الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكان على رضي الله عنه يرجح خبر أبي بكر رضي الله عنه ولا يحلفه ويحلف غيره وأبو بكر رضي الله عنه رجح خبر المغيرة في ميراث الجدة لموافقته محمَّد بن سلمة رضي الله عنه وقوى عمر رضي الله عنه خبر أبي موسى رضي الله عنه في الاستيذان لموافقة أبي سعيد الخدرى.
وثانيًا: ترجيح الراجح متعين عرفًا فكذا شرعًا للحديث.
وثالثًا: ترك العمل بالراجح يجوز العمل بالمرجوح وأنه ممتنع عقلا.
لهم تساوي الظاهر مع الأظهر والقياس على البينات وإن قوله فاعتبروا ونحن نحكم بالظاهر يلغي زيادة الظن.
قلنا هذه ظنية لا تعارض القطعيات.
الفصل الثالث في تقسيمه
إما صحيح أو فاسد بحسب قبول ما يقع به وعدمه وأيا كان في بين منقولين كنصين أو إجماعين ظنيين كالسكوتى والمنقول آحادًا أو بين معقولين أصناف أربعة بحسب السند أي الإخبار عن طريق المتن وبحسب المتن أي ما تضمنه النص من عام أو خاص وغيرهما من الأقسام العشرين وبحسب الحكم المدلول كالخطر والإباحة وبحسب الخارج من الثلاثة كالتعرض لعلة الحكم وما بين المعقولين أربعة أصناف بحسب أصله وعلته وحكمه والخارج عنها وما بين المنقول والمعقول صورة يجوز فيها العمل بالقياس في مقابلة النص الظني الثبوت أو الدلالة أو كليهما بحسب ما يقع للناظر من قوة الظن.
تمهيد: جرت عادة أصحابنا أن لا يذكروا هنا من وجوهه إلا ما للقياس ولا مطلقًا بل ما بحسب العلة ولا جميعه بل ما باعتبار التأثير واكتفوا في غيره على فهم من يستحق الخطاب من المباحث السالفة في كل باب فلا علينا أن تقدم ذلك على نوع ذكروه ثم نستوفى ما بسطه الشافعية من الوجوه.
الفصل الرابع: في وجوه ترجيح القياس بحسب التأثير
وهي أربعة:
الأول بقوة الأثر الذي هو معنى الحجة كما مر في الاستحسان مع القياس ويشبه ترجيح الحديث المشهور بقوة الاتصال على الغريب أعني ما لم يبلغ حد الشهرة وإن كثر رواته لأن حجية القياس بالتأثير فيتفاوت حسب تفاوته لا الشاهد بقوة العدالة لأنها لا تختلف بالشدة والضعف فإن التقوى عن ارتكاب ما يعتقد حرمته ليس لها حدود يظهر لبعضها قوة.
فروع:
1 -
قولنا طول الحرة أي القدرة على زوجها لا يمنع الحر عن نكاح الأمة لأن العبد إذا أذن له مولاه مطلقًا قائلا تزوج من شئت دافعًا مهرًا صالحًا للحره بملكه فكذا الحر كسائر الأنكحة أقوى تأثيرًا من قولهم أنه إرقاق مائة ابتداء من غنيته عنه وهو حرام على كل حر كالذي تحته حرة لأنه إهلاك معنى على ما عرف واستذلال للجزء لا لضرورة خوف الوقوع في الزنا المذكور في قوله تعالى: {ذَلِكَ لِمَنْ خَشِيَ الْعَنَتَ مِنْكُمْ} [النساء: 25] والإباحة للضرورة ترتفع لعدمها كما في الميتة أما البقاء على الرق والامتناع عن تحصيل الحرية فلا يحرم حتى يبقى الرق مع الإِسلام فلذا يبقى نكاح الأمة عند تزوج الحرة عليها وجاز للعبد تزوج الأمة مع طول الحرة وذلك لأن توسع النعم بالحرية لا بالرق كما زعم ويظهر بالنظر في حال البشر أن الحل يزداد حسب ازدياد الكرامة كما في النبي عليه السلام.
