الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
للإذن فيأذن وكذا سكوت الشفيع.
4 -
ما بينه ضرورة طول الكلام مثل له على مائة ودرهم أو دينار أو قفيزين جعل العطف بيانا لها عندنا وعند الشافعي مجمله وإليه بيانها لأن العطف لم يوضع للبيان بل للمغايرة وإلا فكذلك مائة وثوب أو شاة أو عبد وهو القياس. قلنا: استحسناه بالعرف والاستدلال فإن إرادة التفسير بالمعطوف فإن مميزه عينه متعارفة في نحو مائة وعشرة دراهم للإيجاز حتى يستهجن ذكره في العربية ويعد تكرارًا وكذا مائة ودرهم وعطف كل غير عدد إذا كان مقدار لأنه مما يثبت في الذمة في عامة المعاملة كالمكيل والموزون بخلاف له علي مائة وثوب فضلا عن نحو وعبد فإنه لا يثبت في الذمة إلا في السلم فلا يرتكب إلا فيما صرح به كالمعطوف ولأن المعطوفين كشيء واحد كالمضافين ولذا لم يجز الفصل بينهما إلا بالظرف فكما يعرف المضاف إليه مضافه يعرف المعطوف المعطوف عليه إذا صلح كما في المقدر. واتفقوا في له أحد وعشرون درهما أو شاة أنه بيان لكونه تفسيرا يعقب مبهمين متعاطفين والعطف للشركة فيما يتم به أحد المعطوفين كما على مائة وثلاثة دارهم أو ثلاثة أثواب أو شياه وأبو يوسف رحمه الله جعل على مائة وثوب أو شاة بيانا لأن احتمال قسمة الجميع قسمة واحدة جبرا دل على الاتحاد إذ الجبري ليس إلا في متحد الجنس بخلاف مائة وعبد قيل لا يصح الفرق لأن عدم التقسيم الجبرى في الرقيق مذهب الإمام وعند صاحبيه كغيره. فأجيب: بان جريانه بأنه عندنا عند اتفاق المتقاسمين وذا في الحقيقة بيع لا قسمة ورد بأن الرواية جريانه عندهما ولو بإرادة البعض ثم وجه بأن الفرق بالاتفاق في جريانه في غير الرقيق لا فيه والحق أن الحق قولهما في الرقيق على جريانه برأي القاضي لا بدونه كما في غيره.
المقصد الرابع في بيان التبديل
وهو النسخ ويستدعي الكلام في تعريفه وجوازه ومحله وشرطه الناسخ والمنسوخ ففيه مباحث:
الأول: في تعريفه هو لغة التبديل وهو إخلاف شىء بغيره ولذا سماه به في قوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ} [النحل: 101] وذا يعتبر تارة في نفس الشيء فيعبر عنه بالإزالة نحو نسخت الشمس الظل لأنها تخلفه شيئا فشيئا وأخرى في مكانه فيعبر بالنقل نحو نسخت الكتاب أي نقلت ما فيه إلى آخر ومنه مناسخات المواريث لانتقال المال في الورثة وتناسخ الأرواح لانتقالها في الأشباح والتعبير عنه في القرآن بالتبديل أدل دليل
على أنه حقيقته لا سيما وقد نقله الثقة من مشايخنا ففي كل من المعنين الآخرين مجازا باسم الملزوم فلا يلتفت إلى أنه حقيقة في الإزالة مجاز في النقل باسم اللازم أو بالعكس باسم الملزوم أو مشترك واصطلاحا أن يدل على خلاف حكم شرعي دليل شرعي متراخ فالدلالة أولى من الرفع كابن الحاجب والبيان كبعض الفقهاء لأن صدق كل منهما باعتبار دون آخر فإنه بيان محض في علم الله المتعلق بأمد حكمه ورفع وتبديل في علمنا بإطلاقه الظاهر في البقاء.
ومن اللفظ والخطاب كإمام الحرمين والغزالي فأولا لأنه دليل النسخ لا عينه ولذا يقال نسخ به ويسمى ناسخًا ولا يلزم من كون شرط دوام الحكم عدم قول الله الدال على انتفائه أن يكون قطع الدوام ذلك القول لجواز أن يكون آلته كما أن عدم الآلة القتالة شرط بقاء المنقول وتفسير القول بالكلام النفسي ولقثيله بمدلول نسخت ينافي وقوعه موقع اللفظ ووصفه بالدال على الانتفاء فإنه عين النفي الخفي.
وثانيا: أن لفظ العدل نسخ حكم كذا داخل ليس بنسخ وفعل الرسول خارج نسخ إلا عند تأويل الدلالة بالذاتية فالأولى عدمه على أن دلالة الفعل عند من يجعله موجبًا ذاتية ويخرج بقولنا على خلاف حكم شرعى أي ما ينافيه لا ما يغايره رفع المباح الأصلي ولا يرد نسخ التلاوة فقط جمعًا لأن المقصود تعريف النسخ المتعلق بالأحكام إلا أن يدرج الأحكام اللفطة كصحة التلاوة في الصلاة وحرمتها على نحو الجنب وبقولنا دليل شرعي دلالة عدم الأهلية كما بالموت والجنون على عدمه كما خرج عدمه بالإذهاب عن القلوب وبانتهاء وقت الموقت ويتناول الكتاب والسنة القولية والفعلية وغيرها وبمتراخ المخصص ونحو الاستثناء لأنه دافع والناسخ رافع لا يقال لا يصح كونه رافعًا فإنه إما للحكم وتعلقه وهما قديمان فلا يرتفعان لأن القدم ينافي العدم لأثرهما وهو الفعل فليس الفعل الماضي أو الحاضر إذْ لا يتصور نسخهما ولا المستقبل قيل: لأن ما في المستقبل إذا نسخ لم يكن وما لم يكن لا يرفع فما في المستقبل لم ينسخ وفيه أن رفع المرفوع بهذا الرفع غير ممتنع.
والأولى: أن ما في المستقبل غير موجود فكيف يرفع لأنا نقول قد مر أن قدم المتعلق يختلف فيه بين المشايخ فيمكن أن يكون محل النسخ إياه لكن شبهة الأثر عائدة إن تمت امتنع النسخ والحق أن المنسوخ ليس نفس الفعل بما تعلق الحكم التكليفي لكن بالنسبة إلى إطلاقه في علمنا كما مر، أما بالنسبة إلى علم الله تعالى فالتعليق القديم مكيف بهذه الكيفية ومغيا بهذا الأمد فالمرتفع دوامه الظاهري الاستصحابي لا الحقيقي وهو المراد بالتعلق المظنون في المستقبل والقول بأن القديم الإيجاب والمرتفع الوجوب التنجيزي الذي هو
أثره ليس بتحقيق كما مر أن اختلافهما اعتباري وفي الحقيقة شيء واحد لأن ارتفاع الأثر اللازم يوجب ارتفاع الملزوم فإن أريد التعلق بالوجه الذي قررناه فذلك هو هو.
الثالط في جوازه: أجمع أهل الشرائع على جوازه إلا غير العيسوية من اليهود ففرقة منهم عقلا وفرقة سمعا وكذا على وقوعه غلا أبا مسلم الأصفهاني لأن كلاهما يسمى نسخا تخصيص عنده والحكم الأول مقيد بالغاية حتى في الشرائع المتقدمة إلى ظهور خاتم الأنبياء عليه السلام وبذا يعلم أن ليس النزاع في إطلاق لفظ النسخ وكيف يتصور من المسلم وقد ورد في القرآن بل في ورود نص على خلاف حكم نص سابق غير موقت والحق أن بشارة موسى وعيسى عليهما السلام بشرع محمد عليه السلام يحتمل أن تكون لتفسيره أو تقريره أو نسخ البعض وغير لازم منه توقيت جميع أحكامهم المنسوخة.
لنا في مجرد جوازه القطع به عقلا أما إذا لم يعتبر المصالح أي للعباد فالله غني عن العالمين فظاهر لأن الله يفعل ما يشاء ولا يسأل عما يفعل وأما إذا اعتبرت تفضلا على ما عليه الفقهاء فلجواز اختلاف مصلحة الفعل أو الأمر باختلاف الأوقات وعلم الخبير القدير به وإن كان غيبًا عنا كشرب الدواء ففي ذلك حكمة بالغة لا بداء كما في الإماتة والإحياء وفيهما أمر آدم باستحلال الأخوات والجزء كحواء ونسخ في سائر الشرائع.
قيل: بناؤه على حجية شرع من قبلنا ما لم يرد مخالفه فأولى منه أن يقال ثم حرم عليه إذا وجد أولاد أولاده لاندفاع ضرورة التناسل وليس بشيء لأن الكلام ها هنا في مطلق النسخ لا في النسخ بشريعتنا أما وجوب الختان يوم ولادة الطفل في شريعة موسى عليه السلام بعد جواز تركه في شريعة إبراهيم عليه السلام وحرمة جمع الأختين عندهم بعد جوازه في شريعة يعقوب عليه السلام والسبب بعد جوازه قبلهم فقيل لا يصلح للتمسك لأن كلا منهما رفع الإباحة الأصلية ولا ترد بأن الإباحة فيها بالشريعة فإن الناس لم يتركوا سدى في زمان لأن تقييد الحكم بالشرعي مستدرك حينئذ بل بأن سكوت الأنبياء عند مشاهدتها تشريع منهم فكانت أحكامًا شرعية.
