الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
85 -
حكم إنكار وقوع السحر
س: شيخ عبد العزيز، سمعت من بعض طلبة العلم إنكاره للسحر، حتى إنه قال: ائتوا بالسحرة ليسحروني إن كانوا صادقين، توجيهكم لو سمحتم ولا سيما إذا كانت هذه العبارة من شخص مشهور وله شعبية لا بأس بها؟ (1)
ج: هذا جهل وغلط، هذه العبارات تصدر عن جهل، فقد سحر النبي صلى الله عليه وسلم وهو أفضل الخلق، وقد صحت الأحاديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه سحر، وعافاه الله من ذلك وشفاه الله سبحانه وتعالى، هذا شيء معروف وأجمع المسلمون على أنه يقع بإذن الله سبحانه وتعالى، لكن بعضه يؤثر على المريض وبعضه بالتخييل كما تقدم.
(1) السؤال العاشر من الشريط رقم 129
86 -
الأوراد والتعوذات الشرعية سبب للعافية والسلامة من السحر
س: فيما يتعلق بالجن أو السحر، وما يحدث بسببهما سماحة الشيخ ماذا ترون من وقاية؟ (1)
ج: السحر قد يقع من الناس لا شك فيه، وهو في الغالب يكون
(1) السؤال الواحد والعشرون من الشريط رقم 344
في عمل من شياطين الإنس الذين ينقلونه عن الجن، فيعقدون عقدا وينفثون فيها بريقهم الخبيث وكلماتهم الشيطانية، فقد يقع بإذن الله ما يريدون، كما قال جل وعلا:{قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ} (1){مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ} (2){وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ} (3){وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ} (4){وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ} (5) هن السواحر اللاتي ينفثن في العقد من الريق الخبيث، والكلمات الخبيثة، والدعوات الخبيثة، فقد يقع ما أرادوا بإذن الله، وقد لا يقع، ولهذا قال سبحانه:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ} (6). فالسحر حق، قد يقع وهو منكر عظيم، والرسول قرنه بالشرك، قال صلى الله عليه وسلم:«اجتنبوا السبع الموبقات "، قيل: وما هن يا رسول الله؟ قال: " الشرك بالله، والسحر (7)» ، وفي لفظ قبل الشرك هكذا جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة، والله جل وعلا قال:{وَاتَّبَعُوا مَا تَتْلُو الشَّيَاطِينُ عَلَى مُلْكِ سُلَيْمَانَ وَمَا كَفَرَ سُلَيْمَانُ وَلَكِنَّ الشَّيَاطِينَ كَفَرُوا يُعَلِّمُونَ النَّاسَ السِّحْرَ} (8) هو من تعليم الشياطين ومن تعديهم على بني
(1) سورة الفلق الآية 1
(2)
سورة الفلق الآية 2
(3)
سورة الفلق الآية 3
(4)
سورة الفلق الآية 4
(5)
سورة الفلق الآية 5
(6)
سورة البقرة الآية 102
(7)
أخرجه البخاري في كتاب الوصايا، باب قول الله تعالى:(إن الذين يأكلون أموال اليتامى)، برقم 2767، ومسلم في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، برقم 89
(8)
سورة البقرة الآية 102
آدم وإيذائهم لهم وإيقاعهم في أنواع الباطل، فينبغي للمؤمن أن يتحرز عن ذلك بما تقدم من التعوذات الشرعية من آية الكرسي، ومن قراءة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (1) والمعوذتين بعد الصلوات وقراءتها عند النوم، وقراءة " أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق " يقول صلى الله عليه وسلم:«من نزل منزلا فقال: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، لم يضره شيء حتى يرتحل من منزله ذلك (2)» ، وجاءه رجل فقال: لقد لقيت كذا وكذا هذه الليلة من لدغة عقرب، أو كما قال الرجل فقال صلى الله عليه وسلم:«أما إنك لو قلت: أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق لم يضرك (3)» ، وجاء في حديث آخر أنه قال:«من قال أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات لم تضره حمة (4)» يعني: سم السموم.
