المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل الأول: في معناه - فصول البدائع في أصول الشرائع - جـ ٢

[الفناري]

فهرس الكتاب

- ‌ المقصد الأول ففي الأدلة الأربعة

- ‌الركن الأول من الكتاب

- ‌فالمقدمة فيها مباحث:

- ‌الأول: فيما يتعلق بتعريفه

- ‌الثاني: أن المنقول آحادًا ليس بقرآن

- ‌الثالث: يجوز العمل بالقراءات الشاذة إذا اشتهرت

- ‌الفصل الأول في الخاص

- ‌الأول: في حكم مطلقه وضعًا

- ‌المقام الثاني في حكم قسمه المسمى بالأمر:

- ‌المقام الثالث في حكم النهى الذي يقابله

- ‌الفصل الثاني في العام

- ‌الأول: في حكمه

- ‌أحدهما فيما قبل التخصيص:

- ‌البحث الثاني: فيما بعده

- ‌الأولى: في تعريف التخصيص

- ‌الثانية: في جوازه في جميع العمومات

- ‌الثالثة: في أنه في الباقي يعد التخصيص حقيقة أم مجاز

- ‌نظائر الثلاثة من الفروع

- ‌المقام الثاني في ألفاظ العموم

- ‌المقام الثالث: في شتائت مباحث العموم

- ‌الفصل الثالث في حكم المشترك

- ‌الفصل الرابع في حكم المؤوَّل

- ‌الفصل الخامس في حكم الظاهر

- ‌الفصل السادس في حكم النص

- ‌الفصل السابع في حكم المفسر

- ‌الفصل الثامن في حكم المحكم

- ‌الفصل التاسع في حكم الخفي

- ‌الفصل العاشر في حكم المشكل

- ‌الفصل الحادي عشر في حكم المجمل

- ‌الفصل الثاني عشر في حكم المتشابه

- ‌الباب الأول في المجمل

- ‌الأول: قد مرت الإشارة

- ‌الثاني: فيما اختلف في إجماله:

- ‌الباب الثاني في المبين

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المقصد الأول في بيانيّ التقرير والتفسير

- ‌المقصد الثاني في بيان التغيير

- ‌للواقفية المشتركة

- ‌أولا: حسن الاستفهام

- ‌وثانيًا: صحة الإطلاق

- ‌الأول في حده

- ‌الثاني في تقسيمه

- ‌الثالث في أنه إما واحد أو متعدد على الجمع

- ‌ تخصيص العام:

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب

- ‌المبحث الرابع في جواز تخصيص السنة بالسنة

- ‌المبحث الخامس في جواز تخصيص السنة بالقرآن

- ‌المبحث السادس في جواز تخصيص القرآن بخبر الواحد

- ‌المقصد الثالث في بيان الضرورة

- ‌المقصد الرابع في بيان التبديل

- ‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة

- ‌فصل

- ‌الفصل الرابع عشر في حكم المجاز

- ‌الفصل الخامس عشر: في حكم الصريح

- ‌الفصل السادس عشر: في حكم الكناية

- ‌الفصلين السابع عشر والثامن عشر في حكم الدال بعبارته وإشارته

- ‌الفصل التاسع عشر: في حكم الدال بدلالته

- ‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء

- ‌الركن الثاني: من السنة وفيها مقدمة وعدة فصول

- ‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار الاتصال

- ‌الفصل الثاني: في الراوي

- ‌الفصل الثالث: في الانقطاع

- ‌الفصل الرابع: في محل الخبر

- ‌الفصل الخامس: في وظائف السمع

- ‌الفصل السادس: في الطعن

- ‌الركن الثالث في الإجماع: وفيه مقدمة وعشرة فصول

- ‌أما المقدمة ففي تفسيره

- ‌الفصل الأول في إمكانه

- ‌الفصل الثاني في إمكان العلم به

- ‌الفصل الثالث في إمكان نقل العالم إلى المحتج به

- ‌الفصل الرابع: في حجيته

- ‌الفصل الخامس: في ركنه

- ‌الفصل السادس: في أهلية من ينعقد به

- ‌الفصل السابع: في شروطه

- ‌الفصل الثامن: في حكمه

- ‌الفصل التاسع: في سببه

- ‌الفصل العاشر: في مراتبه

- ‌الركن الرابع: القياس

- ‌الفصل الأول: في معناه

- ‌الفصل الثاني: في شروطه

- ‌الفصل الثالث: في أركانه

- ‌الفصل الرابع: في حكمه

- ‌خاتمة الفصول في عدة تقسيمات للقياس:

- ‌الفصل الخامس: في دفعه

- ‌الفصل السادس: في بيان أسباب الشرائع

- ‌الأول في الأسباب

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات وهي الإيمان بتفاصيله

- ‌المبحث الثاني في العبادات

- ‌المبحث الثالث في المعاملات

- ‌المبحث الرابع في المزاجر

- ‌القسم الثاني في حكم الأحكام أي مصالحها المشروعة هى لها

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات حكمتها

- ‌المبحث الثاني: في العبادات

- ‌المبحث الثالث: في المعاملات الخمسة

- ‌المبحث الرابع: في المزاجر

- ‌الفصل السابع: في غير الأدلة الأربعة

- ‌الأول في الصحيحة

- ‌الأول: في شرع من قبلنا

- ‌المبحث الثاني: في تقليد صحبه عليه السلام

- ‌المبحث الثالث: في الاستدلال

- ‌القسم الثاني: في الأدلة الفاسدة:

- ‌المقصد الثاني: فيه ركنان للتعارض والترجيح

- ‌أما الأول ففيه مباحث

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الثاني: في حكمه

- ‌الثالث: في المخلص عنه

- ‌الركن الثاني في الترجيح: وفيه فصول

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في تقسيمه

- ‌الفصل الرابع: في وجوه ترجيح القياس بحسب التأثير

- ‌الفصل الخامس: في وجوهه بين المنقولين

- ‌الأول ما بحسب السند

- ‌الأول الراوي ورجحانه

- ‌المورد الثاني: الرواية وفيه وجوه

- ‌المورد الثالث المروى: وفيه وجوه

- ‌المورد الرابع المروى عنه

- ‌الصنف الثاني: ما بحسب المتن

- ‌الصنف الثالث: ما بحسب المدلول

- ‌الفصل السادس في وجوهه بين المعقولين

- ‌الفصل السابع في بيان المخلص

- ‌الفصل الثامن

- ‌الخاتمة ففى الاجتهاد وما يتبعه من مسائل الفتوى

- ‌الفصل الأول في تفسير الاجتهاد وشرطه

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مسائل متعلقة الاجتهاد

- ‌الفصل الرابع في مسائل الفتاوى

- ‌الأول في المفتي

- ‌القسم الثاني: في المستفتي

- ‌القسم الثالث فيما فيه الاستفتاء

الفصل: ‌الفصل الأول: في معناه

وقوله عليه السلام "نحن لا نحكم بالظاهر"(1) وبعد إلاطلاع لا يقتضى الامتناع.

قيل هما من الظواهر ولا يثبت الأولى الكلي به لوجوب القطع في العمليات.

قلنا: الأول قطع لأنه إثبات بالأولى لا قياس.

والثاني: مني على أن لا يشترط القطع في الأصول والحق ذلك للإجماع على التمسك بالظواهر في حجية الإجماع.

‌الركن الرابع: القياس

وفيه حمسة فصول إذ لا يصح الشىء المشروع إلا بمعناه ولا يوجد إلا عند شرطه ولا يقوم إلا بركنه ولم يشرع إلا لحكمة ولكونه مما يحتج به قد يدفع.

‌الفصل الأول: في معناه

وفيه مباحث:

الأول: في تعريفه هو لغة التقدير (2) كقياس انتعل بالنعل والثوب بالذراع وذا المعاني بإلحاق الشىء بغيره وجعله نظيره ولكونه تقدير شىء بآخر ليعم المساواة تخوز لها يقال: فلا يقاس به ولا يقاس وعلى المعنين، إما من قاس أو من قايس وأصل وصل الأربعة الباء وقد يوصل بعلى تبين البناء والتنبيه على أن الشرعي له لا للابتداء وشرعًا قال علم الهدى إبانة مثل حكم أحد المعلومين بمثل عليه في الآخر (3) فالإبانة لأنه مظهر والمثبت ظاهرًا دليل الأصل وحقيقة هو الله تعالى والمثل لئلا يلزم القول بانتقال الأوصاف ولأن المعنى الشخصى لا يقوم بمحلين وحكم المعلومين يشمل وجودى الموجودين كقولنا في شبه العمد عمد عدوان فيقتص به كما في المحدد وعدمهما نحو قتل فيه شبهة فلا يقتص به كالعصا الصغيرة ووجودى المعدومين كعديم العقل بالجنون عليه بالصبر في أن يولى عليه وعدميهما كهو عليه في أن لا يلي ولا يخفى أربع المختلفين وبمثل علته يتناول الوجودى الشرعى كالعدوانية والعقلي كالعمدية والعدمى نحو ليس بعمد وعدوان فلا يقتص به كما في الصبى وهذا يتناول دلالة النص ولذا تسمى قياسًا قطعيًا وجليًا.

(1) لم يثبت مرفوعًا، وانظر التلخيص الحبير (4/ 192)، خلاصة البدر المنير (2/ 432).

(2)

انظر القاموس المحيط للفيروزأبادى (2/ 244)، لسان العرب (6/ 187).

(3)

انظر المعتمد لأبي الحسن البصري (2/ 195)، إحكام الأحكام للامدى (3/ 262)، اللمع لأبي إسحاق الشيرازى (ص / 53)، نهاية السول للإسنوى (214)، المستصفى لحجة الدين الغزالي (2/ 228)، التوضيح على التنقيح وعليه التلويح (2/ 52)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (2/ 246).

ص: 310

فإن أريد التمييز عنه قيد العلة بالتى لا تدرك دمجرد اللغة أو التي ليست شرط تناول اللفظ لغة بل سبب ظهور الحكم.

بل هذا تعريف والثمرة المتوقفة عليه إذ يقال في ليل إبانة حرمة الربا في الذرة هو القياس فالصحيح تعريفه يتبين عليه علة الأصل للإبانة.

