الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حتى لا تخسر ولدك
!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/ الأساليب الصحيحة لتربية الأولاد/مرحلة المراهقة
التاريخ 18/9/1422
السؤال
أنا رجل رزقني الله بولد عمره الآن تسع عشرة سنة تخرج من الثانوية العامة هذا العام، ولكن لارتفاع النسب المطلوبة للتسجيل في هذه الجامعة الموجودة ببلدتنا اضطررت إلى تسجيله في جامعة تقع في مدينة أخرى.
ومع ذهابنا للصيف في المدينة التي يدرس فيها رأيت حاله تغير، وأصبح مدمنا للسهر مع أبناء أخواله والمنتسبين للجامعة نفسها، الآن أنا في مشكلة كبيرة مع ولدي أصبحت أشك في كل شيء، أجرى معه اتصالات تصل إلى مرتين أو ثلاث مرات في اليوم الواحد أصبحت في قلق شديد على سلوكياته ومستقبله، وأصبحت أكره أبناء خاله رغم أنه لم يظهر لي أي شيء جلي، مجرد عدم رضا عن سلوكياتهم.
ومن كثرة تعقبي له بالتلفون أحسست أنه بدأ يتذمر مني وأصبحت في قلق شديد. أرشدوني: ماذا أفعل حتى يرتاح بالي؟ أخشى أن أفقد وده، وهو كان في البيت ابني وصديقي في نفس الوقت، لكنه طيب وهين ممكن التأثير عليه وجزاكم الله خيرا.
الجواب
في البداية أقول لك لا تجعل الوساوس تتملكك وتسيطر عليك لدرجة أنك تشك في سلوك الابن لمجرد أنك ذهبت في زيارة في وقت الصيف إليه عند أخواله ولاحظت أن هناك تغيراً قد طرأ على أحواله - فكنا نود أن نعرف ما هي هذه التغيرات التي قد طرأت عليه؟ وليس لمجرد السهر مع من هم في نفس سنه من أبناء أخواله وقت الصيف ذلك الوقت الذي يعتبره المراهق الشاب هو وقت الاستمتاع بإجازة صيفية أتت بعد عام دراسي، ولا تنس أن الابن في هذا الوقت يختلف عما كان عليه قبل ذلك خاصة وأنه قد استقل بعيداً عنك أي أصبح تفكيره مختلفاً عما كان عليه قبل ذلك في طفولته، وبداية مراهقته، ومن طبيعة هذه المرحلة: الاستقلالية، والتفرد، وتأكيد الذات - والذي يهمنا هنا هو هل أنت رأيت -لا قدر الله -شيئاً غريباً يشكل خطورة على الابن من خلال سلوكياته ولاحظت على أبناء الخال سلوكيات شاذة لا يقبلها الوالد ولا المجتمع - ولا العادات أو التقاليد؟ بحكم أن الابن مقيم معهم وهم من نفس عمره وفي نفس الجامعة؟
ولكن من خلال عرضك للمشكلة لم تفصح بالقول بأنك لاحظت شيئاً سيئاً من كل ذلك بل لمجرد أن الابن أصبح محباً للسهر وقت الصيف مع أبناء الخال.
لا يا عزيزي الأب -يمكنك أن تعرف كل شيء بطريقة ذكية دون أن يشعر الابن لأن هذا الشيء يثير في قلبه وفي نفسه التذمر تجاهك.
أولا ً: أنت وافقت على التحاقه بتلك الجامعة بعيدا عنك، وكان الاطمئنان يملأ قلبك لوجود أحد أقاربك بها، ولولا أنك تثق بهم وفيهم على ابنك وإقامته بجوارهم لما أرسلته للجامعة هناك - فهم لهم أبناء ويخشون عليهم، كما تخشى أنت على ابنك أن يسلك سلوكاً مخالفاً أو سلوكاً شاذاً فهم مثلك تماماً.