فإن قيل سلمنا تأثير الحرية في الإطلاق لكن ما لم يفض إلى الإرقاق وتأنيس الخسيس وإلا فالكرامة في المنع كحرمة المجوسية على المسلم دون الكافر.
قلنا لو صح لما جاز نكاح الأمة لمن ملك سرية أو أم ولد يستغنى بها عنه غير أن المذكور في تهذيبهم عدم جوازه لمن ملكها أو قدر على شرائها فيكون رد المختلف إلى المختلف فالأصح منع أنه إرقاق كيف والماء لا يوسف بالحرية ما دام ماء بل امتناع عن تحصيل حريته ولئن سلم فلا نعلم حرمته كيف وتضييع الماء بالعزل بإذن الحرة وبنكاح الصبية والعجوز والعقيم وإنه إتلاف حقيقة جائزة فالإرقاق الذي هو إتلاف حكمى ويرجى زواله بالعتق أولى.
2 -
قولنا يجوز للمسلم نكاح الأمة الكتابية لأن دينها دين يصح معه نكاح حرتها كدين الإِسلام فهذا إما قياس للأمة الكتابية على الحرة الكتابية ووجهه ما سيجىء أن أثر الرق في التنصيف لا في التجريم وإما قياس لدينها على دين الإِسلام لأنه ملحق به في حل النكاح أو قولنا لأن العبد المسلم يملكه فيملكه الحر المسلم كسائر الأنكحة وهذا أيضًا يحتمل قياسين ووجهها أن مقتضى الحرية اتساع الحل لا تضييعه أولى من قولهم كل من الرق والكفر مما يمنع النكاح في الجملة حتى لم يجز نكاح الأمة على الحرة أو الحربية للمسلم فباجتماعهما صارا كالكفر الغليظ من المجوسية والارتداد أو ضرورة نكاح الأمة قد انقضت بإحلال الأمة المسلمة التي هى أظهر كالمضطر إذا وجد ذبيحة المسلم الغائب كان أولى من الميتة وذلك لأن سبب التحريم ليس دينها لحل حرتها ولا رقها لأن أثر الرق
في تنصيف ما يقبله من الطلاق والعدة والقسم والحدود بخلاف حد السرقة والطلقة الواحدة والحيضة الواحدة والعبادات ونكاح المرأة نعمة تقبله بحسب أحواله المنسوبة إلى نكاح أخرى من المتقدم والتأخر والمعية بتحرير نكاحها متقدمًا على الحرة لا متأخرًا أما عدمه مقارنًا فلتغليب الحرمة لما لم يمكن تنصيف النكاح الواحد فرق الأمة يؤثر لا في تحريمه بل في تنصيفه كرق العبد فجعله رقها مؤثرًا في التحريم ورقه في سعة الحل والحرية في نقصانه حيث جوز للعبد المسلم نكاح الأمة المسلمة عند الطول والأمة الكتابية عند عدم الطول لا الحر عكس المعقول ونقض الأصول أما حل الوطئ بملك اليمين المترتب على الرق فلا يفيد زيادة الكرامة لأن الحل لملك اليمين بطريق العقوبة لا الكرامة لا يقال لا حاجة إلى كلفة تغليب الحرمة فإن لها حالتين الانفراد عن الحرة وفيه الجواز والانضمام معها وفيه عدمه كيف وفي أن للأمة طبقتين تغليب الحل على الحرمة لأنا نجيب عن الأول بأن التعبير عن الحالتين الأخيرتين بلفظ لا يجعلهما واحدة وعن الثاني بأنه لضرورة أن يزول يقينًا الحل الثابت بالواحدة لضم الثانية لا لتغليب الحل والجواب عما قال أن الكفر والرق لما اختلف أثرهما حيث منع الأول النكاح تحبث الاعتقاد والثاني لنقصان الحل لم يمكن أن يتحدا علة ليتغلظ بل بمنزلة اجتماع العلتين بلا هيئة اجتماعية كأحد ابني عم هو زوج ولا نعلم ضرورية نكاحها وإلا لما بقي بعد ما زالت الضرورة فيما تزوج حرة على الأمة لمحما لو قدر المضطر على الحلال في خلال أكل الميتة لا يقال إنما بقي هنا لأن القدرة على الأصل بعد تمام المقصود وهو العقد لأن النكاح عقد العمر فتمام مقصوده بفناء العمر نعم لها أثر في سلب استحبابه في المسألتين.
