الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انحراف أبنائي
المجيب د. محمد بن عبد الرحمن السعوي
عضو هيئة التدريس بجامعة القصيم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 27-6-1423
السؤال
لي عدد من الأبناء وقد حرصت على تربيتهم التربية الإسلامية وتحفيظهم القرآن إلا أنهم عندما كبروا وصاروا يتعلمون العادات السيئة من الأصدقاء والأقارب مثل سماع الأغاني وحلق اللحى والكذب ومشاهدة القنوات وكل هذا يحدث خارج المنزل وفي السر وقد أكتشفه أحياناً فأرجو توجيهي بطريقة ترد علي أبنائي إلى طريق الخير والهداية.
الجواب
الأخ الكريم
…
شكراً لثقتك واتصالك بنا في موقع "الإسلام اليوم"
أما قولي في استشارتك في أمر أبنائك فهو كما يلي:
أولا يجب أن تدرك أن الهداية من الله سبحانه وتعالى ومهما حرص الوالدان على التربية الصحيحة فليس بالضرورة أن يخرج الأبناء صالحين كما يتمنى كل والد ولعلك تعلم أن ابن النبي نوح عليه السلام كان من العاصين الكافرين وغرق مع الغارقين فهل نشك لحظة أن نوحاً عليه السلام لم يقم بواجب التربية الصالحة مع ابنه؟ أبداً ولكنها إرادة الله حيث قال: (إنك لا تهدي من أحببت ولكن الله يهدي من يشاء)
ثانياً: "وهذا مبني على ما سبق في النقطة الأولى وهو أنه يجب أن ندرك جميعاً أن وجود بعض التقصير والمآخذ لدى الأبناء مثل ارتكاب بعض الذنوب والآثام لا يعني بتاتاً انحرافهم الكلي وبعدهم التام عن الله، فإن كانوا محافظين على الفرائض مثل الصلاة ومبتعدين عن الجرائم العظام مثل السرقة والفواحش والعقوق وغيرها فإن الرجاء لهم كبير والأمل بهم واسع فلا تستعجل في الحكم عليهم بالفساد أو الانحراف أو اليأس من صلاحهم.
ثالثاً: قد يكون الأمر متأخراً في استعراض طريقة التربية التي سلكتها معهم أو لومك في المسلك الذي انتهجته في تربيتهم وفي تعاملك معهم ولكن الذي يرجح سبب تقصيرك هو انتهاج جميع أبنائك هذا المنهج الذي ذكرت وولوجهم هذا الطريق وسلوكهم هذا المسلك، فلو كان أحدهم أو اثنان منهم أو البعض منهم على الطريقة المذكورة والآخرون على أحسن حال لكان من الممكن أن نرجع الأسباب إلى أمور غير التربية كالصحبة أو المدرسة أو الجيرة أما أن يسلك جميع الأبناء هذا المسلك الذي لم يعجبك فإني لا أبرئ ساحتك البتة في الطريقة المستخدمة من قبلك في توجيههم.
رابعاً: حال أبنائك تشابه إلى حد كبير الكثير من الحالات التي ينشأ فيها الابن في بيت وعند والدين شديدين يحرمانه من الكثير مما يراه في الخارج وليس له من الحق في التصرف إلا الامتثال والطاعة لقلة الحيلة لديه ولصغر السن الذي هو فيه وإن كان في قرارة نفسه غير راضٍ عن الوضع الذي يعيشه من أسلوب الترهيب والأوامر الصارمة من قبل والديه التي يتلقاها صباح مساء.. وما يكاد يبلغ سن المراهقة والنشوة بالرجولة حتى يتمرد على تلك المراسيم السائدة في البيت ولا يجد مفراً من القيام بثورة عارمة على والديه وأهل بيته فلا يريد منهم المزيد من الأوامر ولا يريد هو المزيد من الامتثال والطاعة، بل على العكس فهو يريد ممارسة كل أمر كان ممنوعاً عنه في السابق وكان يراه عند أصدقائه وخلاّنه.
هذه القسوة وهذه الشدة من الوالدين وهذا الإلزام العجيب منهما والإصرار المتكرر على الأبناء في الامتثال ووجوب الطاعة ووجوب التدين والصلاة والالتزام بالطرق القاسية أو على الأقل المفتقدة للمرونة والليونة والتي تصور الصلاح أنه متأتي وحاصل مع الأمر والنهي، وينسى الوالدان أن الصلاح إنما هو قناعة وإيمان قلبي قبل أن يكون حسي أو ممارسة ظاهرية فقط.
الأبناء هنا أمام الوالدين صالحون وملتزمون ولكنهم في السر يرتكبون الأخطاء.. هذه الازدواجية ما كان لها أن توجد لو كان الوالدان لينين سهلين رفيقين بأبنائهم..
خامساً: على كل حال.. الشيء الجميل الذي يجب أن تدركه أيها الأخ العزيز أن البذرة الطيبة تبقى طيبة.. وما بذرته أنت من حرص كبير مع أبنائك في تحفيظهم القرآن وتربيتهم التربية الإسلامية لن يذهب سداءً، وستجد عودتهم إن عاجلا أو آجلاً بإذن الله إذ العادة وهو الحاصل مع عدد كبير من الأبناء الذين في مثل حالة أولادك هو عودتهم بعد أن يمارسوا ويملوا من الأمور التي كانوا يظنون بأنفسهم الحرمان منها..
ويبقى دورك هو الدعاء المستمر لهم بالهداية والصلاح.
سادساً: الأمر الأخير الذي يجب أن أذكرك بضرورة التركيز عليه وعدم إغفاله أو إهماله هو بقاء العلاقة مع أبنائك قوية فلا تجعل هذه الممارسات التي يرتكبونها سببا في مخاصمة مستمرة معهم أو نكدٍ دائم بينك وبينهم
…
أنت مهما كنت فلم تعد سيطرتك عليهم قائمة كما كانت في السابق ولذلك فإن الأمر الحسن والجيد في حقك هو بقاء شعرة معاوية قائمة بينك وبينهم
…
عاملهم كالأخوة أو كالأصدقاء فإن لك دور الإرشاد والتنبيه والتخوّل بالنصيحة بين الفينة والأخرى وليس أكثر من ذلك. تقبلهم كما هم وما هم عليه من السلوكيات ولا تفترض أنهم صحابة أو يجب أن يكونوا كذلك نعم هي أمنية ولكن متى كانت كل الأماني متحققة؟؟
صدقني يا عزيزي انك بالملاطفة والممازحة والمصادقة معهم سوف ترى تغيراً كبيراً ونتيجة مثمرة بإذن الله.
وفقك الله وأصلح ولدك.