وكان يمكنك بطريق غير مباشر من خلال هذا القريب الذي يعمل بالجامعة أن يراقب الابن دون أن يشعر، ويمكنك أن تعلم منه ما الجديد الذي طرأ على سلوك ابنك، أو تكلف أحد الأخوال بطريقة طيبة، تقول له: أرجو مراقبة سلوك الابن وأبنائك لأنني أخشى أن يكونوا - لا قدر الله - قد وقعوا في مشكلة لأنك بصراحة قد لاحظت تغيراً في كذا، وكذا على ابنك، والأولاد جميعهم أبناء لي، وبالتأكيد سيتعاون الأخوال في متابعة سلوكيات ابنك وأبنائهم وستعلم بكل شيء قبل أن تجعل الابن يحس بالشك تجاهه وفي تصرفاته.
أضف إلى ذلك - يا عزيزي الأب - أن الالتزام منك ومن أمه بالحدود الدينية في تنشئته الاجتماعية في طفولته الأولى وعدم تخطيكم لأي سلوك غير مقبول هو أساس سياسة أسرية سليمة. كما أن ذلك يجعل ابنك ملتزماً بما شب عليه، وهذا ليس نابعا من سلطتك كأب ولكن من الله الخالق العليم، والتزام الآباء يجعل التزام الأبناء مبدأ لا مناص منه، وهو أحسن دفاع يمكن إعطاؤه للأبناء لوقايتهم في مثل هذه المرحلة من الضغوط التي تواجههم، ولن يستطيع أقران السوء التأثير عليهم.
بالإضافة إلى أنك قلت: إن الابن نشأ على طاعة الله والصلاة في المسجد، وهو كما تقول ابن وصديق في نفس الوقت، فهذا يدل على حسن التنشئة السوية في صغره مما يجعله قوياً في مثل هذه المرحلة ولن يكون فريسة سهلة للتأثير عليه ليسلك سلوكا تخشاه، علما بأنك تقول: لم يظهر لك أي شيء جلي تستطيع أن تحكم على أبناء الخال بالانحراف سوى السهر في وقت الصيف، وهذا ليس دليلا ً قاطعاً للحكم على الابن بأنه قد تغير سلوكه وأقول لك: يمكنك خلال الإجازة عندما يعود الابن إليك لقضائها معك ومع أمه وإخوته أو خلال إجازات الأعياد، في هذه المدة يمكنك أن تراقب الابن دون أن يشعر، لتحكم عليه بمدى التغيير الذي طرأ على سلوكه - أي يجب عليك أن تتبين قبل أن تجعل للشك الشديد مكانة في نفسك فتندم مستقبلاً - فإذا كنت تخشى أن يقع الابن في مشكلة مثل التدخين -لا قدر الله - يمكنك خلال جلسة أسرية جميلة أو في وقت الاسترخاء والراحة وقد يكون من المناسب الحديث عن ذلك عندما يكون هناك مشكلة منشورة في الصحف أو في التلفزيون عن مأساة شخص معين، وتوضيح الآيات والأحاديث القرآنية والدينية عامة التي تتحدث عن خطورة المخدرات سيجعل الحديث أكثر قبولاً وأسرع تأثيراً في نفس الابن.
عزيزي الأب!
أقول لك من خلال تحليك أنت وأمه بالخلق والتدين السليم فإنكما تحفظان أبناءكم من السلوك المنحرف فأنتما العامل الأساسي في وقاية أبنائكم. قال الله تعالى) وليخش الذين لو تركوا من خلفهم ذرية ضعافاً خافوا عليهم فليتقوا الله وليقولوا قولا سديدا (.
إن قبول ابنك لك كأب وعدم وجود أي انحراف في النموذج الأبوي يؤدي إلى تأثر ابنك بشخصيتك وثبات معتقداته وقدرته على اختيار أصدقائه.
أخيرا يا عزيزي الأب نرجو أنه نكون قد وفقنا في الوصول لحل لمشكلتك،
والله الموفق