لليهود أولا قول موسى عليه السلام تمسكوا بالسبت ما دامت السماوات والأرض وهذه شريعة مؤبدة عليكم فإنه متواتر قلنا على أن التأبيد قد يستعمل في الزمان المديد لا نعلم أنه قوله ومتواتر كيف وكتابهم محرف لا يصلح حجة ولذا اختلف نسخها ولم يجز الإيمان بالتورية التي فيهم بل يجب بالتي أنزل على موسى عليه السلام وكيف يتواتر بعد بخت نصر وقد قتل علماء اليهود شرقا وغربا واحرق أسفار التوراة قيل اختلقه ابن الراونى ويؤيد كونه مختلقا أنهم لم يحتجوا به للنبي عليه السلام وإلا لاشتهر عادة ولو كان
لفعلوه عادة.
وثانيا: أن النسخ لحكمة ظهرت بداء ولا لها عبث وكلاهما على الله تعالى محال قلنا لحكمة لكن المتجدد نفس المصلحة كما في شرب الدواء لا العلم بهذا فلا بداء.
وسره كونه بيانًا بالنسبة إليه وإلا فإن وجد المصلحة الأولى وقت النسخ فلا تجدد وإلا فلا ثبوت فلا نسخ اولا لحكمة لكن المنفى قصدها والعلم المتجدد بها ولا عبث لأنه ما لا مصلحة فيه وإن سلم أن ما لا قصد إلى مصلحة فيه يمنع استحالته على الله تعالى.
وتنويره إن أريد بظهور الحكمة تجددها اخترنا الإثبات ولا بداء أو تجدد العلم بها اخترنا النفي ولا عبث ولا إحالة فيه.
وثالثا: أنه يوجب كون الشيء حسنًا وقبيحًا معا لا يجاب بأنه في زمانين كما فعل وإلا فلا رفع، قيل: ولأن اجتماعهما على مذهب من يجوز النسخ قبل التمكين من الفعل كما هو المختار إنما هو في زمان وليس بشيء لأن المجتمع فيه الفعلان المأمورية والمنهى عنه لا الحسن والقبح بل بان الحكم حال النسخ حسن ظاهرا قبيح حقيقة أما الأول فلبقائه بالاستصحاب لا يقال ليس بحجة عندنا فلا علم بحكمه إلا حال نزوله لأنه حجة إنما
علم عدم تغيره فإن العلم بعدم نزول المغير في زمن الرسول عليه السلام علم بعدم المغير إذ لو كان لبين قطعا أو لأن النص هو المفيد بالإجماع أن الأحكام الشرعية لها حكم البقاء إلى زمان نزول الناسخ على احتماله وهذا كله في زمنه أما بعده فكونه خاتم النبين الثابت بالتواتر الموجب لانسداد باب الوحى بعده المقتض لامتناع النسخ بعده يفيد البقاء يقينا وأما الثاني فلأن الحكم الأول مغيا بهذه الغاية في الحقيقة.
ورابعا: أن الحكم الأول إما مغيا بها فلا رفع بعد غايته أو موبد فلا نسخ لأربعة أوجه التناقض والتادية إلى أن لا يمكن التعبير عن التأييد وإلى نفي الوثوق بتأييد حكم وإلى جواز نسخ شريعتكم والثواني باطلة باعترافكم.
قلنا: بعد ما مر مغيا عند الله ولا ينافي رفعه بالنظر إلينا لا نعلم الحصر بل مطلق عن القيدين قيل ولو سلم فالتأييد قيد الواجب والنسخ للوجوب أي الفعل أبدًا واجب في الجملة وإذا جاز نسخ وجوب المؤقت قبل وقته مع النصوصية فهذا أولى فلا تناقض ولا تأدية لأن المنسوخ غير ما عبر عن تأييده والوثوق لفة ونسخ الحكم المؤيد غير نسخ حكم المؤبد.
وفيه بحث
فأولا: لأن نسخ الوجوب يستلزم نسخ الجواز عندنا كما مر أنه الحق فإذا نسخ
وجوب المؤبد لم يبق جوازه فارتفع تأييده أيضًا.
وثانيا: وفيه سر واضح حجابه.
وثالثا: يكشفه لوقته كتابه.
رابعا: لأن ترديدهم إما مغيا أو مؤبد إنما هو في محل النسخ وإذا كان محله الوجوب كان الترديد فيه فلا يتم ذلك مخلصا والتعويل على ما سلكه أصحابنا.
وخامسا: أنه لو جاز فرفع الحكم إما قبل وجوده والشيء قبل وجوده لا يرتفع وإما بعده أي بعد ابتداء وجوده حالة بقائه لا حالة عدمه بعد الوجود لأن انعدام المعدوم ممتنع لكن الموجود لا ينعدم بعينه أي لا يكون المقصود بالنسخ ارتفاع عينه بل أن لا يوجد مثله ثانيا فيعود إلى الارتفاع قبل الوجود وأما معه فلمثله النسخ وإما في الحكم التكليفي فذلك يجوز ارتفاع تعلقه قبل وجود الفعل كما بالموت كذا قيل.
وفيه بحث: لأن التردد إذا كان في الحكم كان معنى هذا القسم ارتفاع الحكم قبل وجود نفسه ولا شك في امتناعه.
لا يقال فالأولى اختيار أنه بعد الحكم حالة بقائه قوله الموجود لا ينعدم بعينه قلنا فلا انعدام لأن جميع الموجودات المنعدمة كذلك بل ينعدم بارتفاع بقائه.
لأنا نقول المرتفع وجودًا كان أو بقاء لا ينعدم حالة وجوده ولا بعده بعينه وإلا لكان موجودًا معدومًا معا فالحق شيدنا أركانه أن المرتفع لبقاء المطون الاستصحابي لا المتحقق قطعا وذلك كاف لإطلاق الارتفاع فلله در من أختار بيانه.
سادسا: أن الحكم في علم الله إما مؤبد فليزم من النسخ جهله وإما موقت بلا ثبوت له بعد الوقت فلا رفع قلنا موقت بوقت معين عنده لعلمه بالارتفاع بالنسخ لكن ذلك التوقيت مما يقرر النسخ لا ينافيه ولا يخلو عن البحث انه لما لم يثبت وقت النسخ كيف ينسخ والأولى أن المرتفع بقاؤه المطون في نظرنا كما مر.
ولنا على الأصفهاني أولا إجماع الأمة قبل ظهوره وان شريعتنا بخلاف كل الشرائع أي تنسخ أحكامها المخالفة.
وثانيا: أن شريعتنا إن توقفت على النسخ وهي ثابتة ثبت والأحاد إثباته بالأدلة الشرعية بلا دور فهنا الإجماع قبل ظهور ومنها نحو قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] الآية.
وثالث: أن التوجه إلى بيت المقدس نسخ بعد وجوبه إجماعا بالتوجه إلى القبلة وكذا الوصية للوالدين بآيات لمواريث وكذا ثبات الواحد للعشرة بثبات الواحد للاثنين وغيرها،
الثالث في محله وهو حكم يحتمل الوجود والعدم من حيث ذاته ولم يلحق منافيه من تأييد أو تأقيت ثبت نصا أو دلالة وإلا فلا نسخ.
وتنويره أن الحكم إما أن لا يحتمل العدم لذاته كالأحكام العقلية من أسماء الله وصفاته وما يجري مجراها من الأمور الحسية أو لا يحتمل الوجود كالممتنع أو يحتملها كالشرعية الفرعية فإن لحقه تأييد أي دوام ما دامت دار التكليف نصا كآيتى ادخلوا خالدين ولا حمل على المكث الطويل بلا قرينة وفيه الكلام. قيل ومنه: {وَجَاعِلُ الَّذِينَ اتَّبَعُوكَ فَوْقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 55] فهو تأييد في صورة التأقيت وذا باعتبار تضمنه الحكم بوجوب تقدم المؤمن على الكافر في الكرامات كالشهادة أو لأن مفهومه يحتملهما ذاتا كقوله عليه السلام: "الجهاد ماض إلى يوم القيامة" أو دلالة كالشرائع التي قبض عليها النبي عليه السلام كما مر أو توقيت كان يقول أحللت هذا إلى عشر سنين أو كان إخبارًا عن الأمور الماضية أو الحاضرة أو المستقبلية لم يقبل النسخ والإلزام خلاف قضية العقل والبداء والتناقض والكذب وإن أطلق فهذا هو المحل لجواز النسخ إذ لا دليل على البقاء عقلا أو نصا بل ظاهرا بخلاف الأقسام الستة فهذا كالبشرى يثبت الملك دون البقاء فينسخ لانعدام الداعي إلى شرعه لا أن الناسخ بعينه أبطله بل أظهره فلم يلزم تنافض وبداء واجتماع حسن وقبح في آن واحد بل في آنين ولو في فعل واحد كإيجاب الصوم غدا ونسخه قبله ولا يرد ذبح إسماعيل عليه السلام أنه مأمور به بعد الفداء لأنه فداؤه ومنهي عنه رحمه الله لأنه حرام قيل لأنه ليس بمنسوخ بل ثابت نحول مما أضيف إليه بسبب الفداء على ذلك قد صدقت الرؤيا أي حققت مما أمرت به بالإتيان ببدله فإن الإبدال ليس نسخا كالتيمم فذبح الشاة بالأمر الأول.
