الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وصمتُ اليهود بالإرهاب، فهل أنا مخطئ
؟!
المجيب سامي بن عبد العزيز الماجد
عضو هيئة التدريس بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات دعوية وإيمانية/مفاهيم دعوية خاطئة
التاريخ 1/2/1425هـ
السؤال
السلام عليكم.
ألقيت كلمة عن اليهود في مدرستي، فوصفتُهم فيها بأنهم إرهابيون وسيئون، بعد ذلك خسرت الكثير من الأصدقاء لأنهم اتهموني بأني عنصري، وبأن عند المسلمين وقاحة في حق الآخرين، أريد أن أعرف هل ما قلته صواباً أم لا؟ وإذا كان الجواب بأنني مخطئ فكيف أصحح ما فعلت؟.
الجواب
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله، أما بعد:
فليس كافياً أن تعرف: هل هذا الكلام الذي قلته في كلمتك أمام الطلاب صواب أم لا؟ حتى يسوغ لك الصدع به؛ بل لا يسعك أن تقول أي قول مهما كان صائباً حتى تتحقق من أن المصلحة تقتضي فعلاً أن تقول بذلك القول؛ إذ مجرد كون الكلام حقاً ليس كافياً لتسويغ الصدع به، فما كل حق يقال، بل قد تقتضي المصلحة والحكمة أحياناً كثيرة ألا يقال الحق حين تكون مفسدة الصدع به أعظم من مصلحته.
وقد فقهنا هذا المنهج من القرآن الكريم، فأنت تعلم أن سبَّ آلهة المشركين عمل مشروع، وهو حقٌّ بلا شك، ومع ذلك نهى الشرع عنه إذا ترتبت عليه مفسدة أعظم من مصلحته المرجوّة، "ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدواً بغير علم.." [الأنعام:] .
أخي الفاضل: زادك الله حرصاً ولا تعد؛ فكلامك عن اليهود هو حق بلا شك، وما قلت إلا صدقاً، لكنك اجتهدت فأخطأت الزمان والمكان؛ فمثل هذا الكلام لا يناسب أن يقال في مدرسة يدرس فيها طوائف شتى، وفي بلد غربي أنت فيه غريب ضعيف.
وماذا ترجو من طلاب صغار لا يملكون حولاً ولا قوة- ولو اقتنعوا فعلاً بما تقول-؟ وهو بلا شك حق له شواهده المقنعة، لكن مثلهم لا يخاطب بمثله.
إن كشف جرائم اليهود في فلسطين وإرهابهم وظلمهم واجب على المسلمين بلا شك، ولكنه وظيفة أهل الرأي والسياسة والفكر والمتصلين بالإعلام والقائمين عليه، الذين يستطيعون- من خلال وسائل الإعلام - أن يسمعوا العالم وينقلوا لهم جرائم اليهود وإرهابهم، وأن يؤثروا على الناس بالصورة الصادقة والكلام الموثق بالشواهد.
ويعلم الله أني قد أكبرت فيك - وأنت في زهرة الشباب لم تجاوز سبعة عشر ربيعاً- هذه الغيرة على إخوانك المسلمين في فلسطين، وهذا الكره الصادق لليهود ومعاداتك لهم في الله، واعلم أنك مأجور - إن شاء الله- على هذا الشعور الإيماني، فأوثق عرى الإيمان، الحب في الله والبغض في الله.
ولكن كم يحزنني أن تبدد هذه الطاقة وهذا الشعور الصادق في أعمال تفسد أكثر مما تصلح.
ونصيحتي إليك: أن تعتني كثيراً بما يقوي إيمانك، ويعزز صبرك وثباتك على دين الله، ويهذب أخلاقك، وأن تبذل غاية وسعك في دعوة الناس إلى دين الله الحق بالكلمة الصادقة والموعظة الحسنة، وابدأ بأهلك ومعارفك، وكن آمراً بالمعروف ناهياً عن المنكر باللين والرفق، ولتجعل ابتسامتك وبشاشتك في وجوه إخوانك المسلمين سابقة لموعظتك إياهم ونصحك لهم، ولا تيأس من هداية الناس، ولا تأس على من نفر منهم تولى وأعرض عن نصحك.
واحرص على طلب العلم، فإن الدعوة إلى الله من شروطها البصيرة فيما يدعو إليه الإنسان، كما قال - سبحانه -:"قل هذه سبيلي أدعو إلى الله على بصيرة أنا ومن اتبعني"[يوسف:108] ، فالعلم قبل الدعوة والعمل، كما أن العلم بلا عمل ولا دعوة وبال على صاحبه، وحجة عليه.
وأرى ما دمت تدرس مع أولاد النصارى واليهود أن تحببهم إلى الإسلام بأخلاقك معهم، وإحسانك إليهم، وإعانتك لهم في غير المعصية، وإهدائهم بنية دعوتهم إلى الإسلام، وأن تجعل من كلماتك التي تلقيها عليهم بياناً لحقيقة الإسلام، وإظهاراً لسماحته وعدله، وأنه راحة وطمأنينة للروح، وسلام للعالم، وهداية للبشر جميعاً.
ويسرني أن تكون متواصلاً مع موقع (الإسلام اليوم) ؛ لتنهل مما ينشر فيه من علم العلماء واستشارات الدعاة، وأرجو أن تكون متواصلاً مع الموقع ولا تتردد أن تستشير وتسأل، فما قام الموقع إلا لخدمة المسلمين وتبصيرهم وتعليمهم.
وفقك الله لكل خير، وأعانك وسددك، وجعلك مباركاً أينما كنت، ولا تنسانا من صالح دعائك، وصلى الله على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.