وجوابه أن الغاية الإبانة الجزئية للقياس الجزئى الخارجى والحد الإبانة العقلية الكلية كما أن المقصود بالتحديد القياس العقلي والإبانة الجزئية ليست بموقوفة على تعقله فضلا عن الكلية فلا دور والحق أنه تعريف بالغاية وهو رسم معتبر وقيل مساواة فرع لأصل في علة حكمه ولأن المتبادر إلى الفهم من المساواة ما في نفس الأمر إما لإطلاقها أو لأن مؤدى الألفاظ في الحقيقة ذلك اختص بالصحيح منه فلا مساواة فيه فاسد فعلى المصوبة أن يزيد في نظر المجتهد ليتناولهما والمتناول على المذهبين ما مر وأيضًا ليس المساواة صفة القانس والأصل عدم التقدير كالحكم بالمساواة ثم فيه ما مر والمراد بالفرع محل الحكم المطلوب والأصل محل الحكم المعلوم ولا المقيس والمقيس عليه أي ذاتهما لا وصفًا هما فلا دور ولا يرد على عكسهما قياس الدلالة وهو الإبانة لا بمثل علته بل بمساويها كقياس النبيذ على الخمر بالرائحة اللازمة المساوية للشدة المطربة ولا قياس العكس وهو إبانة نقيض حكم الأصل بنقيض علئه كقولنا لما وجب الصيام في الاعتكاف بالنذر وجب بغير نذر كالصلاة لما لم تخب بغير النذر لم تجب به فالأولى عكس نقيض هذه ومبناه على أن العلة إذا كانت مستنبطة يستدل بثبوت الحكم على وجود العلة في الأصل وبوجودها على حكمه في الفرع فلا خطأ فيه كما ظن.

فأولا لأنهما لا يرادان من مطلق القياس لمجازيتهما والشامل لهما إبانة حكم الفرع بتعليل الأصل ليشتمل التعليل بنفس علته وبلازمها وما لإثبات نفس حكمة أو نفيه.

وثانيًا: أن الأول يستلزم المساواة في نفس العلة كالشدة المطربة وهي أعم من الضمنية والمصرح بها والثالى يفيد المساواة في أمر يستلزم المساواة في العلة وهي بوجوه أربعة:

1 -

أن المقصود مساواة الاعتكاف بغير نذر في أن الصوم شرطه للاعتكاف بنذره إما بإلغاء النذر لأنه غير مؤثر كما في الصلاة وإما بالسير فان العلة ليست الاعتكاف بالنذر لأنه غير مؤثر كما في الصلاة فهي مطلق الاعتكاف إذ الأصل عدم غيرهما.

وأجابوا بان مقارنة الصوم قربة لأنه من هيئة المعتكف وكلاهما كف عن الشهوة ولذا يبطل بالجماع وذلك لقوله عليه السلام: "لا اعتكاف إلا بالصيام"(1) بخلاف الصلاة إذ

(1) أخرجه الحاكم فما مستدركه (1/ 606) ح (1605)، والترمذي (4/ 112) ح (1539) ، =

ص: 311

مقارنتها له ليست قربة لعدم الدليل.

قلنا: بعد أن المقصود من كليهما الاشتغال بالصلاة والاعتكاف وسيلة الصوم الذي هو وسيلتها وإن الكف عن الشهوة والبطلان بما به ببطلان فيها أظهر وإن عدم الدليل ليس دليلًا ممنوع عدمه فيها لدلالته الأولى.

2 -

أن قياسًا للصوم بالنذر على الصلاة به في عدم تأثير النذر في وجوبهها فيلزمها وجوبه بدون النذر كوجوبه معه وإلا لكان للنذر تأثير.

3 -

إنه قياس خلفي استثنى فيه نقيض اللازم وبين الشرطية بالقياس على الصلاة والمساواة حاصلة على التقدير.

بيانه لو لم يشترط الصوم فيه لم يجب بالنذر قياسًا عليها لما لم تكن شرطًا لم تجب به وهو يساوى الصلاة على تقدير عدم الاشتراط.

4 -

مساواة الصيام للصلاة في تساوى حالتي النذر وعدمه وتمثيله بمثل قول الإمامين الوتر يؤدى على الراحلة فهو نفل كصلاة الصبح لما كان فرضًا لم تؤد عليها برشد إلى أن الجواب الحق الشامل هو الثالث إذ الأول لا يوافق العرف والبواقى إلا الثالث يستدعى لكل من الفرع وما دخل عليه حرف التشبيه حالتين وذلك غير لازم.

الثاني: في تمثيله بالمباين والمطابق.

أما الأول فإن العمل به في الأحكام كهو بالبينات في خصومات الأنام فالنصوص أو الأصول بمعنى أحكام المقيس عليها شهود ومعناها الجامع شهادة.

ومعلوليتها أي صلاحها للتعليل بأن لا يكون معدولا به عن القياس ولا مخصوصًا يحكم بالنص صلاحها بمنزلة الحرية والتكليف.

