الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على أعمال الآخرة، هذا لا يسمى صوفيا، في الحقيقة يسمى زاهدا فإذا كان زهده لا يوقعه فيما حرم الله ولا يزيد في أعماله عما أوجب الله، ولا يبتدع بل يتحرى الشريعة، في أعماله وأقواله، فهذا مشكور ويثنى عليه كالجنيد بن محمد، وكسليمان الداراني، وبشر الحافي وجماعة، زادوا في العبادة والزهد في الدنيا، فهؤلاء يثنى عليهم كثير، من أجل زهدهم ورغبتهم في الآخرة وعدم ابتداعهم.
46 -
الطرق الصوفية وبيان ما فيها من البدع
س: هنالك طرق كثيرة جدا، مثل الطريقة البرهانية، والطريقة الشاذلية والطريقة الدسوقية، والطريقة التيجانية إلى آخر هذه الطرق. ومن بينها جماعة أنصار السنة المحمدية، وهي جماعة التوحيد التي تقتدي بسنة المصطفى صلى الله عليه وسلم، أرجو من سماحة الشيخ أن يتفضل بنصيحة مطولة إلى مشايخ وعوام هذه الطرق، لكي يسيروا في درب المصطفى صلى الله عليه وسلم، كما جاء في حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:«ستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة كلها في النار إلا واحدة (1)» ؟
ج: الطرق الصوفية كثيرة لا تحصى، وهي تزيد على طول الزمان، وأكثرها فيه من الشر والفساد والبدع ما لا يحصيه إلا الله عز وجل،
(1) أخرجه أبو داود كتاب السنة، باب شرح السنة، حديث رقم 4597، وابن ماجه كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، حديث رقم 3992.
وكل طريقة فيها قسط من الباطل، وقسط من البدع، لكنها متفاوتة، بعضها شر من بعض، وبعضها أخبث من بعض، والواجب على جميع المتصوفة أن يرجعوا إلى الله، وأن يتبعوا طريق محمد عليه الصلاة والسلام، وأن يأخذوا بما جاء في الكتاب والسنة، ويسيروا على نهج سلف الأمة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعهم بإحسان، بطاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث أشياء ما شرعها الله، ليس لهم أن يوجدوا طرقا يتعبدون بها لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أصحابه، بل يجب أن يحاسبوا أنفسهم، وأن يدعوا كل ما خالف الشرع المطهر، من طقوسهم وأذكارهم الاجتماعية وغير هذا مما أحدثوه في الدين سواء كانوا من القدامى في القرن الثالث والرابع أو من المحدثين، الواجب على جميع المسلمين أن يلتزموا الطريق الذي بعث الله به نبيه عليه الصلاة والسلام، وهو توحيد الله والإخلاص له، وطاعة الأوامر وترك النواهي ظاهرا وباطنا، وأن يلتزموا بذلك، وأن يحذروا البدع والخرافات التي أحدثها الناس، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث الصحيح:«من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» ، وقال في خطبة الجمعة: «إن خير الحديث كتاب الله، وإن خير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها وكل
(1) أخرجه مسلم في كتاب الأقضية، باب نقض الأحكام الباطلة ورد محدثات الأمور، برقم 1718.
بدعة ضلالة (1)»، سواء كانت الطرق التي أحدثها الناس قديمة أو جديدة الواجب تركها، واعتماد الطريق الذي سلكه المسلمون في عهده صلى الله عليه وسلم، إلى يومنا هذا، وهو اتباع كتاب الله والسنة والاستقامة على دين الله، كما جاء عن الله وعن رسوله، من غير زيادة ولا نقصان.
