المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الاغترار بسعة عفو الله ورحمته - فتاوى واستشارات الإسلام اليوم - جـ ١٩

[مجموعة من المؤلفين]

فهرس الكتاب

- ‌التربية بالضرب والتخويف

- ‌الغيرة بين الأطفال

- ‌كيف أجيب على أسئلة ابني

- ‌ماهي الطريقة المثلى في تربية الطفل

- ‌مشكلتها: عدم الصبر على أولادها

- ‌الأنسب في تعليم اللغة للناشئين

- ‌الحيرة مع الأولاد

- ‌أريد لها الصلاح.. ولكن

- ‌السنة الدراسية الأولى: هم الوالدين وآمال الطفل

- ‌ابني يكره الصلاة

- ‌كيف أعلم ابني آداب قضاء الحاجة

- ‌ابنتي الصغيرة عنادها وبكاؤها

- ‌عناد الطفل

- ‌تربية الأطفال والعلاقات الأسرية

- ‌تربية الأولاد في بلاد الكفر

- ‌كيف نعالج أخطاء الأبناء

- ‌الطفل والسؤال المحرج

- ‌طفلتي وحب التملك

- ‌طفلي كثير الحركة

- ‌طفلي يرفض التعلُّم

- ‌ابنتها عصبية المزاج

- ‌بعد ولادتي لأخيه تغيرت طباعه

- ‌العلاقات الأسرية لدى المراهقين

- ‌مرحلة المراهقة

- ‌حتى لا تخسر ولدك

- ‌مراهق يغير صداقاته…ويحب المال

- ‌أبناؤنا ومزالق المراهقة

- ‌الاستقلالية والذات

- ‌لا أعترف بالمراهقة

- ‌مشكلة أبنائي الثلاثة

- ‌كيف نتعامل مع هذا المراهق

- ‌إخوتي والرفقة السيئة

- ‌أعايش وضعاً صعباً

- ‌كيف أربي أخوتي

- ‌هذا ما يفعله ابني.. فماذا اصنع

- ‌تربية الفتيات.. فن له أصوله

- ‌ابني سيئ الخلق

- ‌ابن أختي مراهق

- ‌والدي يحقرني ولا يرى فيَّ إلا العيوب

- ‌كيف نتعامل مع هذا المراهق

- ‌ابنتي لا تحترمني

- ‌حائرة مع بناتي

- ‌ابني والإنترنت

- ‌ابني انخفض مستواه

- ‌أختي والمرَاهَقَة

- ‌التربية الجنسية للأبناء

- ‌تعلق الفتاة بمهاتفة الشباب

- ‌أخي المراهق…أرهقنا

- ‌التعامل مع مشكلات الأولاد

- ‌ابنتي الصغيرة تسرق

- ‌ابني تغيَّر

- ‌أبي لم يعد يثق بي

- ‌طفلتي خجولة وعنيدة

- ‌طفلي.. والبديل

- ‌طفلي.. يخاف ويكذب

- ‌وعليكم.. حركته الزائدة.. تخيفيني

- ‌كذب الأطفال

- ‌عند غضبه يضرب رأسه بقوة، وعنيد أيضًا

- ‌ابني يكذب

- ‌ابني كثير المشاجرة

- ‌ابني متعلق بالقنوات

- ‌ابنتنا مدمنة أغانٍ

- ‌ابنتها المراهقة والمحادثات الغرامية

- ‌التعلق بالرضاعة بعد الفطام

- ‌كيف يرغب ابنه الصغير في الطاعات

- ‌طفلة لا تنام وتشعر بالخوف

- ‌ابنتي الصغيرة والعناد

- ‌ابني جهوري الصوت

- ‌كيف نتعامل مع أبنائنا الذين لا يصلون