فأولا: لأنه لا أمر آخر والمأمور بلا أمر مح.
وثانيا: لأن موجب الفداء هو موجب الأصل كالشيخ الفاني هو المعلوم من نص النقدية كما عرف وأبرز في صورة ذبح الولد تحقيقا للابتلاء فيه وفي والده.
ورد بمنع أن الأمر بنفس الذبح بل بالاشتغال بمقدماته وإلا قال إني ذبحتك وقد اشتغل بها وبذا صدق الرؤيا، وأجيب أنه خلاف الظاهر فلا يصار إليه بلا دليل بل ترويع الولد والإقدام على المذبح بالجد دليل الظاهر والعبارة عن المباشرة إنما هي أذبحك أما ذبحتك فعبارة الفراغ عنها وتصديقه الرؤيا في الذبح حاصل وهو إمرار السكين على محل الذبح إمرار بالمبالغة.
وأقول فيه بحث لأن هذا الجواب محقق لاجتماع المأمورية والحرمة بعد الفداء لدافع والصحيح أن ذبح الولد مقيدا بالإتيان ببدله على الكيفية الواقعة من الترويع وغيره هو المأمور به من أول الأمر فلم يكن ذبح الولد مطلقا حسنًا أصلا.
فها هنا مسألتان الأولى لا يجوز نسخ الخبر عند الجمهور ماضيا ومستقبلا خلافا لبعض المعتزلة والأشعرية فإن أريد تكليف الشارع بالإخبار بشىء شرعي أو عقلي أو عادي فلا نزاع في جوازه لأنه للحكم في الحقيقة وكذا نسخ تلاوة الخبر لأنه لجوازها في الصلاة أو حرمتها لعلة الجنب أو نحوها وهل يجوز أن يكلفه الأخبار بنقيضه فعلى الرسول لا لأنه يرفع الثقة وعلى غيره نعم لجواز تكليفهم بالكتاب كما في المواضع الثلاثة خلافا للمعتزلة فهان أحدهما كذب والتكليف به قبيح فمبناه التقبيح العقلي وإن أيد نسخ الخارجي الذي يطابقه مفهوم الخبر فإن كان مما لا يتغير كوجود الصانع وحدوث العالم فلا اتفاقا للزوم الجهل والكذب كما في نسخ مدلوله النفسي وهو الجزم بالنسبة أو مما يتغير كإيمان زيد وكفره فالمختار لا لما مر خلافًا لهم ومنهم من أجازه في المستقبل فقط لأن الماضي قد تحقق قالوا إذا قال أنتم مأمورن بصوم رمضان ثم قال لا تصوموا رمضان جاز اتفاقا قلنا المنسوخ وجوب الصوم لا مدلول الخبر وهو وقوع الأمر.
تنبيهات
1 -
قوله أنا افعل كذا ألف سنة أو أبدا ثم قال أردت عشرين سنة جائز اتفاقا لكنه تخصيص إن وصل وإلا فغير مسموع لأنه بيان تغيير لا نسخ.
2 -
{يَمْحُو اللَّهُ مَا يَشَاءُ وَيُثْبِتُ} [الرعد: 39] قيل أي ينسخ ما يستصوب نسخه ويثبت بدله أو يتركه غير منسوخ وقيل يمحو من ديوان الحفظة ما ليس بحسنة ولا سيئة فلا دلالة فيه على نسخ الخبر.
3 -
قلة من الآخرين ليس ناسخا لقوله تعالى: {وَقَلِيلٌ مِنَ الْآخِرِينَ} [الواقعة: 14] لأنه إن صحت الحكاية فزيادة ألحقت بتضرعهم أو بدعاء الرسول عليه السلام وإلا وهو الأولى سياقا فالأولى في السابقين والثانية في أصحاب اليمين.
4 -
{إِنَّ لَكَ أَلَّا تَجُوعَ فِيهَا وَلَا تَعْرَى} [طه: 118] لم ينسخ بقوله فبدت لهما سوآتهما ولا آيات الوعيد بالخَلود في النار بقوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} [النساء: 48] بل هي من باب تقييد المطلق بالقرائن لأن مجهول التاريخ مقارن.
5 -
النزاع في خبر في غير الأحكام الشرعية أما فيها فكالآلام والنهي، الثانية في المقيد بالتأييد والتوقيت إن كانا قيدي الفعل نحو صوموا إلا الموالي كذا لأن الفعل يعمل بمادته
والوجود من الهيئة فالجمهور منا من السعة على جواز نسخه خلافا للجصاص وعلم الهدى والقاضي ابن زيد والشيخين ومن تبعهما أما إن كانا قيدي الوجوب نحو الصوم واجب مستمر أبدا لا يجوز اتفاقا أو ظاهرا محتملا نحو صوم رمضان يجب أبدا فإن الفعل أصل في العمل والمختار في التنازع أعمال الثاني ويحتمل ظرفا للصوم يجوز عند الجمهور ويحمل على خلاف الظاهر من أعمال إلا بعد وقيد على التجوز بالأبد عن المكث الطويل وفيه أن هذا التجوز يجوز في "يجب" أبدا أيضًا لا عندهم.
للجمهور أن أبدية الفعل المكلف به لا ينافي عدم أبدية التكليف به كما أن تقيده بزمان يجامع عدم تقيد التكليف به نحو هم غدا فمات قبله ولذا جاز نسخه اليوم كما مر وذلك لجواز اختلاف زمانيهما وإذا جاز ذلك في صم غدا مع قوة النصوصية فيما تناوله فهذا مع احتمال التجوز في الأبد أولى لا يقال تقييد الفعل بالأبدية لا من حيث هو بل من حيث كلف به فيستلزم أبدية التكليف به فإذا انتفت أبدية التكليف بالنسخ انتفت أبديته لأنا نقول إن أريد بالحيثية تقييد التكليف بها فليس يلازم ولئن لزم فملتزم وإن أريد اعتبارها في الفعل وقت التكليف فسلم ولا يقتضي تقييد التكليف.
وللمشايخ المتأخرين أولا أن ورود النسخ على الصوم الدائم والمؤقت يجعله غير دائم وموقت لأنه ينافيهما وعلى وجوبه يستلزمه لأنه إذا لم يجب جاز تركه فلم يدم فبين دوام الصوم ونسخ وجوبه منافاة نقيض كل لازم لملزومه فيكون مبطلا لنصوصية التأبيد كتأبيد الوجوب بعينه.
وثانيا: أن التأبيد بمنزلة التنصيص على كل وقت من الأوقات بخصوصيته ولا نسخ فيه بمنزلة التنصيص على وقته فقط من نحو صم غدًا أولا يرى أن التأبيد في الخبر قطعي حتى نسب حمل قوله: {خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا} [النساء: 57] في حق الجنة والنار وأهليهما على المبالغة إلى الزيغ والضلال فَكذا في الحكم إذْ لا فرق بينهما في دلالة اللفظ.
وثالثا: أن عدم الجواز في نحو الصوم واجب مستمر أبدا إن كان لكونه خبرا مؤديا إلى الكذب فكذا الصوم المستمر المؤيد في رمضان واجب وإن كان باعتبار كونه حكمًا وإيجابًا فالإيجاب المويد للصوم كالايجاب للصوم المؤيد في أن نسخه بداء فالفرق تحكم.
وأقول: هذا القول كان حقيقا بالقبول لو بني عدم جواز نسخ المؤيد على لزوم رفع نصوصية التأبيد كما هو المفهوم من الكتب حتى فرقوا بينه وبين نسخ بعض أفراد العام بأنه لا يوجب كون المراد ولا بعضها فلا يرفع نصوصية العموم وهذا يرفع نصوصية
التأبيد لكن سر المسألة عندي أن اجتماع الحسن والقبح في زمان واحد إن لزم امتنع لامتناع لازمه وإلا فلا فنسخ الوجوب المؤبد يستلزمه ولو في بعض أزمنة ما نسخ وجوب الفعل المؤبد فلا لاحتمال أن يكون زمان الوجوب غير زمان الفعل أو بعضا منه فيتصف بالقبح في غير زمانه كما في صم غدا ثم نسخه قبله.
وها هنا يطلع على خلل نكتهم فإن الفعل المؤبد إذا لم يلاحظ معه الحكم الشرعي لا يتصور نسخه ولا قبحه فكيف يستلزم نسخ وجوبه نسخه ولا نعلم أن لا نسخ في التنصيص على كل وقت إذا قيد به الفعل بل إذ قيد به الوجوب فليس الإيجاب المؤيد كإيجاب المؤبد.
وفي فرقهم أيضًا منع يستند بأن نسبة الأزمان إلى نصوصية التأبيد كنسبة الأفراد إلى نصوصية العموم عندهم فالرفع وعدمه مشتركان.
تتمة: لا مثال للتأبيد والتأقيت في نصوص الأحكام الشرعية فليس في هذا الخلاف كثير فائدة أما نحو {وَلَا تَقْرَبُوهُنَّ حَتَّى يَطْهُرْنَ} [البقرة: 222] فللتحريم في الحيض و {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ} [البقرة: 187] لإباحتهما في الليل وهما مطلقان لا مؤقتان وكذا نظيرهما.
