الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشياطين، لهم أصحاب من الجن يخبرونهم ويخبرون الناس، والنبي عليه الصلاة والسلام قال:«من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (1)» ، فلا يجوز تصديق مثل هذه الخرافات، ولا يجوز الأخذ بها، بل يجب إنكارها والتحذير منها، والله المستعان.
(1) أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252
115 -
حكم من يدعي الوساطة بين الجن والإنس لعلاج الأمراض المستعصية
س: سمعت خبرا بأن هناك امرأة تتعامل مع الجن، وأخبرها الجن بأنها ستكون وسيطة خير بين الجن والإنس لتعالج الأمراض المستعصية في الإنس والتي عجز عنها طب الإنس، والمرأة هي الوسيط والجن يعطون الأدوية، ويعملون العمليات لبني الإنسان، ولكن الإنسان لا يراهم. ما رأي سماحتكم في مثل هذا؟ (1)
ج: ليس لهذا أصل ولا يعتمد عليه، فإن أخبار الجن وأخبار العجائز، وأخبار من يخدم الجن لا يوثق بها، ولا يعتمد عليها، ولا يجوز أن يعتمد على قول عجوز أو شيخ أو شاب أو غير ذلك،
(1) السؤال السابع عشر من الشريط رقم 173
ينقل عن الجن أشياء بل يجب أن يحذر منهم، وألا يستخدمهم في شيء؛ لأنهم إذا استخدموه قد يجرونه إلى الشرك بالله عز وجل، إذا كانوا غير مؤمنين وليس المؤمن منهم معروفا معرفة يقينية فقد يكون منافقا، وقد يكون يدس السم في الدسم؛ لأنك لا تعرفهم ولا تخالطهم مخالطة جهرية، وتعرف أحوالهم وأحوال قرنائهم من الأخيار، حتى تعرف الثقة من غير الثقة، فالحاصل أن بيننا وبينهم جهلا كبيرا، وأخلاقا متباينة، وصفات متباينة لا نستطيع معها أن نتحقق ما هم عليه ومن عرفنا منهم بما يظهره من الإيمان ندعو له بالتوفيق وندعو له بالصلاح، ولكن لا نثق به ولا نطمئن إليه في أن نأخذ منه طبا أو غير ذلك، أو نستشيره في شيء أو ما أشبه ذلك فإن هذا قد يفضي إلى دعوى علم الغيب، وقد يبتلى الإنسان بذلك ويظن أن عنده شيئا من علم الغيب بواسطة الجن وقد يدعو إلى ذلك، فيكون ممن قال الله فيهم جل وعلا:{وَأَنَّهُ كَانَ رِجَالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجَالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزَادُوهُمْ رَهَقًا} (1). فهو مع الجن على خطر فقد يستخدمونه في الشرك، وقد يستخدمونه في البدع، وقد يستخدمونه في المعاصي فيضر نفسه وهو لا يدري، ويضر غيره وهو لا يدري، فلا تجوز المعاملة معهم في الطب ولا في غيره، بل من عرف منهم أحدا أو اتصل به أحد يدعوهم إلى الله، يعلمه الخير، يدعوه على توحيد الله، وإلى طاعة الله
(1) سورة الجن الآية 6
وينصحه أن يعلم من عنده الخير وطاعة الله عز وجل، ولا يطمئن إليه في شيء ولا يطلب منه شيئا للناس؛ لأنه قد ينقل منه شيئا يضر الناس، وقد يعطيه شيئا طيبا ثم يغشه بعد ذلك، فالحاصل أنه على خطر لأنك لا تعلم أحوالهم على اليقين وهم يرونك ولا تراهم ويخفون عنك أشياء كثيرة وقد يدعون الإيمان وهم منافقون وقد يتصلون بك لأغراض أخرى حتى يأخذوها منك ثم يفعلوا بك ما يريدون، فأنت على خطر فالواجب الحذر منهم إلا بالدعوة إلى الله عز وجل، وتبصيرهم بالحق ودعوتهم إليه وإرشادهم.
