المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة - فصول البدائع في أصول الشرائع - جـ ٢

[الفناري]

فهرس الكتاب

- ‌ المقصد الأول ففي الأدلة الأربعة

- ‌الركن الأول من الكتاب

- ‌فالمقدمة فيها مباحث:

- ‌الأول: فيما يتعلق بتعريفه

- ‌الثاني: أن المنقول آحادًا ليس بقرآن

- ‌الثالث: يجوز العمل بالقراءات الشاذة إذا اشتهرت

- ‌الفصل الأول في الخاص

- ‌الأول: في حكم مطلقه وضعًا

- ‌المقام الثاني في حكم قسمه المسمى بالأمر:

- ‌المقام الثالث في حكم النهى الذي يقابله

- ‌الفصل الثاني في العام

- ‌الأول: في حكمه

- ‌أحدهما فيما قبل التخصيص:

- ‌البحث الثاني: فيما بعده

- ‌الأولى: في تعريف التخصيص

- ‌الثانية: في جوازه في جميع العمومات

- ‌الثالثة: في أنه في الباقي يعد التخصيص حقيقة أم مجاز

- ‌نظائر الثلاثة من الفروع

- ‌المقام الثاني في ألفاظ العموم

- ‌المقام الثالث: في شتائت مباحث العموم

- ‌الفصل الثالث في حكم المشترك

- ‌الفصل الرابع في حكم المؤوَّل

- ‌الفصل الخامس في حكم الظاهر

- ‌الفصل السادس في حكم النص

- ‌الفصل السابع في حكم المفسر

- ‌الفصل الثامن في حكم المحكم

- ‌الفصل التاسع في حكم الخفي

- ‌الفصل العاشر في حكم المشكل

- ‌الفصل الحادي عشر في حكم المجمل

- ‌الفصل الثاني عشر في حكم المتشابه

- ‌الباب الأول في المجمل

- ‌الأول: قد مرت الإشارة

- ‌الثاني: فيما اختلف في إجماله:

- ‌الباب الثاني في المبين

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المقصد الأول في بيانيّ التقرير والتفسير

- ‌المقصد الثاني في بيان التغيير

- ‌للواقفية المشتركة

- ‌أولا: حسن الاستفهام

- ‌وثانيًا: صحة الإطلاق

- ‌الأول في حده

- ‌الثاني في تقسيمه

- ‌الثالث في أنه إما واحد أو متعدد على الجمع

- ‌ تخصيص العام:

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب

- ‌المبحث الرابع في جواز تخصيص السنة بالسنة

- ‌المبحث الخامس في جواز تخصيص السنة بالقرآن

- ‌المبحث السادس في جواز تخصيص القرآن بخبر الواحد

- ‌المقصد الثالث في بيان الضرورة

- ‌المقصد الرابع في بيان التبديل

- ‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة

- ‌فصل

- ‌الفصل الرابع عشر في حكم المجاز

- ‌الفصل الخامس عشر: في حكم الصريح

- ‌الفصل السادس عشر: في حكم الكناية

- ‌الفصلين السابع عشر والثامن عشر في حكم الدال بعبارته وإشارته

- ‌الفصل التاسع عشر: في حكم الدال بدلالته

- ‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء

- ‌الركن الثاني: من السنة وفيها مقدمة وعدة فصول

- ‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار الاتصال

- ‌الفصل الثاني: في الراوي

- ‌الفصل الثالث: في الانقطاع

- ‌الفصل الرابع: في محل الخبر

- ‌الفصل الخامس: في وظائف السمع

- ‌الفصل السادس: في الطعن

- ‌الركن الثالث في الإجماع: وفيه مقدمة وعشرة فصول

- ‌أما المقدمة ففي تفسيره

- ‌الفصل الأول في إمكانه

- ‌الفصل الثاني في إمكان العلم به

- ‌الفصل الثالث في إمكان نقل العالم إلى المحتج به

- ‌الفصل الرابع: في حجيته

- ‌الفصل الخامس: في ركنه

- ‌الفصل السادس: في أهلية من ينعقد به

- ‌الفصل السابع: في شروطه

- ‌الفصل الثامن: في حكمه

- ‌الفصل التاسع: في سببه

- ‌الفصل العاشر: في مراتبه

- ‌الركن الرابع: القياس

- ‌الفصل الأول: في معناه

- ‌الفصل الثاني: في شروطه

- ‌الفصل الثالث: في أركانه

- ‌الفصل الرابع: في حكمه

- ‌خاتمة الفصول في عدة تقسيمات للقياس:

- ‌الفصل الخامس: في دفعه

- ‌الفصل السادس: في بيان أسباب الشرائع

- ‌الأول في الأسباب

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات وهي الإيمان بتفاصيله

- ‌المبحث الثاني في العبادات

- ‌المبحث الثالث في المعاملات

- ‌المبحث الرابع في المزاجر

- ‌القسم الثاني في حكم الأحكام أي مصالحها المشروعة هى لها

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات حكمتها

- ‌المبحث الثاني: في العبادات

- ‌المبحث الثالث: في المعاملات الخمسة

- ‌المبحث الرابع: في المزاجر

- ‌الفصل السابع: في غير الأدلة الأربعة

- ‌الأول في الصحيحة

- ‌الأول: في شرع من قبلنا

- ‌المبحث الثاني: في تقليد صحبه عليه السلام

- ‌المبحث الثالث: في الاستدلال

- ‌القسم الثاني: في الأدلة الفاسدة:

- ‌المقصد الثاني: فيه ركنان للتعارض والترجيح

- ‌أما الأول ففيه مباحث

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الثاني: في حكمه

- ‌الثالث: في المخلص عنه

- ‌الركن الثاني في الترجيح: وفيه فصول

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في تقسيمه

- ‌الفصل الرابع: في وجوه ترجيح القياس بحسب التأثير

- ‌الفصل الخامس: في وجوهه بين المنقولين

- ‌الأول ما بحسب السند

- ‌الأول الراوي ورجحانه

- ‌المورد الثاني: الرواية وفيه وجوه

- ‌المورد الثالث المروى: وفيه وجوه

- ‌المورد الرابع المروى عنه

- ‌الصنف الثاني: ما بحسب المتن

- ‌الصنف الثالث: ما بحسب المدلول

- ‌الفصل السادس في وجوهه بين المعقولين

- ‌الفصل السابع في بيان المخلص

- ‌الفصل الثامن

- ‌الخاتمة ففى الاجتهاد وما يتبعه من مسائل الفتوى

- ‌الفصل الأول في تفسير الاجتهاد وشرطه

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مسائل متعلقة الاجتهاد

- ‌الفصل الرابع في مسائل الفتاوى

- ‌الأول في المفتي

- ‌القسم الثاني: في المستفتي

- ‌القسم الثالث فيما فيه الاستفتاء

الفصل: ‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة

كالاتفاق على امتناع نسخ وجوب معرفة الله تعالى لا مطلقا بل بالنهي عنها لا على تجويز تكليف المحال لأن الحلم بنهيه يستدعي معرفته فعندنا لا يجوز نسخ نحو وجوب المعرفة مطلقا وحرمة الكفر وكذا نحو الظلم والكذب وسائر القبائح العقلية الثابتة عند المعتزلة وعند الغزالي يجوز إلا في وجوب معرفة النسخ والناسخ وقالت الأشعرية بجواز نسخ الجميع لأن كل حسن وقبح شرعي عندهم فيجوز نسخها إذ التكليف غير واجب أصلا.

وعند المعتزلة عقلي فلا يجوز أن ينسخ منها لا ما يختلف باختلاف المصالح قلنا ما يتوقف ثبوت الشرع عليه من وجوب المعرفة وحرمة الكفر وغيرهما مما لا يقبل السقوط عقلا لا شرعا لما مر من الدور فلا ينسخ بخلاف غيره على أن نحو الظلم والكذب مما قد لا يقبح.

وللغزالي رحمه الله تعالى أن نسخ الجميع مستلزم لنقيضه فيكون مجالا إذ لا ينفك عن وجوب معرفة النسخ والناسخ أي الشارع ولعدم تمام ملازمته إذ وقوع الشىء لا يستلزم معرفته بل وإمكان معرفة غيره بعضهم إلى معرفة نسخ الجميع يستلزم معرفتهما فيجب على ذلك التقدير وذا خلاف المفروض لا يقال جواز الشىء لا يستلزم معرفته فضلا عن وجوب معرفته والمستلزم لوجوب معرفتهما وجوب معرفته لا عينها لأنا نقول كلامنا في الوجوب الشرعي لمعرفة النسخ وهو ثابت إذْ لا نسخ إلا بدليل شرعى يجب فهمه قلنا المراد بنسخ الجميع أن لا يبقى تكليف فمن أين الوجوب الشرعى ولئن سلم فلا نعلم وجوب فهم كل دليل شرعي وإنما يجب فهم ما يترتب عليه امتثال بنوع ما والناسخ للجميع ليس كذلك ولئن سلم وجوب معرفته لكن معرفته إنما تستلزم المعرفين في الابتداء لا في البقاء لإمكان أن تعرفه بالمعرفتين فيسقطا في البقاء لوقوعهما فإن الواجب المطلق يرتفع بالوقوع مرة ويسقط سائر التكاليف بالنسخ وإذا كان اللزوم في حال وبطلان اللازم في أخرى لم يتم الاستثنائي.

‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة

هو وجود ما وضع له أي ثبوته أمرًا أو نهيا خاصا أو عاما نحو: {ارْكَعُوا} [الحج: 77]، {وَلَا تَقْتُلُوا} [الإسراء: 31] مخاطبا به ومخاطبا ثم لزوم وجوده بحيث لا يسقط عن المسمى أي لا يصح نفيه عن الموضوع له وعن محل الكلام بخلاف المجاز كما مر فلا يخرج عن حكمه شيء مما يتناوله إلا أن يهجر تفاهمه عرفا لتعذر العمل به أو هجره

ص: 170

فيصير كالمستثنى خلافا لزفر رحمه الله كمن حلف لا يسكن فانتقل من ساعته لم يحنث بالسكون حال الانتقال استحسانًا والقياس قول زفر ولا تقتل وقد كان جرح فمات به أو لا يطلق وقد كان علقه فوجد الشرط أو لا يأكل من هذا الدقيق فأكل من عينه عند بعض المشايخ.

قال شمس الأئمة والأصح خلافه لذا قد يؤكل عينه عادة أو من هذه الشجرة التي لا يؤكل عينها فأكل من عينها لما حنث في الجميع ثم بقاؤه، فمتى أمكن العمل بالحقيقة لا يعدل عنها لأن المستعار خلف لا يزاحم الأصل ولذا حملنا الإقراء على الحيض لأنها حقيقة لا على الأطهار لأنها إن كانت مشتركة وهو الصحيح لتساوى الاستعمالين فبالترجيح كما مر.

وإن لم يثبت اشتراكها كما ذهب إليه فالمجاز هو الثاني لأن المجتمع والمنتقل الحيض إن كان بما كما يعرفه الفقهاء وإن كان ضرورة فهو رديفهما ومسببهما أما الطهر فليس سببا مجتمعا ولا متنقلا ولا جامعا لأنه عدم والانتقال في الأحوال مع أنه معنوي لا حسي لذي الحال لا للحال وحملنا العقد في قوله تعالى: {بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ} [المائدة: 89] على ربط اللفظيين لإيجاب حكم كاليمين بالجواب لإيجاب الصدق لا على القصد الذي هو سبب الربط كما فعله الشافعي رضي الله عنه فأوجب الكفارة في الغموس لأنه أقرب إلى الحقيقة التي هي عقد الحبل وهذا النكاح في قوله تعالى: {وَلَا تَنْكِحُوا مَا نَكَحَ آبَاؤُكُمْ} [النساء: 22] على الوطئ ليثبت حرمة المصاهرة بالزنا لا العقد لأنه أقرب إلى حقيقته التي هي الجمع فإن إطلاقه على العقد لأنه سبب الوطئ.

قيل استعارة اسم المسبب للسبب لا يصح وأجيب بأن مسبب مخصوص إذ لا عقد إلا بالقصد ولا وطئ يقصد شرعا إلا بالنكاح ووطئ الأمة استخدام ولو قيل بأن العقد لكونه جمع بين اللفظيين لا لسببيتهما لكان وجها ونحتاج في ترجيح مذهبنا فيهما إلى أصول أُخر كما يذكر.

الاستثناء من القاعدة إلا إذا تعذر التعامل بها أو هجر وفرق ما بينهما أن الأول فيه مشقة وأنه كما ليس مرادا ليس داخلا في الإرادة بخلاف الثاني فإنه متروك العمل بلا مشقة عرفا شرعا.