الرابع: في شرطه هو التمكن من عقد القلب عندنا فإنه كاف وعند المعتزلة والصيرفي من الشافعية والجصاص وعلم الهدى والقاضي ابن زيد من الحنفية التمكن من الفعل أيضًا وهو أن يمضي بعد وصول الأمر إلى المكلف زمان يسع الفعل من وقته المقدر له شرعا ولا يكفي ما يسع جزعًا منه فكل من النسخ قبل دخول وقته أو بعده وقبل مضى ذلك القدر محل النزاع وبناؤه على أن الأصل عندنا عمل القلب فالنسخ بيان انتهاء مدته لكفايته مقصودا تارة كما في إنزال المتشابه وكونه أقوى المقصودين أخرى لتوقف كون العمل قربة عليه بدون العكس وعدم احتماله السقوط دونه وعندهم عمل البدن لأنه المقصود. بكل تكليف فصار النسخ لبيان انتهاء مدته فلو نسخ قبله كان بداء.
لنا أولا: خبر المعراج حيث نسخ الزائد على الخمس من الخمسين قبل التمكن من الفعل لا من عقد النبي عليه السلام وهو أصل وعقد جميع المكلفين ليس بشرط وهم ينكرون المعراج بمعنى الإسراء إلى المسجد الأقصى لثبوته بالكتاب بل بمعنى الصعود إلى السماء والحديث مشهور متلقى بالقبول كالمتواتر لا يمكن إنكاره.
وثانيا: أنه بعد وجود فرد من المأمور به أو زمان يسعه بدونه جائز اتفاقا وإن كان ظاهر الأمر يتناول كل ما في العمر فكما بين النسخ ثمة أن الأدنى هو المقصود ولم يؤد إلى
البداء فكذا هنا بل أولى.
وثالثا: أن النسخ يقتضي تحقق المنسوخ ليكون بيانا لانتهاء حسنه وقبح ما يتصور من أمثاله ولما لم يتحقق قبل الفعل بعد التمكن إلا عقد القلب مع الاتفاق في جواز نسخه علم أن محكم المقصود من الأمر ذلك وعمل البدن الروائد كالتصديق والإقرار في الإيمان.
أما التمسك بأن التكليف ثابت قبل وقت الفعل فيجوز رفعه بالنسخ كما بالموت من حيث يمكن مع ثبوت التكليف مع الموت لأن شرطه الحياة عقلا فلا رفع وبأن كل تكليف قبل وقت الفعل أو معه أو بعده لا نسخ لتعين الإطاعة والعصيان من حيث إن ليس كل نسخ كمحل النزاع لجواز أن يكون قبل وقت الفعل وبعد التمكن بوجود الوقت الذي يسعه وبقصة الذبح حيث أمر به لقوله تعالى: {افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ} [الصافات: 102] ولا قدامه وترويعه ونسخ قبل وقته لأنه لم يفعل فلو حضر وقته كان عاصيا من حيث إمكان أن يكون موسعا وقد انقضى منه ما يسعه ولا يعصي به ومثل هذا التعلق بالمستقبل لا يمنع النسخ عندهم ولا يرد لو كان موسعًا لآخر الإقدام والترويع رجاء أن ينسخ أو يموت فمثله من عظائم الأمور يؤخر عادة لأنا لا نعلم عدم التأخير فكونها في أول أوقات الإمكان غير معلوم أو من حيث أنه ليس بنسخ كما مر فإن الاستخلاف ليس نسخا.
ويكون مقرر للأصل وفائدة الأصل ابتلاؤهما بالانقياد وحرمة الذبح بعد الفداء حرمة أصلية معتادة كاستخلاف عقد الذمة عن الحرب لا شرعية ليقال التحريم بعد الوجوب نسخ لا من حيث أنه لم يؤمر بل يوهمه من الرؤيا أو لم يؤمر إلا بمقدمات الذبح وقد فعلها أو أنه ذبح لكن كان كلما قطع شيئًا التحم عقيبه أو خلق صفيحة نحاس يمنعه إذ لولا الأمر لم يقدم على المحرم ولما سماه بلاء مبينا ولما احتاج إلى الفداء ولكان على أصلهم توريطا لإبراهيم عليه السلام في الجهل بما يظهر أنه أمر وليس نقله معتبرًا والأمر بالذبح مع الصحيفة تكليف بالمحال فلا يجوز عندهم فليس شيء منها بشيء.
ولهم بعد ما مر من البداء أن الفعل لا بد من وجوبه وقت النسخ وإلا فلا رفع فلو عدم وجوبه به لكان مأمورا به وغير مأمور به حينئذ قلنا إن صح منع النسخ مطلقا وحله جواز كونه مأمورا به في وقت وجائزا تركه في وقت بعده هو وقت النسخ وكلاهما قبل وقت الفعل المقدر له شرعا فلا تناقض كذا قيل وحاصله أن زمان التكليف متعدد وإن اتحد زمان الفعل ولا يتم إلا مع حديث الاستصحاب المار إذ لا نسخ وقت الوجوب.
وها هنا مسائل
الأولى: شرط بعضهم في نسخ التكليف تكليفا يكون بدلا عنه أي خطابا لا وضعيا
سواء كان فيه كلفة كالوجوب والتحريم أو لا كالإباحة الشرعية والجمهور على جوازه بدونه.
لنا أولا: أن لا مصلحة وإلا فلعلها فيه بلا بدل.
وثانيا: وفوعه كنسخ وجوب تقديم الصدقة عند مناجاة الرسول عليه السلام فالإباحة أصلية أما الإباحة بعد نسخ وجوب الإمساك عن المباشرة بعد الإفطار وتحريم لحوم الأضاحي فشرعية وإنما تصح مثالا لو أريد بالتكليفى إلزام ما فيه كلفة لهم أو لا: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] الآية ولا يتصور الخير والمثل إلا في البدل والجواب عنه بأن الآية هو اللفظ فبدلها لفظ فالمراد نأت بلفظ خير لا بحكم خير والنزاع في الثاني لما سيجيء أن ليس المراد اللفظ بل بأن الحكم أعم من البدل والشرعي فلعل الخير في حكمة الله عدم الحكم الشرعي وهو حكم أصلى ولئن كان فربما كان مخصصا بما نسخ لا إلى بدل ولئن كان فدلالته على عدم الوقوع والكلام في عدم الجواز.
الثانية: شرط بعض الشافعية كون البدل تكليفا أخف كنسخ وجوب ثبات الواحد للعشرة بوجوب ثبات الواحد للعشرة بوجوب ثباته للاثنين وتحريم الأكل بعد النوم في رمضان بإباحته أو مساويا كنسخ وجوب التوجه إلى بيت المقدس بوجوبه إلى المسجد الحرام والجمهور على جوازه بدونه.
لنا ما تقدم من حديث المصلحة والوقوع كنسخ التخيير بين الصوم والفدية بتعيين الصوم وصوم عاشوراء وهي يوم بصوم شهر رمضان ووجوب الحبس في البيوت على الزاني بالجلد أو الرجم والصفح عن الكفرة بقتال مقاتليهم ثم يقتالهم كافة.
لهم أولا: أن النقل إلى إلا نقل أبعد مصلحة قلنا بعد النقض بأصل التكليف لا نعلم وجوب رعاية المصلحة ولئن كان فلعلها في الأثقل بعد الأخف كمن القوة إلى الضعف والصحة إلى السقم والشباب إلى الهرم.
وثانيا: بعد قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] الآية والخير هو الأخف والمثل هو المساوي والأشق ليس بشيء منهما قلنا خير باعتبار الثواب قال تعالى: {ظَمَأٌ وَلَا نَصَبٌ} [التوبة: 120] الآية وقال عليه السلام: "أجرك بقدر نصبك"(1) ويقول للمريض الجوع خير لك.
وثالثا: قوله تعالى: {يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُخَفِّفَ عَنْكُمْ} [النساء: 28]، {يُرِيدُ اللَّهُ بِكُمُ
(1) لم أجده.
الْيُسْرَ} [البقرة: 185] الآية والنقل إلى الأثقل تعسير قلنا الآية مطلقة لا عامة والسلام للجنس لا للاستغراق ولئن كان فالسياق دليل إرادته في الآخرة كتخفيف الحساب وتكثير الثواب ولئن كان فحاز باعتبار ما يؤل إليه لأن عاقبة التكليف هذان ولئن كان دنيويا وحقيقة فخصوص بما مر من النسخ بالأثقل تخصيصه بأنواع التكاليف الشاقة والباليات في الأبدان والأموال.
الثالثة: بلوغ الناسخ إلى المكلف بعد الرسول شرط لزوم حكمه فبين التبليغين لا يلزم كما قبل التبليغ إلى الرسول خلافا لقوم.
لنا أولا: لزوم اجتماع التحريم والتحليل أن ترك العمل بالأول لحرمته للناسخ ووجوبه لعدم اعتقاد نسخه وكذا إن عمل بالثاني لعكسها.
