الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وجوابه: أنه دليل فضلها وقد علم وجود الفسوق فيها فلا دلالة على انتفاء الخطأ.
وثالثًا: تشبيه علمهم بروايتهم.
وجوابه: الفرق بأن الرواية ترجح بكثرة الرواة إلا الاجتهاد بكثرة المجتهدين.
السابعة: لا ينعقد بمجرد العترة أي أهل بيت رسول الله عليه السلام خلافًا للإمامية والزيدية من الشيعة (1) ولا بالأئمة الأربعة وحدهم خلافًا لأحمد والقاضى أبى خازم من الحنفية (2) ولأبى بكر وعمر خلافًا للبعض.
لنا ما مر وللشيعة حصر انتفاء الرجس فيهم بقوله تعالى: {أَنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ} [المائدة: 49] الآية والخطأ رجس وحصر التمسك في كتاب الله وفيهم بالحديث قد علم أنه دليل فضلهم مع أن المذكور في التفاسير أن المراد بالرجس الشرك أو الإثم أو الشيطان أو الأهواء والبدع أو البخل والطمع وسيعلم أن المفهوم من الحديث أهلية الاقتداء ومعارض بأحاديث الصحابة على أنه يفيد التمسك بهما معًا لا بالعترة وحدها وحديث العصمة مستوفى في الكلام.
وللآخرين الأحاديث الدالة على الأمر باتباع الخلفاء الراشدين وأبى بكر وعمر.
وجوابه أن المفهوم منها أهليتهم للاقتداء لا انعقاد الإجماع بهم ككل مجتهد وإلا لعارضها الواردة في اقتداء مطلق الأصحاب وعائشة رضي الله عنهم حيث يدل على اهتداء من اقتدى بمن خالفهم.
وهو جواب عن أدلة الشيعة أيضًا.
ثم لو صحت الأدلة لوجب الاقتداء بهم على سائر الصحابة وهو خلاف الإجماع.
الفصل السابع: في شروطه
وفيه مسائل:
الأولى: انقراض عصر المجمعين ليس بشرط لانعقاده ولا حجيته وهو الأصح من الشافعي رضي الله عنه فلو اتفقوا ولو حينًا لم يجز لأحد مخالفته وقال الشافعى في قول وأحمد بن حنبل وأبو بكر بن فورك يشترط وفائدته عند أحمد جواز الرجوع قبل الانقراض لا دخول من أدرك عصرهم فلا يكون المخالف خارقًا إلا بعد الانقراض وعند
(1) انظر المحصول للرازى (2/ 80 - 83)، إحكام الأحكام للامدى (1/ 352 - 356) نهاية السول
للإسنوى (3/ 265 - 266)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (2/ 228 - 231).
(2)
انظر إحكام الأحكام للآمدى (1/ 7) المحصول لفخر الدين الرازى (2/ 83) نهاية السول للإسنوى (3/ 266 - 267)، المختصر في أصول الفقه لابن اللحام (ص/ 7).
الباقين كلا الأمرين لكن لا دخول من أدرك عصر من أدركهم وإلا لم ينعقد إجماع أصلا لو فرض تلاحق المجتهدين وهو خلاف الإجماع.
وقال الأستاذ وبعض المعتزلة يشترط في السكوتى دون الباقين وقال إمام الحرمين يشترط فيماكان سنده قياسًا فقط (1).
لنا عموم الأدلة السمعية مع أن الزيادة نسخ عندنا فإن انتهضت العقلية أيضًا لتقرر الاعتقادات فذاك وإلا فنقول كون الحق لا يعدو الإجماع كرامة لهم لا لمعنى يعقل وإلا لم يختص بهذه الأمة فوجب حين الاتفاق.
للمشترطين أولًا أن الإجماع باستقرار الآراء وهو بالانقراض إذ قبله وقت التأمل.
قلنا مضى وقت التأمل إذ تقرر الاعتقاد.
وثالثا: أن احتمال رجوع الكل أو البعض ينافي الاستقرار.
قلنا: توهم الدافع ليس دافعا فكيف أن يكون ذاك رافعا.