وملائمة المعنى لتعليل السلف صلاح الشهادة بمنزلة لفظتها.

وتأثيره عدالة كصديق الشهادة.

ومطابقته للحكم المطلوب إسقاطه كموافقة الشهادة للدعوى.

والقائس طالبه كالمدعى فهو مطلوبه والمقضى عليه الخصم في مجلس النظر والقلب إذا حاج نفسه ضرورة كما هو البدن مقصودًا لأن موجبه العمل والعقد لازم السبب.

والقاضي هو القلب ولا منافاة أما إذا جعل المقضى عليه البدن فظاهر.

= والبيهقي في الكبرى (4/ 317) ح (8362)، والدارقطنى في سننه (2/ 199)، وابن الجوزى في التحقيق (111/ 2) ح (1188) بتحقيقنا، وانظر نصب الراية للزيلعى (2/ 486).

ص: 312

وأما إذا جعل القلب فلأنه ضمني كصيرورة القاضي إذا حكم بثبوت الملك للمدعى مقضيًا له عليه ضنًا حتى لا يمكن من دعواه أو بثبوت الرمضانية حتى وجب عليه الصوم فما بقى إلا الدفع عن الخصم.

وأما الثاني: فكانتقاض الطهارة بخروج النجس من غير السبيلين.

فالشاهد نص أو جاء أحد وشهادته خروج النجاسة من بدن الإنسان الحس وصلاحه معلوليته إذ لا عدول ولا خصوص وملائمته موافقته الخبر فإنه دم عرق انفجر لإشعاره بالنجاسة وأنه دم مسفوح وأنه خارج لا بد.

وعدالته ظهور أثره في غير محل النص اتفاقا كخروجها من السرة واستقامة مطابقته له فإن خروج النجاسة موضوع لزوال الطهارة والطالب الحنفي ومطلوبه انتقاضها والحاكم القلب والمحكوم عليه البدن أو أصحاب الشافعى رحمه الله.

والدفع بأن النبي عليه السلام قاء فلم يتوضأ أو احتجم فلم يتوضأ فيجاب يحمل محكياته على القليل كما يحمل مرويات زفر على الكثير جمعا بين الأدلة الثلاثة.

الثالث: أنه مدرك من مدارك أحكام الشرع أي دليل مظهر كما يشعر به تعريف فيجوز أن يتعبد الله به أي يوجب العمل بموجبه عقليًا في الأصول وشرعيًا في الفروع وواقع سمعًا وهو مذهب جميع الصحابة والتابعين وجمهور الفقهاء والمتكلمين وذلك السمعي قطعي إلا عند أبى الحسين البصري ولذا عدل إلى العقلي.

وعند النظام وجماعة من معتزلة بغداد والشيعة كلها والخوارج والملاحدة يمتنع عقلا مطلقًا.

وعند الحنابلة: المشبهة أصولا لا فروعًا.

وعند الأصفهاني وابنه وجميع أصحاب الظواهر والقاساني والنهرواني ليس بممتنع عقلا بل شرعًا.

وعند القفال وأبى الحسين البصري يجب فمن ينكره مطلقًا من لا يرى دليل العقل أصلا والقياس قسم منه كالامامية والخوارج والملاحدة.

ومنهم من لا يراه في الشرع وهم بقية الشيعة والنظام ومتابعوه (1).

(1) انظر المحصول للرازى (2/ 245 - 299)، (حكام الأحكام للامدى (514 - 72)، المستصفى لحجة الدين الغزالي (2/ 234 - 241)، المعتمد لأبي الحسن البصري (2/ 215 - 234)، فواتح الرحموت شرح مسلم الثبوت (2/ 631)، نهاية السول للإسنوى (6/ 4 - 22)، إرشاد الفحول للشوكا نى (2/ 121 - 132) بتحقيقنا.

ص: 313

ومن يرى التفصيل أو عدم وفوعه سمعًا بيني على كونه دليلًا ضروريا يتمسك به لضرورة الحاجة ولا ضرورة في الأصول لإمكان العمل بالكتاب أو وفي الفروع لإمكانه بالاستصحاب.

لنا في جوازه عقلا ووجوبه نقلا أولًا عدم لزوم المح لو أمر الشارع به لا بنفسه ولا لغيره.

وثانيًا: قوله تعالى: {فَاعْتَبِرُوا يَا أُولِي الْأَبْصَارِ} [الحشر: 2] أي ردوا الشىء إلى نظيره وهو معنى القياس فيندرج لخته أو بينوا من قوله تعالى: {لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُونَ} [يوسف: 43] والتبين المضاف إلينا هو إعمال الرأى في المعالى المنصَوصة لإبانة حكم نظيرها وانتقلوا وجاوزوا من العبور كما من حكم الأصل إلى حكم الفرع وكل قياس مشتمل على هذه المعالى فيندرج تحت المأمورية.

قيل عليه أولًا أنه ظاهر في الاتعاظ لغلبته فيه ومنه العبرة.

ولئن سلم فظاهر في العقليات لا الشرعيات لصحة نفيه عن قائس لم يتعظ بأمور الآخرة ولترتبه على: {يُخْرِبُونَ بُيُوتَهُمْ} [الحشر: 2] الآية وركيك أن يقال يخربون فقاسوا الذرة على البر أو ظاهر في منصوص العلة.

