الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الخامس: في ركنه
وهو الاتفاق وفيه مباحث:
الأول أنه إما عزيمة وهو التكلم أو العمل من الكل.
والثاني: يفيد الجواز إلا مع قرينة على الزائد لا الوجوب لما روى عبيدة السلماني ما اجتمع أصحاب رسول الله عليه الصلاة والسلام كاجتماعهم على الأربع قبل الظهر.
أو رخصة وهو تكلم البعض أو عمله وسكوت الباقط بعد بلوغه ومضى مدة التأمل وقبل استقرار المذهب إذ بعده لإعادة بإنكاره فلا يدل على الموافقة اتفاقًا وأكثر أصحابنا على أنه إجماع.
وروى عن الشافعي رحمه الله المشهور عنه أنه ليس إجماعًا ولا حجة وعند الجبائي إجماع بشرط انقراض العصر.
وعند ابنه حجة وليس بإجماع وعند أبى علي بن أبي هريرة إن كان فتيا لا إن كان حكمًا (1).
لنا أن المعتاد في كل عصر عند العرض أن يتولى الكبار الفتوى ويسلم سائرهم فشرط سماع المنطق من كل متعين خلافه بل بالنسبة إلى أهل العصر متعذر والمتعذر كالممتنع ولا سيما أن السكوت عند العرض أو الاشتهار المنزل منزلته ووقت المناظرة وطلب الفتوى ومضى مدة التأمل فسق وحرام إذ الساكت عن الحق شيطان أخرس فمن المحال عادة أن يكون سكوتهم لا عن اتفاق.
للشافعى رحمه الله جواز: أن يكون سكوته للتأمل أو للتوقف بعده لتعارض الأدلة أو للتوقير أو الهيبة أو خوف الفتنة أو غيره كاعتقاد حقية كل مجتهد فيه وكون القائل أكبر سنًا أو أعظم قدرا أو أوفر علما كما سكت على رض الله عنه حين شاور عمر رضي الله عنه في حفظ فضل الغنيمة حتى سأله فروى حديثًا في قسمته وفي إسقاط الجنين فأشاروا أن لا غرم حتى سأله فقال: أرى عليك الغرة.
وقيل لابن عباس رضي الله عنه ما منعك أن تخبر عمر بما يرى في العول فقال: درته.
وجوابه بعد ما شرطنا مضى مدة التأمل أن الصحابة لا يتهمون بارتكاب الحرام مع أنه خلاف المعلوم من عادتهم كما قال عمر رضي الله عنه حين قال معاذ ما جعل الله على ما
(1) انظر هذه المسألة في: المحصول لفخر الدين الرازي (7412 - 76)، إحكام الأحكام للآمدي
(1/ 361 - 365)، المستصفى لحجة الدين الغزالي (1/ 191 - 192)، اللمع لأبي إسحاق
الشيرازي (ص / 49)، إبطاء الفحول للشوكاني (1/ 298 - 303).
في بطنها سبيلا لولا معاذ لهلك عمر وحين نفى المغالاة في المهر فقالت امرأة يعطنا الله بقوله تعالى: {وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا} [النساء: 20] ويمنعنا عمر، كل أفقه من عمر حتى المخدرات في الحجال وسَكوت على رضي الله عنه في المسألتين كان تأخيرًا إلي آخر المجلس لتعظيم الفتوى والممنوع ما فيه الفوت أو محمول على أن الفتوى الأولى كانت حسنة وما اختاره على رضي الله عنه كان أحسن صيانة عن السنن الناس ورعاية لحسن الثناء والعدل.
وحديث الدرة غير صحيح لأن المناظرة في القول كانت مشهورة بينهم وكان عمر رضي الله عنه ألين الناس للحق واعتذار ابن عباس رضي الله عنه للكف عن المناظرة إذ هي غير واجبة لا عن بيان مذهبه.
وبه يعلم جواب الجبائي في أن الاحتمالات المذكورة قوية قبل انقراض العصر وضعيفة بعده فالظاهر الموافقة.
وجواب ابنه في أن دلالة السكوت ظاهرية غير قطعية.
قلنا: لولا اعتبار قضاء العادة لما حصل القطع بالإجماع أصلا كما علم من أدلته وهو حاصل ها هنا وبهذا يندفع الاحتمالات جمع ولابن أبي هريرة رضي الله عنه أن العادة في الفتيا أن يخالف ويبحث دون الحكم والحاكم يوقر ويهاب دون المفتى.