3 -
فولنا الفرقة فيما أسلم أحد الزوجين بعد الدخول وأبى الآخر ليست بالإِسلام لأنه سبب عصمة الحقوق بالحديث بدليل توقيفها على العرض على الآخر حتى لو أسلم الثاني بقي النكاح إجماعًا ولا كفر الآخر لصحة النكاح معه ابتداء وبقاء فيضاف إلى فوت غرضه لإباء الآخر عنه لأن مقاصد النكاح ممتنعة معه شرعًا ففات الإمساك بالمعروف فينوب القاضى منابه في التسريح بالإحسان كما في اللعان والإيلاء والجب والعنة أقوى من قولهم هى بالإِسلام.
لكن في المدخول بها عند انقضاء العدة كالردة على أن الردة أيضًا لا توجب الفرقة بنفسها إذ هى غير موضوعة لإبطال النكاح كالطلاق لوجودها بدونه في مرتد لا امرأة له بل بطريق المنافاة لأنه لما أبطل عصمة الشخص أبطلت عصمة أملاكه كمنافاة طرو الرضاء والمصاهرة لتسببهما للجزية فوجب أن يتعجل الفرقة بها مثلهما.
وكذا قياس ارتدادهما كما قال زفر رحمه الله إلا أنا تركناه بإجماع الصحابة رضي الله عنهم في عهد أبي بكر رضي الله عنه حين ارتدت العرب فلم يأمرهم بتجديد الأنكحة ولم ينكر عليه أو لأن ارتدادهما أدى من ارتداد أحدهما لانقطاع العصمة فيما بينهما أيضًا أي للكافر في حق المسلم حتى جاز نكاح مجوسيين ولو أسلم أحدهما لم يجز فلا يلحق به في بطلان النكاح فبان ضعف من جعل الإِسلام والردة متساوين في سببية الفرقة بل في نفس سببيتهما من كل وجه في الأول ومضافة إلى انقضاء العدة في الثاني.
4 -
قولنا مسح فلا يسن تكراره أقوى من قولهم ركن فيسن تكراره لعدم تأثير الركنية في التكرار بل في الوجود مع عدم اختصاص التكرار به بدليل المضمضة والاستنشاق وعكسه في بعض أركان الصلاة والحج بخلاف تأثير المسح في التخفيف حقيقة ومحلا وغرضًا ووجودًا.
الثاني بقوة ثبات الوصف على الحكم أي بفضل التأثير بأن يكون ألزم له من الوصف المعارض لحكمه لثبوت تأثيره ح بالأدلة المتعددة من النص والإجماع.
فروع:
1 -
قولنا مسح أدل على التخفيف من قولهم ركن على التكرار لشمول الركن موارد من قضيته إكماله فيها لا تكراره كما في أركان الصلاة والسلام في التكرار بطريق السنية إكمالا فلا يرد السجدة الثانية وأما التخفيف فلازم للمسح في كل ما لا يعقل تظهيرًا كالتيمم ومسح اتحف وغيرهما بخلاف الاستنجاء
2 -
قولنا صوم رمضان متعين فلا يشترط تعيينه كصوم النفل أولى من قولهم فرض فيشترط تعيينه كصوم القضاء لأن تأثير الفرضية في الامتثال لا التعين ولذا جاز الحج بمطلق النية وبنية النفل عنده وتأدى الزكاة عند هبة جميع المال من الفقير أو نصدقه ولأن التعليل بالفرضية في إيجاب التعين يختص بالصوم لأن الئعين في غيره لمعان أخر وبالتعين في عدم إيجابه لازم لكل متعين يتعدى من صوم النفل إلى الفرائض كما ذكرنا في الحج لتعين حجة الإِسلام بدلالة الحال والزكاة لتعين المحل وإلى الودائع والغصب ورد المبيع الفاسد حيث لا يشترط في ردها أنه من تلك الجهات بل بأى طريق وجد يقع من الجهة المستحقة بخلاف أداء الدين وإلى عقد الإيمان بكسر الهمزة لا يشترط فيه تعيين أنه فرض مع أنه أقوى الفروض لتعينه وعدم تنوعه إلى فرض ونفل أو بفتحها فإنه إذا حلف على فعل عين كصوم يوم الجمعة أو ترك عين ففعل لا على قصد البر يقع عنه للتعين وإذا وجد فعل الحنث يثبت وإن وجد نسيائا أو كرهًا أو خطأ لتعين وإلى غير ذلك كما إذا باع
السيف المحلى فأخذ بعض الثمن في المجلس يقع عن الحلية لتعين لفنها للقبض.