المقصود أن هذه التعوذات جعلها الله جل وعلا سببا للعافية والسلامة من هذه الشرور، فينبغي للمؤمن أن يكون عنده قوة إيمان وثقة بالله وحسن الظن بالله، مع الإتيان بهذه الأوراد الشرعية
(1) سورة الإخلاص الآية 1
(2)
أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب في التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2708
(3)
أخرجه مسلم في كتاب الذكر والدعاء والتوبة والاستغفار، باب التعوذ من سوء القضاء ودرك الشقاء وغيره، برقم 2709
(4)
أخرجه الإمام أحمد في مسند أبي هريرة رضي الله عنه، برقم 7838
والتعوذات الشرعية، والله جل وعلا هو الكافي المعافي سبحانه وتعالى بيده كل شيء {أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} (1)، كذلك الجن التعوذ بالله منهم، من أسباب السلامة، فإن الجن مخلوقون مربوبون، فالذي خلقهم هو الذي يعيذ منهم سبحانه وتعالى، فإذا لجأ الإنسان إلى الله وتعوذ بكلماته التامة من شر ما خلق أعاذه منهم ومن غيرهم، وهكذا آية الكرسي عند النوم من أسباب السلامة منهم ومن غيرهم، وهكذا قراءة:{قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين من أسباب السلامة من كل شر ومن الشياطين أيضا، والله سبحانه هو الخلاق وبيده تصريف الأمور جل وعلا، وبيده الضر والنفع والعطاء والمنع، فما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن، سبحانه وتعالى، قد ذكر عن السحرة أنهم يتعلمون من السحر الذي تفعله الشياطين وتلقيه الشياطين، يفعلون بذلك ما يفرقون بين المرء وزوجه، يعني: يفعلون أشياء تسبب كراهية الزوج لزوجته، أو كراهيتها له حتى يفارقها، ثم قال بعده:{وَمَا هُمْ بِضَارِّينَ بِهِ مِنْ أَحَدٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ وَيَتَعَلَّمُونَ مَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنْفَعُهُمْ وَلَقَدْ عَلِمُوا لَمَنِ اشْتَرَاهُ مَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ خَلَاقٍ} (3) يعني: من حظ ولا نصيب، {وَلَبِئْسَ مَا شَرَوْا بِهِ أَنْفُسَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (4){وَلَوْ أَنَّهُمْ آمَنُوا وَاتَّقَوْا لَمَثُوبَةٌ مِنْ عِنْدِ اللَّهِ خَيْرٌ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ} (5).
(1) سورة الزمر الآية 36
(2)
سورة الإخلاص الآية 1
(3)
سورة البقرة الآية 102
(4)
سورة البقرة الآية 102
(5)
سورة البقرة الآية 103
فدل على أنه خلاف التقوى وخلاف الإيمان، وبين أيضا أنه كفر، قال سبحانه:{وَمَا يُعَلِّمَانِ مِنْ أَحَدٍ حَتَّى يَقُولَا إِنَّمَا نَحْنُ فِتْنَةٌ فَلَا تَكْفُرْ} (1)، وهذا يدل على أن تعلم السحر وتعليم السحر واستعماله كفر بعد الإيمان نعوذ بالله؛ لأنه إنما يكون بطاعة الشياطين وعبادتهم من دون الله، فإذا أطاع الشياطين من الجن وعبدهم من دون الله، علموه بعض الأشياء التي تضر الناس، يروى عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«من سحر فقد أشرك (2)» .
فالمقصود أن السحر من أسباب الشرك؛ لأنه لا يتوصل إليه إلا بعبادة الجن والاستغاثة بهم، والاستعانة بهم، والتقرب إليهم بذبح أو نذر أو سجود أو غير ذلك، فلهذا حكم العلماء على السحرة بأنهم كفار هذا هو المعروف عند جمهور أهل العلم، أن كل ساحر كافر، وقال بعض أهل العلم: يسأل عن صفة سحره، فإن وصف شيئا يدل على الكفر صار كافرا، وإلا صار من جملة المعاصي، ومن جملة الظلم للناس، وبكل حال هذا المعنى لا يخالف ما قاله الجمهور، فإن مراد الجمهور هو السحر الذي لا يعرف له أسباب تبعده عن الكفر، فالساحر في الغالب إنما يكون ساحرا بخدمته للجن، وعبادته لهم، أما من ادعى سحرا في شيء لا يكون من جنس السحر لكنه قد يضر
(1) سورة البقرة الآية 102
(2)
أخرجه النسائي في كتاب تحريم الدم، باب الحكم في السحرة، برقم 4079
الناس في عمل آخر غير عبادة الجن وخدمة الجن وطاعتهم، والاستغاثة ونحو ذلك كأشياء يستعملها من مواد تؤكل أو تشرب أو يدخن بها أو يدهن بها، فتضر بعض الناس هذا من باب الظلم من باب الإيذاء ليست من باب عبادة الجن.