وثانيًا: أن الأمر يحتمل غير الوجوب ولا يقتضي التكرار ويحتمل الخطاب مع الحاضرين فقط والتجوز وظن وجوب العمل به في غاية الضعف.

قلنا: الاتعاظ معلول الاعتبار لا حقيقته ولذا صحيح اعتبر فاتعظ وصحة نفيه عن غير المتعظ مجاز من قبيل {صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ} [البقرة: 18] لاختلال أعظم مقاصده والركاكة لعدم المناسبة في خصوصه والمأمور به مطلق الاعتبار فذا كقولنا من أفطر فعليه الكفارة في جواب من سأل عن الأكل بخلاف قولنا من شر.

ثم العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب فيشمل القياس العقلي والشرعى.

ولئن سلمنا أنه حقيقة في الاتعاظ أو عبارة دق منصوص العلة فيمكن إلحاق القياس به لا بالقياس ليدور بل بالدلالة المسماة بالفحوى لا الأمر بالاتعاظ مترتبًا بالفاء أو بالسياق على هلاك قوم بسبب اغترارهم بالشوكة لنكف عن مثله ونتخلص عن جزائه إنما يوجبه إذا كان العلم بوجود السبب يوجب الحكم بوجود المسبب كليًا لوجوب كلية الكبرى وهذا معنى القياس الشرعى وهو كالتأمل في حقائق اللغة للاستعارة.

وحديث احتمال غير الوجوب والتجوز ساقط، أما التكرار فتسببه لأن كل محل للاعتبار سببه أو للكلية المذكورة.

ص: 314

وثالثًا: الآيات الدالة على جواز استعمال الرأى لاستخراج معانى النص نحو {الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ} [يونس: 24]، {وَلَكُمْ فِي الْقِصَاصِ حَيَاةٌ} [البقرة: 179] لتسببه لحياة نفسين بطريق الاعتبار وفي القياس ذلك فيشمله بالدلالة لا القياس لاشتراك اللغوى في فهمه من السياق.

ورابعًا: التعليلات المنصوصة المتواترة المعنى وإن كان تفاصيلها آحادًا كحديث الخثعمية والقبلة للصائم وأجر إتيان الأهل وحرمة الصدقة لبنى هاشم والشهداء والطواف والمستيقظ والصيد الواقع في الماء وغيرها فلولا التعبد به لما فعل قبل لعلة لا تعلم حكمتها لا للقياس لخفاء علتها ولذا جاء التعليل بالقاصرة ولانه بالنسبة إلى من يمنع القياس المنصوص العلة مصادرة وبالقياس إلى غيرهم استدلال على غير المتنازع.

قلنا: تعليم الحكمة لا للاعتبار بعيد عرفًا ولئن سلم فلولا أن الحكمة مدار الحكم ومقتضية له لما أفاد ويصح تسكًا على مانع المنصوص بإثبات صحتها وعلى غيره بأن الأصل الناشىء لا سيما في المشروع المتعلق بالكل.

وخامسًا: الإخباركحديث معاذ وأبى موسى وابن مسعود وهي مما تلقاه الأمة بالقبول فهي صحيحة.

قال الغزالي رحمه الله فيقبل ولو كان مرسلًا وقد قال عليه السلام "حكمي على الواحد حكمي على الجماعة"(1).

قيل: ظني فلا يكفي في الأصول.

قلنا الحق إنه يكفي فيما المطلوب منه العمل.

وسادسًا: الآثار المروية عن عمر وابن عباس وابن مسعود وغيرهم في تخويزهم الرأى ولم ينكر فكان إجماعًا وطاعنهم ضال ومدعى اختصاصهم زال بلا قال ولهم في امتناعه الكتاب والسنة ومعنى في الدليل ومعنى في المدلول فالكتاب كقوله تعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89]، {وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ} [الأنعام: 59] حيث دل على أن الكتاب كاف في جميع الأحكام بعبارته أو إشارته أو دلالته أو اقتضائه وعند فقد الكل يعمل بالاستصحاب لقوله تعالى: {قُلْ لَا أَجِدُ} [الأنعام: 145] الآية فلو كان القياس حجة لما كفى قلنا تبيان لا بلفظة فقط وضعا بل وتارة بمعناه جليًا أو خفيًا فيتناوله كالدلالة وربما يقال التبيان بالمعنى والبيان باللفظ وفي ذلك تعطم شأن نظمه ومعناه

(1) لا أصل له، وتقدم، وانظر كشف الخفاء للعجلونى (1/ 436) المصنوع (1/ 95).

ص: 315

للعمل به أصلا وفرعًا على أن الكتاب المبين هو اللوح المحفوظ والعمل بالاستصحاب عمل بلا دليل والنص أمر بالعمل بقوله خلق لكم الآية فلا تحريم بالقياس عندنا.