وثانيا: لو ثبت قبله لثبت قبل تبليغ جبرائيل أيضًا بعد وجوده لاستوائها في وجود الناسخ وعدم علم المكلف به والفرض أنه لا يمنع والتالي باطل اتفاقا لهم أنه حكم محدد لا يعتبر علم المكلف به كما عند بلوغه إلى مكلف واحد.
قلنا الفارق بينهما وهو التمكن من العلم معتبر قطعا وإلا كان تكليف الغافل وهو من ليس له صلاحية اللهم لا من ليس عالما وإلا لم يكن الكفار مكلفين.
الخامس في الناسخ والمنسوخ: وفيه مباحث: الأول الإجماع "لا يصلح ناسخا ولا منسوخا"(1) خلافا لبعض مشايخنا (2) لأن زمن الإجماع بعد عهد الرسول إذ لا إجماع فيه دون راية وهو منفرد ولا نسخ بغده عليه السلام وسقوط نصيب المؤلفة في زمن أبى بكر رضي الله عنه لسقوط سببه لا بالإجماع وهذا وإن عم صورة فالمراد به أن لا ينسخ الكتاب والسنة به وبالعكس لا الإجماع بالإجماع فذلك يجوز.
والفرق أنه لا ينعقد مخالفا لهما ولو وجد فبنص هو المعارض بخلافه في مصلحة ثم في أخرى، وقيل: لا يجوز مطلقا أما ناسخيته فلأنه إما عن نص فهو الناسخ وإما لا عنه فالأول إما قطعي ولا إجماع على خلاف القاطع لكونه خطأ وإما ظني فقد انتفى بمعارضة الإجماع القاطع فلا ثبوت لحكمه فلا رفع.
وفيه بحث: فإن للإجماع عبرة وإن لم يعرف نصه وأيضًا إذا عرف نصه ربما لم
(1) وهو قول الجمهور، انظر المستصفى للغزالي (1/ 126)، المحصول لفخر الدين الرازي (1/ 561)، اللمع لأبي إسحاق الشيرازي (ص/33)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (2/ 81).
(2)
وهو قول بعض المعتزلة، وعيسى بن أبان، انظر الحصول لفخر الدين الرازي (1/ 561) إحكام الأحكام للآمدي (3/ 229).
يعرف تاريخه فلم ينسخ بخلاف الإجماع المتراخي والإجماع على خلاف الظني لا يجب قاطعيته فلعله ظني راجح ولئن سلم فالثابت قبل انعقاده ولو بالظني إذا ارتفع به صار نسخا كارتفاع الثابت بالظني من الكتاب وخبر الواحد إذا نزل نص قطعي بخلافه وأما منسوخيته وهو رفع الحكم الثابت به فإما بقاطع من نص أو إجماع فيكون الإجماع الأول على خلاف القاطع وهو مح وإما لا به وكيف ينسخ القاطع بغيره ولا يقدم الأضعف بالإجماع.
أما القياس القطعي الذي نص الشارع على عليته فالنسخ به نسخ بالنص القاطع وفيه أيضًا بحث إذ إنما يتم لو كان الإجماع الأول قطعيا وهو غير لازم وكان منشأ لنزاع ذلك.
لهم في جواز ناسخيته مطلقا قول عثمان رضي الله عنه بعد ما قال ابن عباس رضي الله عنه كيف تحجب الأم بالأخوين وليس الأخوان إخوة حجبها قومك يا غلام فأبطل حكم القرآن بالإجماع قلنا الإبطال به يتوقف على القطع بعدم حجب ما ليس بإخوة وذا فرع المفهوم وعلى أن الأخوين ليسا إخوة وذا فرع أن الجمع لا يطلق على اثنين ثم هذا بالظاهر لجواز البخاري ولو سلم القطع فيهما فالإجماع الأول مشروط بعدم الثاني فحين انعقد لا إجماع غيره.
الثاني أن القياس المظنون لا ينسخ به ولا ينسخ أعم من أن يكون جليا أو خفيا واستنباطًا أو قياس شبه خلافا لابن عباس وابن سريج من الشافعية مطلقا ولأبي القاسم الإنماطي في نسخ قياس الاستنباط القرآني للقرآن والسني للسنة لأنه بنوعه في الحقيقة دون قياس الشبه أو في القياس الجلي في رواية أما الأول فلأن شرطه التغذية إلى ما لا نص فيه والمنسوخ ثابت بالنص أو بما فيه نص ولما سيجيء في السنة من اتفاق الصحابة على ترك الرأي ولو بخبر الواحد وقيل لأن الحكم الأول إما قطعي فلا يرتفع به وإما ظني مرجوح وإلا فلا نسخ فعند ظهور الراجح بطل شرط العمل به وهو رجحانه فلا حكم له فلا رفع وبذا يعرف أنه لا ينسخ إذ لا حكم له عند ظهور الراجح.
وفيه بحث لأن المرتفع بالناسخ لحكم المطون ثبوته في وقت ظهور لولاه لا المتحقق وإلا لتناقض كما مر ولا ريب أن الظني السابق ثابت حينئذ لولاه ورفع المرتفع المرتفع بهذا الرافع متحقق ها هنا كما مر من نسخ الظني من الكتاب السنة بقطعي أو راجح منهما.
قيل بينهما فرق هو أن الناسخ المتراخي ليس بموجود حين العمل بهما والقياس
موجود لأنه مظهر لا مثبت قلنا على أنه لا يفيد في إبطال منسوخيته غير لازم لجواز أن يكون النص الذي يظهر حكمه متراخيا نعم لو قيل لما كان مظهرًا كان الناسخ والمنسوخ في الحقيقة نصه لا نفسه لكان شيئا ولا سيما لا نسخ بعده عليه السلام والعبرة في زمنه عليه السلام بالنص.
قال الشافعي رحمه الله: القياس المقطوع وهو ما جميع مقدماته قطعية كأن كان حكم الفرع أقوى كحرمة الضرب على حرمة التأفف أو مساويا كحرمة صب البول في الماء الدائم على حرمة التبول فيه أو أدنى كحرمة النبيذ على حرمة الخمر ينسخ بالمقطوع في حياته عليه السلام سواء كان الناسخ نصا كالنص القطعي على خلاف حكم الفرع أو قياسا كالنص على خلاف حكم الفرع في محل يكون قياس الفرع عليه أقوى وهذا متفق على جوازه بينهم أما القياس على حكم الأصل المنسوخ فمختلف فيه كما سيجيء وأما بعد حياته عليه السلام فلا نسخ نعم قد يظهر أنه كان منسوخا.
وفيه بحث فإن القسمين الأولين مفهوم الموافقة المسمى عندنا دلالة النص والثالث ممنوع قطعيته وأيضًا فاعتبار ولا قرار للرأي في عهده دون الرجوع إليه.
للمجوزين مطلقا قياسه على التخصيص به ولا يصلح كون أحدهما في الأعيان والآخر في الأزمان فارقا إذ لا أثر له قلنا بعد النقض بالإجماع والعقل وخبر الواحد حيث يخصص بها ولا ينسخ الدفة أهون من الرفع وللأنماطي أنه نسخ بالنص في الحقيقة قلنا لا نعلم فإن الوصف المدعى علة غير مقطوع بأنه علة المنصوص حتى لو كان مقطوعا كالعلة المنصوصة جاز.
الثالث: أن النسخ بعدهما إما للكتاب أو السنة وكل بنوعه أو بالأجر فالكتاب به كالعدتين والسنة بها كإخبار وخالف الشافعي رضي الله عنه في المختلفين على نسخها به في رواية.
لنا فيه أولا: إمكانه في نفسه وعدم لزوم المحال كعكسه وبلا منع السمع فإن بيان أمد الحكم والله تعالى بعثه مبينا فمن الجائز أن يتولى بنفسه بيان ما أجرى على لسانه كعكسه.
وثانيا: وقوعه كنسخ التوجه إلى بيت المقدس وقد فعله عليه السلام في المدينة ستة عشر شهرا وحرمة المباشرة بالليل وصوم يوم عاشوراء وليس في الآيات ما يدل عليها بقوله تعالى: {فَوَلِّ وَجْهَكَ} [البقرة: 144] والآن باشروهن وفمن شهد منكم قيل يجوز أن يكون نسخها بالسنة ويوافقها القرآن أو يثبت المنسوخ بشرائع من قبلنا أو بقرآن نسخ تلاوته قلنا لو قدح ذلك لما صح إجماع العلماء على صحة الحكم بناسخيه
نص علم تأخره كما يخالفه وحجية شرائع من قبلنا معتبرة بما قص فيه ولم يقص في الكتاب وما نسخ تلاوته لا يسمى قرآنا بل سنة لأنه وحي غير متلو ولذا لا يجوز به الصلاة ومنه مصالحة الرسول عليه السلام أهل مكة من الحديبية على رد نسائهم ثم نسخ بقوله تعالى: {فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ} [الممتحنة: 10] الآية وربما يتمسك بنسخ الشرائع السالفة بشريعتنا فيحتمل حجة له لأنها ما ثبتت إلا بتبليغه عليه السلام فلها حكم السنة ولعكسه لأنها ثابتة بالوحي المتلو وقد نسخ كلها أو بعضها في حقنا بقول أو فعل منه عليه السلام.
له أولا: لتبين للناس فلا يكون ما جاء به رافعا قلنا المعنى من البيان التبليغ ولو سلم فالنسخ بيان أمد الحكم ولو سلم فيدل على مبنيته في الجملة ولا ينافي كونه ناسخا لما ارتفع منها.