- ‌ابني والدراسة متنافران

- ‌أفعال وسلوكيات.. مخلة

- ‌ابني يضرب عن الطعام

- ‌ابني يتحرش جنسياً

- ‌تشعر أن ولدها لا يحبها

- ‌ابني يكرهني

- ‌انحراف أبنائي

- ‌أختي الصغيرة تطالبنا بجوال

- ‌الأولاد وكثرة الشجار

- ‌أخي الصغير والإنترنت

- ‌أنا غريبة في أسرتي

- ‌ابنتي تعيش في عزلة

- ‌علاقة جنسية بين الأطفال

- ‌ثانيًا: العلاقات العاطفية

- ‌أرجوكم.. فرِّقوا بيننا

- ‌الحب

- ‌ضعيف الثقة بالنفس

- ‌كان قراراً حازماً..!! والآن

- ‌هل استمر في هذا الطريق

- ‌علاقة غير متزنة

- ‌لم يخطبها أحد، فهل تعذر لو تعرّفت على شاب

- ‌أحبته فتركها دون مبرر

- ‌تعرّفت على شاب نصراني فأحبته

- ‌تعرفَتْ على شاب وأبوها لا يبالي

- ‌لماذا لا تجوز ممارسة الحب قبل الزواج

- ‌العلاقة عبر الهاتف والإيميل

- ‌أحبه حتى بعد زواجه

- ‌متعلقة به وهو متزوج

- ‌كيف الخلاص من حبها

- ‌يمنعني من زواجها العلم وصغر السن

- ‌يمرض إذا لم تراسله

- ‌ومرة أخرى أحببت

- ‌أحبه وهو لا يدري

- ‌أحببتُه ولكن خطب غيري

- ‌هل الحب حرام

- ‌زواجي قريب..وبكاؤها يحزنني

- ‌ماذا أفعل مع أختي

- ‌انحراف أخواتي.... ما العلاج

- ‌علاقة عن طريق النت

- ‌الحب من خلال الإنترنت

- ‌علاقة خاطئة

- ‌أريد التعرف عليه

- ‌تعشق شاباً وسيماً

- ‌أحبه…وأريد أن أكون زوجته الثانية

- ‌علاقة هاتفية

- ‌أنا.. وأخت زوجتي

- ‌علاقتي مع هذه الفتاة

- ‌أنا متهم بأنني عاطفي

- ‌علاقاتي الغرامية والمستقبل

- ‌وأنا أيضاً عاشقة

- ‌أفلتت من بين أنياب الذئب

- ‌انقلب التعارف إلى حب

- ‌لقد ابتلاني الله بحبها

- ‌ترفض الزواج من ابن خالتها لأنها

- ‌خطأ سببه الأهل

- ‌اجتهدت في إرشادهنَّ فتعلقن بي

- ‌الإعجاب والتعلق

- ‌انقذوني من خالي

- ‌تعرفت عليه.. وعلاقتنا جادة، فما المحظور

- ‌حُبٌ مثلي

- ‌تعلقت بدكتور نصراني

- ‌هل هذا الحب طبيعي

- ‌معجبة بداعية

- ‌كيف أنصح هذه الفتاة

- ‌هل هذا حب في الله أم تعلق قلبي

- ‌صديقي فيه رقه

- ‌الصداقة والحب العاطفي

- ‌الفتيات والتعلق القلبي

- ‌ما رأيكم في هذه العلاقة

- ‌تعلق الفتيات بالداعية

- ‌صديقي كثير الشكوك فيمن حوله

- ‌ثالثا: انحرافات سلوكية

- ‌أخشى أن أعود للهروين

- ‌المخدرات

- ‌والدي يتعاطى المشروبات الكحولية

- ‌أخي يتعاطى الحشيش

- ‌اخوتي مدمنون

- ‌هل أقاطع هذا الصديق أم أستمر في نصحه

- ‌ابني المراهق يدخن

