الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يتوب ثم يعود
المجيب د. عبد الله بركات
وكيل كلية الدعوة بجامعة الأزهر.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/عقبات في طريق الهداية
التاريخ 28/06/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
يا شيخ: لم أزن إلا مرة واحدة في حياتي، وبعد أن أنهيت وطري طردتها وبكيت، وتبت، وشربت مسكراً مرة واحدة، وجرعة واحدة، ولم يكن مسكراً يؤدي إلى السكر وإنما به قليل من الخمر -أكرمكم الله- وبعد الجرعة رميت الكأس ورجعت لبيتي، وتبت، ولم أر هذا المسكر مرة أخرى ولله الحمد-، ولم أبحث عنه ولا أريده، لكن يا شيخ ألاحظ أني أول يومين من التوبة أحس أني جاد وأواظب على الصلوات وقراءة القرآن، وبعدها أهمل، صحيح أني ولله الحمد- لا أفكر أن أعود إلى الكبائر لكن حماسي وندمي يقل، وأقسم لك بالله يا شيخ أني أحب الدين لكني يا شيخ أنا لست مواظباً على الصلوات، وبصراحة أدخن، وقد تركت التدخين وتبت منه أكثر من مائة مرة وأرجع، يا شيخ كل أموري النفسية تدهورت، والله يا شيخ أخاف أن ينطبق علي حديث الرسول صلى الله عليه وسلم:"إنه في آخر الزمان يصبح المرء مؤمناً ويمسى كافراً، إلى آخر الحديث"، وذلك لأني أتوب في الليل وأعزم أن أترك التدخين وأواظب على الصلوات، وأقرأ القرآن، وأعمل ما أستطيع من الصالحات، لكن يا شيخ لا يأتي الصباح إلا وأنا شخص آخر، أقوم بتأخير الصلاة باليوم واليومين، وبعض الأيام أدخن في نهار رمضان، وأقسم لك بالله -يا شيخ- أنني في كل ليلة أتوب وأعزم وفي الصباح تخور قواي ويتمكن مني الشيطان، في أحسن الحالات تدوم معي يومين أو أسبوع لكن إذا دامت كذلك فلا بد أن أجيب الطامة في اليوم الرابع، إما بإفطار يوم من رمضان إذا كانت التوبة في رمضان أو بترك صلوات يوم كامل، يا شيخ أنا الآن متزوج، والحمد لله عندي خير كثير، وصحة وشباب، وزوجة صالحة وغنية، وقبل زواجي كنت فقيراً، ووالله في بعض الأيام أفكر أن أدعو الله أن يأخذ نعمي هذه ويردني مثل أول؛ لأني لا أستحق، زوجتي دائماً أشرح لها وضعي، وهي حاولت مساعدتي، لكن تقول لست طفلاً، هل تريدني أن أضربك؟ مثلاً الصلاة، تقول لي قم صلِّ، لأني أصلي في البيت؛ لأن المسجد يبعد تقريباً عشرين دقيقه بالسيارة ذهاباً فقط، وإمام المسجد قال لي: لا تجب عليك الصلاة جماعة إلا الجمعة، أقول لها طيب بعد شوي، تذهب هي وتحضر الطعام أو تعمل بالبيت، وترجع تقول لي لماذا لم تصلِّ؟ أقول الآن، يعني يا شيخ عندي كسل فظيع مو فقط في أمور الدين وإنما حتى في أمور الدنيا، يا شيخ أنا لا أريد أن أطيل عليك، لكن لي سؤالين ما هي الطريقة التي تعينني على الثبات في طريق التوبة؟ وهل لو عدت يوم عن التوبة التي تبتها أستغفر وأكمل أم تجب علي توبة جديدة؟ السؤال الثاني: قبل زواجي كما ذكرت لك زنيت وتبت ولم أعد ولله الحمد، لكني لا أحس بتأنيب ضميري الآن على ما فعلت لأنه مضى عليه أكثر من خمس سنوات، مع العلم أن العودة له مرة أخرى كانت ميسرة لي لكن حفظ الله ثم كرهي لهذه إلى أن تزوجت، وما أجمل الحلال، ثالثاً: لي علاقات مع بنات بعضهن متزوجات عن طريق الإنترنت، لكنها عادية، فقط أرسل لهن رسائل إسلامية ونشرات، وهن كذلك، وتوجد بعض الفتيات المحجبات معي بالجامعة (بريطانيا) لكن العلاقة فقط السلام، وإذا أردنا خدمة تكلمن معي وأحياناً أقابلهن بالمسجد ويسلمن ويسألن عن حالي وعن الدراسة فقط، وكل يذهب في طريقه. فهل في هذا شيء؟ وجزاكم الله خيراً على ما تقدمون.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه ومن والاه.
وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته.
أولاً: اشكر ربك على ما وهبك من صدق اللهجة، وسلامة الفطرة، وقلق الإيمان ما جعلك نادمًا؛ غير راض عن نفسك ولا مستسلمًا للآفات التي تحاول أن تنهش دينك، فالإقرار بالذنب، والاعتراف بالمعصية، والتألم لذلك والشعور بالضيق من هذه الحال هو علامة خير ينبغي أن تنمى داخل النفس وتترجم إلى عزيمة ثم إلى عمل صالح. فبرغم الكبائر التي أوقعك الشيطان فيها والتي وردت في رسالتك إلا أنك تحاول أن تتلمس شعاع النور لتنعتق من هذه الظلمات؛ لكنك -يا أخي - بحاجة ماسة إلى العوامل المساعدة التي تعينك على صدق التوبة وتوهج الإيمان، وأولها: أن تتفق وزوجتك التي ذكرت أنها صالحة بأن عليكما واجبًا شرعيًا هو التعاون على البر والتقوى، والعمل الصالح، والإقبال على طاعة الله والنفور من معصيته -جل وعلا - ومعنى هذا أن تأخذك بالرغبة والرهبة حتى لا تُترك لنفسك الأمارة بالسوء، فهل لو أصابك داء - لا سمح الله - هل كانت ستهملك أو تتركك وشأنك؛ فكذلك أمراض القلوب واتباع الهوى هو طريق الهلاك فليكن لها معك دور أكثر إيجابية في إعانتك على نفسك، ولها بإذن الله أجر ومثوبة؛ فالدال على الخير كفاعله.
ثانيًا: خذ نفسك بالجد بأن تذهب للصلاة في المسجد ولو ثلاثة أوقات في اليوم على الأقل في الجماعة الأولى عازمًا بينك وبين نفسك ألا تفوتك مع الإمام تكبيرة الإحرام؛ فصلاة الجماعة في المسجد فيها دواء وشفاء لما تشكو منه إن شاء الله تعالى.
ثالثًا: عليك أن تتفق مع بعض إخوانك في الله من الرجال بأن يتفقد كل منكما حالة صاحبه؛ فيعينه إذا ذكر، ويذكره إذا نسي حتى لا تترك فرضًا واحدًا أبدًا، كما تتعاهدوا على التناصح والتواصي بترك التدخين إطلاقًًا، ومنه عدم شربه - أي كل منكم - في وجود صاحبه.
رابعًا: احرص على صيام بعض النوافل كصيام الاثنين والخميس، والثالث والرابع والخامس عشر من شهر عربي، واجعلها تقربًا إلى الله عز وجل وتنمية المراقبة لله الذي يعلم سرك وعلانيتك.
خامسًا: اقطع علاقتك بالنساء وإن كان من تناصح في الله بينكما فليكن بين زوجتك وبينهن
…
وأخيرًا: لا يتم ما نصحنا به إلا بمحاسبة للنفس وتذكر الموت والقبر والوقوف للسؤال بين يدي الحي القيوم، فقد تنام ولا تقوم والآجال بيد الله تعالى.. وكن على يقين أن الله غفار لمن تاب وآمن وعمل صالحًا ثم اهتدى.