وثالثا: أن ابتداء الانعقاد برأي الكل فكذا بقاؤه، لأن مدار كرامة الحجية وصف الاجتماع فلا يبقى مع رجوع البعض.
قلنا قياس الرفع على الدفع.
ورابعًا: لو لم يشترط لزم أن لا يعمل بالخبر الصحيح إن اطلع عليه فأدى إلى إبطال النص بالاجتهاد.
قلنا: الاطلاع بعد أن لم يمكن إذ الظاهر عدمه بعد إنعقاد الإجماع فالمحلل جاز أن يستلزم المحال وإن أمكن فإبطال النص بالإجماع القاطع لا بالاجتهاد في سنده كما لو اطلع بعد الانقراض.
وخامسًا: أن عليًا رضي الله عنه وافق الصحابة في منع بيع المستولدة ثم رجع لقول عبيدة السلمانى رأيك في الجماعة أحب إلينا من رأيك وحدك فدل على جواز الرجوع عن الإجماع قبل الانقراض.
قلنا قد وافق بعض الصحابة المختلفين وليس الجماعة هو الإجماع.
الثانية: بلوغ المجمعين عدد التواتر ليس بشرط عند الأكثر لعموم دليل السمع لا سيما وحجيته كرامة لا تعقل، أما من استدل بالعقل وهو أنه لولا القاطع لما حصل الإجماع على القطع فيقول بالتواتر إذ لا يحكم العادة بالقطع في غيره كذا قيل.
(1) انظر: المحصول للرازي (2/ 71 - 73)، إحكام الأحكام للآمدي (1/ 366 - 374)، المعتمد لأبي
الحسين البصري (2/ 41 - 44)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (2/ 224 - 226).
وقد مر أن العقلي أيضًا أعم والحق أن كل إجماع قطعى الثبوت بالتواتر قطعى الدلالة لمعنى عدم الاحتمال الناشئ عن الدليل بالاتفاق أما بمعنى عدم الاحتمال أصلًا فإذا بلغ المجمعون عدد التواتر فكذا وإلا فإن اكتفى في التواتر بحصول اليقين من غير اشتراط عدد فهذا الإجماع الثابت بالعقل يلازمه وإن اشترط العدد فهو أعم وإذا لم يشترط العدد فلو لم يبق إلا مجتهد واحد فالحق أن قوله حجة بمضمون السمعى أن الحق لا يعدو الأمة وإن خالف صريحه فلم يخالفه قول المخالف لعدم صدق الاجتماع.
وقيل لا نظر إلى صريحه.
الثالثة: اتفاق العصر الثاني على أحد قولي العصر الأول بعد ما استقر خلافهم يمتنع عند الأشعرى وأحمد والإمام والعزالى (1) ويجوز عند غيرهم (2) ثم قال بعض من المتكلمين ومن أصحابنا ومن الشافعية ليس بحجة والأصح عند مشايخنا أنه حجة اتفاقًا فقد صح عن محمَّد أن قضاء القاضي ببيع المستولدة ينقض وكذا عن أبي يوسف في الصحيح وأما عن أبى حينفة رضي الله عنه برواية الكرخي أنه لا ينقض فاستدل به على أنه اعتبر الاختلاف السابق لا الإجماع اللاحق وليس بتام لجواز أن يكون ذلك للشبهة في نفس الإجماع مجتهدًا لكونه مجتهدًا فيه المقتضية لنفاذ القضاء كما لا ينقض القضاء في مختلف فيه إلا إذ كان نفس القضاء مجتهدًا فيه كاستقصاء محدود في القذف أو امرأة فقضت الحدود فإنه ينقص لأن انقضاء الثاني لحق المجتهد فيه مع أن في بيع المستولدة روايات أصحها على ما في الجامع إن أمضى قاض آخر تنفذ وإلا فلا.
لنا في جوازه وإن قل على بعد لأن الإجماع لا يكون إلا عن جلى ويبعد غفلة لمخالف عنه وإن وقعت كالسوفسطائية وقوعه كإجماع من بعد الصحابة على بيع المستولدة بعد اختلافهم فيه وكما في صحيح البخاري أنه عليه السلام كان يمنع عن المتعة أي متعة الحج إلى العمرة برواية عثمان وعلى رضي الله عنهما وفي صحيح مسلم برواية عمر رضي الله عنه قال البغوي رضي الله عنه ثم صار إجماعًا أي جوازه مجمعًا عليه.