- ‌التدخين

- ‌زوجي يدخن

- ‌ابني يدخن، أريد الحل

- ‌كيف أتعامل مع هذا الطالب

- ‌كيف أقلع عن التدخين

- ‌علاج الشهوة

- ‌العادة السرية

- ‌ابني مراهق

- ‌العادة السرية

- ‌العادة السرية حطمتني

- ‌ماذا أقول له ليلة الدخلة

- ‌افتض بكارتها فهل يجب شيء غير التوبة

- ‌الزنا

- ‌زنت وتريد أن تتوب

- ‌وقع فيما يوجب الرجم

- ‌أعينوني على صديقي

- ‌أخي والخادمة

- ‌أدمن على الزنى فرغب عن الزواج

- ‌كيف أنقذ هذا الطفل من الاغتصاب

- ‌الشذوذ الجنسي

- ‌مشكلة الشذوذ

- ‌كيف أتصرف مع من أذنبت معهم

- ‌ابني والفاحشة

- ‌هل من مخرج من هذه المصيبة

- ‌أنا شاذ فأنقذوني

- ‌لا علاقة للجن بسرقة أخيك

- ‌السرقة

- ‌ابنتي تسرق

- ‌أختي تسرق

- ‌أختي همازة لمازة

- ‌السخرية والاحتقار

- ‌سلوك غريب من طفل صغير

- ‌اخرى

- ‌أعينوني على غض بصري

- ‌أدمنتُ النظر إلى الحرام

- ‌النميمة.. فرقت بيننا

- ‌أمارس الجنس مع محارمي في المنام

- ‌ابني التقط ألفاظاً بذيئة

- ‌أختي منحرفة

- ‌علاقة جنسية بين الأطفال

- ‌الحجب والمنع في تربية الأبناء

- ‌صدوف الطالب عن حلقة التحفيظ

- ‌أولاده من مطلقته النصرانية ومشكلة تربيتهم

- ‌تربية البنات بعد طلاق أمهن

- ‌زوجي.. وابنتي..والقلق

- ‌أهلي يعوقون تربيتي لأبني

- ‌ابنتي والإنترنت

- ‌تربية الابن في بلاد الغرب

- ‌ضريبة باهظة

- ‌تأتيها خواطر جنسية عند النوم

- ‌أخي والانترنت.. والفراغ

- ‌لهذا رضيتُ بالمقام في بلاد الغرب

- ‌مفتون بالإنسان الغربي النصراني

- ‌كيف أتعامل مع هذا الصديق

- ‌لقد تعبت كثيرا.. فماذا اصنع

- ‌التدرج في طلب العلم

- ‌طريقة جديدة في المذاكرة

- ‌ترك العمل للتفرغ لطلب العلم

- ‌فتاة تريد السفر للدراسة

- ‌أحبطت بسبب إكمالي الدراسة

- ‌أسباب الفهم الخاطئ في القراءة

- ‌مقترحات للاستفادة من القراءة

- ‌يُرغماني على الدراسة وأنا لها كارهة

- ‌علاقة بريئة…فهل أقطعها

- ‌أرغب التحول عن التخصص الشرعي

- ‌بأي التخصصات تنصحوني

- ‌مستواي الدراسي متدنٍ

- ‌ذلك "الشبح" المخيف.. الامتحان

- ‌والدي يعارضني في اختيار التخصص

- ‌أيهما أفضل.. طلب العلم أم تربية النفس

- ‌اللغة الإنجليزية.. كيف ادرسها وأتجنب محاذير الدراسة في الغرب

- ‌أرغمت على الدراسة في كلية لا ترغبها

- ‌كان متفوقاً في دراسته فانتكست حاله

- ‌استدراك وجواب حول (المشاكل التربوية التي تواجه المعلم)