وقد يكون داخلا في الإدارة أما المتعذرة فنحو لا يأكل من هذه النخلة أو الكرمة أو القدر يقع على ما يؤخذ منه في الأصح فالأصل أن الشجرة إن كانت مما يؤكل كالريباس وقصب السكر فعلى عينها وإلا فعلى ثمرها إن كان وإلا كالخلاف فعلى دفنها هذا إذا لم

ص: 171

ينو وإلا فعلى ما نوى وذلك لأن الحقيقة وهي أكل العبن لأنه المقصود بالمنع الذي له اليمين متعذرة لا عدمه حتى يرد أنه غير متعذر.

وكذا لا يأكل من هذا الدقيق ولا يشرب من هذا البئر إن كانت ملأى فكالنهر مختلف فيه وإلا فعلى الاعتراف اتفاقا لا الكرع لتعذره فإن تكلف في المسألتين فأكل من عينه وكرع فقيل يحنث وإلا شبه لا لقولهم في لا ينكح فلانة وهي أجنبية يقع على العقد فإن زنا لم يحنث لكونه متهذرا شرعا وعرفا وأما المهجورة عرفا فنحو لا يضع قدمه في دار فلان فمن حقيقته وضع القدم حافيا دخل أو لا ولم يقع عليه لهجره عرفا أريد مجازاة المتعارف وهو الدخول كيفما كان فوضع القدم حافيا مع الدخول داخل وبدونه لا فقد جاز دخول الحقيقة وشرعا فكالتوكيل بالخصومة ينصرف إلى مطلق الجواب مجازا فإنه مسبب الخصومة أو يقارنها فيكون مشاكلة ومطلقة يتناول الإقرار لأنه كلام يقطع كلام الغير ويطابقه من جلب الفلاة قطعها فله إقرار على موكله خلافا لزفر والشافعي رحمه الله لأن المسألة ضد المشاجرة قلنا المشاجرة بغير حق حرام لقوله تعالى: {وَلَا تَنَازَعُوا} [الأنفال: 46].

ولأن الموكل لا يملك شرعا لا ما هو الحق من الجواب بخلاف الإنكار مع وجود الحق فلا يفوضه إلا ذلك لأن المهجور شرعا كالمهجور عادة ولذا من حلف لا يكلم هذا الصبي يحنث بالتكلم بعد ما كبر لأن المراد هذا الذات مجازا لهجران هجرانه بالحديث.

تنويرها بمقدمة الحلف على موصوف إن صلح وصفه داعيا يتقيد به منكرا ومعرفا لئلا يلغو فمنكرا مقصودا كرطبا ومعرفا غير مقصود كالرطب لمن يضره فلا يحنث بأكله تمرا وإن لم يصلح يتقيد منكرا لأنه معرفة فيكون مقصودا بالحلف نحو لا يكلم شابا لا معرفا بالإشارة نحو هذا الشاب إذ لا يصلح الوصف داعيا لأنه مظنة السفاهة لكن حرمة هجرانه أوجبت المصير إلى إرادة مطلق الذات الذي هو جزؤه مجازا بخلاف صبيا إذ لا معرف فيه غير الصبا فيكون مقصودا بالحلف فيتقيد به وإن كان هجرانه حراما كمن حلف ليشربن اليوم خمرا وليسرقن ينعقد مع حرمتها المقصود بينهما أما بعد إرادة الذات لزوم ترك الترحم صبيا والتوقير كبيرا وفي الجملة هجر المؤمن الذي هو حرام فوق ثلاثة أيام فضمني غير مصرح به والضمنيات لا تعتبر، حتى لو قال للصبي: لا أكلم هذا الذات لا يكون مرتكبا للمنهي عنه، فكان مما يثبت ضمنا لا قصدا كتضحية الجنينن وبيع الشراب والطريق.

ص: 172

أما إذا استعملت الحقيقة فإن هجر المجاز أو غلبت فهي أولى اتفافا؛ لأن شأنها اليقين عند عدم القرينة الصارفة وإلا فلا ثقة للغات أصلا، والأصل عدم الحادة وإن غلب عليها تعارفا فكذا عند الإمام في الحقيقة المستعملة أولى من المجاز المتعارف وبالعكس عندهما إذ المتبادر بحسب التعارف.

فعند مشايخ بلخ أرادوا تعارف التعامل وعند مشايخ العراق تعارف التفاهم وقال مشايخ ما وراء النهر: الثاني قوله والأول قولهما ولذا يحنث من حلف لا يأكل لحما بأكل لحم الأدمي أو الخبز ببر عنده لوقوع التفاهم لا عندهما لعدم التعامل.