وأما إحداث طقوس أو طوائف جديدة، لم يفعلها الرسول صلى الله عليه وسلم، ولا أصحابه فهذا لا يجوز وهذا هو الذي يسمى البدعة، وأنصار السنة المحمدية من خيرة الناس في مصر وفي السودان، أنصار السنة هم الذين يدعون إلى التمسك بكتاب الله وسنة رسوله عليه الصلاة والسلام، وليسوا من الفرق الضالة، بل هم من فرقة أتباع الكتاب والسنة، ولهذا قال عليه الصلاة والسلام في الفرق:«وستفترق أمتي إلى ثلاث وسبعين فرقة، كلها في النار إلا واحدة، قيل من هي يا رسول الله؟ قال: الجماعة (2)» الذين اجتمعوا على الحق وساروا على نهج النبي صلى الله عليه وسلم، وهم الصحابة ومن سلك سبيلهم، وفي رواية أخرى:«هم من كان على ما أنا عليه وأصحابي (3)» ، يعني الذين تمسكوا بطريق النبي صلى الله عليه وسلم وطريق أصحابه، وساروا عليه.
(1) أخرجه مسلم في كتاب الجمعة، باب تخفيف الصلاة والخطبة، برقم 867.
(2)
أخرجه ابن ماجه في كتاب الفتن، باب افتراق الأمم، برقم 3992.
(3)
أخرجه الترمذي في كتاب الإيمان، باب ما جاء في افتراق هذه الأمة، برقم 2641.
فالواجب على المسلمين أن يلزموا هذا الطريق، وهو طريق النبي صلى الله عليه وسلم، باتباع الأوامر وترك النواهي، وعدم إحداث أي شيء من الحوادث، لا في الأذكار ولا في الصلوات، ولا في الصوم ولا في غير ذلك، بل يجب السير على ما سار عليه الصحابة رضي الله عنهم، وأتباعهم بإحسان، هذا هو الحق، ولما تفرق الناس كثرت بينهم البدع والأهواء، وكل اخترع لنفسه طريقة من كيسه، لم يشرعها الله له، ولهذا تعددت الطرق حتى وصلت إلى ثنتين وسبعين فرقة غير الفرقة الناجية، ومنهم الجهمية والمعتزلة والروافض، وجماعات أخرى كثيرة كلها داخلة في هذه الفرق الضالة.
فيجب على المؤمن أن يحذر كل بدعة أحدثها الناس، وأن يلزم طريق النبي صلى الله عليه وسلم، وطريق أصحابه وما سار عليه صحابته رضي الله عنهم وأرضاهم وأتباعهم بإحسان، في طاعة الأوامر وترك النواهي والوقوف عند حدود الله، وعدم إحداث شيء ليس له أصل في الشرع، والله المستعان.
س: عندنا بالسودان كثير من الطرق الدينية مثل الطرق الصوفية والإخوان المسلمين وأنصار السنة والإخوان الجمهوريين والزعيم محمد محمود طه، والذي يدعي بأن الصلاة رفعت عنه، وأن اللحمة محرمة، فما رأيكم في ذلك، وما هو موقفنا نحن هل نقف مع أحد هذه الفرق، أم نقف منحازين ومنفردين وفقكم الله؟ (1)
ج: الطريق السوي هو طريق محمد صلى الله عليه وسلم، ليس هناك طريق سديد ولا صالح إلا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق السوي هو الصراط المستقيم، أما الطرق التي أحدثتها الصوفية، أو أحدثها غيرهم مما يخالف شريعة الله، فهذه لا يعول عليها، ولا يلتفت إليها، بل الطرق كلها مسدودة، إلا الطريق الذي بعث الله به نبيه محمد صلى الله عليه وسلم، هو الطريق الصحيح، وهو الطريق الموصل إلى الله وإلى جنته وكرامته، أما الألقاب ما يلقب بأنصار السنة أو الإخوان المسلمين أو جماعة المسلمين، أو جمعية كذا لا بأس بهذه الألقاب، الألقاب لا تضر، المهم العمل، إذا كانت الأعمال تخالف شريعة الله تمنع، وهكذا طرق الصوفية، كل الطرق التي أحدثها الصوفية، مما يخالف شرع الله، كله منكر لا يجوز، وليس للصوفية ولا غيرهم أن يحدثوا طريقا يسلكونه غير طريق محمد صلى الله عليه وسلم، لا في الأذكار ولا في العبادات الأخرى، بل
(1) السؤال الثامن من الشريط رقم 32.
