الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طفلي.. يخاف ويكذب
!!
المجيب د. سيد زكي خريبة
استشاري صحة نفسية
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 27/9/1422
السؤال
مشكلتي أن طفلي الذي عمره ست سنوات يخاف ويكذب.؟
الجواب
عزيزي الأب:
تقول إن لديك طفلا عمره ست سنوات يخاف، ويكذب.
تلك هي مشكلتك والتي قمت بسردها في خمس كلمات، وكم كنا نود أن نعرف الكثير عن طبيعة المشكلة مثل:
1-
علاقتك الزواجية هل هي علاقة متوافقة أم يغلب عليها عدم التوافق؟
2-
مدى المعاملة الوالدية التي يتلقاها طفلك من خلالك ومن خلال أمه: هل يشعر الطفل بقبوله في الأسرة؟ أم يشعر بأنه مرفوض؟
3-
كنا نود أن نعرف ترتيب الطفل بين إخوته بمعنى: هل ترتيبه الأول أم الثاني أم الثالث.. إلخ..
4-
كنا نود أن نعرف: هل الطفل تعرض لحادث أو شاهد موقفاً مخيفاً من قبل؟
5-
كنا نود أن نعرف: هل يسمع الطفل ممن يكبرونه حكايات مخيفة (مثل الجنية - الوحش -أو العفاريت، وغيرها مما يتحاكى به الكبار أمام الأطفال.
عموماً عزيزي السائل، سنسعى جاهدين ونرد على سؤالك ببعض الأسطر وأنت تعلم من خلال النقاط السابقة الرد: ما هو، والسبب الحقيقي لخوف الطفل، وكيف يمكنك القضاء على هذا الخوف، وكذلك مشكلة الكذب.
أولاً: لو تناولنا النقطة الأولى والتي تخص العلاقة الزوجية فيما بينك وبين زوجتك فإذا كانت العلاقة مضطربة أي لا يوجد انسجام بينك وبين زوجتك وكان العداء مزمنا أي أن جو البيت مليء بالمشاحنات المستمرة، فإن الطفل يتأثر سلبياً، فالشجار يضع أمام الطفل، ويتيح له الفرصة ليشعر بعدم الأمان والرفض، ويصبح الطفل أكثر قلقاً ومن ثم الخوف من عالمه الحاضر والمستقبل نتيجة انهيار القاعدة الآمنة.
ثانياً: من حيث المعاملة من قبل الأب والأم للطفل فمهما كنت تحبه وهو وأقصد "الطفل" لا يشعر بهذا الحب - فالحب هنا ليس ذا قيمة - لأن المهم هو شعور الطفل بالحب من الأب والأم بصرف النظر عن الحقيقة التي بداخلك - فقد يكره أبًٌ طفله - إلا أن الطفل لا يشعر بتلك الكراهية، ومن ثم فلن يكون لها أي تأثير سلبي عليه، وكذلك العكس فإذا كنت تحب طفلك وهو لا يستشعر هذا الحب - فحبك لطفلك ليس له أي قيمة، فلا بد إذاً من أن يحس ويستشعر الطفل حب الوالدين وقبولهما له - لأن ذلك ينعكس عليه بالأمن وعدم الخوف.
ثالثاً: إذا كان الطفل هو الأول، ويليه طفل آخر أو طفلة أو الثاني ويليه طفل ثالث بفارق زمني عام أو اثنين - فمن المعروف أن الطفل يغار ممن يليه خاصة وأنه قد تربع على عرش والديه ونال حبهما - فشيء طبيعي أن يغار ممن أتى وجاء ليشاركه ويتقاسم معه هذا الحب - وهنا وجب عليك أن تراعي ذلك، فقبل أن تقوم بتقبيل الأصغر يجب عليك أن تقبله وتضع في ذهنه أن أخاك أو أختك أحبه كما أحبك، وأن الحب متساوٍ، وإذا اشتريت شيئا للصغير وجب عليك أن تأتي بمثله لأخيه الأكبر - خاصة وأن الأطفال دائماً يحبون تملك الأشياء (الألعاب - الملابس الجديدة) وهنا يجب أن توضح للطفل أن لكل منهم أشياء خاصة به، ولا يوجد تمييز بين الصغير والكبير، ودائماً عليك أن تدفعه وتحفزه بحب إخوته وتعلمه على العطاء وعدم الأنانية - لأنك إذا فعلت غير ذلك فتكون قد أشعرت الطفل بالرفض والقسوة عليه - ويكون التعبير عن كل ذلك العدوانية، الخوف، والكذب وذلك للفت انتباه الكبار إليه - لتغيير المعاملة معه.
