الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابنتي لا تحترمني
المجيب فهد بن أحمد الأحمد
مشرف في وحدة الخدمات الإرشادية بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 15/6/1425هـ
السؤال
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
لدي ابنة، تبلغ من العمر 15 عاماً، كثيرة المشاكل، وهي تسكن معي في منزل والدي، حيث إنني منفصلة عن والدها، وهو لا يسأل عنها إلا نادراً، وكلما أتناقش معها تبدأ برفع صوتها، وتثور، ثم أقول لها: والله سوف أرسلك إلى منزل والدك؛ كي تقيمي، معه وأنا كثيرة الحلف. فبماذا ترشدوني؟.
الجواب
الأخت الكريمة: وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
إن هناك عدداً من الاستفهامات التي تحتاج إلى إيضاحات حول هل تقصدين بيت والدك أم ولدك؟! ومدى الثقة المتبادلة بينك وبينها، ودرجة علاقتك وتعاملك في ظل ظروف المرحلة التي تعيشها؟ وكذلك ظروف انفصالك عن والدها، وعمرها حين الانفصال؟ ومن يعيش معكم في المنزل؟ لأن التعرف على تلك التساؤلات يساعد على وضع العلاج المناسب لمثل حالة ابنتك، وتعاملها السلبي تجاهك.
أختي الفاضلة: إن علاقة الأم بابنتها تحتاج إلى تفهُّم من الأم لكل مرحلة عمرية تمر فيها الفتاة، وهي علاقة تراكمية يؤثر بعضها ببعض، فمتى ما كانت مرحلة الطفولة مرحلة مساعدة لبناء الشخصية من خلال زرع الثقة بالنفس، والمساعدة على الاعتماد الشخصي، ومواجهة المشكلات وطرق حلها، ويسودها احترام متبادل، وخاصة احترام وجهة نظر الفتاة، وتوجيهها الوجهة السليمة الخالية من التعنت والصراخ، فلا شك أن تلك السلوكيات ستنعكس بشكل إيجابي على سلوك الفتاة، وستخلو مرحلة المراهقة من أي منغصات تؤثر على العلاقة بين الأم والبنت، حينما تشعر البنت بأنها أصبحت في مرحلة تعتقد اعتقاداً جازماً بأنها مسؤولة مسؤولية كاملة عن تصرفاتها، لا ترغب بأي إملاءات، كما كانت تتقبلها في مرحلة طفولتها.
لذلك - أختي الكريمة- إن المشكلة التي تعانين منها من خلال سلوكيات ابنتك هي تبعات لظروف حياتية عاشتها ابنتك في مرحلة طفولتها، وكانت فيها تستجيب للأوامر بالرغم من حالات الإحباط الداخلية من حرمان، وعدم الشعور بالمشاركة الوجدانية، والوحدة وانعدام الصديقات، وغيرها، أدت فجأة إلى الخروج على شكل تمرد وعصيان، والبحث عن إثارة المشاكل بأي وسيلة ترى أنها تسبب الإزعاج لك ولمن حولها!، وكذلك يجب - أختي الكريمة- أن تتفهمي أن التوتر والغضب من الفتاة قد يكون ناتجاً من تجاهلك التام للمتغيرات التي حدثت لها مع دخولها مرحلة مهمة في حياتها، وعدم إلمامك للحاجات الأساسية لمثل عمرها!.
هناك مشكلة تعانين منها، ويتطلب منك التخلص من تلك المشكلة، والتي يتضح لي أنك سريعة الغضب، وبالتالي يؤدي بك ذلك إلى كثرة الحلف، مما يساعد على إغلاق لغة الحوار الهادئة إلى لغة الصراخ، وبالتالي التلفظ بكلمات تتعدى لغة العقل، لذلك من المهم - أختي الفاضلة- تدريب نفسك على تمالك أعصابك، والابتعاد -فوراً- عن مكان المشكلة مع ابنتك أو غيرها؛ حتى تهدأ أعصابك، وبالتالي تتصرفين بحكمة مع المقابل مع أهمية السلوكيات التي حثنا عليها المصطفى صلى الله عليه وسلم من تغيير الهيئة، والوضوء، وتغيير المكان، وكذلك احرصي على تعويد نفسك على التأني في أمور حياتك الأخرى، كأداء الصلوات، وكذلك في الأكل والتعامل مع الآخرين في الحالات الطبيعية لك؛ لأن الاهتمام بتلك السلوكيات تساعد على تعويد النفس على الضبط في حالة الغضب، وبالنسبة للتعامل الأمثل مع ابنتك، فهناك عدد من الطرق التربوية المناسبة للتعامل مع ابنتك عليك تنفيذها؛ لعل الله أن يجعل فيها الخير لك، ولابنتك، ولأسرتك عموماً:
1-
الدعاء لابنتك بالهداية والصلاح، والحرص على ذلك في أوقات الإجابة والإلحاح في ذلك.
