الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابني والدراسة متنافران
..!!
المجيب أحمد بن علي المقبل
مرشد طلابي بوزارة التربية والتعليم
التصنيف الفهرسة/ الاستشارات/ استشارات تربوية وتعليمية/ تربية الأولاد/التعامل مع مشكلات الأولاد
التاريخ 29/10/1422
السؤال
سؤالي حول ابني المراهق. الذي يبلغ من العمر ست عشرة سنة، فهو ميت القلب أي لا يبالي بمستقبله. لا يذاكر دروسه ولا يحل واجباته، ولا يحفظ شيئاً من المواد التي تحتاج إلى حفظ، وكثير الكذب.
في ليلة الاختبارات ينام قرير العين بدون أن يفكر في فتح كتاب أو مذاكرة درس. حاولت كثيراً معرفة السبب ولم استطع تعاونت مع المشرف الاجتماعي بالمدرسة وبعض المدرسين ولم تخرج بنتيجة، أخذته لطبيب نفسي، ولم أحصل على نتيجة مرضية..ما زال غير مكترث بالحياة العلمية لا يشعر بالخوف من المستقبل ولا يهتم بدراسته.. كلمته على انفراد عدة مرات، وحاولت إقناعه بأهمية الدراسة وأنها هي الأمان للمستقبل، وللحصول على عمل أفضل ومنصب أفضل ولم أجد أي استجابة. علماً أنه لا يعاني من نقص بالذكاء ولا الحافظة. ولا أعتقد أنه يواجه مشاكل مع زملائه بالمدرسة، إذ تم متابعته بشكل مكثف من قبل مدير ومشرف المدرسة للقضاء على مشاكله مع زملائه.
آسف للإطالة.. أخيراً هذه السلوكيات مصاحبة له منذ بداية دراسته بالابتدائية وهو الآن في المرحلة الثانوية. ولا تقولوا كيف وصلها؛ فقد أراني وأرى والدته نجوم الليل في عز النهار حتى تمكنا من اجتيازه للامتحانات بدرجات مقبول وجيد فقط.. فهل من طريقة لحل هذه المشكلة؟؟!!
الجواب
أخي الكريم، أشكر لك ثقتك وأسأل الله تعالى لنا ولك التوفيق والسداد والرشاد، أما استشارتك فتعليقي عليها ما يلي:
أولاً - لتعلم -يا عزيزي- إن مرحلة المراهقة -إجمالاً- مرحلة "مزعجة " للمراهق وللمحيطين به
…
فهي بالنسبة للمراهق مرحلة انعدام وزن وبحث عن هوية.. أي أن المراهق لم يستقر بعد على الشخصية التي يريدها لنفسه ويرضى بها.. فهو متذبذب بين نظرته لنفسه ونظرة المحيطين به!! يرى نفسه كبيراً لا يحتاج إلى التوجيه، وقد فهم الحياة وأدرك أسرارها.. ويرونه صغيراً.. يحتاج إلى التوجيه في كل صغيرة وكبيرة..!! هو يبحث عن ذاته.. فيراها أحياناً في اكثر من شخصية فيتقلب بينها ويقلدها إن بطريقة الحديث.. أو اللباس أو التعامل
…
!! الخ وقد تصل هذه الشخصيات إلى حد التناقض في صفاتها وأمزجتها ويصل تقليد المراهق لها إلى حد الاستفزاز لمن حوله لسرعة تقلبه وتأثره..!!! إضافة إلى ما يعتلج في نفس المراهق وأعماقه من تيارات وعواصف رهيبة وأسئلة كثيرة عن ذاته ومجتمعه وأسرته.. وأهوائه ورغباته.. والمرغوب والممنوع والإقدام والإحجام.. وما إلى ذلك من أمور قد تصرفه عما يريده الوالد له ولو بشكل جزئي!!
ثانياً- فهمنا لواقع المراهق يجعلنا نتعامل معه بواقعية وهدوء بعيداً عن الفعل ورد الفعل.. مع التغاضي عن بعض الهفوات، وتجاهلها، ومحاولة الاقتراب منه، وتحميله بعض المسؤولية في شؤون المنزل واستشارته في بعض الأمور، والأخذ برأيه أحياناً، ومحاولة النظر للأمور من زاويته كمراهق!!
ثالثاً- ما يتعلق بالدراسة: كثيرون هم أولئك الذين يعانون مما تعاني - صدقني- والأسباب كثيرة جداً لا تتحمل الأسرة أو الطالب إلا جزءاً منها.. وما دمت قد بذلت الأسباب فاستمر في بذلها "بهدوء"، واترك الأمر لمسبب الأسباب ورب الأرباب فهو الهادي والمعين. ثم هناك أمر آخر وهو أن فشل الإنسان في دراسته لا يعني فشله في حياته.. بل ربما تفوق الإنسان في مجال آخر وأبدع فيه رغم فشله في دراسته وما أعنيه هنا هو ألا يكون تقييمنا لهذا الإنسان أو ذاك نجاحه أو فشله في دراسته المنهجية؛ فالحياة مدرسة كبيرة والأسرة مدرسة أخرى وأصدقاؤه مدرسة ثالثة.. وهكذا.. فمقاييس النجاح والفشل تتعدد.
رابعاً- في هذا الزمن أصبحت المغريات كثيرة جداً وعوامل اللهو تتغلب على عوامل الجد.. وأنت في سؤالك لم تذكر لي شيئاً عن الظروف والتفاصيل الأسرية.. مثل عدد أخوته وترتيبه بينهم ووسائل الترفيه المتاحة له داخل المنزل.. وغير ذلك، لأن الخلل قد يكون فيها..!! وعلى أي حال هب أن هذا الابن تفوق في دراسته حد الامتياز.. واخفق في تربيته أو تعامله أو أخلاقه حد الفجيعة - لا قدر الله - فأيهما تريد..؟! وأيهما يسرك كثيرا..؟!
خامساً- لذلك كله فإنني أقول: ليكن همك الأول أخلاقه وتربيته وحسن تعامله.. ونوعية أصدقائه؛ فهي الاستثمار الأساس، وأما دراسته فيمكنك تجربة ما يسمى بـ" التعاقد الشرطي" معه أي أنه إن جد في دراسته واجتهد فستحقق له بعضاً من مطالبه، مع حثه كما أسلفت وتشجيعه، ومساعدته في تنظيم وقته ومشاركته في همومه وآلامه وآماله قدر المستطاع.
سادساً - وقبل هذا وبعده.. الدعاء. الدعاء.. وصدق الالتجاء إلى الله بأن يوفقه ويهديه ويحفظه من كل سوء.. وأن يقر عيونكما بصلاحه وبره وتوفيقه.. وتكرار الدعاء وتحري مواطن الإجابة فالله تعالى قريب مجيب.
وفقك الله وهداك وهدى ابنك وأصلح لك ذريتك إنه ولي ذلك والقادر عليه.