رابعاً: وإذا كان الطفل قد تعرض لموقف مخيف في وقت أو مرحلة سابقة من عمره فإنه يعمم الخوف من كل المواقف المتشابهة - وهنا يجب عليك أن تعرضه تدريجياً لتلك المواقف التي خاف منها من قبل، وتكون ملاصقاً له، ثم تتركه رويداً رويدا حتى يتأكد بنفسه أن لا شيء يخيف.
خامساً: إذا كانت الأم قد قامت بسرد حكايات مخيفة، وتحدثت أمام الطفل عن العفاريت - أو الجن -.. إلخ - من الأساطير التي تخلق الخوف في نفوس الأطفال - فهنا أقول: إنه يجب عليكم تصحيح هذه المفاهيم لديه، فقد كانت أم الطفل كلما أرادت أن ينام طفلها وهو في الثالثة من عمره فكانت تخيفه وتقول له: نم الآن قبل أن يأتي أبو رجل مسلوخة ويأكلك! فكان الطفل يمسك بشدة في رقبتها ويصرخ قائلاً: لا تتركيني يا أمي فتحتضنه وينام. وهو ما انعكس عليه في مراحله المستقبلية - وكان يتخيل صورة شيء "لأبو رجل مسلوخة" ويخشى البقاء في المنزل بمفرده رغم أنه يبلغ من العمر اثنى عشر عاماً.
فهكذا استطاع الطفل أن يستجيب انفعالياً ويتأثر بخبرته السيئة من خلال أساليب تنشئته الاجتماعية غير السويّة.
أما الكذب:-
فأسبابه عديدة، فقد يكذب نتيجة التفرقة في المعاملة بين من يصغره أو يكبره وهو هنا يقول لكم بطريق غير مباشر: إنه موجود، وهنا أقول: إنه نفس السبب والذي يؤدي للخوف وذكر في النقطة الثالثة عند الحديث عن الخوف.
-وكذلك المعاملة الوالدية أيضاً لا بد وأن تقسم بالقبول والحب وشعور الطفل بالأمن والأمان والاستقرار بمعنى: لو ارتكب خطأً فيجب على الوالدين أن يقوما بتعريف الطفل بهذا الخطأ مرة، مرتين وعدم تعريض الطفل للعقاب على الخطأ الصغير والكبير - وليس معنى ذلك ألا نعاقبه - فالعقاب مطلوب ولكن يراعى أن يعطى الطفل الفرصة لمعرفة الصواب - أما إذا أصر على الخطأ - فلا مانع من عقابه بحيث يتساوى العقاب مع ما ارتكبه من خطأ سبق وأن تم إيضاحه له - ويجب أن يكون العقاب عقب الخطأ مباشرة، من حيث الوقت ولا يجب تأجيله أسبوعاً أو شهراً ثم يعاقب.
-وكلما كان الأب متسامحاً في تنشئته للطفل كلما انعكس ذلك إيجابياً على نفسية الطفل، وأعني بالتسامح أي عدم التمسك الشديد بالتأديب أي لا تكن صلباً فتكسر ولا ليناً فتُعْصر فالتساهل الشديد الزائد يضر بنمو الطفل الانفعالي، ويجعله في حالة من "الاعتماد الطفلي".
فالقسوة في المعاملة وعدم التسامح من شأنهما أن يدفعا الطفل للكذب خشية العقاب من الوالدين.
وقد يقع بعض الآباء في خطأ فادح بطريق غير مباشر، فحينما يأتي أحد للسؤال عن الأب أو الأم فقد يدفع الأب الطفل ليقول له إنهما غير موجودين، وكذلك عندما يتصل أحد تليفونياً ويسأل عن الأب أو الأم - فيقول أحدهما لطفله: قل له: إن أبي أو أمي غير موجودين وفي ذهنهما أن هذا شيء بسيط - لكن على العكس تماماً فهما هنا قد قاما بتنشئة الطفل بطريقة خاصة، واكتسب الطفل الكذب، والمراوغة، من خلال والديه.
عزيزي الأب، أسأل الله سبحانه وتعالى أن نكون قد وضعنا نقاطاً على أحرف صامته لتستطيع أن تتبين السبب الحقيقي لمشكلة طفلك وتستطيع معالجتها، والله الموفق.