الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أخي المراهق
…
أرهقنا
!
المجيب د. عبد العزيز بن علي الغريب
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/
التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 02/05/1427هـ
السؤال
مشكلتي مع أخي الصغير فهو مهمل وغير مبالٍ بمستقبله، ويحب أن يقلد الفاشلين يتظاهر بالبراءة أمامي وهو إنسان كذوب، أنا في الحقيقة أخوه الأكبر وأنا أستمع للغناء ولكن لا أستمع إليه أمامه، ولا أمام إخوتي وأهلي، مع أنهم يعلمون ذلك لكن أفعل هذا احترامًا لهم، قال لي أحد الأصدقاء: كن صديقاً ديمقراطيا مع أخيك، دعه يفعل ما يشاء أمامك أفضل من أن يفعله من خلفك، وأنكر عليه ولكن لا تكن مزعجاً فينفر منك، هو يعصيني ويمشي مع أولاد أخلاقهم سيئة، وأتاني خبر بأنه يدخن، وينظر للأفلام الإباحية في الجوالات! علماً أن إخوتي -ولله الحمد- يهتمون بالحلال والحرام، ويحرصون على الابتعاد عن المنكرات، ما العمل؟ علماً أن عمر أخي 16 سنة.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
أولاً بارك الله في فيك رغم صغر سنك على استشعارك لمسئولية الأخوة، وحرصك على مستقبل أخيك وتقويم سلوكه.
أخي الحبيب أنت تدرك أن أخاك في سن المراهقة، وهذا السن هو أول أزمة يمر بها الإنسان في دورة الحياة الاجتماعية والأسرية بل أخطر تلك الأزمات، وتتميز هذه المرحلة بكثير من الخصائص والممارسات، لاعتبارات كثيرة لعل من أهمها عدم اكتمال النمو والنضج النفسي والعقلي والاجتماعي والانفعالي لمن هو في هذه المرحلة، مما يجعل المراهق شخصية لا تطاق في كثير من بيوتنا لصعوبة التعامل معه إذ هو يتصف بالعناد، والتمرد، وصعوبة الإقناع، والرغبة في الانفراد بالرأي، والتسرع، والمجازفة، وغيرها الكثير والكثير من السلوكيات والخصائص فكثير مما يمارسه المراهق في ظل غياب الرقيب الأسري تحز في النفس كثيراً، بل إن ما انتشر الآن من ممارسات من بعض المراهقين -هداهم الله- ليعطي مؤشراً خطيراً على أبنائنا ممن يمرون بهذه المرحلة، والدراسات التربوية والنفسية والاجتماعية كثيرة جداً في هذا المجال، بل أصبحت المراهقة حقيقة علمية في مختلف المجتمعات لا يمكن تجاهلها، بل تكاد تتفق خصائصها في كل مجتمع.
وتعاملنا مع المراهقة لا يعني إطلاقاً القضاء على كل سماتها وسلبياتها، بل نحن دائماً ومن خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية نسعى للتقليل من تأثيرها وأن يتجاوزها الابن بسلام، في ظل توافق كبير بين الوسائل التربوية والإجتماعية التي تقوم بها كل مؤسسة من مؤسسات التنشئة الاجتماعية.
لذلك أقول لا تعطي الموضوع حجماً كبيراً فيصعب حله، ولا تهمله فيستفحل خطره، فأخوك في هذه المرحلة لا تستطيع أن تعرض عليه كل ما تريد، فمثل هذا الطلب قد يكون متعذر جداً، ومنعه من أصدقائه وزملائه دون تعويض أيضاً صعب، فأنت لا تستطيع سجنه في المنزل وعزله، خاصة وأن وسائل الاختلاط بين الأصدقاء تطورت كثيراً من خلال التقنية الحديثة، فقد يجتمعان في غرفة واحدة، بينما كل منهم في منزله. لذلك عليك القيام بعدة إجراءات تعيد تنظيم علاقتك بأخيك وتعويضه ببرامج إيجابية لما يمكن أن يفقده من جراء ابتعاده عن زملائه.
عليك بمتابعته في المدرسة بطريقة لا يشاهدها ولا يشعر بها، مثل مشاركتك مع مرشده الطلابي في المدرسة.
اسع في نقله من المدرسة إذا كان معظم أصدقائه يدرسون فيها. ثم أين دور والدك؟ فإذا كان قد توفي، فأين دور أخيك الأكبر؟ لأن فقدان القيادة الأسرية قد يكون أسهم في انفراط سلوكه. فالأسر السوية هي التي يكون لديها قائد له وضعه واحترامه لدى جميع أعضاء الأسرة، كذلك يجب مشاركة أخيك في برامج لشغل وقت الفراغ، فمن الممكن أن يلحق بدورات تدريبية، أو أنشطة طلابية منضبطة، وللأسف كثيراً ما نضع آمالاً وأحلاماً لأبنائنا إلا أننا لا نبذل الجهد الكافي لتحقيقها. فكم من مراهق وأسرته طيبة إلا أنه لم يكن كذلك، فأمور التربية والتوجيه لا يجب أن تعتمد على الجانب الوراثي، فالإنسان كثيراً ما تكون شخصيته البيئة المحيطة.
أنصحك بالإسهام في إعادة الرقيب الذاتي لأخيك، وهذا يحتاج منك بذل الجهد لبناء علاقة وثيقة بينكما، خاصة وأن الفرق العمري بينكما ليس كبيراً، وقد يكون لأسلوبك في فرض رؤيتك أو قرارك على أخيك دورٌ في تمرده عليك، انزل لمستواه بطريقة حكيمة، حتى تعرف الكثير عن عالمه، أعد شريط ذكرياتك إلى ما كنت تمارسه من سلوكيات عندما كنت في نفس سنه حتى تقيم الضغط الذي كان يدفعك لممارسة سلوك سرعان ما تندم عليه، وأنت أخي الحبيب كما تقول لا زلت تجني ثمرة غياب التوجيه في استمرارك لسماع الأغاني وفي الخفاء، وهذا أيضاً خلل، فأين الرقيب الذاتي لديك، وهل من حرم الغناء هم البشر أم أسرتك.
لا أريد منك أن تيأس، اركب الطريق وابدأ الخطوة الأولى وركز في البدء على مرحلته الدراسية، لأنه الآن على ما يبدو في بداية المرحلة الثانوية، وهذه قمة ضغط المراهقة خاصة وأنه في بداية النمو والتغير البيلوجي لدى المراهق، والتي يحتاج فيها لمن يكون قريباً منه لتوجيهه التوجيه السليم، بدلاً من أن يبدأ في استشارة المراهقين أمثاله، وأنت بالتأكيد تعرف ما أقصده.
أسأل الله العلي القدير أن يوفقك لما يحب ويرضى، وأن يعيد أخاك لطريق الحق، وصلى الله على نبينا محمد صلى الله عليه وسلم.
أسأل الله عز وجل أن يشفيك، وأن يوفقك لعلم الخير، وأن يعود الوئام والصفاء لحياتك.