أيضًا والحاصل حال بقاء وجود مكة أو عدم جبل الياقوت عدم العلم بالتغيير لا العلم بالعلم ولو سلم فبالعادة فيما دلت عليه إذ لا تخرق إلا بنحو المعجزة لقوله تعالى: {وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللَّهِ تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 62] بخلاف الشريعة الشارعة في التبدل ولذا لم يتمسك بشريعة من قبلنا إلا إذا قصت لنا.

والسنة كقوله عليه السلام: "لم يزل أمر بني إسرائيل مستقيمًا حتى ظهر فيهم أولاد السبايا فقاسوا ما لم يكن بما قد كان فضلوا وأضلو"(1).

قلنا: المراد قياس ما لم يكن مشروعًا فهو القياس في نصب الشرائع أو الذي يقصد به رد المنصوص كقياس إبليس أو بمجرد اعتبار الصورة كأصحاب الطرد وما نحن فيه يقصد به إظهار ما قد كان أو إظهار الحق أو الإلحاق صورة ومعنى كما أمر بإظهار قيمة الصيد في قوله تعالى: {يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِنْكُمْ} [المائدة: 95] فإنكاره عليه السلام بناء على جهلهم وتعصبهم والمعنى في الدليل من وجوه:

1 -

أنه طريق لا يؤمن فيه الخطأ والعقل مانع عن سلوك مثله.

قلنا لا نعلم منعه فيما صوابه راجح والخطأ مرجوح وإلا لتعطلت الأسباب الدنيوية كزرع الناتئ وربح التاجر وعلم المتعلم وغرض المتكلم بل يوجب العمل عند ظن الصواب ولئن منع فليس منعه إحالة بل ترجيحها للترك.

2 -

أن العقل بعد ورود الشرع بمخالفة الظن يحيل وروده بالعمل به والأول ثابت كما بالشاهد الواحد وإن كان صديقًا بشهادة العبيد الكثير الدينين وكما يحرم تزوج كل من عشر اجنبيات فيهن رضيعة بغير عينها مع أنها على تقدير رضيعة وعلى تسع تقادير لا.

قلنا: بل المعلوم وروده بمتابعة الظن كما في ظاهر الكتاب والخبر وفي شهادة أربعة رجال للزنا ورجلين للعقوبة ورجل وامرأتين للمال ونحوه وواحد في هلال رمضان ونحوه وواحدة فيما يختص بهن والمنع بما ذكرتم لمانع خاص هو نوط الطون فيها لخفائها بمظان ظاهرة منضبطة فذلك نقض الحكمة المسمى كسرًا وسيجىء أنه لا يضير.

(1) أخرجه الدارمى (1/ 62) ح (120)، وابن ماجه (1/ 21) ح (56)، وابن أبى شيبة في مصنفه (7/ 506) ح (592)، والبزاري مسنده (6/ 402) ح (2424)، والخطيب في تاريخ بغداد (13/ 413).

ص: 316

3 -

للنظام أن الشرع رد بالفرق بين المتماثلات كإيجاب الغسل بخروج المبنى البول والجلد بنسبة الزنا دون القتل والكفر وثبوتهما بشاهدين دونه وقطع سارق القليل دون غاصب الكثير والتفاوت بين عدتي الطلاق والوفاة وكذا بالجمع بين المختلفات كما بين قتل الصيد عمدًا وخطأ في فداء الإحرام وبين الزنا والردة في القتل وبين القاتل خطأ والواطئ في الصوم والمظاهر في إيجاب الكفارة وذا يستحيل التعبد به لأن حقيقته ضد هذا قلنا لا نعلم الكبرى لأن للتعبد به شروطا كصلوح الجامع علة ربما تفقد وموانع كمعارض أقوى في الأصل أو الفروع ربما توجد فط تلك المتمثلات وبالعكس في المختلفات مع جواز اقتضاء العلل المختلفة في المحال حكمًا واحدًا.

4 -

أنه يفضى إلا الاختلاف لاختلاف الأصول والأنظار فيكون مردودًا لقوله تعالى: {وَلَوْ كَانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ} [النساء: 82] الآية فإنه دل على أن ما من عند الله تعالى لا يوجد فيه الاختلاف وينعكس عكس النقيض إلى أن ما يوجد فيه ليس من عنده أو يدل على أن ما يوجد فيه يكون من عند غير الله وما من عنده في غيره فليس من عنده فهو مردود.

قلنا المراد به التناقض واختلال النظم المخل بالبلاغة التي بها التحدى لا لاختلاف في الأحكام للقطع بوقوعه.

5 -

أو جاز فإن صوب يكون النقيضان حقًا وإن خطئ فتحكم.

قلنا: بعد النقض بالاجتهاد في الظواهر نختار التصويب ولا تناقض لأن حقية كل بالنسبة إلى صاحبه أو التخطئة ولا لخكم إذ المصوب والمخطأ أحدهما لا بعينه المعين.

6 -

أنه إن وافق العدم الأولى فمستغنى عنه وإن خالفه فالظن لا يعارض اليقين قلنا يجوز مخالفته بالظن كسائر الظواهر.

7 -

أنه يفضى إلى التناقض على تقدير ممكن هو يعارض علتين.

