الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بسبب الإنترنت انحرف وضعف إيمانه
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ 21/11/1424هـ
السؤال
أكتب إليكم سؤالي هذا وفي صدري هم لا يعلم مداه إلا الله، حيث إني أعيش حياة ضنكا، وأكابد لوعة وحزناَ، حياتي تجري وفق معادلة يتناقص فيها منحنى الإيمان من يوم إلى آخر، أحفظ ستة وعشرين جزءاً من القرآن، وأشعر أني أنساها تدريجيا، أما عن السبب فهو الإنترنت، نعم الإنترنت الشات والمواقع الإباحية، ولا أدري كيف انزلقت فيها، حاولت الرجوع ولكني ما إن أقوم حتى أنزلق، فجواد إيماني كَلٌ ضعيف، ودافع الشهوات أقوى منه بكثير، وكنت قد أقسمت بالله وعاهدته أن أترك الإنترنت لمدة ثلاثة أشهر، ولكني عدت بعد شهر واحد فقط، وعدت أشد من سابق عهدي، وقد خسرت بهذا ديني، ودراستي، وعلاقتي مع الآخرين، بل خسرت ثقتي بنفسي، وخسرت شخصيتي التي أصبحت مهزوزة وضعيفة، خسرت حلاوة كنت أجدها في قلبي، خسرت اللذة التي كنت أجدها في قراءة القرآن، وخسرت أشياء لا أعلمها.
فأناشدكم الله أن تجيبوا عن سؤالي في أقرب وقت، وترشدوني ماذا أعمل، فهنا بقية قلب أخشى عليه الموت. وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله الذي يهدي من يشاء بفضله ومنه وكرمه، ويضل من يشاء بعدله، والصلاة والسلام على الهادي البشير والسراج المنير نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين..وبعد:
إلى الأخ السائل. وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
نشكرك شكراً كثيراً على ثقتك بموقع الإسلام اليوم، نسأل الله أن نكون عند حسن ظنك وزيادة.
لقد سرني كثيراً - عندما قرأت رسالتك - حفظك لكتاب الله عز وجل فهذا دليل خير وإيمان فيك، نسأل الله أن يثبتنا وإياك على الحق.
اعلم أخي الكريم أن ما وقعت فيه وقع فيه كثير مثلك، والإنسان ليس بمعصوم وعرضه للخطأ والزلل، وليس هذا بعيب، ولكن العيب والخطأ والمصيبة الكبرى أن يستمر الإنسان على خطئه وضلاله.
اعلم أخي الحبيب أن رحمة الله واسعة، وستره جميل على عباده، فوالله ثم والله لو بلغت ذنوبك عنان السماء، ثم أقبلت على الله موحداً لا تشرك به شيئاً غفر لك ذنوبك ولا يبالي.
اعلم أنه قد استهواك الشيطان واستخف بك، وأقبل عليك بخيله ورجله، ونصب حولك الشباك ليضلك عن السبيل، لكن اعلم أن فضل الله عليك عظيم، وقد مد لك في العمر حتى تتوب وتؤوب إليه، فهو سبحانه يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل حتى تطلع الشمس من مغربها الحديث أخرجه مسلم (2759) من حديث أبي موسى الأشعري رضي الله عنه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) من حديث أبي هريرة رضي الله عنه وقال أيضاً: "إن الله عز وجل يقبل توبة العبد ما لم يغرغر". أخرجه الترمذي (3537) من حديث عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
فأقبل على الله وبادر بالتوبة ولا تقنط من رحمة الله فرحمة الله واسعة، يقول عز شأنه:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم"[الزمر:53] فبادر بالتوبة ولا تلتفت لنداء الشيطان، واصغ لنداء الرحمن، وقف على عتبة التوبة بذل وانكسار، وخضوع وإخبات، وقل يا رب يا غافر الذنب ويا قابل التوب، يا منجي الهلكى، ومنقذ الغرقى، ويا مجيباً لكل دعوى، وسامعاً لكل شكوى، يا من وسعت رحمتك كل شيء، جئت تائباً راجياً نادماً على ما اقترفت يداي، فاقبل توبتي واغفر زلتي، واستر عيبتي، واقض حاجتي، وأقل عثرتي، ولا تكلني لنفسي طرفة عين، يا من تجيب المضطر إذا دعاك، أنا المضطر وأنت المجيب.
واعلم رعاك الله أن المولى - جل وعلا- لم يتعاظمه ذنب أن يغفره، ولا فعل قبيح أن يستره، ولا دعوة أن يجيبها، ولا مسألة أن يردها، فهو سبحانه قاضي الحاجات، ومجيب الدعوات، ومقيل العثرات، وماحي السيئات سبحانه من إله عظيم، ما أحلمه وما أكرمه، وما أجوده وما أجمل ستره على عباده.
لكن عليك أخي الكريم الأخذ بالأسباب ومنها:
(1)
البعد عن هذه المواقع بكل عزم وإصرار، والتوكُّل على الله والاستعانة به أن يعينك على ذلك.
(2)
مراقبة الله في السر والعلن، واعلم أن الله مطَّلع عليك ويراك، فاجتهد أن يراك حيث أمرك، ويفتقدك حيث نهاك، واحذره أن يراك وأنت تبارزه بالمعاصي، وقد أنعم عليك بنعم كثيرة لا تعد ولا تحصى، فلا يكون ردك لهذا الجميل وهذا الإحسان التعدي على حدود الله وانتهاك محارمه، واعلم بأن الله يغار أن تنتهك محارمه.
(3)
اشغل نفسك بقراءة القرآن وتأكيد حفظك حتى لا يتفلت منك، وكذلك احرص على طلب العلم ومصاحبة أهل الخير من العلماء وطلبة العلم، وليكن لك برنامج دعوي مع أهل بيتك ومع الآخرين.
(4)
أكثر دائماً من ذكر الموت وما فيه من شدائد عظام، ومن ذكر القبر، وما فيه من ظلمة ووحشة وسؤال الملكين، والبعث والنشور، وما فيه من أهوال وشدائد يشيب من أجلها الولدان، والحساب وما فيه من شدة، والصراط وما فيه من حدة، وتذكر منصرف القوم بين يدي الجبار جل جلاله فريق في الجنة وفريق في السعير، فأي الفريقين تحب أن تكون منهم.
(5)
كلما دعتك نفسك وشيطانك للمعصية تذكر بأن الله يطلع عليك، وملك الموت واقف ينتظر الأمر من الله ليقبض روحك، فانتبه أن تموت وأنت على هذه الحالة، فالمرء يبعث على ما مات عليه.
(6)
عليك بالمبادرة بالزواج إذا كنت مستطيعاً لذلك، وإن لم تستطع فعليك بالصوم كما أرشد لذلك النبي صلى الله عليه وسلم في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
هذا والله أعلم نسأل الله أن يوفقنا وإياك لكل خير، ويصرف عنا وإياك كل شر، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.