وثانيا: أنه مطعنة للناس توجب نفرتهم قلنا إذا علم أنه مبلغ لا غير لم يوجبها كما في الأقسام الأُخر.
ولنا في عكسه بعد ما تقدم من إمكانه ووقوعه ومنه ما سيجىء من أن أهل قباء استداروا في خلال الصلاة بقول ابن عمر رضي الله عنه إن القبلة قد حولت إلى الكعبة ولم ينكره الرسول عليه السلام أن المنسوخ بها حكم الكتاب لا نظمه وهي في حقه وحي مطلق مثله ولا لضحك بنسخ التوجه إلى الكعبة في الابتداء بالسنة الموجبة للتوجه إلى بيت المقدس لاحتمال كونهما بالسنة وهو الظاهر ولا بنسخ الوصية للوالدين والأقربين بقوله عليه السلام: "لا وصية لوارث"(1) لأنه لا يصلح ناسخا وليس متواتر الفرع حتى يجعل مشهورا وإن تلقته الأمة كيف ولم يذكره في الخلف البخاري ومسلم والنسائي وفي السلف مالك ولأن النسخ بآية المواريث لا لكونها مترتبة على وصية منكرة نسخت بإطلاقها المعهودة السابقة وإلا لوجب ذكرها أيضًا وإطلاق المقيد نسخ كتقييد المطلق وليست عينها لإعادتها نكرة ولر سلم لم يدل الآية على تقدم وصية إلا جانب ولم يستند الإجماع إلا إليها وذلك لجواز كونها شاملة لها وإن لم يكن عينها ولو سلم مباينتها لا ينفيها إلا بمفهوم اللقب لأن في قوله تعالى: {يُوصِيكُمُ اللَّهُ} [النساء: 11] إشارة إلى أنه تولى بنفسه بيان حق كل من الأقارب بعد ما فوضه إلينا لعجزنا عن معرفة مقاديره كما قال تعالى: {لَا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ} [النساء: 11] وقد أوضحها قوله عليه السلام: "إن
(1) تقدم تخريجه.
الله أعطى كل ذي حق حقه" (1) ولا وصية لوارث.
تحريره أن الوصية شاملة شرعا للأوامر والنواهي والمواعظ والتخصيص بالتبرع بعد الموت عرف فقهي طارئ وهي للأقارب كانت مفوضة إلينا هو المفهوم من قوله بالمعروف ثم أوجبها الشارع مقدرة في آية المواريث ولا شك أنها تنافي المفوضة فنسخها وحين لم ينسخ بها إلا وصية الأقارب لتلك المنافاة بقيت وصية الأجانب فتعينت مراده بقوله {بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِهَا} [النساء: 11] والحديث أوضح الأمرين نسخ الوصية المفوضة وإن المنسَوخة وصية الأَقارب.
وهذا تحقيق لكلام المشايخ لم أسبق إليه وبه يندفع أن إيجاب حق بسبب لا ينافي إيجابا كان بسبب آخر ولا نسخ بدون المنافاة وقال شمس الأئمة المنتفي بآية المواريث وجوب الوصية لا جوازها فالجواز نسخ بالحديث.
وفيه بحث لأن الجواز إباحة أصلية لا يكون رفعها نسخا ولا ينسخ الإمساك في البيوت أو الجلد لظاهر عمومه في حق الحصين بالرجم يفعله أو قوله عليه السلام إما لما روينا عن عمر رضي الله عنه أن الرجم كان مما يتلى في كتاب الله وهو قوله "الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما" وإما لأن قوله تعالى {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: 15] بمعنى إلى أن فكان وجوب الإمساك مغيا به فبين عليه السلام إجماله بقوله أو فعله وذا جائز اتفاقا لأنه ليس نسخا وهذا أولى لما سبق أن المنسوخ تلاوته في حكم السنة فإن تواتر أو اشتهر فقد صح التمسك وإلا فلا يصح ناسخا على ما سيجيء ولا بنسخ لا يحل لك النساء من بعد بقول عائشة رضي الله عنها ما قبض رسول الله حتى أباح لله تعالى له من النساء ما شاء إن قوله من بعد محكم في التأييد ولو سلم فبقوله {إِنَّا أَحْلَلْنَا لَكَ أَزْوَاجَكَ} [الأحزاب: 50] الآية.
وقولها أباح ظاهر في أنها في الكتاب ولا بنسخ {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّمًا} [الأنعام: 145] الآية بنهيه عن أكل ذي ناب إما لأنَ النهي رافع للإباحة الأصلية لا بحكم قوله: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ} [البقرة: 29] لأن معناه كما قيل خلق الكل للكل لا كل واحد لكل واحد ولئن سلم فالحديث مخصص لا ناسخ أو لأن معناه لا أجد إلا أن والتحريم في المستقبل لا ينافيه ولا ينسخ قوله تعالى: {وَإِنْ فَاتَكُمْ
(1) هو ضمن حديث لا وصية لوارث، أخرجه ابن الجارود في المنتقى (1/ 238) ح (949)، وغيره، وتقدم تخريجه.
شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ} [الممتحنة: 11] الآية بالسنة إذ منسوخ ولأبتلى ناسخة لا يقال ولم يظهَر في السنة أيضًا لأن القرآن محصور دونها ولا نسخ للمتلو بأحدهما وذلك لأدْ في كونه منسوخا اضطرابا فقيل وردت في أن يعطي لمن ارتدت امرأته ولحقت من غرم الصداق على سبيل الندب.
وقيل: على سبيل الوجوب لكن من مال الغنيمة لا من كل مال فعنى عاقبتم غنمتم أو غلبتم ثم لم ينسخ وقيل نسخ بآية القتال وقيل بقوله تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ} [النساء: 29] ومع هذه الاحتمالات لا تمسك ولا بتقرير النبي عليه السلام قول أبي رضي الله عنه حين نسي آية فقال لأبي هلا ذكرتنيها فقال ظننت أنها نسخت فقال عليه السلام: "لو نسخت لأخبرتكم ولم يكن له ناسخ في الكتاب لجواز أن يعتقد نسخها بآية لم تبلغه لضيق الوقت أو لعله ظن النسخ بالإنشاء كيف وقد مر أن السنة لا تصح ناسخة لنظم الكتاب لتقوم مقامه في الإعجاز وصحة الصلاة وغيرهما.
له أولا قوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ} [البقرة: 106] الآية إما لأن السنة ليست خبرا ولا مثلا أو لأن ضمير نأت الله تعالى قلنا المراد خيرية الحكم أو مثليته في حق المكلف حكمة أو ثوابا كسورة الإخلاص تعدل ثلث القرآن إذ لا تفاضل في القرآن من حيث اللفظ وبلاغته لكون جميع مقتضيات الأحوال مرعيا في كل منه ولذا لم يتفاوت في صحة الصلاة به وكره فعل يوهم اعتقاده على أن حكم القرى كما مر مثل السنة، والسنة أيضًا من عنده لقوله تعالى:{وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (3) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (4)} [النجم: الآيات 3، 4] وبه يعلم الجواب عن تمسكه.
ثانيا: بقوله تعالى: {قُلْ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أُبَدِّلَهُ مِنْ تِلْقَاءِ نَفْسِي} [يونس: 15] حيث يكون تبديله من الله تعالى كان بالسنة أو بالاجتهاد الذي يفعله بإذن الله لا من تلقاء نفسه أو المراد لا أضع لفظا لم ينزل مكان ما أنزل.
وثالثا: قوله عليه السلام: "إذا روى لكم عني حديث فأعرضوه"(1) الحديث فقد دل على رده عند المخالفة قلنا خبر العرض إن سلم ثبوته ففيما أشكل تأريخه ليحمل على المقارنة فيرد لعدم قوته على المعارضة أو أشكل صحته فلم يصلح لنسخ الكتاب به.
الرابع: لا ينسخ المتواتر كتابا كان أو سنة بآحاد لا يفيد القطع بالقرآن إلحاقه وينسخ بالمشهور وأما الأول فلأن المظنون لا يقابل القاطع قالوا التوجه إلى بيت المقدس كان
(1) لم يثبت فيه شيء، وانظر كشف الخفاء للعجلوني (2/ 569).
متواتر فاستداروا في قباء بخبر الواحد ولم ينكره الرسول عليه السلام قلنا للقطع بالقرآن فإن نداء مناديه عليه السلام بحضرته في مثلها قرينة صدقة عادة وبه يجاب عن تمسكهم ثانيا ببعثه الآحاد ليبلغ مطلق الأحكام حتى ما ينسخ متواتر لو كان وأما الثاني فلأن النسخ من حيث بيانه يجوز بالأحاد كبيان المجمل والتخصيص ومن حيث تبديله بشرط المتواتر فيجوز بالمتوسط بينهما عملا بشبهيه.
تحصيل: لتعيين الناسخ من المنسوخ طرق صحيحة كالعلم بالتاريخ وتنصيص الرسول بناسخيته صريحا كهذا ناسخ أو دلالة كأحاديث كنت نهيتكم وكالإجماع وكذا تنصيص الصحابة خلافا لمن لا يرى التمسك بالأثر.
