الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قلة الامتثال
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مشكلات دعوية
التاريخ 13-8-1423
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته،،
الإخوة الأفاضل!!
قلة الاستجابة والتأثر للتحذيرات والتوجيهات التي يطرحها المربون والدعاة والمعلمون تعتبر مشكلة تحتاج للبحث عن أسبابها فما توجيهكم يحفظكم الله.
الجواب
أيها الأخ الكريم..
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته
شكرً لثقتك واتصالك بنا في موقع " الإسلام اليوم "
ليس الطلاب فقط هم الذين يتميزون بقلة الاستجابة للتوجيهات والتحذيرات التي توجه إليهم.. صحيح أن هذا أمر بارز فيهم بحكم السن والمراهقة والنشاط الحركي والدوافع السلوكية القوية التي توجد في هذه الفئة العمرية من المجتمع ولكنه يوجد وبكثرة لدى غيرهم من أفراد المجتمع.
قلة الاستجابة ليست لأنهم طلاب بل لأنهم في عمر وسن معين يجب تفهمه ودراسته ومن ثم التعامل معه.
للأسف يجهل كثير من الدعاة الفضلاء والمشايخ الكرام والمعلمون الأفاضل دور السن في برمجة السلوكيات والتصرفات وما تتميز به كل مرحلة من المراحل العمرية من حين الولادة إلى بلوغ الرجولة وسن الرشد من تنوع في شكلية وصفة هذه السلوكيات.
سن المراهقة بأنواعها الثلاث " المبكرة والمتوسطة والمتأخرة " لكل نوع منها ما يناسبه من التعامل والتوجيه.. فما يصلح مع أحدها قد لا يصلح بالضرورة مع الأخرى. وما يتوقع من كل فئة من سلوكيات قد لا يتماثل بالضرورة مع الفئات الأخرى.. هذا من جهة.
الأمر الأهم في نظري أننا مجتمع توجيه وتحذير وأمر ونهي وقهر وإجبار وتحكم، مجتمع كلامي أكثر منه مجتمعاً عملياً.. نحب الكلام والتنظير ونهرب من العمل والتطبيق نوجه الأخلاقيات لمختلف شرائح المجتمع باللسان ويغيب تماماً التوجيه بالسلوك وبالعمل بالقدوة الصادقة وليست الكاذبة وأقصد بالقدوة الكاذبة كل تصرفاتنا وسلوكياتنا مع أفراد المجتمع.. سلوكيات المدرسين والمربين مع بعضهم البعض غير متماثل بحضور الطلاب وغيابهم.. يطلق المربي والمعلم والأب لنفسه العنان في السلوكيات غير المتحفظة وغير المتزنة إذا غاب عنه الرقيب " وأقصد بالرقيب هو ذلك الطفل أو المراهق الذي يجب أن يرى في ذلك المربي القدوة الحسنة وإذا ما كان في حضرته تغير الاتجاه في السلوكيات تماماً.
هذا ما أقصده بالقدوة الكاذبة إذ الصادقة هي التي تجعل النفس هي الرقيب وليس وجود القاصرين أو تغيبهم عن النظر،
نحن جميعا ًفي هذا المجتمع "ولعله سبب تخلفنا " نعاني من القصور في العمل نقول ونأمر بالفضائل ونحن أبعد الناس عملياً عما نأمر ونسعى إليه، نحذّر من الغش ونحن نمارسه ليل نهار ولكن بطرق غير مباشرة كي لا نقع في الحرج، ولذلك لا نسعى في التحقق من هذه الطرق.
نحذّر من الحرام وأكل الحرام والكثير منا يتحيّن فرصة وجود طرق ملتويه تساعدنا على التعامي عن مشروعية تلك الطرق وغيرها الكثير..،والذي يزيد هذه المشكلة تفاقماً واتساعاً هو براعتنا وقدرتنا العجيبة عن البحث عن التبريرات والتعليلات حتى ولو كانت واهية، بل إنه حتى مع ارتكاب الذنب والفعل السيئ لا نجد كبير عناء في البحث عن تبريرات واهية نعلّل بها أنفسنا ولا نعلم أن إبليس هو صاحب هذه الوسيلة إذ بدأ بالتبريرات والتعليلات مبرهنا صحة عمله بمعصية الله فبدلاً من أن يستغفر ويعترف يقول " أنا خير منه خلقتني من نار وخلقته من طين " أما الطرف الآخر وهما آدم وحواء فكان جوابهما الاعتراف وهذا هو الأصل في الأعمال ولذلك فإن المشاكل والتخلف والتردي في الهاوية للمجتمع بأكمله لن يتوقف من وجهة نظري ما دام كل إنسان لديه الاستعداد التام للبحث عن مبررات لأعماله حتى ولو كان خطأها واضحاً كما الشمس في رابعة النهار.
ومن جانب آخر فإننا نعاني أيضاً من مشكلة أراها في اتساع مع الوقت ذلك أننا نهتم بالنافلة على حساب الواجب، إذ يتثاقل المربي والمعلم عن أداء واجبه وعمله اليومي بشكل واضح.. بل ويصل بالبعض منهم إلى التحايل على العمل وأداءه.. لكننا نجده في نفس الوقت نشيطاً بارعاً بالأمور النافلة خارج وقت الدوام ووقت العمل كالأعمال الخيرية والجمعيات التوعوية والدعوية.. وكأن الأجر لا يكون إلا بالأعمال التطوعية فقط.
هؤلاء الطلاب هم المرآة المعاكسة لهؤلاء المعلمين والمربين ولذلك فالسؤال يجب أن يوجه إلى المربين والمعلمين أنفسهم بمدى التزامهم في استجابتهم للتوجيهات والتحذيرات القرآنية والنبوية أم هي فقط سلوكيات آنيّة أمام الطلاب ومكاييج خارجية يلتزمون بها كإحدى متطلبات العمل سريعاً ما يتخلصون منها حالما ينعتقون من ذلك العبئ الوظيفي الذي فُرض عليهم، ولذلك فإن اليسر كل اليسر في التوجيه والتنظير ويصدق ذلك ويكذبه العمل.