وجوابه: أنهما سواء قبل استقرار المذاهب قيل هذا إذا انتشر بين أهل العصر ولم تنكر أما إذا لم ينتشر فالأكثر على أن عدم الإنكار ليس مرافقة لجواز أن القول للغير أو لا بنقل قوله بخلاف الأول وهذا الفارق كأنه غافل عما قيس به محل النزاع من كونه بعد البلوغ ومضى مدة التأمل والحق أن هذا مسألة أخرى وهي أن ما نقل الفتوى فيه عن البعض دون الباقين فإن كان مما يعم به البلوى واشتهر كان كالإجماع السكوتي حكما وخلافًا وإن لم يكن منه وقد اشتهر فقبل هو مثله وقيل لا لاحتمال عدم الوصول إلى الغائب بخلاف السامع الساكت وإن لم يشتهر فعدم الإنكار لا يدل على الموافقة عند الأكثر فيما يعم به البلوى للأمرين واتفاقًا في غيره.
الثاني: أن اختلاف الصحابة على قولين مثلا إجماع على نفي قول ثالث فلا يجوز إحداثه لمن بعدهم وفي غير الصحابة خلاف لبعض مشايخنا لأن لهم من الفضل والسابقة في الدين ما ليس لغيرهم وإنما يستقيم عند من حصر الإجماع على الصحابة ويطرد ذلك في الإجماع السكوتي عند سماع خطبة الخلفاء مثلا لما علم من عدم سكوتهم فيما هو من دقائق الفتوى وإن كان مباحًا فكيف فيما خالف الحق وجوزه الظاهرية.
ولتحريره مقدمة هي أن محل الاختلاف إما واحد أو متعدد قالوا حسد ذكروا له أمثلة:
1 -
نحو عدة الحامل المتوفى عنها زوجها بالوضع أو أبعد الأجلين ويشتركان في عدل جواز بالأشهر قبل الوضع لأن التقدير هنا مانع للأقل فبالأشهر ثالث بنفى المشترك المتفق عليه.
2 -
وجدان المشترى للبكر عيبًا فيها بعد الوطئ فالرد مع أرش النقصان وهو تفاوت قيمتها بكرًا وثيبًا ومنعه يشتركان في بقاء شيء من الثمن للبايع والرد مجانًا ثالث بنفيه.
3 -
إرث الجد مع الأخ استقلالا أو مقاسمة فحرمانه ثالث يمنع الإرث.
4 -
علة الربا في غير النقدين القدر مع الجنس أو الطعم مع الجنس أو الطعم والادخار معه وتشترك في أن لا برا إلا مع الجنس فالقول الرابع بعلة بلا جنس ينفيه ومعه لا.
5 -
خروج النجس من غير السبيلين يوجب تطهير المخرج أو الوضوء ويشتركان في وجوب التطهير فالقول بعدم وجوب شطء منهما برفع "المجمع عليه وبوجوب تطهيرهما لا.
وفيهما بحث، أما في الأول فلصدق لا شيء من التطهيرين بمجمع عليه فلا يصدق، أحدهما واجب بالاجماع ولئن سلم فليس حكمًا واحدًا في الحقيقة وشرعيًا والمعتبر ذلك كما سيجيء. وأما الثاني فلأنه يرفع الافتراق المجمع عليه.
والجواب عن الأول: أن الصادق سلب الإجماع عن وجوب المعينين ولا ينافى صدق الإجماع على وجوب التطهير المطلق وهو حكم واحد شرعي كالإجماع على دوام وجوب إحدى صلاتي الظهر أربعًا أو اثنتين أي حضرًا أو سفرًا مع صدق لا شيء من الصلاتين بمجمع على دوامه.