2-
البعد التام عن الصراخ والغضب لأي تصرف يحدث خطأ كبيراً، بل عليك بالحلم والأناة، والتعامل بحكمة تجاه الخطأ بعدة طرق منها:
أ- تجاهل الخطأ تماماً، وأشعريها بأنك لم تري خطأها، خاصة الأخطاء الصغيرة.
ب- عدم اللوم المباشر للخطأ إن كان كبيراً، وتحري أوقات مناسبة للنقاش حول خطئها بعد أن تشعري أنها في وضع نفسي جيد، كوقت قبل النوم، ويكون بجلسة انفرادية.
ج- تجنب اللوم تجاه الخطأ أمام أحد أفراد الأسرة؛ لأن ذلك مدعاة لثوران البنت والدفاع بأي وسيلة كالصراخ وخلافه؛ تعبيراً عن رفض الأسلوب. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إن الرفق لا يكون في شيء إلا زانه" رواه مسلم (2594) من حديث عائشة-رضي الله عنها.
3-
المراهقة تحرص كثيراً على مظهرها الخارجي بشكل غير عادي، ولهذا المظهر والاهتمام أهمية كبيرة على شخصيتها، لذلك عليك عدم تأنيبها العلني لتصرفاتها، وهذا قد يكون من أسباب ثوران وغضب المراهقة.
4-
أكثري من الجلوس مع ابنتك ومدح الإيجابيات التي تمتلكها، حتى ولو كانت صغيرة، والحرص على مدحها أمام الأسرة؛ فتلك من الطرق المناسبة للتقرب إليها أكثر، ولإشعارها بأهميتها عندك.
5-
أشركيها في بعض الأمور الخاصة بك، وكذلك في أمور الأسرة، واطلبي رأيها حتى ولو لم تأخذي به، وتعاملي معها كصديقة، لا كبنت تمارسين معها دائماً دور الموجِّه والمصوب لأخطائها دائماً.
6-
أهمية أن تشعري بحاجة ابنتك للقبول؛ لأنه مطلب نفسي واجتماعي، ولا يمكن أن يستغني عنه أي إنسان، فمن ذلك تأتي أهمية تقديرها واحترامها، ومساعدتها على فتح صفحة صداقة معها تنفذي فيها ما يحدث بين الصديقة وصديقتها.
7-
تجنبي مقارنتها بقريباتها، وبأنها أقل منهن اهتماماً واحتراماً لوالدتها، أو في سائر الأمور الحياتية.
8-
ابتعدي تماماً عن التهديد والوعيد، كإرسالها لمنزل والدها؛ لكي لا تغرسي داخلها كره والدها من خلال ربط العقوبة بذلك.
9-
ساعديها في إشغال وقتها بما ينفعها في دنياها وآخرتها، من خلال تشجيعها على دراستها، وزيارتها في مدرستها، والالتقاء بمعلماتها ومدحها أمامهن، وبسلوكها في المنزل، وكذلك شاركيها بالالتحاق بأحد الدور النسائية المنتشرة ولله الحمد- في هذه البلاد الطاهرة، وكوِّني معها صداقة حميمة تزول فيها حواجز وهمية قد أوجدتيها من خلال تعاملك الجاف معها.
10-
احرصي على أن تكون صديقاتها من النوعية الطيبة، واللائي يساعدنها على السمو بأخلاقها، واهتمي بدعوتهن لزيارتها في المنزل والتواصل معهن دائماً.
11-
تعرفي على صديقاتها في الفترة الحالية من خلال مصادر، بحيث لا تشعر بذلك؛ فإن كن طيبات فعززي تلك الصداقة، وإن لم يكن فحاولي بطريقة غير مباشرة قطع علاقتها معهن بالتدرج عن طريق التقليل من الزيارة والالتقاء والتوجيه من قبلك، أو من قريبات لهن تأثير قوي عليها بطريقة تربوية مناسبة.
12-
لا ترسمي داخلها صورة سيئة لوالدها وأخواتها من الأب إن وجد؛ فالخلاف بينك وبين والدها لا يجب أن ينتقل للأبناء؛ فهي في حاجة لوالدها، كما هي في حاجة ماسة إليك، لذلك نمي في داخلها الحب والتقدير لوالدها، ووجهيها للقيام بزيارته أسبوعياً، وأشعريها بأهمية صلة الرحم وعظمه في الإسلام.
أسأل الله العظيم أن يحفظ لك النية والذرية، وأن يعينك على تربيتها، ويقر عينك بصلاحها، وأن يجعلنا وإياك هداة مهتدين صالحين مصلحين، إنه جواد كريم. والله أعلم.