ولهم إذا تعارض متواتران فعين الصحابي أحدَهما أنه ناسخ قولان من حيث أن الناسخ آحاد وربما قاله اجتهادا وإليه يميل أبو الحسين أو متواتر والأحاد دليل ناسخيته فقد يقبل مآلا ما لا يقبل ابتداء كالشاهدين في الإحصان دون الرجم المرتب عليه وشهادة النساء في الولادة دون النسب وهو مذهب القاضي عبد الجبار وقال الكرخى إن قال هذا نسخ ذاك لم يقبل وإن قال هذا منسوخ قبل لان الإطلاق دليل ظهوره عنده وفاسده كتأخره في المصحف إذ لم يرتب ترتيب النزول وكحداثة سن الصحابة أو تأخر إسلامه إذ لا يلزم منهما تأخر منقولهما إلا أن ينقطع صحبة الأول قبل الثاني فيرجع إلى العلم بالتاريخ وكموافقته للبراءة الأصلية فيجعل متأخرا ليفيد وذلك لأن تأخره يستلزم تغييرين والأصل قلته لا نسخين لأن رفع الحكم الأصلي ليس نسخا.
تنبيه: إذا لم يعلم الناسخ وجب التوقف لا التخيير كما ظن لأن فيه رفع حكمهما أحدهما حق قطعا.
الخامس: الثابت بدلالة النص يجوز نسخه مع نسخ الأصل دونه بلا عكس لأن حكم الأصل ملزومه كتحريم التأفيف والضرب فرفع اللازم ملزومه رفعه لأنه عكس نقيضه بلا عكس.
للمجوز مطلقا أنهما دلالتان متغايرتان فجاز رفع كل بلا أخرى قلنا لا نعلم الكبرى عند الاستلزام. وللمانع مطلقا من طرف الأصل ما مر ومن طرف الفحوى أنه تابع لا يبقى بدونه قل ضد التبعية في الدلالة والفهم لا في ذات الحكم والمرتفع بالنسخ ذاته لا دلالة اللفظ فلا يتم التقريب.
السادس: إذا نسخ حكم أصل القياس لا يبقى حكم فرعه خلافا للبعض ثم بينهم في
أنه يسمى نسخا لحكم الفرع نزاع لفظي.
لنا أن نسخه يوجب إلغاء علية علته لأنها بترتب الحكم وبانتفائها ينتفي الفرع، لهم أنه تابع للدلالة لا الحكم كما في الفحوى.
قلنا بل يلزم هنا انتفاء الحكمة المعتبرة في الفرع لاتحادها لا في الفحوى؛ لأن حكمه الأصل ثمة كالتعظيم المحرم للتأفيف أقوى فلا يلزم من ارتفاعه ارتفاع الأدنى كالتعظيم المحرم للضرب.
قالوا أنتم قستم الفرع بالأصل في عدم الحكم بجامع عدم العلة ولا يصلح جامعا.
قلنا لا بل حكمنا بانتفاء الحكم المعين لانتفاء علته المخصوصة وذا ليس قياسا إذ لا يحتاج إلى أصل وفرع وعلة.
هذا جواب القائلين بالاستدلال وسنبين إن شاء الله تعالى أنه راجع إلى أحد الأربعة فهذا إما على إجماع القائلين بالحكم والمصالح أن الحكم لا يثبت بلا حكمة ما وإما إلى النصوص المفيدة له نحو: {قُلْ لَا أَجِدُ فِي مَا أُوحِيَ إِلَيَّ} [الأنعام: 145] الآية وإما إلى قياس بجامع صالح.
السابع: أن المنسوخ أربعة عندنا لتلاوة مع الحكم المستفاد منها أو أحدهما.
والرابع: وصف الحكم فالمورد منسوخ الكتاب إن اختص التلاوة به ونسخ بعض الحكم مندرج فيه اندراج نسخ الشرط تحت الوصف فالأول كصحف إبراهيم عليه السلام وما روت عائشة رضي الله عنها أنه كان فيما أنزل عشر رضعات محرمات وذلك إما بدليل شرعي أو بموت العلماء أو بالإنسان وذا جائز في حياته للاستثناء في قوله تعالى:
{سَنُقْرِئُكَ فَلَا تَنْسَى (6) إِلَّا مَا شَاءَ اللَّهُ} [الأعلى: 6، 7] ولقوله تعالى: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا} [البقرة: 106] وروى عن أبي بن كعب رضي الله عنه أن سورة الأَحزاب كانت تعدل سورة البقرة لا بعد وفاته عليه السلام صيانة للدين بقوله تعالى: {وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ} [يوسف: 12] خلافا لبعض الرافضة والملحدة ورواياتهم مردودة والثاني والثاكَ أنكرهما بعض المعتزلة.
لنا أولا: جوازه من حيث إن اللفظ أحكاما مقصودة كالإعجاز وجواز الصلاة والثواب بقرائنه وحرمتها على نحو الجنب لا تلازم بينها وبين الحكم المستفاد منه فيجوز افتراقهما نسخا كسائر المتباينة.
وثانيا: وقوعه فالتلاوة فقط كما روى عمر رضي الله عنه أنه كان فيما أنزل الشيخ والشيخة إذا زينا فارجموهما نكالا من الله ويراد بهما عرفًا المحصن والمحصنة لأن الشيخوخة
تستلزم الدخول بالنكاح عادة وكمتتابعات في قراءة ابن مسعود رضي الله عنه لأنه لما الحق بالمصحف ولا تهمة في روايته حمل على نسخ نظمه وبقاء حكمه وللمنع فيه وهو أن التواتر في القرآنية شرط فيها ولم يتحقق فيما نسخت تلاوته فلم يكن الباقي حكم القرآن.
جوابه: هو أن ذلك في حقنا أما في حق الرواة فيثبت بإخبار الرسول عليه السلام أنه من عند الله غايته كونه قرآنا فيما مضى بالظن ولا محذور فإن القطع شرط فيما بقى لا فيما نسخ والحكم فقط كنسخ إيذاء الزواني باللسان وإمساكهن في البيوت والاعتداد بالحول ووصية الوالدين وسورة الكافرين ونحوها.
لهم أولا فيهما أن التلاوة والحكم متلازمان كالعلمية مع العلم والمنطوق مع المفهوم قلنا بعد أن لا عالمية فإنها عين قيام العلم بالذات إذ الحال لا نعلم لزوم المفهوم إن أريد به الموافقة كما هو اللائق ولذا صح قول الملك إذا استوجب شريف حدا اجلده ولا تقل له وإن أريد المخالفة فلا نعلم ثبوته فضلا عن لزومه ولئن سلمنا فالتلازم بين التلاوة والحكم لكونهما إمارته وذا في الابتداء لا البقاء ولذا يتكرر التلاوة دون الحكم والنسخ في البقاء.
أما المثالان فالمتلازم بينهما لو ثبت ثبت في الحالين وبذا يسقط بأن لهم أن النص وسيلة حكمه فلا اعتبار لها عند فواته كوجوب الوضوء بعد سقوط الصلاة وأن الحكم لا يثبت إلا به فلا يبقى دونه كالملك الثابت بالبيع بعد انفساخه وذلك أن التوسل والنسب هنا في الابتداء وفي الصورتين مطلقا وثالثا ورابعا في بقاء التلاوة أنه يوهم بقاء الحكم وأنه تجهيل قبيح وأنه يبطل فائدته والقرآن منزه عنه قلنا بعد بطلان التقبيح العقلي إنما يكون تجهيلا لو لم ينصب عليه دليلا وهو للمجتهد دليله وللمقلد الرجوع إليه ولمجرد التلاوة فائدة كالأحكام اللفظية وأما الرابع وهو نسخ وصف الحكم كالأجزاء والاعتداد وحرمة ترك الواجب بزيادة جزء في الواجب المخير كالشاهد والمبين علي قسمي الاستشهاد أو المعين كركعة على ركعتي الفجر ومنه زيادة التغريب على الجلد وعشرين على أربعين سوطا وإن فارقاها بعدم وجوب الاستيناف لعدم وجوب الاتصال بين أجزائه أو شرط كالطهارة على الطواف ومنه زيادة قيد الإيمان على مطلق الرقبة.
وذكر ابن الحاجب من صورها رفع مفهوم المخالفة كإيجاب الزكاة في المعلوفة بعد نص السائمة ورد بعدم صحته محلا لنزاع الحنفية لعدم قولهم به فوجه بأنه تفريع على تقدير القول به وأنكره الشافعية والحنابلة مطلقا وقوم غير مفهوم المخالفة وهو الجزاء والشرط وقال عبد الجبار رحمه الله إن غيرت تغييرا شرعيا وفسره أبو الحسين بأن
جعلت الأصل كالعدم ووجب أصنافه فنسخ كزيادة الركعة وإلا فلا كالتغريب والعشرين فأورد عليه أن زيادة شرط منفصل كالطهارة في الطواف ليس نسخا عنده ويجب الاستئناف بدونه وزيادة وظيفة في الخبر نسخ عنده ولا يجب الاستيناف فيها وليندفع ذلك فسره ابن الحاجب يكون الأصل كالعدم فقط فأخطأ بإدراج بعض الحد لأنه كالعدم في عدم الإجزاء.