وعن الثاني: أن الافتراق ليس حكمًا شرعيًا إذ الشرع لم يحكم بالمنافاة بينهما بخلاف ثبوت نسب الولد من الزوج المنعي كما هو عندنا أو الزوج الثاني كما عند الشافعي فثمة شمول الوجود والعدم برفعه وأما المتعدد فالقولان أما الوجود في الكل والعدم في الكل كفسخ النكاح بعيوبه الستة وعيوبها السبعة عند الشافعي وعدمه عندنا وتفريق القاضي في الجب والعنة ليس به وكثلث الكل اللام بكلا الزوجين وعدمه بل ثلث الباقي بينهما فالافتراق أي بأحدهما ثالث لكن لا يرفع في شيء منهما قولًا مشتركا شرعيًّا بخلاف أن للأب والجد ولاية إجبار البكر البالغة عند الشافعي لا عندنا فالافتراق يرفع مشتركًا شرعيًّا هو وجوب مساواة الأب والجد في الولاية وقد عهد حكمًا شرعيًّا بخلاف مساواة الزوجين في حق ميراث الأم ومساواة العيوب في حق فسخ النكاح وأما الوجود
في البعض مع العدم في البعض وعكسه كأقضية الخروج من غير السبيلين دون المس عندنا وعكسه عند الشافعي فشمول وجود الناقضية أو عدمها ثالث لكن لا يرفع مشتركًا شرعيًّا بل يوافق مذهبًا في كل وشمول العدم في المحتجم الماس رافع لعدم جواز الصلاة فيه وهو حكم شرعي متفق عليه لكن ذلك باعتبار وحدة محله كإجبار البكر الصبية لا بما هو المعتبر ها هنا من تعدد علته كالبكارة والصغر فإنهما بذلك الوجه من قبيل الاختلاف في علة الربا وأما الوجود في البعض مع العدم في بعض آخر شمول الوجود أو العدم كجواز النفل دون الفرض في الكعبة عند الشافعي وجوازهما عندنا فعدم جوازهما أو جواز الفرض دونه ثالث كاشتراط النية في جميع الطهارات عنده وفي التيمم دون الوضوء والغسل عندنا فالقول بعدمه في الكل أو في التيمم دونهما ثالث كإفادة البيع بالشرط الملك دون بيع الملاقيح عندنا وعدمها فيهما عنده فإفادتهما أو إفادة بيع الملاقيح عنده ثالث ففي نحوها اتفاق على وجود أو عدم في البعض وهو حكم شرعي يرفعه القول الثالث.
إذا تمهدت فنقول اختار المتأخرون من الشافعية أن الثالث إن استلزم رفع قول متفق عليه فممنوع وإلا فلا لأن الممنوع مخالفة الكل فيما اتفقدا عليه أما مخالفة مذهب في مسألة وآخر في أخرى كما في أكثر القسم الأول وجميع القسم اك في من المتعدد فلا.
وفيه بحث لأن المانعين مطلقًا تمسكوا أولًا بان الاتفاق ثابت إما على عدم التفصيل كما في مسألة العيوب وإرث الأم أو على عدم القول الثالث كما في الكل لأن كلا أوجب الأخذ بقوله أو قول صاحبه.
فأجيب أن عدم القبول التفصيل أو الثالث وليس قولًا يعد مهمًا والمنفى القول بمنفيهم لا بما لم يتعرضوا له وإلا لزم كل مجتهد وافق صحابيًّا أو مجتهدًا يوافقه في جميع المسائل وليس كذا بالإجماع كما وافق أبو حنيفة رضي الله عنه ابن مسعود في عدة الحامل لا في أن المحروم يحجب ومثله أكثر من أن يحصى حتى لو تعرضوا بنفي التفصيل أو الثالث أو بالعلة المشتركة كتوريث العمة والخالة لكونهما من ذوي الأرحام كان إحداثه ممتنعا وأما لزوم المنع عن الحكم في الواقعة المتحددة فممنوع إذ عدم التعرض أصلًا ليس لمحالتعرض بخلافه على أنا لا نعلم أن كلا أوجب الأخذ بقول صاحبه بل بقوله فقط.
وأما الجواب بأن الاتفاق كان مشروطًا بعدم القول الثالث فيزول بزوال شرطه فليس بشىء لأنه يجوز مخالفة الإجماع مطلقًا والقول بتخصيص الإجماع البسيط عن هذا الجواز بالإجماع إثبات للإجماع بالإجماع وأنه دور.
وثانيًا: أن فيه تخطئة كل فريق في مسألة وفيها تخطئة كل الأمة.
فاجيب أن الأدلة تقتضي منع تخطئة الكل فيما اتفقوا لأنه المفهوم عرفًا من الاجتماع ولئن سلم فالمحتمل ذلك جمعا بين الأدلة.
والمجوزين مطلقًا تمسكوا أولًا بأن اختلافهم دليل صحة الاجتهاد لا مانع منه.
فأجيب بأنه دليل ما لم يتقرر إجماع كما لو اختلفوا ثم أجمعوا هم ولئن سلم فالممنوع مخالفة ما تتفقوا عليه من الأمر المشترك.
