الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انقذوني من خالي
!
المجيب سليمان بن سعد الخضير
مشرف مناهج بوزارة التربية والتعليم.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ العلاقات العاطفية /الإعجاب والتعلق
التاريخ 03/04/1427هـ
السؤال
مشكلتي مع خالي، سأحكى لكم القصة من بدايتها:
أولا: خالي هذا هو أخ أمي من أبيها فقط، في البداية كنا نسمع عنه فقط، فنحن لم نذهب لزيارتهم منذ ولادتي، وهم لم يأتوا لزيارتنا، إلى أن جاء يوم، سمعت فيه الجميع يتحدثون، ويقولون:(سوف يأتي خالكم لزيارتكم) كان ذلك وأنا مازلت في الصف الثالث المتوسط، وكان خالي في الصف الثاني الثانوي، وعندما جاء لزيارتنا في المنزل كنت متخوفة من لقائه، لكن عندما نظرت إليه ارتاحت نفسي، وهدأ قلقي، وعندما جاء موعد رحيله عنا طلبت منه طلبًا، حيث قلت له: أريدك أن تصبح أخي الأكبر؛ لأنني ليس لدي إخوة من الذكور، فقال: حسنًا عزيزتي؟ لا أستطيع أن أشرح لك كيف كان شعوري في تلك اللحظة، كدت أطير من الفرح، لقد أصبح عندي أخ أكبر مني، وأحببت خالي على هذا الأساس، أحببته حبًا أخويًا، لكنه عندما زارنا في المرة الأخيرة تغيرت نظرته إلي، فلم يعد ينظر لي على أنني شقيقته أو ابنة أخته، بل أصبح يعاملني وكأنني خليلته، بل عشيقته! يطيل النظر إلي دائما، يقبلني كثيرا، يضمني إلى صدره كثيراً وبدون سبب، يقول لي: أنا لا أستطيع العيش بدونك، أصبحت أخاف منه كثيرًا، حتى إن أمي لاحظت الوضع ووبختني، فقلت لها أنا لا أعرف لماذا يتعامل معي هكذا. المهم بعد سفره أصبح يكلمني على جوالي يوميا، ويقول لي كلاما غريبا، لقد صار يرسل لي رسائل عشق لا تليق. فأرشدوني ماذا أفعل؟
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، وبعد:
الأخت السائلة الكريمة:
زادك الله حرصًا ونفع بك. قرأت مشكلتك، وفهمت ما جاء فيها، وتفهمت ما تعانينه من مشكلة متداخلة، ورثيتُ لحال الرجولة حين يتحول الحارس إلى لص.
الأصل أن تبدأ العلاقة بين المحارم في وقت مبكر، فيتعامل بعضهم مع بعض بمسؤولية وعلاقة رحم وغَيرةٍ، ولا تتطرق إليها خطرات الشهوة؛ لمنافاة ذلك للفطرة والجبلّة، وفي قصة الأخت السائلة اجتمع أمران أفسدا هذه الطبيعة:
1-
أن اللقاء بين القريبين تم على حين كبر من الطرفين، ولم ينمُ نموًّا طبيعيًا، فأصبح الشاب ينظر إليها كأنها أجنبية لا يستشعر الرحم بينهما.
2-
أن الخال وقعت عينه على الفتاة حين بدوّ أنوثتها، وهجوم طيش المراهقة عليه، التي يصاحبها شهوة أعنف ما تكون، وربما يكون الخال مرّ في فترة سابقة بسلوك منحرف زاد من فرص النظرة السيئة التي أصبح ينظر بها إلى السائلة.
لقد بدأت بذرة النظرة السيئة تنمو لديه في وقت مبكر، حين كانت هي تسقي (ببراءة) تلك النظرة المنحرفة، من خلال تواصلها معه، والرسائل التي تعبر فيها عن محبتها له، فيقرؤها بصورة مشوهة بسبب غشاء الهوى، ويتوهم علاقة غرامية بينهما، ثم كان اللقاء الذي حول الخيالات إلى حقيقة، وتحول النظر إليها من صورة في الذهن إلى واقع، فتوقع أنه سيجد الوهم الذي كان غارقًا فيه، وأنا أحيِّي في الفتاة ثباتها وعدم انجرارها مع مشاعرها الفطرية، عصمها الله من كل سوء.
تتلخص المشكلة فيما يلي:
الشاب خال يمكنه النظر للفتاة والخلوة بها.
على الشاب مؤشرات سلوك منحرف.
الفتاة تحبه (حبًا أخويًا) .
تريد الفتاة حلاً، وتشترط ألا يكون على حساب جرح كرامته!!
