الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
طاعة من هو تراب على طاعة رب الأرباب؟ أم كيف يرضى التراب بسخط الملك الوهاب؟ إن هذا لشيء عجاب.
وفي الحديث: عقوبة من خاف الناس وآثر رضاهم على الله، وأن العقوبة قد تكون في الدين، عياذا بالله من ذلك. كما قال تعالى:{فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكَذِبُونَ} 1.
الخامسة: علامة ضعفه. ومن ذلك هذه الثلاث.
السادسة: أن إخلاص الخوف لله من الفرائض.
السابعة: ذكر ثواب من فعله.
الثامنة: ذكر عقاب من تركه.
1 سورة التوبة آية: 77.
قوله: "باب قول الله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} ". قال أبو السعادات: " يقال: توكل بالأمر. إذا ضمن القيام به; ووكلت أمري إلى فلان. إذا اعتمدت عليه; ووكل فلان فلانا إذا استكفاه أمره ثقة بكفايته; أو عجزا عن القيام بأمر نفسه". اهـ.
وأراد المصنف رحمه الله بهذه الترجمة بالآية بيان أن التوكل فريضة يجب إخلاصه لله تعالى; فإن تقديم المعمول يفيد الحصر. أي وعلى الله فتوكلوا لا على غيره، فهو من أجمع أنواع العبادة وأعظمها، لما ينشأ عنه من الأعمال الصالحة، فإنه إذا اعتمد على الله في جميع أموره الدينية والدنيوية، دون كل من سواه صح إخلاصه ومعاملته مع الله تعالى، فهو من أعظم منازل {إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ} 2. فلا يحصل كمال التوحيد بأنواعه الثلاثة إلا بكمال التوكل على الله; كما في هذه الآية، وكما قال تعالى: {إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} 3. وقوله: {رَبُّ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَاتَّخِذْهُ وَكِيلاً} 4. والآيات في الأمر به كثيرة جدا. قال الإمام أحمد رحمه الله: "التوكل عمل القلب".
وقال ابن القيم في معنى الآية المترجم بها: فجعل التوكل على الله شرطا في الإيمان فدل على
_________
1 سورة المائدة آية: 23.
2 سورة الفاتحة آية: 5.
3 سورة يونس آية: 84.
4 سورة المزمل آية: 9.
انتفاء الإيمان عند انتفائه; وفي الآية الأخرى: {وَقَالَ مُوسَى يَا قَوْمِ إِنْ كُنْتُمْ آمَنْتُمْ بِاللَّهِ فَعَلَيْهِ تَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُسْلِمِينَ} 1. فجعل دليل صحة الإسلام التوكل، وكلما قوي إيمان العبد كان توكله أقوى، وإذا ضعف الإيمان ضعف التوكل، وإذا كان التوكل ضعيفا كان دليلا على ضعف الإيمان ولا بد. والله تعالى يجمع بين التوكل والعبادة، وبين التوكل والإيمان وبين التوكل والتقوى، وبين التوكل والإسلام، وبين التوكل والهداية.
فظهر أن التوكل أصل لجميع مقامات الإيمان والإحسان، ولجميع أعمال الإسلام، وأن منزلته منها كمنزلة الجسد من الرأس، فكما لا يقوم الرأس إلا على البدن فكذلك لا يقوم الإيمان ومقاماته وأعماله إلا على ساق التوكل.
قال شيخ الإسلام -رحمه الله تعالى-: وما رجا أحد مخلوقا ولا توكل عليه إلا خاب ظنه فيه؛ فإنه مشرك {وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَكَأَنَّمَا خَرَّ مِنَ السَّمَاءِ فَتَخْطَفُهُ الطَّيْرُ أَوْ تَهْوِي بِهِ الرِّيحُ فِي مَكَانٍ سَحِيقٍ} 3.
قال الشارح -رحمه الله تعالى-: قلت: لكن التوكل على الله قسمان: أحدهما: التوكل في الأمور التي لا يقدر عليها إلاّ الله، كالذين يتوكلون على الأموات والطواغيت في رجاء مطالبهم من نصر، أو حفظ أو رزق أو شفاعة. فهذا شرك أكبر.