لا بد أن يسلكوا طريق محمد صلى الله عليه وسلم، طريق نبينا عليه الصلاة والسلام ليس للناس طريق آخر، بل الواجب على جميع أهل الأرض أن يسلكوا طريق نبينا وإمامنا وسيدنا محمد بن عبد الله عليه من ربه أفضل الصلاة والتسليم، في أقوالهم وأعمالهم وهو الطريق الذي قال الله فيه:{اهْدِنَا الصِّرَاطَ الْمُسْتَقِيمَ} (1)، وهو الذي قال فيه جل وعلا: وإنك يخاطب النبي صلى الله عليه وسلم: {وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ} (2){صِرَاطِ اللَّهِ الَّذِي لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ} (3)، هكذا قال جل وعلا في سورة الشورى، هذا طريق الله، وهو صراط الله الذي بعث الله به نبيه، وخليله نبينا محمدا صلى الله عليه وسلم.
فالواجب على جميع أهل الأرض أن يأخذوا بهذا الطريق، ويستقيموا عليه، وليس للصوفية ولا لغير الصوفية أبدا أن يحدثوا طريقا آخر لا في أذكارهم الصباحية ولا المسائية ولا في غير ذلك ولا في استحضارهم شيوخهم عند صلاتهم لا، كل هذا منكر ولكن إذا أقيمت الصلاة أو في الأذكار يستحضر ربه يكون في قلبه ربه جل وعلا، يستحضر عظمته وكبرياءه وأنه واقف بين يديه فيعظمه جل وعلا ويخشاه ويراقبه ويكمل صلاته ويكمل عبادته على خير وجه، حسب ما جاء عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، هذا هو الواجب، أما كون بعض الجماعات تلقب نفسها بشيء علامة لها، مثل أنصار السنة
(1) سورة الفاتحة الآية 6
(2)
سورة الشورى الآية 52
(3)
سورة الشورى الآية 53
في السودان، أو في مصر، فلا حرج في ذلك إذا استقام الطريق، إذا سلكوا طريق نبينا صلى الله عليه وسلم، واستقاموا عليه أو مثل الإخوان المسلمين، لقبوا أنفسهم بهذا اصطلاحا بينهم لا يضر لكن بشرط أن يستقيموا على طريق محمد صلى الله عليه وسلم وأن يسلكوه وأن يعظموه وأن يعتقدوا أن جميع المسلمين إخوانهم من أنصار السنة من جماعة المسلمين من أي مكان لا يتحزبون بأصحابهم، فيعادوا غيرهم من المسلمين، لا، بل يجب أن تكون هذه الألقاب غير مؤثرة في الأخوة الإسلامية أما إذا أثرت فصار هذا يغضب لحزبه ويرضى لحزبه، ويقرب حزبه ويبعد غير حزبه، ولو كانوا أفضل من حزبه، ولو كانوا أهل الإيمان والتقوى، هذا منكر هذا لا يجوز، هذا تفرق في الدين، والله يقول سبحانه:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا} (1)، فإذا كان التلقيب بأنصار السنة وبالإخوان المسلمين أو بكذا أو بكذا يؤثر في الأخوة الإيمانية يؤثر في التعاون على البر والتقوى، هذا لا يجوز، هم إخوة في الله يتعاونون على البر والتقوى ويتناصحون مهما تنوعت ألقابهم، أما إذا أوجدوا لقبا يوالون عليه ويعادون عليه، ويعتبرون من دخل فيه هو وليهم، ومن لا فلا، هذا لا يجوز.
(1) سورة آل عمران الآية 103