وقوله: أولى لأن المقصود التفاهم هذا في المبسوط وفي التمر أنه لا يحنث اتفاقا إذ لا تفاهم فيما لا تعامل كأكل النخلة.

بيانه: فيمن حلف لا يأكل الحنطة أو من هذه يقع عنده على عينها لأكلها عادة مقلية ومطبوخة وغيرهما عند الحاجة، وعندهما على مضمونها ولو في عينها ولا يشرب من الفرات فعنده على الكرع لاستعماله فيه كما في الحديث وعندهما على ما ينسب إليه بالمجاورة كالمأخوذ بالأواني لا النهر لانقطاع نسبة التبعية إلا في قوله من ماء الفرات لأنه حقيقة فلا عبرة للنسبة وإنما كان الكرع حقيقته؛ لأن ظاهر ممن يقتضي عدم الواسطة كما بين في:{وَرُوحٌ مِنْهُ} [النساء: 171] وللاستثناءين في قوله تعالى: {فَمَنْ شَرِبَ مِنْهُ فَلَيْسَ مِنِّي} [البقرة: 249] الآية إذ معناه إلا قليلا لم يكرعوا، قيل هذه الخلافية ابتدائية فعنده لعَدم الضرورة الصارفة عن الحقيقة وعندهما الرجحان الغالب فإنه كالمتحقق لا لأن المجاز المتعارف حقيقة عرفيةكما ظن إذْ هي عند هجرانها وقيل بنائية على أخرى هي أن خلفية المجاز في التكلم عنده، وفي الحكم عندهما.

تحريرها بعد أن لا خلاف في خلفية المجاز ووجوب تصور الأصل لثبوت اتخلف وأنهما من أوصاف اللفظ وأن التغيير فيه لا في مقصود المتكلم أن خلفيته عنها عنده بأن صار التكلم بلفظ مجازا خلفا عن التكلم به حقيقة ثم يثبت حكمه بالاستبداد لوضعيتهما للفظ وكون التغيمر فيه وعندهما بأن يكون حكم لازم الحقيقة خلفًا عن حكمها مع الصارف عنه لئلا يلغو لأن الحكم هو المقصود فاعتبار اتخلفية فيه أولى ولسان الانتقال عن الشيء يستدعي إمكانه قلنا التجوز لتوسيع الطرق لا لضرورة أداء المقصود والانتقال يستدعى فهمه لا مكانه وذا بأن يصح عمارته كما في أسدًا يرمي والحال ناطقة لغة في أنت طالق مائة إلا تسعمائة وتسعة وتسعين شرعا حيث يقع واحدة بعد أن المهجور شرعا كالمهجور عادة.

ص: 173

تنويره فيمن قال لعبده الأسن هذا ابني لم يعتق عندهما وهو قول الشافعي رضي الله عنه إذ لم ينعقد لإثبات البنوة لاستحالتها كقوله أعتقتك قبل أن أخلق أو يخلق أو للأصغر هذا جدي أو لعبده بنتي أو لأمته ابني فيلغو كقوله هذا أخي بخلافه للأصغر المعروف النسب حيث يعتق إجماعا لأنه حقيقة وإن لم ينقلب النسب ولذا يصير أمة أو ولد له لا كقوله أنت حر لصحته في مخرجه لولا عارض تعلق حق الغير لإمكان خلقه من مائة بوطء الشبهة فنظيرهما الغموس والحلف على مس السماء أما قوله لامرأته المعروفة النسب وهي أصغر هذه بنتي فإنما لا تحرم لأن موجب النسب في النكاح انتفاء حل المحلية من الأصل لإزالة الملك بعد ثبوته وذلك حقها لا حقه فلا يصدق على إبطاله.

نكتة: تصور حكم الحقيقة أعني إمكانه الذاتي من حيث المتكلم وكلامه ومحل كلامه غير تصور الحقيقة أعني إمكانها من حيث أنه كلام وأخص منه لتحقق الثاني في هذا ابني للأسن دون الأول وإن انتفيا في أعتقتك قبل أن لخلق فالإمام لا يشترط لصحة الانتقال من الحقيقة على المجاز إلا الثاني وهما الأول أيضًا وهما غير تصور البر الذي لا يشترطه أبو يوسف لانعقاد اليمين المطلقة وبقاء المؤقتة والانتقال إلى الكفارة ويشترطه الطرفان لأنه الإمكان الحالي ولو تخرق العادة فهو أخص منهما ولا منافاة بين أن يشترطه الإمام للانتقال إلى الكفارة ولا يشترط الأعم منه للانتقال إليه كما وهم لأن الانتقالين منفصلان وأيضًا لا يرد نقضا على مطلق قولنا لا بد من تصور الأصل للنقل إلى اتخلف اتفاقا لأن المراد به الإمكان الذاتي لا الحالي وإلا لما وجد مجاز لامتناعه مع الإمكان الحالي للحقيقة.

