الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أهلي يعوقون تربيتي لأبني
المجيب د. طارق بن عبد الرحمن الحواس
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام بالأحساء.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/عقبات في طريق التربية
التاريخ 09/05/1425هـ
السؤال
أنا أم لولدٍ عمره 11 سنة، ومنفصلة عن والده منذ ما يقارب 10 سنوات، أعيش مع أهلي، وأحاول عمل كل ما بوسعي أن أربي ولدي التربية التي يرضاها الله سبحانه وتعالى، وأن أصل إلى هدفي فيه؛ بأن يكون من أئمة المسلمين، الهادين المهتدين -إن شاء الله القدير- والحمد لله- أن الله هدى لي هذا الولد، وحبب له الدين والصلاة، وكان له نصيب من اسمه.
لكن مشكلتي هي أهلي -وأخص والدي-، فأنا كل ما أحاول أن أسعى إلى تحقيق الهدف أجد أبي بالمرصاد، لا كرها له في الدين، بل خوفاً على ولدي ألا يستوعب هدفي، فمثلا عانيت الكثير لكي أجعله يذهب لحلقات الذكر وحفظ القرآن، والدي يقول: حرام عليك هذا صغير ودروسه أهم، لا تضغطي عليه لكي لا يكره الدين، وآخر ما حصل أنه منعه من الصلاة في المسجد، صلاة العشاء وصلاة الفجر؛ خوفاً عليه من الاختطاف، (بحجة أن طفلاً اختطف في حينا) ، مع العلم أن حيّنا راقٍ جداً، وكل من يصلي في المسجد يعرف ولدي ويحبه كثيراً، حاولت أن أشرح له وأقنعه، ومع أنه يقتنع دائماً برأيي، ويعتبر أني راجحة العقل في كل الأمور، إلا هذا الشيء، أصابني الحزن كثيراً؛ لما أجده من معارضة في كثير من هذه الأمور، ولا أريد أن أدخل في عقوق الوالدين (ووالدي استغل خوفي من العقوق خير استغلال) ، وفي نفس الوقت أريد لابني أن يحقق هدفي، فكثير من الأحيان أخجل منه عندما لا أجد مبرراً له عن فعل أبي، وأخجل من نفسي أمامه وأنا أقول له: أنت ومن مثلك سيرجع لهذه الأمة مجدها، أعلم أنه يفهمني جيداً، وأنه متحمس جداً، لكني أخاف إن سألني يوماً: لماذا يرفض جدي أن أكون كما تريدين؟ ماذا أفعل؟ وماذا أقول له؟ والله أكتب هذه الكلمات ودموع الحزن في عيني، فإلى متى؟ وما العمل؟.
الجواب
الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت الكريمة: -سلمها الله ورعاها- وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته وبعد:
فنشكر لك مراسلتك لنا على موقع "الإسلام اليوم"، ونرجو الله أن تجد منا النفع والفائدة، والجواب على ما سألت كالتالي:
أولاً: أحمد لك حرصك على ولدك، واهتمامك من أجل تربيته تربية سليمة صحيحة على الدين والخلق، وهذا بلا شك واجب عليك وعلى كل ولي من أب أو أم، ولو أن كل أم تستشعر هذا الأمر، وتفعل فعلك لكان حال أولاد المسلمين غير ما نرى، والله المستعان، لذا أنا أوصيك بالثبات على ذلك، وعدم الملل أو الكلل، واعلمي أن الله عز وجل يبارك هذا العمل ويحبه من عبده وأمته، فلتهنئي بحب الله ومباركته لعملك الطيب، وتذكري دائماً أنك إذا احتسبت هذا الأمر أنك على أجر عظيم وثواب كبير.
ثانياً: تدخل والدك لعله -كما تقولين- من باب الخوف على الولد؛ لذا أنصحك بالاستمرار في نقاشه، وإقناعه بخطأ تصرفه، بأسلوب مؤدب وراق؛ لأن من يكبرنا سناً وفضلا يجب التأدب معه في الحديث غاية الأدب والاحترام، وألا نظهر الاستعلاء عليه، أو أننا نفهم أحسن منه، بل ينبغي إشعاره دائماً أنه الأعلم والأفهم، ولكن هذا لا يمنع أنه بشر يخطئ ويصيب، وأن ما تفعلينه يأمر به الدين، وذكريه بالأحاديث الواردة في تربية الولد، وقربي منه كتباً تعنى ببيان ذلك ككتاب:(مسؤولية الأب المسلم في تربية الولد في مرحلة الطفولة) للدكتور عدنان باحارث؛ فإنه مفيد في بابه.
ولا بأس أن تشركي معك في النقاش أو الإقناع آخرين من العائلة، لهم وزن وثقل في التأثير على أبيك في هذا الأمر، كما أنه من المفيد إشعار إمام المسجد أن يتكلم عن هذا الموضوع في خطبة أو درس عام؛ ليسمع أبوك وغيره منه، فيكون له تأثير من حدة الموقف.
ثالثاً: لا تحزني ولا تيأسي من تغير الحال، وكوني أكثر ثقة وطمأنينة أنك ستصلين إلى حل بطول الصبر، واستمرار الحرص، وإظهار القناعة التامة بصحة سلوكك في التربية.
رابعاً: استمري في إقناع ولدك بصحة ما يفعل، وأن الإنسان يبتلى بسبب دينه، وأن معارضة جده ليس سلوكاً صحيحاً، ولكن لا يعني كرهه أو بغضه، وإنما نحاوره ونقنعه، ونبين له خطورة مخالفة الرب في أمره، فقد أمرنا بالصلاة وأدائها في أوقاتها مع جماعة المسلمين.
خامساً: اجعلي ولدك يكون له نصيب من الحوار، وعلميه الهدوء والأدب في ذلك؛ لأن سماع الجد منه له تأثير في ذلك.
سادساً: من الضروري أن يكون لولدك أصحاب صالحون يعينونه على ما هو فيه، ويكونون له أعواناً على طاعة الله، وهذا عامل يساعده على الثبات، ويساعدك في تربيته.
سابعاً: أكثري له من الدعاء في ظهر الغيب، وألحي على الله أن يصلحه ويحبب له الإيمان ويزينه في قلبه، ويكره إليه الكفر والفسوق والعصيان.
ثامناً: أنصحك بالقراءة في الكتب والمجلات (كمجلة ولدي) والتي تعنى بالتربية بالأساليب الحديثة في ذلك، وكذلك سماع الأشرطة في هذا الموضوع، وخصوصاً أشرطة الدكتور محمد الثويني وأمثاله؛ فإن في ذلك تطويراً في أساليبك، واستفادة كبيرة وعظيمة من خبرات السابقين.
وأسأل الله لولدك الهداية والرشاد، والثبات على الحق، ولوالدك الهداية والرجوع عن الخطأ، والاستقامة على الخير، ولكِ التوفيق والإعانة والقبول والسداد.