- ‌مشاكل تربوية تواجه المعلم

- ‌خائف من الاختلاط

- ‌نصائح لمعلم تحفيظ القرآن

- ‌أخي يتحرَّش بأختي

- ‌إرشادات معينة على التفوق

- ‌أريد منهجاً أتَّبعه لتدريس الفتيات

- ‌مديرة مدرستي تظلمني

- ‌زهد شباب الصحوة في التخصصات غير الشرعية

- ‌الخيالات الجنسية

- ‌الشرود الذهني في الفصل الدراسي

- ‌يكره وصفه بالوهابي

- ‌كيف يملك نفسه عند الغضب

- ‌ استشارات دعوية وإيمانية

- ‌أولًا: أساليب الدعوة

- ‌زوجي يَرْشُو

- ‌دعوة الزوج والزوجة

- ‌زوجي انتكس

- ‌أخي لا يصلي

- ‌دعوة الأخوة والأخوات

- ‌صوت المنكر ينفذ إلى غرفتي

- ‌أود مناصحتها وأخشى انتقامها

- ‌لباس أختي غير محتشم

- ‌كيف أدعو أهلي

- ‌هل أقبل هذا المال من أخي

- ‌أخي لم يعد مسلماً ما العمل

- ‌لهذا لا أستطيع البرَّ بوالدي

- ‌دعوة الوالدين

- ‌أبي لا يصلي الفجر

- ‌كيف أدعو أهلي

- ‌أفضل الأساليب في دعوة أطفال الكفار

- ‌دعوة الأولاد

- ‌صديقتي تطلب الشهرة بكل سبيل

- ‌دعوة الأقارب والأصدقاء

- ‌وصايا لداعية صغير

- ‌التقاليد فقط تمنعه من الحرام

- ‌هذا ما يُعيقني عن الدعوة

- ‌وصمتُ اليهود بالإرهاب، فهل أنا مخطئ

- ‌الاغترار بسعة عفو الله

- ‌لا أستطيع العمل إلا مع جماعة

- ‌الاغترار بسعة عفو الله ورحمته

- ‌كثيرا ما تجنبت ذلك.. مخافة الرياء

- ‌جمع فظاظة وأفكارًا غالية! فهل نهجره

- ‌أخي وصلاة الفجر

- ‌أردت نصحه.. فوقع في الزنا

- ‌الداعية والرد على منتقديه

- ‌بسبب خلافات المتدينين انتكستُ

- ‌أريد أن أخدم ديني ولكن كيف

- ‌جدتي لا تصلي، فكيف ننصحها

- ‌كيف أتعامل مع هؤلاء

- ‌أجيد إسداء النصائح..واعجز عن تطبيقها

- ‌المسلمون في المهجر

- ‌قلة الامتثال

- ‌الجدية مع الناشئة

- ‌التردد في تربية الطلاب

- ‌أنا داعية…وعندي حساسية زائدة

- ‌الشباب وجوالات الجيل الثالث.. بين المنع والتحذير

- ‌مشكلتي في المحرك الذاتي

- ‌أجد هذا الأمر صعباً علي

- ‌النقد..وموقفنا من الآخرين

- ‌التأثير في الأصدقاء

- ‌شريعة الشباب، أفكار وأساليب

- ‌فتور الملتزم

- ‌صديقي كثير اللعن

- ‌الاحتجاج بالقدر على المعاصي

- ‌بين الدعوة ومواصلة التعليم

- ‌دعوتهم ولم يستجيبوا

- ‌الدعوة إلى الله وصعوبة التكلم

- ‌أصحابي يسخرون منِّي

- ‌صديقتي لم تعد كما كانت

- ‌حين تكون المَدرسة بيئة فاسدة

- ‌شباب الدعوة وحب الرياسة

- ‌كيف أستثمر مواهبي

- ‌نصائح في دعوة غير المسلم

- ‌هل يباهلونه

- ‌الناس في رمضان

- ‌هل لي من توبة

- ‌التزم ويريد العودة للمعاصي

- ‌اهتديت فناصبوني العداوة

- ‌أخاف أن أعود إلى الفاحشة

- ‌معاناتي مع صلاة الفجر

- ‌إخوتي منحرفون

- ‌كيف أحافظ على الصلاة

- ‌سفري.. أثر على ديني

- ‌سأعود للطريق.. رغماً عنهن

- ‌ابتليت ببعض المعاصي والكثير من العقوق

- ‌هددها بإسماع أهلها مكالماتها معه

- ‌بسبب الإنترنت انحرف وضعف إيمانه

- ‌أريد الالتزام وأخاف منهم

- ‌إعراض الخطّاب عني، هل هو عقوبة على خطيئتي

- ‌هذه خطيئتي.. فهل تُقبل صلاتي

- ‌أصبحت عنيفاً سيئ التعامل

- ‌الاستهزاء بالملتزم

- ‌الحجاب في الظروف الراهنة