وثانيًا: لو لم يجز لم يقع وقد أحدث ابن سيرين أن للأم ثلث الكل مع الزوج دون الزوجة وعكس تابعي آخر ولم ينكروا وألا ينقل عادة فأجيب لا بأنه ليس بحجة إذ هو تمسك بالإجماع السكوتي بل بأنه كمثله العيوب في أنه لا ترفع مشتركًا متفقا عليه فلذا جاز.
فنقول: المفهوم من أدلة المانعين أن القول الثالث يستلزم إبطال المجمع عليه مطلقًا ومن أدلة المجوزين أنه لا يستلزمه مطلقًا فالتفصيل بأنه إن استلزم منع وإلا فلا غير مقيد بل الشأن في التمييز بين الاستلزام وعدمه على أن التمسك بعدم القائل بالفصل مشهور في المناظرات كما يقال الوجوب في الضمان إن كان ثابتًا يثبت في الحلي قياسًا وإلا يثبت في الحلي أيضًا وإلا لاجتمع العدمان وهو منتف إجماعًا بل الحق هذا التفصيل وهو أن الغرض إما إلزام الخصم فيقبل التمسك ويبطل الثالث مطلقًا وهو محمل المنع المطلق من أصحابنا بدليل تجويزهم الإصابة في إحدى المسألتين المنفصلتين والخطأ في الأخرى.
وأما إظهار الحق فلا يقبل ولا يبطل إلا إذا اشترك القولان في حكم واحد حقيقي شرعي يبطله الثالث.
أما إذا لم يشتركا في قول إذ ما لا يتعرض له لا يسمى قولًا أو اشتراكًا في واحد اعتباري كما لو اعتبر ألحكمان من نحو الخروج والمس حكمًا واححًا أو في واحد ليس بشرعي كالافتراق فيما لم يحكم الشرع بالمنافاة أو شرعي لكن لم يرفعه الثالث كما في القول بوجوب تطهير المخرج والوضوء فلا.
وهذا لأن الخلافين جعلوا عدم قول القرن الأول يحكم قولًا بعدمه لأنهم أقرب إلى زمن النبي عليه السلام وأقوى في وجوه العدالة والضبط وتقاسيم الدلائل ودلالاتها فلو كان لما خرج من أقوالهم دليل لاطلعوا عليه عادة والحق أن المظنة لا ترفع المننة.
ولابد ها هنا من تحقيق الإجماع المركب والإجماع المسمى عدم القائل بالفصل والفرق بينهما فالإجماع المركب الاتفاق في الحكم مع الاختلاف في العلة فكانه تركب من علتين.
ومن لوازمه أن يبطل عند فساد أحد المأخذين لانتهاء الحكم بالتهاء سببه المنحصر فلا ينافيه ثبوته بأسباب شتى ولذا سقط سهم ذوي القربى من الغنيمة بانقطاع النصرة، فإن المراد قرب النصرة لا قرب القرابة ولذا قسم عليه السلام يوم خيبر بين بني هاشم وبنط المطلب لا بين بني عبد شمس وبنى نوفل وعلل بالاشتباك وسقط المؤلفة من أصناف الزكاة لغنى الإِسلام عنهم ولا نسخ بعد النبي عليه السلام.
والقول بناسخية الإجماع مؤول بدلالته على النص الناسخ.
أما بقاء الرمل في الطواف بعد إنتهاء التجلد وبقاء الرق بعد إنتهاء الاستنكاف فبدليله كالسنة الفعلية والإجماع وكونهما من الصور الحكمية الغير المحتاجة إلى تلك العلة وعدم القول بالفصل.
قيل هو الإجماع المركب الذي يكون القول الثالث فيه موافقًا لكل من القولين من وجهه كما في فسخ النكاح بالعيوب وكأنهم عنوا بالفصل التفصيل.
