الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تعشق شاباً وسيماً
!
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الحب
التاريخ 14/9/1424هـ
السؤال
كنت وأنا فتاة أعشق فتى قد أجمع النساء إلا قليلا على حسنه وصباحته وأخذه بالألباب، وكان النساء الصغيرات والكبيرات يتحدثن على أنه قد أوتي حظاً وافراً من الجمال، وكان مع حسنه وجماله عفيفاً حيياً غير متجانف لإثم أو مائلا مع خطيئة، وأشهد أن الفتيات في المدرسة كن يتبارين في إيقاعه في حبائلهن فلا يفلحن فقد نجاه الله منهن، إلا أني كنت أقدرهن على استمالته بما وهبني الله من حسن الصورة وكمال الخلقة، فلم يملك إلا أن ينقاد لي بقلبه وبدنه، ثم يشاء الله ويقدر أن نفترق، فأتزوج أنا ويرتحل هو إلى بلد آخر، وقد سمعت أنه تاب وأناب وتزوج ورزق الذرية، وسلك سبيل المتقين وأصبح من الدعاة إلى الله رب العالمين ثبتنا الله وإياه على الصراط المستقيم. مضى على هذا العبث الصبياني سنين لكن المشكلة أني لا أزال أحفظ له في قلبي شيئا مما كنت أشعر به فيما مضى، نعم لا أزال أحبه على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية، حاولت الاتصال به كثيراً، لكنه كان يعظني ويخوفني بالله ويطلب ألا أحادثه خوفاً علي وعليه من الله ثم من الناس، لا تزال صورته السابقة تتراءى أمام أعيني، فلا أملك إلا أن أحدث نفسي بالحديث معه فأقدم تارة وأحجم أخرى.
أيها الفضلاء أتجدون لي من حيلة أو مخرج مما أنا فيه، فلعل الله أن ينفع بكم عليلا أو يشفي مريضا؟ أختكم الحائرة الوجلة.
الجواب
الأخت الفاضلة الحائرة الوجلة: -سلمها الله- السلام عليكم ورحمة الله وبركاته. وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع الإسلام اليوم، ونرجو الله أن تجدي منا النفع والفائدة. ثم إني أبارك لك صدقك ومصارحتك بما يجول في نفسك، ولا ريب يا أختي أن ما فعلتيه مع ذلك الرجل من محاولة استمالته أيام الدراسة- مع أنه أمر مضى ولعلك تبت منه، لكن لا بد من الإشارة أن هذا أمر لا يجوز شرعاً، ولا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تفعل ذلك، فواجب عليك أن تصدقي التوبة من ذلك الفعل بأن تجددي التأكيد في قلبك على ندمك لذلك الفعل المحرم، ولو أن كل امرأة وفتاة خافت ربها ولم تغوِ الرجال لسلم المجتمع من كثير من الشرور والفتن، وقد قال: صلى الله عليه وسلم فيما ثبت عنه في الصحيح: "ما تركت فتنة هي أضر على الرجال من النساء" متفق عليه البخاري (5096) ، ومسلم (2741) من حديث أسامة بن زيد رضي الله عنهما ثم إن محاولتك الاتصال به بعد افتراقكما وتزوج كل واحد منكم بآخر فعل لا يجوز، وهو تجديد للذنب الأول وفتح لباب الشر والفتنة والخيانة والحرام، ولا ينبغي أن يصور لك الشيطان أنه مجرد اتصال ومجرد سماع صوت، فإن هذه هي طرقه وخطواته التي نهانا الله عن اتباعها في قوله:"وَلا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاءِ وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ مَا لا تَعْلَمُونَ"[البقرة:168-169] ، وإن فعل الشاب في صدك ووعظك هو عين الصواب وهو من توفيق الله له، وأرجو الله له الثبات، وواجب عليك أن تنتفعي بذلك الوعظ لأنه جزء من علاج هذا التعلق، ويضاف إلى ذلك ما يلي:
(1)
عليك بكثرة الدعاء والسؤال واللجوء إلى الله أن يصرف قلبك عن هذا الرجل، وأن يعلق قلبك به هو سبحانه، وما أحب من الأحوال والأقوال.
