسلم:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (2)» ، ويقول صلى الله عليه وسلم في خطبة الجمعة:«أما بعد فإن خير الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل بدعة ضلالة (3)» ، رواه مسلم في الصحيح، زاد النسائي:«وكل ضلالة في النار (4)» .
(1) أخرجه النسائي في كتاب صلاة العيدين، باب كيفية الخطبة، برقم 1578
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.
(3)
أخرجه البخاري في كتاب النكاح، باب الترغيب في النكاح، برقم 5063، ومسلم في كتاب النكاح، باب استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، برقم 1401.
(4)
النسائي صلاة العيدين (1578).
فلا ينبغي لعاقل أن يغضب عندما ينبه على الباطل، وعندما ينبه على البدع، بل ينبغي له أن يقول: الحمد لله الذي هداني، الحمد لله الذي عرفني أن هذا بدعة، الحمد لله الذي أرشدني إلى الخير، وعليه أن يتعلم ويتبصر، ولا يقلد الناس، يقول النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث الصحيح:«من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين (1)» رواه الشيخان البخاري ومسلم في الصحيحين، ويقول صلى الله عليه وسلم:«من سلك طريقا يلتمس فيه علما سهل الله له به طريقا إلى الجنة (2)» .
والعالم مهما كان فضله ليس معصوما، قد يغلط كثيرا، ويلبس عليه، فإذا كان التيجاني عالما فالعالم ليس معصوما، يقول مالك رحمه الله الإمام المشهور:" ما منا إلا راد ومردود عليه إلا صاحب هذا القبر ". ويقول الشافعي رحمه الله: " أجمع الناس على أنه من استبانت له سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، لم يكن له أن يدعها لقول أحد من الناس، بل يلزمه اتباعها ". ويقول أبو حنيفة رحمه الله: " إذا جاء الحديث عن رسول الله فعلى العين والرأس، وإن جاء عن الصحابة فعلى العين والرأس، وإذا جاء عن التابعين فهم رجال ونحن رجال "؛ لأن أبا حنيفة كان في عصر التابعين، وروي أنه رأى أحدا من الصحابة فيكون من التابعين، إذا ثبت ذلك.
(1) أخرجه البخاري في كتاب العلم، باب من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، برقم 71، ومسلم في كتاب الزكاة، باب النهي عن المسألة، برقم 1037
(2)
مسلم الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار (2699)، الترمذي القراءات (2945)، ابن ماجه المقدمة (225)، أحمد (2/ 252).
ويقول الإمام أحمد رحمه الله أيضا: عجبت لقوم عرفوا الإسناد وصحته، يعني عن النبي صلى الله عليه وسلم، يذهبون إلى رأي الرجال، يعني الثوري، والله يقول سبحانه:{فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (1) يعني عن النبي عليه الصلاة والسلام، فعجب من قوم يذهبون إلى قول سفيان الثوري، وأشباهه من العلماء ويدعون الحديث، وهذا لا شك أنه مستنكر، وهكذا ينبغي لكل مسلم في السنغال أو في غير السنغال، ولكل مكلف، أن يتبصر في دينه، وأن يسأل عن طريقة النبي صلى الله عليه وسلم، وعن دين الرسول وعما جرى عليه الصحابة، ودرجوا عليه، لا عما قاله التيجاني أو الشيخ عبد القادر أو الشاذلي أو فلان أو فلان، لا.
