الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصايا لداعية صغير
!
المجيب د. عبد العزيز بن عبد الله المقبل
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/ أساليب الدعوة الصحيحة/دعوة الأقارب والأصدقاء
التاريخ 11/11/1426هـ
السؤال
أنا شاب عمري ثنتا عشرة سنة، كيف أدعو الأولاد إلى الصلاة وآداب الإسلام؟ وجزاكم الله خيراً.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
ابني الفاضل: أحيي فيك هذه الروح الكريمة، والتطلع الجميل، وإذا كان الذين يحملون هذا الطموح ممن هم في مثل سنك قليل، فإن الكرام -دائماً- قليل.. لكنهم يمثلون (حبات) سبحة ذهبية، يفرد الناس حباتها بدهشة، وهم يستشعرون قيمة هؤلاء الفتية، الذين تخطوا العمر الزمني إلى العمر العقلي.. ولعلك -ابني الكريم- تذكر ذلك الشاب الذكي، الذي كان في مثل سنك، وتقدم قومه بين يدي الخليفة عمر بن عبد العزيز رحمه الله ولكن عمر راعه أن يتكلم شاب صغير بين يدي رجال شيوخ، فقال: يا غلام، تأخر، وليتقدم من هو أكبر منك!!.. ولكن الشاب نظر في وجه الخليفة، وقال: يا أمير المؤمنين، لو كان الأمر بالسنّ لكان في الأمة من هو أولى منك بالخلافة!.. فدهش عمر لهذا الجواب المنطقي السريع، وقال للغلام: تقدم، لله أبوك.. إنما المرء بأصغريه؛ قلبه ولسانه.
ابني الكريم: يمكنني أن أوجز وصاياي لك بالآتي:
أولاً: أن تكون قدوة في أفعالك قبل أن تنتظر من الناس أن يسمعوا قولك، فإن الإنسان حين يكون ذا خلق فاضل، يبدي للناس الاحترام، ولا يبخسهم من حقوقهم شيئاً، ويبدي استعداده للتعاون معهم فيما يقدر عليه، فإنه بذلك يترك في نفوسهم أثراً كبيراً؛ إذ يحبه زملاؤه ومن حوله، ومن ثم يدفعهم ذلك إلى سماعهم قوله، والتزامهم فيما يدعوهم إليه.. ولعلك تذكر -ابني الكريم- أن المدرس حين يحبه الطلاب تصبح مادته سهلة في نفوسهم، ولو كانت صعبة في حقيقتها، وحين يكون المدرس ثقيل الدم على الطلاب، تصبح مادته ثقيلة صعبة، ولو كانت -في الأصل- سهلة يسيرة!!
ثانياً: حاول تطوير ثقافتك في مختلف جوانبها، فقد جُبل الناس على حب الشخص الواسع الاطلاع، خاصة حين يرتدي ثوب التواضع.. ثم إن الثقافة تمنح الشخص قدرة أكبر على التأثير فيمن حوله، سواء في إجابته عن أسئلتهم، أو في كونه قرأ من الكتب والتجارب ما يكون عوناً له على إجادة الحوار والخطابة والإقناع، وقطع شوطاً جيداً في القدرة على عرض أفكاره في صورة جيدة، وأصبح يمتلك معجماً لغوياً يلوّن به خطابه، ما يعطيه تأثيراً أكبر.
ثالثاً: احرص -ابني الكريم- على أن تسد كل (باب) للشيطان، يحاول الدخول منه ليفسد عليك عملك، وذلك حين يجعل هدفك من عملك هو الركض وراء مديح الناس وثنائهم؛ فإن هذا فوق كونه يذهب بركة عملك، فإن وراءه عقوبة الله، وانطفاء جذوة الحماس.
رابعاً: محاولة البحث عن وسائل تتناسب مع ما يحبه زملاؤك ويهوونه، ومحاولة التأكيد على الأعمال الجماعية، فهي تستهويهم، وإشراكهم في العمل، والثناء على أداء كل منهم. ثم استخدم في التأثير عليهم مختلف الوسائل المشروعة المناسبة.
خامساً: أن تجتهد في أن يكون مستواك الدراسي جيداً، فإن له تأثيره في تحقيق هدفك الخيّر؛ ففي الوقت الذي يكنّ لك فيه عامة زملائك الاحترام بسبب ذلك، فإنك تثبت لهم أن الاستقامة طريق للتفوق، كما يمكنك مساعدتهم في شرح أمر عارض، أو السماح لهم بتصوير ملخص أو شبهه، ما يقيم بينك وبينهم جسور المحبة، التي تعبر عليها كلماتك التي قد تنفحهم بها.
سادساً: حاول أن تحيل فصلك إلى خلية من النشاط، حاول أن تقنع زملاءك بأنكم ستثبتون لإدارة المدرسة أنكم فصل (متفوق) ، حاول أن تضع تقسيماً إدارياً للفصل، يتولى فيه كل مجموعة عملاً ولو كان النظافة، ويمكن أن تدور هذه المهام ولا تثبت، ثم أكِّدْ على حسن اختيار الكلمات التي يمكن أن توضع على جوانب الحائط بألوان جذابة، والمقالات التي يمكن أن تُضمَّن إياها صحيفة الفصل الحائطية، بل لو أمكن إيجاد مجلة لفصلك -ولو في بضع أوراق-، يتبارى على تحريرها طلاب فصلك كصحفيين صغار لكان جميلاً.
كما أن من الجميل دعوتهم إلى إنشاء مكتبة للفصل، سواء بجمع مبلغ تشتركون في دفعه، أو دعوتهم لإحضار كتب مفيدة نافعة.
أعتقد أن هذه الأفكار وأمثالها ستمتّن العلاقة بينك وبين زملائك من جهة، وتفيدهم بمضامينها، ولو بطريق غير مباشر، من جهة ثانية.
ولدي الكريم: أنا متفائل أن من يحمل مثل هذا الهم في مثل سنك، ستتطور طموحاته مع تقدم عمره، فاجتهد فيما يعين على ذلك، ولعل من أهمها حسن صلتك بالله، فاتكل عليه، واضرع إليه، وأكثر من دعائه، وحسِّن علاقتك بوالديك، فبرهما، وسارع إلى إرضائهما، وحسِّن علاقتك بإخوانك، فإن ذلك من تمام برك بوالديك، وإني متفائل -بإذن الله- أن تكون غداً ممن ينفع الله بهم عامة الخلق، ويكتب نصر الإسلام على أيديهم.
وفقك الله لكل خير، وأضاء لك الدرب، وضاعف لك الأجر.