- ‌حديث عهد بالتوبة

- ‌العودة إلى سابق عهدي

- ‌أشعر بفتور

- ‌مبتلى بالنظر إلى النساء

- ‌أهله يريدون أن يلبس الجنز ويحلق لحيته

- ‌مفهوم التدين

- ‌هل باب التوبة مفتوح

- ‌يزني ويتوب ثم يعود وهكذا

- ‌صراعٌ مع النفس

- ‌أسباب الهداية والتوبة

- ‌بسبب الحجاب يضطهدونها، فهل تتركه

- ‌تصفح المواقع الجنسية

- ‌يعاني من الرياء والعجب

- ‌الفتاة والقنوات الفضائية

- ‌الحور بعد الكور

- ‌كيف أتوب

- ‌الغناء مهنتي

- ‌يتوب ثم يعود

- ‌أشعر بالفراغ الروحي

- ‌مشكلتي في حجابي

- ‌كيف أحافظ على صلاتي

- ‌ماذا أفعل أمام هذه المغريات

- ‌هل لي من توبة

- ‌يتردد في ذهنه أنه سيعذب

- ‌الوحدة أم الرفقة السيئة

- ‌هل يغفر الله لي

الفصل: ‌الاغترار بسعة عفو الله ورحمته

‌الاغترار بسعة عفو الله ورحمته

المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن

باحث شرعي.

التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة

التاريخ 21/09/1425هـ

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

لدي أصدقاء ملتزمون، ولكنهم لا يترددون في فعل المعاصي الكبائر منها والصغائر، بعذر أن الله غفور رحيم، وحين أنصحهم وأخوفهم بالنار يقولون:(ما منا إلا ذائقها) ، فأرجو أن تعينونا على هذا الموضوع، وهل هم على حق؟ وما حكم الذي يفعلونه؟

الجواب

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.

أشكر لك ثقتك، واتصالك بنا عبر موقع "الإسلام اليوم" ونتمنى أن يكون اتصالك بالموقع مستمراً.

لقد قرأت رسالتك، وحيرني أمر ألا وهو: كيف الجمع بين كون أصدقاؤك ملتزمين، وبين كونهم لا يتورعون من فعل المعاصي كبيرها وصغيرها!

فكلمة ملتزم تعني أن هذا الرجل ملتزم بأمر الله من حيث فعل الأوامر وترك النواهي، أما والحالة هذه، فلا يعد هؤلاء ملتزمين، أو لعلك تقصد بالالتزام هنا، المحافظة على الصلاة والصيام والزكاة وغيرها من باقي الفروض، فهذا خير، ولكن لا يسوغ لهم ذلك فعل ما حرم الله من الكبائر، نسأل الله العافية.

ولكن يبدو أن عندهم شبه عظيمة، وتأولات خاطئة، وفهم سيِّئ لنصوص الشرع، وهذا قد أدى بهم إلى انتهاك حرمات الله دون أي ورع وخوف من عقاب الله وشدة بأسه -سبحانه- بمن يجترئ على فعل ما نهى عنه وحذر، ولعل ذلك ناتج عن تغليب جانب الرجاء في عفو الله على جانب الخوف منه سبحانه، مما حدى بهؤلاء على فعل المعاصي والذنوب من الكبائر والصغائر دون رادع يمنعهم، ولا زاجر يحول بينهم وبين ما يفعلون، وهم إذا استمروا على ذلك فهم على خطر عظيم.

فكما أن الله غفور رحيم، فإنه شديد العذاب، والعقاب عظيم النكال بمن يرتكب مثل هذه الموبقات، قال تعالى:"نَبِّئْ عِبَادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيم وَأَنَّ عَذَابِي هُوَ الْعَذَابُ الأَلِيمُ"[الحجر:49-50] فاستدلالهم على ما يفعلون من معاصٍ وذنوب بأن الله غفور رحيم، نقول لهم: وهو كذلك عذابه أليم، وعقابه شديد، فهل أنتم ضُمنَ أو ضمن لكم بأن الله يغفر لكم هذه الذنوب؟ فمن ظن ذلك فهو على خطر عظيم؛ لأنه أمن مكَر الله (فلا يأمن مكر الله إلا القوم الخاسرون) [الأعراف: 99] .