بيانه من حلف ليشربن ماء هذا الكوز ولا ماء فيه أو اليوم فصب قبل مضيه أو لأقتلن زيدا وهو ميت ولم يعلم بموته يحنث عنده لا عند الطرفين غير أن الحالف في مسألة القتل إذا علم موته يحمل على أنه يعقد يمينه على حياته المستحدثة بقدرة الله تعالى المتعارفة هي عود عين روحه إلى بدنه يحنث بالعجز الحالي وإذا لم يعلم يعقدها على الحياة المعهودة الحاصلة ولا تفصيل في مسألة الكوز إذ لم يتعارف عود عين مائه إليه وإن كان مقدورا لله تعالى فلا يحمل على عقد يمينه إلا على المتعارف وهو أن كل ماء يحصل عد في الكوز يكون غير مائه وقد حلف على مائه.

وقال الإمام يشترط صحة التكلم من حيث أن له حقيقة بخلاف أعتقتك قبل أن أخلق لخلق أو لعبده هذا ابني أو لأمته إذْ نسبة العتق كنسبته إلى الحمار وحين اعتبر الاختلاف بالذكورة والأنوثة فاحشًا في الإنسان لم يتعارف التجوز أيضًا كما لم يعتبر بين الأب والابن ولذا لا يعتق وإن كان أصغر هنا فإذا وجد وفهمت حقيقته وتعذر العمل بها

ص: 174

لا حد الأمور الخمسة يصار إلى لازمه المتعين وهو ها هنا عتقه من حين ملكه إقرار به قضاء وإن كان كاذبا وفيه إشارة إلى أنه لا يعتق ديانة كما يصار في وهبت ابنتي أو نفسي منك نكاحا أو بمهر كذا إلى النكاح قالا لاحتمال تمليك الحرة عقلا وشرعا في الجملة كما في شريعة يعقوب حتى قال بنوه جزاؤه من وجد في رحله قلنا لما انتسخ في شريعتنا لم يبق محلا كنكاح المحارم لم ينعقد أصلا ولم يصر شبهة في سقوط الحد عندهما مع بقاء المحلية في حق الأجنبي فانتفى الإمكان الحالي بخلاف مس السماء.

أما في قوله هذا أخي فعلى رواية الحسن وهو قول الإمام يعتق لا في ظاهر الرواية لاشتراك الأخوة بين الشركة في الدين والقبيلة والنسب فلا يفيد بلا بيان فلو قال أخي لأبي وأمي يعتق أما لو علل بأنها مجاورة صلب أو رحم فيستدعي واسطة فلا يفيد بدون إلْباتها وكذا في هذا جدي مع البرغري نفى الرواية فيه فلا وأما يا ابني حيث لا يعتق به إلا في رواية شاذة فلأن النداء لاستحضار المنادى بصورة الاسم فلا يستدعى تحقيق معناه إلا إذا كان معروفا بذلك الاسم.

ضابطة: النداء بوصف ثابت لاستحضاره به نحو يا طويل لمن له طول وبغير ثابت فإن صح ثبوته من جهة المنادى يثبت اقتضاء نحو يا عتيق وإلا فلاستحضاره بصورة الاسم نحو يا ابني لأكبر سنا منه أو أصغر معروف النسب.

تنبيه: التجوز في مسألتنا من إطلاق السبب عن المسبب كما أنه في قوله عبدي أو حماري حر أو على هذا الجدار ألف حيث يعتق العبد ويجب الألف عند الإمام من إطلاق المطلق وهو إلا حد لا بعينه على المقيد وعندهما لما لم يصلح إلا حد المبهم محلا لغا.