الثاني: التوكل في الأسباب الظاهرة، كمن يتوكل على أمير أو سلطان فيما أقدره الله تعالى عليه من رزق، أو دفع أذى ونحو ذلك، فهو نوع شرك أصغر. والوكالة الجائزة هي توكيل الإنسان الإنسان في فعل ما يقدر عليه نيابة عنه، لكن ليس له أن يعتمد عليه في حصول ما وُكل فيه، بل يتوكل على الله في تيسير أمره الذي يطلبه بنفسه أو نائبه، وذلك من جملة الأسباب التي يجوز فعلها، ولا يعتمد عليها بل يعتمد على المسبب الذي أوجد السبب والمسبب.
قال: "وقول الله تعالى: {إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} الآيات".
قال ابن عباس في الآية: "المنافقون لا يدخل في قلوبهم شيء من ذكر الله عند أداء فرائضه، ولا يؤمنون بشيء من آيات الله، ولا يتوكلون على الله، ولا يصلون إذا غابوا،
1 سورة يونس آية: 84.
2 سورة الأنفال آية: 2.
3 سورة الحج آية: 31.
ولا يؤدون زكاة أموالهم، فأخبر الله أنهم ليسوا بمؤمنين، ثم وصف المؤمنين فقال:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} ، فأدوا فرائضه" 1. رواه ابن جرير وابن أبي حاتم. ووجل القلب من الله يستلزم القيام بفعل ما أمر به وترك ما نهى
وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} 2.
عنه. قال السدي: {الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ} 3 هو الرجل يريد أن يظلم، أو قال: يهم بمعصية، فيقال له: اتق الله، اتّق الله، فيجل قلبه4. رواه ابن أبي شيبة وابن جرير.
قوله: {وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَاناً} 5. استدل الصحابة رضي الله عنهم والتابعون، ومن تبعهم من أهل السنة بهذه الآية ونظائرها على زيادة الإيمان ونقصانه.
قال عمير بن حبيب الصحابي: " إن الإيمان يزيد وينقص، فقيل له: وما زيادته ونقصانه؟ قال: إذا ذكرنا الله وخشيناه فذلك زيادته، وإذا غفلنا ونسينا وضيعنا فذلك نقصانه ". رواه ابن سعد.
وقال مجاهد: "الإيمان يزيد وينقص وهو قول وعمل". رواه ابن أبي حاتم. وحكى الإجماع على ذلك الشافعي وأحمد وأبو عبيد وغيرهم رحمهم الله تعالى.
قوله: {وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} أي يعتمدون عليه بقلوبهم مفوضين إليه أمورهم، فلا يرجون سواه ولا يقصدون إلا إياه، ولا يرغبون إلا إليه، يعلمون أن ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن، وأنه المتصرف في الملك وحده، والمعبود وحده لا شريك له. وفي الآية وصف المؤمنين حقا بثلاث مقامات من مقامات الإحسان، وهي: الخوف، وزيادة الإيمان، والتوكل على الله وحده. وهذه المقامات تقتضي كمال الإيمان وحصول أعماله الباطنة والظاهرة. مثال ذلك الصلاة، فمن أقام الصلاة وحافظ عليها وأدى الزكاة كما أمره الله استلزم ذلك العمل بما يقدر عليه من الواجبات وترك جميع المحرمات، كما قال تعالى:{إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ} 6.
قال: وقوله: {يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَمَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ} . قال ابن القيم "-
1 تمامه عند ابن جرير: "وإذا تليت عليهم آياته زادتهم إيمانا. يقول: تصديقا. وعلى ربهم يتوكلون. يقول: لا يرجون غيره".
2 سورة الأنفال آية: 64.
3 سورة الأنفال آية: 2.
4 عند ابن جرير: هو الرجل يريد أن يظلم أو يهم بمعصية، أحسبه قال: فينزع عنه.
5 سورة الأنفال آية: 2.
6 سورة العنكبوت آية: 45.
رحمه الله-: " أي الله وحده كافيك وكافي أتباعك، فلا تحتاجون معه إلى أحد". وهذا اختيار شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله.
وقوله: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} 1.
وقيل: المعنى حسبك الله وحسبك المؤمنون.