(2)
انشغلي كثيراً بأسرتك من زوجك وأولادك، فإن هذا صارف عن هذا التفكير، تذكري عاقبة الذنب لو أنك واصلت المحاولة في إرجاع تلك العلاقة فإن الذنب له شؤم قد يكون مدمراً لحياة الإنسان وآخرته فاحذري.
(3)
ماذا لو أن زوجك علم بهذه العلاقة ألا يكون ذلك سبباً في إنهاء علاقتك الطيبة به والتي أثنيت كثيراً عليها، حيث قلت:(على رغم كوني مع زوج يحبني ويرعاني أشد رعاية) ، ألا تخافي على هذه العلاقة، ألا يسوؤك أن تنقلب إلى عداوة وشحناء وحرب؛ بل طلاق وتكوني بدلت نعمة الله عليك كفراً، هل جزاء الإحسان إلا الإحسان.
(4)
ماذا يكون شعورك لو أن زوجك هو من يحاول تجديد علاقة سابقة مع امرأة كان يحبها وقد بذلت له الحب والتقدير؟ سائلي نفسك ما شعورك؟ وكيف ستكون نظرتك له؟.
(5)
أكثري من ذكر أحوال القبر والآخرة، فقد صح عنه صلى الله عليه وسلم، كما في صحيح ابن حبان (2992) وغيره عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم - بالذال وهو القاطع-، اللذات الموت"، وقوله صلى الله عليه وسلم كما في صحيح ابن حبان (2293) عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أكثروا ذكر هاذم اللذات فما ذكره عبد قط وهو في ضيق إلا وسعه عليه ولا ذكره وهو في سعة إلا ضيقه عليه"
قال العلماء: ينبغي لمن أراد علاج قلبه وانقياده بسلاسل القهر إلى طاعة ربه أن يكثر من ذكر هادم اللذات، ومفرق الجماعات، وميتم البنين والبنات، ويواظب على مشاهدة المحتضرين وزيارة قبور أموات المسلمين، فهذه ثلاثة أمور ينبغي لمن قسا قلبه ولزمه ذنبه أن يستعين بها على دواء دائه، ويستصرخ بها على فتن الشيطان وأعوانه، فإن انتفع بالإكثار من ذكر الموت وانجلت به قساوة قلبه فذاك، وإن عظم عليه ران قلبه، واستحكمت فيه دواعي الذنب فإن مشاهدة المحتضرين، وزيارة قبور أموات المسلمين تبلغ في دفع ذلك ما لا يبلغه الأول؛ لأن ذكر الموت إخبار للقلب بما إليه المصير، وقائم له مقام التخويف والتحذير.
(6)
حاولي الاطلاع الكثير على أحوال المسلمين المضطهدين والمشردين والمعذبين، والفقراء والمساكين الذي يتعرضون للحروب والقهر والظلم من أعداء المسلمين، ثم حاولي أن تساهمي في التخفيف عليهم والسعي في إعانة القريبين منهم لك في بلدك أو حولك، فإن في ذلك علاج للقلب وإيقاظ له وسلوة عن الهم الحرام.
(7)
لا تفتري من سماع الأشرطة الدينية المهتمة بالوعظ والتذكير، فإنها نافعة في هذا المجال أيما نفع.
(8)
اصحبي الصالحات القانتات الطيبات فإنهن عون بعد الله على النفس الأمارة بالسوء.
(9)
أكثري من قولك: (لا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم) مع استشعارك للحاجة إلى الله في دفع هذا الهم وعلاجه.
(10)
أنصحك بقراءة كتاب روضة المحبين للعلامة ابن القيم، وخاصة فصل في علاج الهوى؛ فإنه نافع جداً لحالتك، وإني لأتوجه إلى الله بأن يمن عليك بالهداية والرشاد والسداد، وأن يصرف عنك هذا الحب ويجعله سبحانه فيما أحب من الطيبات، ويبدلك عنه حباً له سبحانه ثم حباً لزوجك وأولادك وللخير، وأن يملأ قلبك إيماناً وتقوى، وأن يهديك سواء السبيل إنه جواد كريم. والسلام عليكم.