أما إدراج المخير مع أن الأصل فيه مجزي فوجه بأن تركه لما صار كوجوده في عدم الحرمة وإن كان تركه قبل الزيادة حراما لا وجوده صار وجوده كعدمه في عدم الحرمة ولو بدل الثالث بإمكان الإجزاء بدونه لكان أقرب ولم يندفع إشكال زيادة الشرط أصلا ويرد عليه أيضًا أن الزيادة في المخير إذا كانت نسخا فزيادة مثل التغريب والعشرين أولى إذ به اشتراكهما في عدم وجوب الاستئناف أصل المخير مجزئ دونهما.
وقال الغزالي رحمه الله: إن صار الكل شيئا واحدا كركعة في الفجر فنسخ وإلا كعشرين في الحد والطهارة في الطواف فضل المخير واختار ابن الحاجب مذهب أبي الحسين أنه أن رفع الزيادة حكمًا شرعيا ثابتا بدليل شرعي فنسخ وإلا نحو أن يكون عدما أصليا فلا.
وهذا أقرب لأنه مبني على حقيقة النسخ وهو مآل مذهبنا وان اختلف في بعض الأمثلة لأصل آخر فمن الوفاقية زيادة الركعة والتغريب والعشرين لحرمة هذه الثلاثة قبلها بالإجماع وإن كان سنده في الأخيرين لا ضرر ولا إضرار في الإسلام فليس تخصيصا والتخير بعد التعين كما بين غسل الرجل ومسح الخف بعد وجوب الغسل عينا وكل منهما حكم شرعي وإيجاب الزكاة في المعلوفة بعد نص السائمة على تقدير ثبوت المفهوم وتحقق شرائطه ومن الخلافية زيادة وظيفة على المخير كالحكم بهما.
ولو جاز بثالث لذكر وزيادة غسل عضو في الوضوء وركن في الصلاة قالوا المرفوع فيها عدم جواز الحكم بشاهد ويمين وعدم وجوب ذلك لزائد فيهما قلنا يرفع الأول حرمة تركهما أو وجوب أحدهما في الحكم والآخر أن الأجزاء بدونهما وكل منها حكم شرعي.
قالوا حرمة ترك الأمرين لا يعلم بمجرد التخيير بينهما ولو قيل بالمفهوم لأن مفهوم طلبهما أن غيرهما غير مطلوب لا أنه غير مجزي بل مع العلم بأن الأصل عدم ثالث والإجزاء امتثال به وعدم توقف على شيء آخر والأول لم يرتفع والثاني عدم أصلي قلنا جعل تعيين الأمر الواحد بشخصه شرعيا فرفعه غير نسخ تحكم يوضحه أن منكر وجوب أحدهما أو حرمة تركهما يكفر ولا يكفر منكر العدم الأصلي إن لم يعتبر شرعيا.
ولذا يقال المذكور في صدد الجزاء يكون كله وذا بإشارة العرف ولئن سلم فالحكم هو المجموع ولا يلزم من كون جزئه عدما أصليا كون المجموع كذلك على أن الإجزاء قد سلف أنه حكم شرعي وضعي وبهذا يعرف بطلان مذاهب الخصوم أجمع وقال أبو الحسين حرمة الترك مبنية على عدم اتخلف عنه وأنه عد أصلى وكل مبني عليه ليس حكما شرعيا فليس رفعه نسخا ولذا ثبت التخيير بين غسل الرجل ومسح الخف وبين الوضوء بالنبيذ والتيمم وبين القسمين والشاهد واليمين.
قلنا: عدم الخلف ليس علة لحرمة الترك بل مثبتها النص عنده ولو ارتفع شرعية الحكم بذلك القدر لم يكن وجوب شىء ما شرعيا لأن حرمة تركه مبنية على عدم الخلف والتخيير بين الأمرين يجعل كل أصلا فليس هذا استخلافًا ولذا صار نسخا دونه ففي المسألتين الأوليين بالخبر المشهور الذي يزاد به وينسخ اتفاقا والثالثة ممنوعة فالثمرة عدم جواز الزيادة بخبر الواحد إذا لم يشتهر خلافا لهم وفي أن زيادة عبادة مستقلة ليست نسخا إذ لا تأثير لها في عدم إجزاء مسبب بعد سببه اتفاق لا إجماع إذ قال بعضهم إيجاب صلاة سادسة نسخ لأنه لا يبطل كون الوسطى وسطى فوجوب المحافظة عليها.
قلنا لا يبطل وجوب ذلك الوسطى بل كونها وسطى وليس شرعيا وقال الغزالي إذا لم يتحد الأصل بالزيادة كانت ضما لا رفعا كزيادة عبادة مستقلة وإذا اتحد بها ركنين وصارا حقيقة أخرى التحق بالعلم حقيقة فصار نسخا لا يقال إن اعتبر اتحاد الماهية الاعتبارية الشرعية فزيادة الحد كذلك لأن المجموع هو الحد شرعًا والفرق بوجوب الاستئناف لشرط آخر هو وجوب الاتصال بين أجزاء الصلاة لا بين أجزاء الحد وإن اعتبر وجوب الاستئناف فالطواف بعد اشتراط الطهارة كذلك لأن له أن يقول المعتبر كلاهما أي وجوب الاستئناف لفقد ركن.
قلنا رفع الكل لا يتوقف على رفع كل جزء فوجوب الاستئناف وعدمه في تحقق الرفع سواسية وعد اعتبار الشرط مبني على أن الشرعي هو المشتمل على الأركان فقط لا المعتبر شرعا وقد تقدم بطلانه وبه يعرف فساد مذهب عبد الجبار بعد ما مر في إدارة الفرق على كون وجوده كالعدم أو وجوب الاستئناف.
وقال الشافعي أولا الزيادة ضم وتقرير للأصل والنسخ رفع وتبديل ففي في حقوق الله تعالى كزيادة عبادة مستقلة وفي حقوق العباد كمن ادعى ألفا وخمسمائة فشهد شاهد بألف وآخر به وبخمسمائة.
يوضحه أن الناسخ متأخر لو تقارنا لتنافيا ومثبت الزيادة يوجب الجمع لا ينافيه ويزيد
توضيحه أن الزيادة مقيدة كتقييد الرقبة بالإيمان والمطلق في التناول البدلي كالعام في التناول الشمولي فكما أن تخصيصه ليس نسخا فكذا تقييده ومن البين الفرق بين الدفع والرفع قلنا إن أريد المنافاة في الوجود فلا يعتبر وإن أريد في الحكم الشرعي فالمنافاة ظاهرة إذْ ليس للبعض كالمطلق حكم وجود الكل كالمقيد لا في العبادة كبعض الركعات ولا في العقوبة كبعض الحد حتى لا يبطل شهادة القاذف ببعضه. أما بطلانها عندك فلترتبه على القذف لا الحد ولا في الكفارة كصوم المظاهر شهرًا ثم إطعام ثلاثين لا يكون مكفرا بشيء منهما وهذا بعض العلة لا يوجب حكمها ولذا قال الأولان بعض المثلث لا يحرم لأنه بعض المسكر والحرمة في غير الخمر للسكر بالحد وقالوا جميعًا بعض المطهر للحديث والجنب كالعدم وإن قال الشافعي رحمه الله في قول لا يجوز التيمم قبل استعماله لأن {فَلَمْ تَجِدُوا مَاءً} [النساء: 43] عام، قلنا مخصوص فيخص غير الكافي.
يوضحه أن المطلق يستلزم بدون القيد والمقيد عدمه وتنالني اللزوم ملزوم تنافي الملزومات إذ لا يشكل أن الجلد بعد إلحاق النفي لا يبقى حدا وإذا تنافيا كان أحدهما منهيا للآخر وبيان أمد الحكم الشرعي نسخ فنظيره اختلاف الشهود في قدر الثمن أي البيع بألف أو بألف وخمسمائة لأنه الموجب للتغيير لا ما قاله ومثله الطلاق المنجز والمعلق أما إلحاق التناول البدلي بالشمولي فإلحاق للمحتمل بالموجب وللساكت بالناطق.
يوضحه أن العام بعد التحاقه عامل فيما هو المراد بنفسه والمطلق بعد التقييد عامل بالمقيد فيحقق أن التقييد إثبات ابتدائي والتخصيص إخراج بنائي.
فروعنا: فلا يزاد التغريب على الجلد والنية والترتيب والولاء شرطا على الوضوء ولا هو على الطواف ولا الفاتحة والتعديل فرضا بخبر الواحد ولا الإيمان على الرقية بالقياس وقد مر تمامه.
ذنابة: أما نقصان الجزء كركعتى الظهر أو الشرط كطهارته فنسخ لهما اتفاقا وهذا لما هما له وقيل ليس بنسخ مطلقا وعند عبد الجبار جزاءً لا شرطًا. لنا أن رفع الجزء أو الموقوف عليه رفع للكل والموقوف.
قالوا: لو كان نسخا لافتقر الباقي إلى دليل جديد قلنا إنما يلزم لو كان بنسخ كل جزء أما بنسخ بعض الأجزاء فلا فالباقي من حيث خصوصيته ليس منسوخا لا يحتاج إلى حكم ودليل جديدين.
الثامن: في أن نسخ جميع التكاليف غير جائز وإن جاز رفعه بإعدام العقل اتفاقا