قال ابن القيم رحمه الله: " وهذا خطأ محض لا يجوز حمل الآية عليه; فإن الحسب والكفاية لله وحده كالتوكل والتقوى والعبادة. قال الله تعالى: {وَإِنْ يُرِيدُوا أَنْ يَخْدَعُوكَ فَإِنَّ حَسْبَكَ اللَّهُ هُوَ الَّذِي أَيَّدَكَ بِنَصْرِهِ وَبِالْمُؤْمِنِينَ} 2. ففرق بين الحسب والتأييد، فجعل الحسب له وحده، وجعل التأييد له بنصره وبعباده، وأثنى على أهل التوحيد من عباده حيث أفردوه بالحسب، فقال تعالى: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 3. ولم يقولوا: حسبنا الله ورسوله. ونظير هذا قوله سبحانه: {وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ سَيُؤْتِينَا اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} 4. فتأمل كيف جعل الإيتاء لله والرسول، وجعل الحسب له وحده، فلم يقل: وقالوا: حسبنا الله ورسوله، بل جعله خالص حقه، كما قال: {إِنَّا إِلَى اللَّهِ رَاغِبُونَ} . فجعل الرغبة إليه وحده، كما قال تعالى: {إِلَى رَبِّكَ فَارْغَبْ} 5. فالرغبة والتوكل والإنابة والحسب لله وحده، كما أن العبادة والتقوى والسجود والنذر والحلف لا يكون إلا له سبحانه وتعالى". انتهى.
وبهذا يتبين مطابقة الآية للترجمة. فإذا كان هو الكافي لعبده وجب ألا يتوكل إلا عليه، ومتى التفت بقلبه إلى سواه وكله الله إلى من التفت إليه، كما في الحديث:" من تعلق شيئا وكل إليه "6.
قال: "وقول الله تعالى: {وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} ".
قال ابن القيم رحمه الله وغيره: أي كافيه. ومن كان الله كافيه وواقيه فلا مطمع فيه لعدوه، ولا يضره إلا أذى لا بد منه، كالحر والبرد والجوع والعطش. وأما أن يضره بما يبلغ به مراده منه فلا يكون أبدا، وفرق بين الأذى الذي هو في الظاهر إيذاء وفي الحقيقة إحسان وإضرار بنفسه; وبين الضرر الذي يتشفى به منه. قال بعض السلف: " جعل الله
1 سورة الطلاق آية: 3.
2 سورة الأنفال آية: 62.
3 سورة آل عمران آية: 173.
4 سورة التوبة آية: 59.
5 سورة الشرح آية: 8.
6 304- تقدم تخريجه برقم (98) .
لكل عمل جزاء من نفسه، وجعل جزاء التوكل عليه نفس كفايته، فقال:{وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ} فلم يقل: فله كذا وكذا من الأجر كما قال في
وعن ابن عباس قال: " حسبنا الله ونعم الوكيل، قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 1 " رواه البخاري والنسائي2.
الأعمال، بل جعل نفسه سبحانه كافي عبده المتوكل عليه وحسبه وواقيه. فلو توكل العبد على الله حق توكله، وكادته السموات والأرض ومن فيهن، لجعل الله له مخرجا، وكفاه رزقه ونصره". انتهى.
وفي أثر رواه أحمد في الزهد عن وهب بن منبه قال: "قال الله عز وجل في بعض كتبه: بعزتي إنه من اعتصم بي فكادته السماوات بمن فيهن والأرضون بمن فيهن، فإني أجعل له من ذلك مخرجا، ومن لم يعتصم بي فإني أقطع يديه من أسباب السماء، وأخسف من تحت قدميه الأرض، فأجعله في الهواء ثم أكله إلى نفسه، كفى بي لعبدي مآلا. إذا كان عبدي في طاعتي أعطيه قبل أن يسألني، وأستجيب له قبل أن يدعوني، فأنا أعلم بحاجته التي نرفق به منه".
وفي الآية دليل على فضل التوكل، وأنه أعظم الأسباب في جلب المنافع ودفع المضار؛ لأن الله تعالى علق الجملة الأخيرة على الأولى تعليق الجزاء على الشرط، فيمتنع أن يكون وجود الشرط كعدمه؛ لأن الله تعالى رتب الحكم على الوصف المناسب له، فعلم أن توكله هو سبب كون الله حسبا له.