قلنا لا يفضى إذ في قياس واحد يرجحه فإن لم يقدر يعمل بأيهما شاء بشهادة قلبه عندنا ويخبر عند الشافعي رضي الله عنه وأحمد رحمه الله فى المتعدد كل يعمل بقياسه.

والمعنى في المدلول أولًا أن طاعة الله تعالى لايمكن إلا بالتوقيف إذ مع الشرائع ما لا يدرك بالعقول كالمقدرات وما يخالفها ظاهرا كبقاء الصوم مع الإفطار ناسيًا والصلاة مع السلام ساهيًا والطهارة مع سلس البول وغيرها أما أمر الحروب ودرك جهة الكعبة وتقويم المتلفات ومهور النساء فتبنى معرفتها على أسباب حسية فكان يقينًا بأصله كظواهر الكتاب والسنة ولأنها ليست من الطاعات بل من حقوق العباد.

ص: 317

قلنا القياس نوع من التوقيف والممتنع نصب الشرائع لا إظهارها ولذا لا قياس فيما لا يدرك ولا خفاء أن جهة القبلة لأداء محض حق الله تعالى ومع ذلك أطلق العمل بالرأى أما التحقيق الابتلاء أو لأنه غاية ما في وسعنا فكذا في الأحكام.

وثانيًا: أن الحكم حق الشارع القادر على البيان القطعى فلم يجز التصرف في حقه بما فيه شبهة بخلاف حقوق العباد الثابتة للشهادة.

قلنا جاز بإذنه كما مر ولهم في وجوبه أن النصوص المتناهية والأحكام فلا تفى بها فيجب التعبد به لئلا يخلو الوقائع عن الأحكام قيل هذا يناسب مذهب أبى الحسين لا القفال من الشافعية إذ لا وجوب على الله ولا عن الله عنه وجوابه أن الوجوب أعم منه حقيقة ومنه وعدًا وتفضلا والثالى ثابت عنده لقوله تعالى: {تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} [النحل: 89] وحين لا يستفاد الكل من لفظه وجب أن يستفاد من معناه لئلَا يكذب.

قلنا لا نعلم عدم جواز خلو الوقائع عن الأحكام والعلم مخصص.

ولئن سلم فغير المتناهى جزئياتها ومن الجائز استيفاؤها بعمومات شاملة نحو كل مقدر ربا وكل ذى ناب حرام وكل ميتة حرام.

ولنا في وقوعه سمحيًا قطعيًا أولًا تواتر العمل به عن جمع كمير من الصحابة عند عدم

النص والعادة تقضى أن إجماع مثلهم في مثله ليس إلا عن قطاع على حجيته وتواتر القدر

المشترك كاف.

وثانيًا: أن عملهم به شاع ولم ينكر والعادة تقضى بأن السكوت في مثله من الأصول العامة الدائمة الأثر وفاق وهو حجة قاطعة من ذلك اللهم رجعوا بعد اختلافهم إلى رأى أبى بكر رضي الله عنه في قتال بني حنيفة على أخذ الزكاة إما قياسًا على ترك الصلاة وإما قياسًا لخليفة الرسول على نفسه وأنه رجع بعد توريث أم الأم دون أم الأب إلى التشريك بينهما في السدس لقول بعض الأنصار تركت التي لو كانت هى الميتة ورث جميع ما تركت لأن ابن الابن عصبة دون ابن البنت وورث عمر المطلقة ثلثًا في مرض الموت بالرأى وشك في قتل الجماعة بالواحد فرجع إلى قول على رضي الله عنه في قياسه على اشتراك النفر في السرقة وذلك كثير فقد تواتر القدر المشترك كشجاعة على رضي الله عنه ودل السياق على أن العمل بالرأى كما في التجريبات والعادة على أن السكوت بعد التكرر اتفاق وعلى أنه لو أنكر لنقل لأنه مما يعم به البلوى فيتوفر الدواعى على نقله وعلى أن العمل بها كان لظهورها لا لخصوصياتها لأن اجتهادهم كان لتحصيل الظن والمنقول على عثمان وعلى رضي الله عنهما من ذم الرأى فيما يقابل النص أو يعدم فيه

ص: 318

شرطه فهذه أجوبة ستة عن شبه سبع.

تمثيل مشتمل على كيفيتى الاعتبار واستنباط العلة في القياس.