وقد ظن بعض الظن أنه استعارة تبعية في ابني لأنه بمعنى مولودي دفعا لتوهم أنه مبتدأ وخبر فيكون تثبيتها لا استعارة في الأصح لأن مبناها على دعوى الجنسية وفي المبتدأ والخبر قول بالمغايرة كما أن بناء الخلاف على أن هذا ابني تشبيه عندهما مثل هذا كابني بخلافه للأصغر سنا فإنه حقيقة فلا حاجة إلى إضمار التشبيه أما الإمام فجعل نية الحرية قرينة المجاز إيهام خيل إلهاما لتحقيق الخلاف في نحو ابني هذا فعل كذا.

تقريب: فالحقيقة إذا استعملت صارت أولى تكلما والمجاز لغلبته صار أولى حكما لقربه فهما قلنا الترجيح بالغلبة ترجيح بالزيادة من جنس العلة وهو مردود بخلاف المهجورة وقال الإمام فخر الإِسلام لعمومه الحقيقة أيضًا والعموم إنما يصلح دليلا لو اعتبر الحكم لا التكلم فليس مستقلا كما ظن وهذا فيما يكون المجاز أعم والدليل الشامل

ص: 175

ما مر.

تدقيق الفصل وتحقيق الأصل: قوله للأصغر المعروف النسب هذا ابني حقيقة في إثبات بنوته وإن لم ينقلب النسب لا تحرير مبتدأ لجواز ثبوت النسب من واحد ولو بوطء الشبهة واشتهاره من آخر ولذا يثبت أمومة الولد لأمة لا كانت حرة كما مر لأن إمكان العمل بالحقيقة بعينها يدل عليه مسائل الجامع.

قال في صحته لجارية لها أولاد ببطون أحدهم ولدي ومات قبل البيان يعتق عند لصاحبين ثلث الأول ونصف الثاني لأن أحوال الإصابة واحدة فإن للأسباب تزاحمًا فبنوة أحدهما يمنع الباقين وأحوال الحرمان متعددة لإمكان اجتماعها وكذا الثالث.

ولو كان تحريرا مبتدأ عتق الثلث من كل نحو أحدهم حر وهو قول الإِمام رضي الله عنه ولو قال في مرضه ولا مال غيرهم ولا أجازه وهو سواء يجعل كل رقبة ستة للنصف والثلث وسهام العتق من الثلاثة أحد عشر يضيق عنها الثلث فيجعل كل أحد عشر ويعتق سهما الأكبر وثلاثة الأوسط وستة الأصغر ويسعون في الباقي ولو قال في صحته عبد وابنه وابنى ابنه ببطنين وكلهم أصغر فمات مجهلا يعتق ربع الأول لأن أحوال حرمانه ثلاثة وثلث الثاني لأن لحرمانه حالتين وحالا أصابه بكونه مرادا أو حافدا أريد أبوه وثلاثة أرباع كل من الأخيرين لان أحدهما حر بيقين لوجوب أن يراد أحدهما أو أبوهما أحدهما والآخر حر لو أريد هو أو أبوه أو جده ليس حرا لو أريد أخوه فيعتق النصف منه لوحدة أحوال الإصابة فحرية الكل والنصف قسمت بينهما ولو كان ابن الابن واحد فثلث الأول ونصف الثاني وكل الثالث والكل بحكم الحقيقة وهي البنوة لاحتمال النسب لا لأنه تحرير مبتدأ وإلا لعتق من كل ثلثه.

ثم قيل هذه أيضًا خلافية فيعتق عند الإمام من كل ربعه أو ثلثه كما في الأولى والأصح أنهما وفاقية والفرق له أن احتمال النسب في الأولى على السواء والتفاوت في العتق الحاصل بالسراية من الأم وذلك كالمجاز من الحقيقة فلا يجمع بينهما وها هنا لا عتق بطريق السراية إذ لا يلزم من حرية الأب حرية أولاده بل بجهة النسب بكونهم حفدة وهم في ملكه فلذا يعتبر الأحوال.

أما لو قال في مرضه ولا مال ولا أجازه يجعل كل رقبة اثنى عشر للربع والثلث يبلغ ثمانية وأربعين يضيق سهام الوصية وهي خمسة وعشرون عن ثلثها وهو ستة عشر فجعل الخمسة والعشرون ثلثا لكن ثلث الرقبات الأربع رقبة وثلث فالرقبة ثلاثة أرباع الثلث وليس لخمسة وعشرين ربع صحيح فضربت الأربعة فيها بلغ الثلث كل رقبة خمسة

ص: 176