وفيها: تنبيه على القيام بالأسباب مع التوكل؛ لأنه تعالى ذكر التقوى ثم ذكر التوكل; كما قال تعالى: {وَاتَّقُوا اللَّهَ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ} 3. فجعل التوكل مع التقوى الذي هو قيام الأسباب المأمور بها. فالتوكل بدون القيام بالأسباب المأمور بها عجز محض، وإن كان مشوبا بنوع من التوكل، فلا ينبغي للعبد أن يجعل توكله عجزا ولا عجزه توكلا، بل يجعل توكله من جملة الأسباب التي لا يتم المقصود إلا بها كلها. ذكره ابن القيم بمعناه.
قال: "وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: " حسبنا الله ونعم الوكيل ". قالها
إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار، وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ
1 سورة آل عمران آية: 173.
2 البخاري: كتاب التفسير (4563) : باب الذين قال لهم الناس إن الناس قد جمعوا لكم، والنسائي في التفسير من الكبرى (كما في تحفة الأشراف (5/ 238) .
3 سورة المائدة آية: 11.
جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} 1 رواه البخاري.
قوله "حسبنا الله" أي كافينا، فلا نتوكل إلا عليه. قال تعالى:{أَلَيْسَ اللَّهُ بِكَافٍ عَبْدَهُ} 2.
قوله: {وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} أي نعم الموكول إليه، كما قال تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِاللَّهِ هُوَ مَوْلاكُمْ فَنِعْمَ الْمَوْلَى وَنِعْمَ النَّصِيرُ} 3 ومخصوص "نعم" محذوف تقديره "هو".
قال ابن القيم رحمه الله: " هو حسب من توكل عليه وكافي من لجأ إليه، وهو الذي يؤمن خوف الخائف، ويجير المستجير، فمن تولاه واستنصر به وتوكل عليه; وانقطع بكليته إليه تولاه وحفظه وحرسه وصانه. ومن خافه واتقاه، أمنه مما يخاف ويحذر، ويجلب إليه ما يحتاج إليه من المنافع".
قوله: "قالها إبراهيم صلى الله عليه وسلم حين ألقي في النار". قال تعالى: {قَالُوا حَرِّقُوهُ وَانْصُرُوا آلِهَتَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ فَاعِلِينَ قُلْنَا يَا نَارُ كُونِي بَرْدًا وَسَلَامًا عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَأَرَادُوا بِهِ كَيْدًا فَجَعَلْنَاهُمُ الأَخْسَرِينَ} 4.
قوله: "وقالها محمد صلى الله عليه وسلم حين قالوا له: {إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ فَاخْشَوْهُمْ فَزَادَهُمْ إِيمَاناً وَقَالُوا حَسْبُنَا اللَّهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ} ". وذلك بعد منصرف قريش والأحزاب من أُحد "بلغه أن أبا سفيان ومن معه قد أجمعوا الكرة عليهم، فخرج النبي صلى الله عليه وسلم في سبعين راكبا حتى انتهى إلى حمراء الأسد، فألقى الله الرعب في قلب أبي سفيان، فرجع إلى مكة بمن معه، ومر به ركب من عبد القيس فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد المدينة. قال: فهل أنتم مبلغون محمدا عني رسالة؟ قالوا: نعم. قال: فإذا وافيتموه فأخبروه أنا قد أجمعنا السير إليه وإلى أصحابه لنستأصل بقيتهم. فمر الركب برسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بحمراء الأسد، فأخبروه بالذي قال أبو سفيان. فقال: حسبنا والله ونعم الوكيل ". ففي هاتين القصتين فضل هذه الكلمة العظيمة، وأنها قول الخليلين -عليهما الصلاة والسلام- في الشدائد. وجاء في الحديث:
فيه مسائل:
الأولى: أن التوكل من الفرائض.
الثانية: أنه من شروط الإيمان.
الثالثة: تفسير آية الأنفال.
الرابعة: تفسير الآية في آخرها.
الخامسة: تفسير آية الطلاق.
السادسة: عظم شأن هذه الكلمة: أنها قول إبراهيم ومحمد صلى الله عليه وسلم في الشدائد.
" إذا وقعتم في الأمر العظيم فقولوا: حسبنا الله ونعم الوكيل "5.
1 سورة آل عمران آية: 173.
2 سورة الزمر آية: 36.
3 سورة الحج آية: 78.
4 سورة الأنبياء آية: 86-87-88.
5ضعيف. رواه أحمد (1/326) ، وابن مردويه عن أبي هريرة مرفوعا كما في الجامع الصغير، وضعفه المناوي في فيض القدير (1/ 455) ، وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (829) .