قال عليه السلام: "الحنطة بالحنطة"(1) أي بيعها، فالحذف للجار والتعين لخبر لا تبيعوا وهو مباح قوبل محله بجنسه ويد بالمماثلة حالًا عنه وإذا تعلق الإيجاب بالمباح كالبيع والرهن يصرف إلى قيده يشترط المثل في الجنس كالقبض في:{فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] على أن الأحوال شروط معنى ولذا يتعلق الطلاق بالركوب أيضًا في أن دخلت راكبة وقد يجب شرط المباح كما في النكاح مْ المراد بالمثل اشتراط القدر الشرعى للإجماع والخبر (كيلا بكيل)(2) فيراد بالفضل الفضل عليه لأن المفاضلة بحسب المماثلة فصار حكمه وجوب التسوية بينهما لني القدر والحرمة لفوتهاثم تأملنا في الداعى إليه فوجدنا أن إيجاب التسوية بين الأموال لكونها أمثالا متساوية وذا بالتساوى صورة ومعنى لقيام كل محدث بهما وهما القدر والجنس فيهما فيكونان الداعيين إلى وجوب التسوية ليتحقق العدل وبواسطه إلى حرمة الفضل لا سيما وقد سقط اعتبار المماثلة في قيمة الجودة شرطًا لتحقق التسوية لا جعلا له جزء علة البر ليزيد إجزاؤها إذ العدم لا يصلح علة للتماثل الوجودي إما بنص الحديث أو بدلالة الإجماع على عدم جواز بيع قفيز من حنطة جيدة بقفيز من ردية وزيادة فلس مع جواز الاعتياض عن الجودة في غير الربويات أو لأن ما لا ينتفع به إلا بهلاكه فمنفعته في ذاته لا صفاته فلا تقوم أوصافه كالأشياء الستة بخلاف ما ينتفع به بدون هلاكه وإنما لم يجز بيع الأب والوصى الجيد من مال الصبي بالردى وجعل بيع المريض إياه به تبرعًا لفوت النظر وتصرفهم مشروط به ولماكان نحو الأرز والدخن والجص مشتملا على الجنس والقدر خلا الفضل على الممثلة عن العوض في بيعها فلزم إثباته فهذا كالمثلات التي قال الله تعالى فيها: {هُوَ الَّذِي أَخْرَجَ الَّذِينَ كَفَرُوا} [الحشر: 2] الآية فالإخراج من الديار عقوبة تعدل القتل والكفرَ يصلح داعيًا إَليه وأول الحشر يدل على تكرارها لإشعاره بثان هو حشر الناس إلى الشام في آخر الزمان بنار من المشرق وإجلاء عمر إياهم من خيبر.

ودل آخر الآية أن المقت والخذلان جزاء الاعتماد على القوة والاغترار بالشوكة ثم دعانا إلى الاعتبار بالتأمل في معانيها للعمل بما وضح منه فيما لا نص فيه فنقيس أحوالنا بأحوالهم ونحترز عن نحو أفعالهم توقيًا عما نزل بأمثالهم.

(1) تقدم تخريجه.

(2)

تقدم تخريجه.

ص: 319

الرابع: تنصيص الشارع على العلة في موضع يكفى تعبدًا بالقياس فيه وهو مذهب أحمد والنظام والقاشاني والجصاص والكرخي والجمهور على أنه لا يكفي وقال البصري يكفي في التحريم دون غيره كالوجوب والندب.

لنا أولًا: أن ذكر العلة يفيد صحة الإلحاق عرفًا نحو قول الأب لابنه لا تأكله لأنه مسموم يفيد صحة أن يلحق به كل مسموم في وجوب الامتناع وليس ذلك بقرينة شفة الأب وإن احتمله لمحما ظن لأن غير الأب كهو مثل قول الطيب لا تأكله لبرودته أو حموضته أو لأنه كمير الغذاء ولأن العبرة لعموم اللفظ لا لخصوص السبب وباحتمال الخصوص لا يندفع.

وثانيًا: إن ذكرها لو لم يكن للتعميم بالإلحاق لعرى عن الفائدة ظاهرًا إذ الظاهر أنه لذلك.

قيل: يحتمل أن يكون فائدته تعقل مقصود الشرعية.

قلنا خلاف الظاهر لأنه ما بعث للتنبيه على أسرار الربوبية بل لتعليم وظائف العبودية. وثالثًا: إن حرمت الخمر لإسكاره كقوله علة الحرمة الإسكار لأن اللام للتعليل ولا فرق بين اسمه وحرفه، والثالق يصحح الإلحاق إجماعًا فكذا الأول قبل تعريف الخبر يكون للتعميم لأن الحصر يحصل به فيفيد أن العلة كل إسكار والإضافة للعهد فتفيد أنها إسكاره.

قلنا: ليس اللام للاستغراق وإلا فيراد في الحرمة أيضًا ولا يصح أن الإسكار ليس علة لكل حرمة أو يراد حرمة الخمر بالقرينة كما هو الظاهر فلام الاسكار للجنس أو العهد لأن علة حرمته إسكاره لاكل إسكار ثم الحصر يستفاد من العهد أيضًا كما مر.

وبعد تسليم الكل فاللازم عدم العموم بالفعل والكلام في صحة التعميم بالإلحاق وأين ذلك من هذا؟

ومنه يعرف معنى تمسكنا رابعًا بأن حرمة الحمر لإسكاره كحرمة كل مسكر أي من مطلق التعميم لكن هنا أن علل وثمة بالمنطوق.

قالوا لو قال أعتقت غانما لحسن خلقه لا يكون نحو أعتقت كل حسن الخلق ولذا لا يعتق غيره من حسنى الخلق.

قلنا الدعوى أن مثله من الشارع يكفي تعبدًا للقياس أي يصحح إثبات الحكم بالإلحاق لا أنه يصرح بثبوته وبذا لا يثبت ما لم يلحق كما لو قال وذلك يقتضي أن أحرم كل مسكر أو أعتق كل حسن الخلق.

ص: 320