للأشعرى أو لإفضاء العادة بامتناع الاتفاق بعد استقرار الخلاف لأن المعتاد هو الإصرار لكل على مذهبه وجوابه لمنع حيث وقع.
ثانيًا: لو وقع لكان حجة لتناول الأدلة فيتعارض هذا الإجماع مع إجماع الأولين على
(1) انظر إحكام الأحكام للآمدى (1/ 394)، نهاية السول للإسنوى (3/ 286).
(2)
وهو مذهب المعتزلة، وكثير من أصحاب الشافعي، وأبى حنيفة، وهو الصحيح عن فخر الدين الرازى، وابن الحاجى، انظر إحكام الأحاكم للآمدى (1/ 394)، نهاية السول للإسنوى (287/ 3).
تسويغ الأخذ بكل منهما وإنه محال، وجوابه ما مر من الوجهين منع تسويغ كل من الأخذ بقول الآخر وبعد تسليمه فالإجماع مشروط بعدم وجود القاطع وقد ورد أما نقضه بما لم يستقر الخلاف حيث أجمعوا على جواز الأخذ حينئذ بكل واحد فليس بتام لأن ذلك تجويز ذهنى الإمكان أي لا يمتنع الذهاب إلى شيء منهما وإن جاز ظهور بطلانه وهذا تخويز وجودى بمعنى الإباحة أي يجوز العمل بهما معًا.
وثالثًا: قوله تعالى: {فَإِنْ تَنَازَعْتُمْ} [النساء: 59] الآية فيجب رد محل النزاع إلى الكتاب والسنة فلو كانَ هذا الاتفاق حجة لرد إليه لا إليهما وجوابه أنه لم يبق محل النزاع.
ورابعًا: قوله عليه السلام "بأيهم اقتديتم اهتديتم"(1) فلو كان حجة لما حصل الاهتداء باقتداء المخالف وجوابه بأن الخطاب لعوام الصحابة لا للمجتهد إذ لا يجوز له الاقتداء بغيره ولا لمن بعدهم ليس بشىء لأن عوام من بعدهم بالأولى بل بأن ذلك فيما بقى فيه الاختلاف ولم يبق بالإجماع.
ولنا في حجيته تناول الأدلة.
وللمانعين أولًا تعارض الإجماعين وقد تكرر مع جوابه.
وثانيًا: عدم صدق اتفاق كل الأمة لأن الميت منهم وقوله يعتبر لدليله لا لعينه ودليله باق لا يموت مع موت صاحبه بخلاف من لم يأت إذ لا هو متحقق ولا قوله وجوابه بالنقض ما لم يستقر الخلاف فاسد إذ ليس هنا قول عرفًا بل بأن حجية اتفاقهم كرامة لهم للأمر بالمعروف والنهى عن المنكر ولا يتصور ذلك إلا من الأحياء المعاصرين ودليله إنما يبقى لو لم ينسخ بالإجماع كالقياس الذي نزل نص بخلافه.
قيل وفيه بحث إذ لا نسخ بعد وفاة الرسول عليه السلام.
قلنا: المنفى هو النسخ بالوحى لانقطاعه وهذا نسخ دليل المجتهد بالإجماع أو الناسخ في الحقيقة الوحي المتأيد به، وثالثا: أن في تصحيحه تضليل بعض الصحابة بإجماع التابعين على خلافه كابن عباس رضي الله عنه في إنكار العول وابن مسعود في تقديم ذوي الأرحام على مولى العتاقة وإذ بطل.
(1) عزاه الحافظ العجلوني للبيهقي وأسنده الديلمي عن ابن عباس بلفظ: "أصحابي بمنزلة النجوم في السماء بأيهم اقتديتم اهتديتم"، انظر: كشف الخفاء للعجلوني (1/ 147)، التلخيص الحبير (4/ 190).