س: ما هي الآيات التي تدفع السحر؟ (1)
ج: ذكر بعض أهل العلم أن من أسباب العافية مما قد يمس الإنسان من السحر ومس الجن وما قد يمسه أيضا من حبسه عن زوجته أن من أسباب الشفاء من ذلك: قراءة آية الكرسي، ينفث بها في الماء، وسورة الفاتحة، وقل يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، والمعوذتين، فإذا قرأ هذه السور، والآية الكريمة آية الكرسي، وقرأ مع ذلك أيضا آيات السحر الموجودة في سورة الأعراف، وسورتي يونس وطه كان ذلك من أسباب الشفاء، إذا شرب من الماء واغتسل به فإنه من أسباب سلامته من السحر، ومن أسباب إطلاقه عن حبسه عن أهله، وآيات الأعراف هي قوله تعالى:{وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى أَنْ أَلْقِ عَصَاكَ فَإِذَا هِيَ تَلْقَفُ مَا يَأْفِكُونَ} (2){فَوَقَعَ الْحَقُّ وَبَطَلَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} (3){فَغُلِبُوا هُنَالِكَ وَانْقَلَبُوا صَاغِرِينَ} (4)، هذه الآيات في الأعراف من
(1) السؤال الخامس عشر من الشريط رقم 76
(2)
سورة الأعراف الآية 117
(3)
سورة الأعراف الآية 118
(4)
سورة الأعراف الآية 119
أسباب الشفاء قراءتها في الماء، أو ينفث بها على المريض مع الفاتحة ومع آية الكرسي ومع {قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ} (1)، و {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) والمعوذتين، إما أن ينفث بها على المصاب، وإما أن يقرأها في ماء ثم يشرب منه ويغتسل بالباقي، وفي سورة يونس يقول جل وعلا:{وَقَالَ فِرْعَوْنُ ائْتُونِي بِكُلِّ سَاحِرٍ عَلِيمٍ} (3){فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالَ لَهُمْ مُوسَى أَلْقُوا مَا أَنْتُمْ مُلْقُونَ} (4){فَلَمَّا أَلْقَوْا قَالَ مُوسَى مَا جِئْتُمْ بِهِ السِّحْرُ إِنَّ اللَّهَ سَيُبْطِلُهُ إِنَّ اللَّهَ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ} (5){وَيُحِقُّ اللَّهُ الْحَقَّ بِكَلِمَاتِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُجْرِمُونَ} (6)، يعني إما أن يقرأها عليهم وإما بقراءتها في الماء ونحوه، أما آيات طه فهي قوله سبحانه:{قَالُوا يَامُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى} (7){قَالَ بَلْ أَلْقُوا فَإِذَا حِبَالُهُمْ وَعِصِيُّهُمْ يُخَيَّلُ إِلَيْهِ مِنْ سِحْرِهِمْ أَنَّهَا تَسْعَى} (8){فَأَوْجَسَ فِي نَفْسِهِ خِيفَةً مُوسَى} (9){قُلْنَا لَا تَخَفْ إِنَّكَ أَنْتَ الْأَعْلَى} (10){وَأَلْقِ مَا فِي يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى} (11).
(1) سورة الكافرون الآية 1
(2)
سورة الإخلاص الآية 1
(3)
سورة يونس الآية 79
(4)
سورة يونس الآية 80
(5)
سورة يونس الآية 81
(6)
سورة يونس الآية 82
(7)
سورة طه الآية 65
(8)
سورة طه الآية 66
(9)
سورة طه الآية 67
(10)
سورة طه الآية 68
(11)
سورة طه الآية 69
س: السائل: أ. ر. يقول: كثر في هذه الأيام التحدث عن السحر أعاذنا الله وإياكم منه، فما هي الوقاية الصحيحة من القرآن والسنة حول هذا الأمر جزاكم الله خيرا؟ (1)
ج: السحر يقع وهو معروف، ولا شك أنه قد يقع من بعض الناس، والساحر مشرك يجب قتله إذا عرف نسأل الله العافية، قد أمر عمر رضي الله عنه أمراءه أن يقتلوا السحرة، ويروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال:«حد الساحر ضربة بالسيف (2)» ؛ لأنه كافر يدعو إلى الكفر، وأما التوقي: فالتوقي بالتعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، كونه يتعوذ صباحا ومساء بكلمات الله التامات من شر ما خلق ثلاث مرات: بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم، ثلاث مرات صباحا ومساء كما جاءت الأحاديث بذلك، من أتى بهذا كفاه الله شر كل شيء، أعوذ بكلمات الله التامات من شر ما خلق، ثلاث مرات صباحا ومساء، بسم الله الذي لا يضر مع اسمه شيء في الأرض ولا في السماء وهو السميع العليم: ثلاث مرات، كذلك قراءة قل هو الله أحد، والمعوذتين صباحا ومساء ثلاث مرات من أسباب السلامة من السحر وغيره. وهكذا عند
(1) السؤال الخامس والثلاثون من الشريط رقم 405
(2)
أخرجه الترمذي في كتاب الحدود، باب ما جاء في حد الساحر، برقم 1460