في المثل الصحي المشهور: "الوقاية خير من العلاج"، وفي القواعد الفقهية (الدفع أسهل من الرفع) ، وهو ما يتعين علينا فعله، على الأخت السائلة أن تتبع الخطوات الآتية:
1-
على الفتاة أن تقطع الاتصال به، مهما كانت وسيلة الاتصال، ومع ما في هذا القرار الصعب من مرارة على الفتاة؛ فلا بدّ أن تتحمله لصالحه ولصالحها، لأن انقطاعها عنه سيخفف من غلواء مشاعره تجاهها، ويعيده إلى جادة الصواب بإذن الله.
2-
تتجنب الفتاة الخلوة به إذا حضر لزيارتهم، ولو كانت لدقائق، ولْتحرص ألا يكون بينهما أية أحاديث (فضلاً عما هو أكثر من ذلك) إلا بحضرة آخرين راشدين.
3-
أن تبدو بحضرته أكثر استتارًا من المعتاد مع محارمها، فتختار من ملابسها القميص الذي تغطي أكمامه كامل ذراعيها، ولا يبقي إلا قدرًا يسيرًا جدًا من صدرها، وتضع فوق رأسها طرحة أو منديلاً لتخفي جاذبية شعرها، ولو لم يصل الأمر إلى حد التحجب؛ وكل ذلك يحمل رسالة هو يفهمها (دون أن تجرح كرامته)، كما قال الله تعالى:(ذلك أدنى أن يعرفن فلا يؤذين)، ومعنى الآية: ذلك أحرى أن تعرف النساء بعفتهن فلا يصل إلى أيٍّ منهن أذى. وفي ذلك منفعة أخرى وهي أن تسهم الفتاة مشكورة في قطع أسباب الفتنة التي تأججت في صدره.
4-
أن تتجنب الجلوس مقابلَ الخال (فضلاً عن جانبه) ، بل تختار الجلوس في الناحية التي يصعب عليه رؤيتها إلا بتكلف.
5-
أن ترسل له نسخة من كتاب (كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات للشيخ محمد الدويش، وهو موجود بكامله على الرابط
(كيف تواجه الشهوة، حديث إلى الشباب والفتيات)
؛ لتسهم في إعادته لجادة الصواب، ولكن دون أن تقدم رسالتها (أو أية رسالة أخرى) بعبارات المودة والحب الأخوي؛ فليس المقام مناسبًا للتصريح بهذه المشاعر، ولو كانت صادقة وبريئة، لأنه قد لا يفهمها على وجهها العفيف. ولتحتفظ دائمًا بنسخ من تلك الرسائل احتياطًا للمستقبل.
6-
إذا لم تُجدِ المحاولات السابقة، فلتطلع والدتها على ما يجري، ولتطلعها على رسالتها التي أرسلتها إليكِ، والرسالة التي تلقتها منكِ، ورسائل المناصحة التي بعثت بها مصحوبة بالتاريخ الفعلي، ثم لتصغِ إلى نصائح أمّها إذا كانت في اتجاه يحميها، وإلا فلتستنجد بوالدها، ولتطلعْه على ما أطلعتْ عليه والدتها.
وثمة خطوات أخرى أرجو ألا تكون بحاجة إليها، لكن على الفتاة أن تراعي نصائح من نوع آخر، وهي على النحو الآتي:
أ- أن تعمل على تقوية شخصيتها، وتدرب نفسها على ما يسمَّى سلوك (الرفض) فتعبر بشجاعة ووضوح عن موقفها الرافض لأي تصرفات مشينة أو محرمة أو تؤدي إلى محرم.
ب- أن تدرب نفسها كذلك على أن تكون هي أقوى من مشاعر الحب التي تكنُّها لخالها ما دام أن مشاعره هو لا تسير في الاتجاه الصحيح؛ ولتحاول أن تتناساها حتى يعود الخال إلى رشده، وإلا فإنه لا يستحق المحبة التي منحتها له.
جـ- أن تكون واعية بحقيقة المحبة التي تجدها تجاه خالها، فإن الإنسان قد يختلط عليه بعض المشاعر الوجدانية؛ لأسباب متعددة. فقد تكون مشاعر المحبة التي تجدها الفتاة خليطًا من مشاعر المحبة الفطرية، مع مشاعر الانجذاب لجنس الرجل، مع مشاعر البحث عن الصداقات الحميمة التي تنمو عادة في المرحلة المتوسطة والثانوية.
حمى الله الفتاة، ورزقها الثبات والعفة، وهدى خالها إلى جادة الصواب.
والحمد لله رب العالمين.