ص: 380

ويجب أن يعلموا أن رحمة الله وعفوه لا تشمل أي أحد؛ قال تعالى: "وَرَحْمَتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ فَسَأَكْتُبُهَا لِلَّذِينَ يَتَّقُونَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَالَّذِينَ هُمْ بِآياتِنَا يُؤْمِنُونَ"[الأعراف: من الآية156] ، فرحمة الله وعفوه لا ينالها إلا من خافه واتقاه، والتقوى أن تجعل بينك وبين محارم الله وقاية؛ وذلك بفعل ما أمر، والانتهاء عما نها عنه وزجر، أما من يفعل المعاصي والذنوب من الكبائر والصغائر، وبعد ذلك يتعلَّل بعفو الله، فإنه يتمنى على الله الأماني، قال الحسن البصري: إن هناك أناساً تمنوا على الله الأماني، وقالوا: إنا نحسن الظن بالله - مع فعلهم القبيح وتركهم الجميل -. فقال رحمه الله لو أحسنوا الظن لأحسنوا العمل، فينبغي على هؤلاء -بل يجب- أن يعظموا الله في صدورهم، وأن يخافوا بطش الله وعقابه، وألا يأمنوا مكر الله، وأن يعظموا حرمات الله، وألا يكونوا مثل ما قال ابن مسعود رضي الله عنه إن الفاجر ليرى ذنوبه كذباب وقع على أنفه، فقال به، هكذا ولكن ينبغي أن يكون كما قال: ولكن المؤمن يرى ذنوبه كجبل يريد أن يسقط عليه، فهو خائف يترقب - أو كما قال رضي الله عنه فعليهم أن يكونوا في منزلة بين المنزلتين بين الخوف والرجاء، فلا خوف يقنط من رحمة الله، ولا رجاء يؤمن من مكر الله، ولكن رجاء يوصل إلى حسن الظن بالله، ويرجي ما عنده من الخير والثواب، مع حسن العمل، وخوف يوصل إلى خشية الله والحذر من عقابه، مع الابتعاد عن كل ما يغضب الله ويسخطه.

فمثل هؤلاء يخشى عليهم أن يكونوا ممن يعنيهم قوله تعالى: "أَفَأَمِنَ الَّذِينَ مَكَرُوا السَّيِّئَاتِ أَنْ يَخْسِفَ اللَّهُ بِهِمُ الأَرْضَ أَوْ يَأْتِيَهُمُ الْعَذَابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ أَوْ يَأْخُذَهُمْ فِي تَقَلُّبِهِمْ فَمَا هُمْ بِمُعْجِزِينَ"[النحل:45-46] .

ولقد حذَّر النبي صلى الله عليه وسلم أصحابه الكرام من فعل صغائر الذنوب، فعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إياكم ومحقرات الذنوب، فإنهن يجتمعن على الرجل حتى يهلكنه، وإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ضرب لهن مثلاً كمثل قوم نزلوا أرض فلاة، فحضر صنيع القوم - أي أراد القوم صنع طعام لهم - فجعل الرجل ينطلق فيجيء بالعود والرجل يجيء بالعود، حتى جمعوا سواداً فأججوا ناراً، وأنضجوا ما قذفوا فيها) أخرجه أحمد في المسند (2808) .

وفي رواية سهل بن سعد رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال في نهاية الحديث (.... وإن محقرات الذنوب، متى يؤخذ بها صاحبها تهلكه " أخرجه أحمد (22302) .

وفي رواية عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عائشة إياك ومحقرات الذنوب فإن لها من الله عز وجل طالباً) أخرجه أحمد (23894) ، وابن ماجة (4243) والدارمي (2726) .