وقيل كما في القول بالعلة دون فرعها أو بالعكس أو بأحد فرعيها دون الآخر أو بشمول الوجود أو العدم بين مأخذي المذهبين المتناكرين لأن عدم القول بالفصل نوعان: عند اتحاد منشأ الخلاف بأحد طريقين إما بان يثبت الأصل المختلف فيه ثم يثبت فرعه بأن القول بالأصل دون الفرع لا قائل به كنفي الربا في الجص والنورة والحديد بعد إثبات عليه القدر والجنس وتزويج الثيب الصغيرة بعد إثبات علة الصغر وهذا صحيح والأوضح في مثاله أن يقال بعد إثبات أن النهى في الأفعال الشرعية يوجب تقريرها صح النذر بصوم يوم النحر وأفاد البيع الفاسد الملك بالقبض إذ لا قائل بالفصل وبعد إثبات أن التعليق يصير سببًا عند وجود الشرط يصبح تعليق الطلاق بالملك ولا يصبح التكفير قبل الحنث لعدم القائل بالفصل وأما بأن يثبت فرعًا لأصله ثم يبطل فرع الخصم وتثبيت فرعه الآخر بأن القول بأحدهما دون الآخر لا قائل به كان الربا جاد في الجص لقوله عليه السلام "ولا الصاع بالصاعين"(1) فلا يجرى في الحفنة بالحفنتين فيجوز لأن عدم الجواز فيهما معًا خلاف الإجماع وهذا ضعيف لأنه لم يثبت العلة صريحًا بل بواسطة الفرع وإذ لا يبطل أصل الخصم لجواز ثبوت الحكم بعلل شتى بخلاف التصريح بإثباتها فإنه يشتمل على إثبات مجموع العلة وذا يبطل وجود علة أخرى أما تصحيحه بأن مجموع العلتين أو مجموع العدمين لا قائل به ولو ثبت لاجتمعت الأمة على الخطأ فإنما يصح عند قصد الإلزام أما عند قصد التحقيق فلا لجواز الخطأ في إحدى المنفصلتين مع الإصابة في
(1) أخرجه البخاري (6/ 1675) ح (6918)، ومسلم (3/ 1215) ح (1593).
الأخرى كما مر.
2 -
عند اختلاف المنشأ كان يقال الفىء أو المس ناقض ولا ينقض الفيء بالنص فينقض عليه آخر وإلا كفى في إثبات أحكام مذهب إثبات حكم منه فعلى هذا عدم القول بالفصل هو الفرق بين القولين بغيرهما.
وفيه بحث فإن أصحابنا على أن الإجماع المركب حجة مطلقًا ولا سيما عند قصد الإلزام فيكف يكون نوع منه مردودًا مع أنه مسألة إرث الأم كمسالة الفسخ بالعيوب فجعل أحديهما من عدم القول بالفصل دون الأخرى نحكم على أن الفرق بين القولين يشتمل جميع صور الإجماع المركب ويستعمل في جميعها في الخلافيات فالحق أنهما يتساويان مقبولا ومردودًا على التفصيل السالف.
الثالث إذا استدل أهل عصر بدليل أو أولوا تأويلان قال الأكثرون يجوز لمن بعدهم إحداث دليل أو تأويل آخر خلافًا للبعض فإن نصوا على بطلانه لم يجز اتفاقًا.
لنا أولًا أنه لا إجماع إحداث لأن عدم القول ليس قولًا بالعلم بخلاف صورة التنصيص.
وثانيًا: وقوعه لأن إحداث الأدلة والتأويلات يعد فضلا بين العلماء.
ولهم أولًا أنه اتباع غير سبيل المؤمنين، قلنا المراد بسبيلهم ما اتفقوا عليه لا متعرضون له بالخلاف فضلا عما لم يتعرضوا له أصلًا جمعًا بين الأدلة وقيل لأنه لو عمم لزم المنع عن الحكم في الواقعة المتجددة وأنه بطل إجماعًا ورد بأن فيما نحن فيه سبيلا ولا سبيل هناك أصلًا أو تقول المراد بسبيل المومنين مذهب المجمعين لا دليلهم وإلا لزم معرفة السند واتباع المجهول.
وثانيًا: أن المعروف في {يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ} [التوبة: 71] عام أي بكل معروف فليس ذلك معروفًا وإلا لأمروا به، قلنا معارض بقوله:{وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَر} [التوبة: 71] إذ لو كان منكرًا لنهوا عنه والعموم مم ولئن سلم فعرفي أي بكل معروف يحيطه أذهانهم هذا في مطلق الدليل أما في الدليل الراجح كالخبر وغيره فلا يجوز أن لا يعلمه جميع أهل عصر ويعملوا بمعارضه لأنه اجتماع على الخطأ وإن عملوا على وقفه بدليل آخر يجوز في المختار لأن عدم القول ليس قولًا بالعلم فليس إجماعًا على الخطأ وقيل لا لأن السبيل هو الراجح وقد اتبعوا غيره.
وجوابه مر بالوجهين وهنا ثالث هو أنه ليس سبيلهم بل من شأنه أن يكون ذلك.
الرابع: يمتنع ارتداد كل الأمة في عصر وإلا لاجتمعوا على ضلالة وأي ضلالة.