الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هل باب التوبة مفتوح
؟
المجيب خالد بن حسين بن عبد الرحمن
باحث شرعي.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ 16/8/1424هـ
السؤال
لقد ضاجعت أختي الصغيرة من خلال الملابس، فهل باب التوبة مفتوح؟.
الجواب
الحمد لله غافر الذنب، وقابل التوب، شديد العقاب، ذي الطول، لا إله إلا هو إليه المصير، والصلاة والسلام على النبي القائل:"أيها الناس توبوا إلى الله واستغفروه فإني أتوب في اليوم مائة مرة" أخرجه مسلم (2702) من حديث الأغر بن يسار المزني رضي الله عنه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين. أما بعد:
إلى الأخ التائب: السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
بداية أشكر لك ثقتك البالغة، واتصالك بنا عبر موقع الإسلام اليوم، ونتمنى منك دوام الاتصال والمراسلة على الموقع.
أخي التائب: لقد قرأت رسالتك القصيرة مرات عديدة، ويعلم الله أنه قد ساءني ما ألمّ بك، وأحزنني ما وقعت فيه، لكن سرَّني سؤالك: هل باب التوبة مفتوح؟ فأقول لك أخي التائب: نعم باب التوبة مفتوح حتى تطلع الشمس من مغربها، وليس هناك ما يحول بينك وبين التوبة، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من تاب قبل أن تطلع الشمس من مغربها تاب الله عليه" أخرجه مسلم (2703) وعن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إن الله تعالى يبسط يده بالليل ليتوب مسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها" أخرجه مسلم (2760) ، فرحمة الله واسعة، وباب التوبة مفتوح، وما عليك إلا أن تبادر وتسارع بالتوبة إلى الله، وأبشر بخير، فإن الله يتوب على من تاب، وإن شئت فاقرأ قوله تعالى:"قل يا عبادي الذين أسرفوا على أنفسهم لا تقنطوا من رحمة الله إن الله يغفر الذنوب جميعاً إنه هو الغفور الرحيم* وأنيبوا إلى ربكم وأسلموا له من قبل أن يأتيكم العذاب ثم لا تنصرون"[الزمر: 53-54]،وقوله تعالى:"والذين لا يدعون مع الله إلها آخر ولا يقتلون النفس التي حرم الله إلا بالحق ولا يزنون ومن يفعل ذلك يلقى أثاما يضاعف له العذاب يوم القيامة ويخلد فيه مهانا إلا من تاب وآمن وعمل عملاً صالحاً فأولئك يبدل الله سيئاتهم حسنات وكان الله غفوراً رحيماًَ ومن تاب وعمل صالحاً فإنه يتوب إلى الله متابا"[الفرقان: 68-71] .
وإليك هذا الحديث الرائع والذي يوضح لنا مدى سعة رحمة الله بعبده التائب مهما فعل من الذنوب والمعاصي، المهم أنه يقبل على الله بقلب خاشع ونفس منكسرة ذليلة، ويكون صادق النية في توبته، عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"كان فيمن كان قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً، فسأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على راهب، فأتاه فقال: إنه قتل تسعة وتسعين نفساً، فهل من توبة؟ فقال: لا، فقتله فكمل به مائة، ثم قال سأل عن أعلم أهل الأرض، فدل على رجل عالم، فقال: إنه قتل مائة نفس فهل له من توبة؟ فقال: نعم، ومن يحول بينه وبين التوبة؟ انطلق إلى أرض كذا وكذا، فإن بها أناساً يعبدون الله تعالى فاعبد الله معهم، ولا ترجع إلى أرضك فإنها أرض سوء، فانطلق حتى إذا نصف الطريق أتاه الموت، فاختصمت فيه ملائكة الرحمة وملائكة العذاب، فقالت ملائكة الرحمة: جاء تائباً مقبلاً بقلبه إلى الله تعالى، وقالت ملائكة العذاب: إنه لم يعمل خيراً قط، فأتاهم ملك في صورة آدمي فجعلوه بينهم- أي حكماً - فقال: قيسوا ما بين الأرضين فإلى أيتهما كان أدنى فهو له، فقاسوا فوجدوه أدنى إلى الأرض التي أراد أن يذهب إليها ليتوب فيها، فقبضته ملائكة الرحمة" متفق عليه البخاري (6/373-374) ، ومسلم (2766)، وفي رواية في الصحيح:"فكان إلى القرية الصالحة أقرب بشبر فجعل من أهلها، وفي رواية أيضاً في الصحيح: "فأوحى الله تعالى إلى هذه أن تباعدي وإلى هذه أن تقربي، وقال: قيسوا ما بينهما فوجدوه إلى هذه أقرب، أي إلى القرية الصالحة بشبر فغفر له" وفي رواية:"فنأ أي فقرب بصدره نحوها" أرأيت يا عبد الله مدى سعة رحمة الله بعباده التائبين، أضف إلى ذلك بأنك إذا تبت إلى الله ورجعت إليه، وأقلعت عن المعاصي والذنوب فإن الله يفرح بك فرحاً شديداً، فعن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لله أشد فرحاً بتوبة عبده حين يتوب إليه من أحدكم كان على راحلته بأرض فلاةٍ، فانفلتت منه، وعليها طعامه وشرابه، فأيس منها، فأتى شجرة فاضطجع في ظلها، وقد أيس من راحلته، فبينما هو كذلك إذ هو بها قائمة عنده، فأخذ بخطامها ثم قال من شدة الفرح: اللهم أنت عبدي وأنا ربك، أخطأ من شدة الفرح" متفق عليه، البخاري (1/91-92) ، ومسلم (2747) واللفظ له.
فبادر بالتوبة أخي الكريم ولا تعد لما فعلت، فإن ما فعلته أمر عظيم، وجرم كبير، وذنب فادح، وفعلة قبيحة وشنيعة يستقذرها أهل المروءة والنخوة، ويستقبحها أهل الفطر السليمة، ويستعظمها أهل الإيمان والتقى. والتوبة لها شروط وضعها أهل العلم حتى تكون التوبة توبة نصوح وهذه الشروط هي:
(1)
الإقلاع عن المعصية فوراً.
(2)
الندم على فعل هذه المعصية.
(3)
العزم الأكيد على عدم العودة إلى المعصية مرة أخرى.
وهناك أمور تعينك بإذن الله تعالى على التوبة من هذه المعصية وغيرها ومنها:
(1)
مصاحبة أهل الخير من طلبة العلم والدعاة وغيرهم.
(2)
الحرص على مجالس الذكر والعلم.
(3)
عدم مخالطة أهل السوء والشر والفسق والابتعاد عنهم.
(4)
الحرص على قراءة القرآن بتدبُّر والحرص على طلب العلم.
(5)
سماع الأشرطة الإسلامية النافعة التي ترقق القلب وتقوي الإيمان، وتربي في النفس روح المراقبة لله - جل وعلا-.
(6)
البعد عن كل ما يثير شهوتك من مسموع ومقروء ومشاهد.
(7)
عدم الخلوة بمن يثير شهوتك ويجعل للشيطان عليك سبيلا.
(8)
عليك بالصيام فإن الصيام يطفئ الشهوة، كما في الحديث المتفق عليه من حديث ابن مسعود رضي الله عنه.
(9)
عليك بكثرة الدعاء واللجوء إلى الله بأن يصرف عنك الفتن ما ظهر منها وما بطن.
(10)
عليك أن تشغل نفسك بطاعة الله؛ لأنه كما قيل النفس إذا لم تشغلها بالطاعة شغلتك بالمعصية.
نسأل الله أن يتوب علينا وعليك، وصل اللهم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.