فإذا كانت محقرات الذنوب وهي التي يستحقرها الناس ولا يعدونها شيئاً ولا يتورعون من فعلها إذا كثرت وأكثر من فعلها هلكت صاحبها، فما بالك بكبائر الذنوب؟ نسأل الله العفو والعافية.

ص: 381

وإن كان النبي صلى الله عليه وسلم يحذر أصحابه ونساءه من هذه الصغائر، وهم من هم في الورع والزهد، والعلم، والإيمان والتقوى وغير ذلك من أبواب البر والخير، ومع ذلك يحذرهم النبي صلى الله عليه وسلم من صغائر الذنوب، فمن باب أولى أن نكون أحق بالتحذير منهم، مع ما فينا من تقصير وجهل، وغرور ونقص، إلى غير ذلك من الآفات المهلكات، اللهم خذ بنواصينا إليك، أما احتجاجهم عندما تقوم بنصحهم وتخويفهم بالنار فيقولون:(وما منا إلا ذائقها) ، نقول لهم هل حكمتم على أنفسكم بالنار، وهذا الأمر مرجعة إلى العزيز الجبار، ولعلهم يتأولون قوله تعالى في سورة مريم:"وَإِنْ مِنْكُمْ إِلَّا وَارِدُهَا كَانَ عَلَى رَبِّكَ حَتْماً مَقْضِيّاً"[مريم:71] وهذا لا يعني أن الجميع يدخل النار؛ لأن هناك فرقاً بين الورود والدخول، قال تعالى عن موسى:"وَلَمَّا وَرَدَ مَاءَ مَدْيَنَ"[القصص: من الآية23] فالمقصود من قوله: "وإن منكم إلا واردها" يعني المرور عليها؛ وذلك لأن الصراط -وهو الجسر- نصب على متن جهنم أي بين ظهريها، فيجتاز المسلمون وغيرهم هذا الجسر المنصوب على متن جهنم وهم بذلك قد وردوا على النار، ثم ينجي الله المسلمين بأعمالهم، ويذر المجرمين يتساقطون في النار تساقط الفراش؛ ولذلك قال الله تعالى بعد هذه الآية مباشرة "ثُمَّ نُنَجِّي الَّذِينَ اتَّقَوْا وَنَذَرُ الظَّالِمِينَ فِيهَا جِثِيّاً" [مريم:72] ، وعليك أن ترجع لتفسير هذه الآيات في كتب التفسير المعروفة كابن كثير، وتفسير الطبري، والقرطبي وغيرهم.

وبناء على ما تقدم ينبغي عليك الآتي تجاه هؤلاء الإخوة.

(1)

أن تبين لهم خطأ ما هم عليه على ضوء ما قد سبق لك بيانه.

(2)

لا يمنع بأن تذهب أنت وهم إلى بعض المشايخ والعلماء وطلبة العلم؛ حتى يوضحوا لهم ما التبس عليهم في هذا الأمر الهام.

(3)

يجب أن تذكرهم بالله وما أعده الله من العذاب الأليم والعقاب الشديد لمن يتعدَّى حدوده ويقترف الموبقات.

(4)

ذكرهم بأن الجنة أعدت للمتقين، والنار أعدت للمجرمين، وأنهم ضعفاء وأجسامهم على النار لا تقوى.

(5)

أحضر لهم الكتب والأشرطة التي تتحدث عن حال النبي صلى الله عليه وسلم وصحابته الكرام، والتابعين لهم بإحسان كيف كان خوفهم من الله مع حرصهم على العمل، فلقد كان يسمع لصدر رسول الله صلى الله عليه وسلم أزيز كأزيز المرجل من البكاء، ولعلك تطَّلع على كتاب لنا عنوانه (الخوف من الله في ضوء الكتاب والسنة وسير سلف الأمة) فلقد عالجت فيه مثل هذه المسائل.

(6)

عليك بالدعاء لهم بالهداية، واحذر من كثرة مخالتطهم إذا استمروا على هذه الحالة السيئة، هذا والله أعلم.

نسأل الله أن يوفق الجميع لما يحبه ويرضى، وصلِّ اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

ص: 382