نحن مأمورون باتباع نبينا محمد عليه الصلاة والسلام، نحن مأمورون باتباع القرآن، وباتباع الرسول صلى الله عليه وسلم، لسنا مأمورين باتباع الشيخ عبد القادر، أو الشيخ أحمد التيجاني أو الشاذلي أو فلان أو فلان، أو مالك أو الشافعي أو أحمد أو أبي حنيفة، أو غيرهم، هؤلاء علماء رضي الله عنهم ورحمهم، الأئمة الأربعة علماء معروفون، لكن كل واحد يصيب ويخطئ، وهكذا غيره من العلماء، فإذا كان أحمد التيجاني من العلماء، وكان له فضل العلم، إذا قدرنا ذلك وقلنا: إنه من العلماء، فالعالم يخطئ ويصيب، وقد أخطأ في
(1) سورة النور الآية 63
هذا بزعمه أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم، وقد شبه عليه بأنه قد رآه يقظة، وبزعمه أنه يعلم الأمة جميعا، وأنه يرشدهم إلى طريقته التي جاء بها، يعني الأمة كانت ضالة، حتى جاء أحمد التيجاني يعلمهم، كانت الأمة على طريق الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه، وهم أهل السنة والجماعة، من كان على هذا الطريق فهو على طريق الرسول وأصحابه، قبل التيجاني وبعده، فأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم تلقوا طريقهم عن رسول الله، ثم التابعون لهم بإحسان، هكذا إلى وقت الأئمة الأربعة، ثم بعدهم إلى وقتنا هذا من التزم القرآن، واتبع السنة وسار على نهج الصحابة، فهو المتبع حقا وهو المهدي حقا، ومن انفرد عن ذلك إلى طريقة جديدة أحدثها التيجاني أو غير التيجاني، أو الشاذلي أو الشيخ عبد القادر الجيلاني، أو المريسي أو فلان أو فلان، كل ذلك لا وجه له ولا يجوز اتباعه، بل يجب عرض كل شيء يدعيه أحد من الناس أنه من الشرع يجب عرضه على القرآن، وعلى ما صح من سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فما شهد له القرآن بالصحة، أو السنة الصحيحة بالصحة، وجب أخذه وقبوله وإن خالف رأي شيخك، أو إمامك المعين كالتيجاني وغيره؛ لقول الله سبحانه:{فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللَّهِ وَالرَّسُولِ} (1)، ولقوله سبحانه:{وَمَا اخْتَلَفْتُمْ فِيهِ مِنْ شَيْءٍ فَحُكْمُهُ إِلَى اللَّهِ ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبِّي} (2).
(1) سورة النساء الآية 59
(2)
سورة الشورى الآية 10
والتيجاني جاء في القرن الثاني عشر كما تقدم، ولد سنة 1150 هـ فما حال الناس قبل ذلك هكذا ذكر صاحب جواهر المعاني، وهكذا قال صاحب الرماح، فقد ذكر ذلك أنه ولد في عام 1150 هـ، وذكر ما قال: أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم يقظة وعلمه الورد وهو الدعاء والصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم يعلمه الأمة ويرشدهم، ثم علمه زيادة أن يقول لهم وأن يعلمهم: قل هو الله أحد ويرشدهم إلى ذلك الورد، وكل هذا معلوم عند المسلمين يعرفون أن الدعاء مشروع، والاستغفار مشروع وقراءة: هل هو الله أحد والمعوذتين مشروعة أيضا، وقل هو الله أحد تعدل ثلث القرآن، كما جاء به الحديث، وقد شرع الله قراءتها بعد كل صلاة وبعد المغرب والفجر ثلاث مرات مع المعوذتين وأخبر النبي أنها تعدل ثلث القرآن، هذا شيء معلوم قبل أن يأتي التيجاني، فينبغي للعاقل أن ينتبه وألا يغتر بتقليد الناس، أو الدعايات التي لا وجه لها بل يتأمل قوله تعالى:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1). وأنت تسأل ربك أن يهديك الصراط المستقيم في كل صلاة في الفاتحة، والصراط المستقيم هو دين الله، وليس دين التيجاني، دين الله هو ما بعث به الله نبيه عليه الصلاة والسلام، وما دل عليه كتاب الله وسنة رسوله، وهو الصراط المستقيم، فالواجب على جميع الناس ولا سيما المسلمون في كل مكان أن يلتزموا ما جاء بالكتاب والسنة، وأن يستقيموا عليه،
(1) سورة الفاتحة الآية 6