3 -
قولنا في المنافع لا تضمن بالإتلاف حفظًا لشرط ضمان العدوان وهو التماثل احترازًا عن فضل الأعيان على الأعراض أولى من قولهم ما يضمن بالعقد يضمن بالإتلاف كالأعيان تحقيقًا لجبر حق المظلوم لأن المنفعة مال كالعين والتفاوت المذكور مجبور بكثرة أجزاء المنفعة كمنفعة شهر في مقابلة درهم واحد كالتفاوت في الحنطة المضمونة بمثلها من حيث الحبات واللون ونحوهما فإثبات المثل في الضمانات تقريبي لا تحقيقي كما في إيجاب القيمة عند تعذر المثل وأنها بالحرز ولأنا بين إيجاب فضل على المتعدى وإهدار أصل على المظلوم والأول أولى سد الباب العدوان وذلك للتنصيص في الآية على المثل في كل باب من الضمانات بدنيا كان أو ماليًا فكان أثبت مما ذكروا ووضع الضمان أي إسقاطه في المال المعصوم ما يسوغ في الشرع في الجملة كالباغي والحربي يتلف مال العادل والمسلم فيجوز لعجزنا عن الدرك كبالمثل عند تعذره إلى القيمة أما إيجاب الفضل على من تعدى لا فيه فجور لا يجوز أن يضاف إلى الشرع والحكم له لأن نسبة الجور إليه بط إلا بواسطة جور العبد المنسوب إليه من حيث الإرادة والمشبه دون الرضاء والأمر وتأخير الأصل وهو حق المغصوب منه إلى دار الجزاء أهون من إهدار الوصف وهو دينية مال الغصب لأن تأخير الحق بالعذر مشروع لقوله تعالى: {فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: 280].
أما ضمان العقد فخاص ثبت فيه بخلاف القياس للحاجة وغيره ليس في معناه.
الثالث: بكثرة الأصول التي يوجد فيها جنس الوصف أو نوعه كما في مسح الرأس إذ يشهد لتأثير المسح في عدم التكرار أصول ولا يشهد لتأثير الركن في التكرار إلا الغيل خلافًا لبعض أصحابنا وأصحاب الشافعي لأن كرة الأصول ككثرة الرواة في الخبر ولأنه ترجيح بكثرة العلة.
قلنا العلة هو الوصف لا الأصل وكثرة الأصول تفيد قوته ولزومه فهي كالشهرة أو التواتر أو موافقة رواية الفقيه الأعلم الحاصلة بكثرة الرواة لا كهي نعم هذا قريب من القسم الثاني بل والأول.
قال شمس الأئمة الأقسام الثلاثة راجعة إلى الترجيح بقوة تأثير الوصف والجهات مختلفة فالمنظور في قوة الأثر نفس الوصف وفي ثباته الحكم وفي كثرة الأصول.
الأصل الرابع بالعكس وهو عدم الحكم عند عدم الوصف وهذا أضعف وجوهه لأن العدم ليس بشىء لكن الدوران وجودًا وعدمًا مما يقوى الظن الحاصل بغيره كما مر.