س: توجد امرأة في قرية، وملقبة مصاصة، يذهب إليها الرجال والنساء، وكل واحد يشتكي مرضا في بطنه أو ظهره أو صدره وكل واحد يعطيها مبلغ مائة ريال، وإذا كان المريض يشتكي من بطنه، ترقده على ظهره وتمص بطنه بفمها، يعني تجعل فمها على بطنه وصدره أو ظهره، وتمص مثل المحجم، دون أن تستعمل شيئا بفمها، وبعد ذلك تخرج من فمها حصاة أو عرقا أو غير ذلك، هل هذا الأمر صحيح أفيدونا جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذه المرأة المسؤول عنها يظهر أنها دجالة وأنها تعمل أعمالا
(1) السؤال الأول من الشريط رقم 12
تغر بها الناس؛ ليظنوا أن عندها علما، وأن عندها شيئا خارقا، أو شيئا لا يعرفه الأطباء، فتعمل ما ذكر من مص بطن الرجل ثم إخراج أشياء من فمها كحصى أو نحوه، هذه إما أن تكون تستخدم الجن، وتلعب على أبصار الحاضرين، فتريهم أنها تخرج من بطنه شيئا، وليس هناك شيء، وإنما هو تقمير على عيون الناس، وسحر لأعينهم، كما فعل السحرة في وقت موسى عليه الصلاة والسلام مع فرعون وإما أن تكون تجعل في فمها شيئا عند مجيئها للمريض، من حصى أو غيره وتخرجه عندما تمص بطنه لتري الناس أن هذا شيء خرج من بطنه، والذي نرى في هذه وأمثالها أنه لا يجوز أن يذهب إليها ولا أن تستطب؛ لأن هذه وأشباهها من المشعوذين، وممن يتلاعب على الناس بالكذب، أو باستخدام الجن وتعاطي ما حرم الله عز وجل من الشرك وغيره من المنكرات التي تفعل مع الجن بسؤالهم عن مرض الشخص الذي يراد تطبيبها له، فالحاصل أن هذه المرأة يظهر من عملها هذا أنها دجالة، وأنها متلاعبة، وأنها كذابة أو مستخدمة للجن، فلا يجوز إتيانها، ولا أشباهها، وقد قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:: «من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)» أخرجه مسلم في الصحيح، وفي لفظ آخر:«من أتى كاهنا أو عرافا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد (2)» صلى الله عليه وسلم، فهذه وأشباهها من
(1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230
(2)
أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252
العرافين الذين يكذبون ويتعاطون أمورا لا صحة لها، بل هي أشياء مكذوبة أو مأخوذة عن الجن لتغرير الناس وإدخال السوء عليهم من دون أن يعلموا الحقيقة، والله المستعان.
س: حدثت قصة سأرويها لكم، وأريد تفسيرا أو نصحا عن موضوعها، لنا جار له ابنة تبلغ من العمر الثامنة عشرة، مرضت بمرض نفسي وذهب بها إلى الأطباء ولم تستفد شيئا، ثم ذهب بها إلى الكهنة والمشعوذين، وقالوا: إن بها جنا ونحن سوف نخرجه، ولبثت البنت عندهم فترة وجيزة من يوم واحد، وعادت إلى البيت طبيعية ليس فيها شيء، وهي الآن تعيش حالة طبيعية مستقرة في بيت أبيها وجهونا لو تكرمتم جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: هذا قد يقع من الجن وشياطينهم، فقد يتعدون على امرأة أو على رجل بأسباب المرض، فيمرض، ثم إذا فزع إليهم وهرع إليهم ولي المرأة أو ولي الرجل وطلب منهم النجدة ساعدوا في ذلك وأزالوا ما فعلوا من الشر؛ حتى يغروا الناس ويخدعوهم، وحتى يدعوهم بهذا إلى الشرك، وإلى تعظيم الجن والشياطين، واللجوء إليهم ودعائهم والاستغاثة بهم ونحو ذلك، هذا من مكائد الشياطين ومن خبثهم
(1) السؤال الرابع عشر من الشريط رقم 131
وأعمالهم الخبيثة، فالواجب على المؤمن ألا يغتر بهذا، وألا يذهب إليهم، وألا يلتجئ إليهم وألا يسألهم، كما قال النبي عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من أتى عرافا فسأله عن شيء لم تقبل له صلاة أربعين يوما (1)» ، «وقال عليه الصلاة والسلام، لما سئل عن الكهان، قال: لا تأتوهم، قال: ليسوا بشيء (2)» ، وقال:«من أتى كاهنا فصدقه بما يقول، فقد كفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم (3)» ، وقال:«ليس منا من سحر أو سحر له، أو تكهن أو تكهن له، أو تطير أو تطير له (4)» ، ووجود هذا منهم وكيدهم للناس، وهذا العمل منهم ولعبهم لهم، هذا لا يسوغ الذهاب إليهم والمجيء إليهم بل يجب أن يحذروا، وأن يبتعد عنهم، وأن يعالج من أصيب بهذه الأمراض بالعلاج الشرعي بالقراءة التي شرعها الله، فإن القراءة دواء تداوي به المرضى من الجن وغيرهم، يقرأ عليه المؤمن طالب العلم بما تيسر من القرآن ويدعو له، ويزول الضرر بإذن الله، وهذا أمر مجرب، قد فعله الأئمة والعلماء من قديم الزمان وحديثه، ونفع الله بذلك، ولو قدر أنه مات بسبب ذلك، فإنه ما مات إلا بأجله، حيث قدر الله أن يموت بهذا المرض، وبهذا الشيء الذي يتوهمون أنه من عمل السحرة أو الجن، فلا ينبغي لعاقل أن يؤثر حظه العاجل بتوهم الصحة على أيديهم، أو العلاج على أيديهم بما يضره في دينه ويغضب الله عليه
(1) أخرجه مسلم في كتاب السلام، باب تحريم الكهانة وإتيان الكهان، برقم 2230
(2)
البخاري الطب (5429)، مسلم السلام (2228)، أحمد (6/ 87).
(3)
أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة، برقم 9252
(4)
أخرجه الطبراني في المعجم الكبير، ج18، برقم 355