المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء - فصول البدائع في أصول الشرائع - جـ ٢

[الفناري]

فهرس الكتاب

- ‌ المقصد الأول ففي الأدلة الأربعة

- ‌الركن الأول من الكتاب

- ‌فالمقدمة فيها مباحث:

- ‌الأول: فيما يتعلق بتعريفه

- ‌الثاني: أن المنقول آحادًا ليس بقرآن

- ‌الثالث: يجوز العمل بالقراءات الشاذة إذا اشتهرت

- ‌الفصل الأول في الخاص

- ‌الأول: في حكم مطلقه وضعًا

- ‌المقام الثاني في حكم قسمه المسمى بالأمر:

- ‌المقام الثالث في حكم النهى الذي يقابله

- ‌الفصل الثاني في العام

- ‌الأول: في حكمه

- ‌أحدهما فيما قبل التخصيص:

- ‌البحث الثاني: فيما بعده

- ‌الأولى: في تعريف التخصيص

- ‌الثانية: في جوازه في جميع العمومات

- ‌الثالثة: في أنه في الباقي يعد التخصيص حقيقة أم مجاز

- ‌نظائر الثلاثة من الفروع

- ‌المقام الثاني في ألفاظ العموم

- ‌المقام الثالث: في شتائت مباحث العموم

- ‌الفصل الثالث في حكم المشترك

- ‌الفصل الرابع في حكم المؤوَّل

- ‌الفصل الخامس في حكم الظاهر

- ‌الفصل السادس في حكم النص

- ‌الفصل السابع في حكم المفسر

- ‌الفصل الثامن في حكم المحكم

- ‌الفصل التاسع في حكم الخفي

- ‌الفصل العاشر في حكم المشكل

- ‌الفصل الحادي عشر في حكم المجمل

- ‌الفصل الثاني عشر في حكم المتشابه

- ‌الباب الأول في المجمل

- ‌الأول: قد مرت الإشارة

- ‌الثاني: فيما اختلف في إجماله:

- ‌الباب الثاني في المبين

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث

- ‌المبحث الرابع

- ‌المقصد الأول في بيانيّ التقرير والتفسير

- ‌المقصد الثاني في بيان التغيير

- ‌للواقفية المشتركة

- ‌أولا: حسن الاستفهام

- ‌وثانيًا: صحة الإطلاق

- ‌الأول في حده

- ‌الثاني في تقسيمه

- ‌الثالث في أنه إما واحد أو متعدد على الجمع

- ‌ تخصيص العام:

- ‌المبحث الأول

- ‌المبحث الثاني

- ‌المبحث الثالث في جواز تخصيص الكتاب بالكتاب

- ‌المبحث الرابع في جواز تخصيص السنة بالسنة

- ‌المبحث الخامس في جواز تخصيص السنة بالقرآن

- ‌المبحث السادس في جواز تخصيص القرآن بخبر الواحد

- ‌المقصد الثالث في بيان الضرورة

- ‌المقصد الرابع في بيان التبديل

- ‌الفصل الثالث عشر في حكم الحقيقة

- ‌فصل

- ‌الفصل الرابع عشر في حكم المجاز

- ‌الفصل الخامس عشر: في حكم الصريح

- ‌الفصل السادس عشر: في حكم الكناية

- ‌الفصلين السابع عشر والثامن عشر في حكم الدال بعبارته وإشارته

- ‌الفصل التاسع عشر: في حكم الدال بدلالته

- ‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء

- ‌الركن الثاني: من السنة وفيها مقدمة وعدة فصول

- ‌الفصل الأول: في تقسيمه باعتبار الاتصال

- ‌الفصل الثاني: في الراوي

- ‌الفصل الثالث: في الانقطاع

- ‌الفصل الرابع: في محل الخبر

- ‌الفصل الخامس: في وظائف السمع

- ‌الفصل السادس: في الطعن

- ‌الركن الثالث في الإجماع: وفيه مقدمة وعشرة فصول

- ‌أما المقدمة ففي تفسيره

- ‌الفصل الأول في إمكانه

- ‌الفصل الثاني في إمكان العلم به

- ‌الفصل الثالث في إمكان نقل العالم إلى المحتج به

- ‌الفصل الرابع: في حجيته

- ‌الفصل الخامس: في ركنه

- ‌الفصل السادس: في أهلية من ينعقد به

- ‌الفصل السابع: في شروطه

- ‌الفصل الثامن: في حكمه

- ‌الفصل التاسع: في سببه

- ‌الفصل العاشر: في مراتبه

- ‌الركن الرابع: القياس

- ‌الفصل الأول: في معناه

- ‌الفصل الثاني: في شروطه

- ‌الفصل الثالث: في أركانه

- ‌الفصل الرابع: في حكمه

- ‌خاتمة الفصول في عدة تقسيمات للقياس:

- ‌الفصل الخامس: في دفعه

- ‌الفصل السادس: في بيان أسباب الشرائع

- ‌الأول في الأسباب

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات وهي الإيمان بتفاصيله

- ‌المبحث الثاني في العبادات

- ‌المبحث الثالث في المعاملات

- ‌المبحث الرابع في المزاجر

- ‌القسم الثاني في حكم الأحكام أي مصالحها المشروعة هى لها

- ‌المبحث الأول: في الاعتقادات حكمتها

- ‌المبحث الثاني: في العبادات

- ‌المبحث الثالث: في المعاملات الخمسة

- ‌المبحث الرابع: في المزاجر

- ‌الفصل السابع: في غير الأدلة الأربعة

- ‌الأول في الصحيحة

- ‌الأول: في شرع من قبلنا

- ‌المبحث الثاني: في تقليد صحبه عليه السلام

- ‌المبحث الثالث: في الاستدلال

- ‌القسم الثاني: في الأدلة الفاسدة:

- ‌المقصد الثاني: فيه ركنان للتعارض والترجيح

- ‌أما الأول ففيه مباحث

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الثاني: في حكمه

- ‌الثالث: في المخلص عنه

- ‌الركن الثاني في الترجيح: وفيه فصول

- ‌الأول في تفسيره

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في تقسيمه

- ‌الفصل الرابع: في وجوه ترجيح القياس بحسب التأثير

- ‌الفصل الخامس: في وجوهه بين المنقولين

- ‌الأول ما بحسب السند

- ‌الأول الراوي ورجحانه

- ‌المورد الثاني: الرواية وفيه وجوه

- ‌المورد الثالث المروى: وفيه وجوه

- ‌المورد الرابع المروى عنه

- ‌الصنف الثاني: ما بحسب المتن

- ‌الصنف الثالث: ما بحسب المدلول

- ‌الفصل السادس في وجوهه بين المعقولين

- ‌الفصل السابع في بيان المخلص

- ‌الفصل الثامن

- ‌الخاتمة ففى الاجتهاد وما يتبعه من مسائل الفتوى

- ‌الفصل الأول في تفسير الاجتهاد وشرطه

- ‌الفصل الثاني في حكمه

- ‌الفصل الثالث في مسائل متعلقة الاجتهاد

- ‌الفصل الرابع في مسائل الفتاوى

- ‌الأول في المفتي

- ‌القسم الثاني: في المستفتي

- ‌القسم الثالث فيما فيه الاستفتاء

الفصل: ‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء

الله بدلالة تمكن النقصان وزيادة.

تتمة: قال بعض الأصولين ليس للدلالة عموم لأن معنى النص إذا ثبت علةً لا يحتمل أن لا يكون علةً والإشارة تصلح له، ومعناه أن العلة لا تخصص لأنها مدار الحكم وملزومه فلو وجد دليل يعترض عليها لكان نسخا لا تخصيصًا وكذا الإشارة عند بعض منهم أبو زيد لما لم يسق الكلام له والأصح أنها قد لخصص كما قال الشافعي بتخصيص إشارة قوله تعالى في حق الشهداء {بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبهمْ} [آل عمران: 169] إلى أن لا يصلى عليهم في حق حمزة رضي الله عنه حيث صلى عليه السلام عليه حين استشهد سبعين صلاة والحق بناء الفرق على أن العموم للمنطوق لا للمفهوم كما مر ويفرع عليه قبول التخصيص.

‌الفصل العشرون: في حكم الدال بالاقتضاء

وهو أن يطلب شرطًا لصحة المنصوص عليه كائنًا مع حكمه حكمًا له ومضافًا إلى نفس النظم لا معناه كالعتق إلى شراء القريب فلا يعارضه القياس كما لا يعارضه الثلاثة السابقة فالثابت به كالثابت بها غير أنه لثبوته بناء على الحاجة والضرورة كان إنزال منها لو عارضها.

قال فخر الإِسلام وعلامة المقتضى أن يصح به المذكور ولا يلغى عند ظهوره ويصلح لما أريد له فصحة المذكور به أن يتوقف صحته عليه بخلاف {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} [النساء: 23] على المختار وعدم الغاية عند الظهور أن لا يتغير به إعراب مفرداته فيتغير نسبة الحكم بتغيره بخلاف واسأل القرية والمقصود منه أن لا يتغير نسبة الحكم إذ لو حصل بدون تغير الإعراب أيضًا لم يكن مقتضى نحو أعجبنى سؤال القرية لكن قيد به إخراجًا له مخرجِ المشتهر أو الغالب فما عد العلامة النسفي نحو قوله تعالى {اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفجَرَت} [البقرة: 60] و {فَأَدْلَى دَلْوَهُ قَالَ يَا بُشْرَى} [يوسف: 19] من المقتضى إنما يصح عند من لم يقيد الصحة بالشرعية وما يقال من أن النسبة بتغير عند ظهوره في المثال المشهور إذ بعد البيع يكون العبارة أعتق عبدي فذا من سوء الفهم إذ هذه ليست في معناه ولا تفيد فائدته بل صحتها بعد تمام العقد من الطرفين حتى لو قال المأمور في جوابه بعت عبدي وأعتقته لا يقع عن الأمر وصلوحه لما أريد له يحتمل معنييها.

1 -

أن لا يتغير معناه بخلاف قوله لعبده المتزوج تمردًا طلقها لا يكون إجازة اقتضاء لأن غرضه الرد والمتاركة فيكون توكيلا بالطلاق وليس في وسعه بخلافه للمزوج

ص: 203

الفضولي إذ الطلاق يعد الإجازة في يده فيصح الأمر به قبلها.

2 -

أن يصلح مستتبعًا للمقتضى بخلاف يدك طالق إذ لا يصلح مستتبعًا للنفس ولذا قالوا الكفار لا يخاطبون بالشرائع وإلا ثبت الإيمان مقتضى تبعًا لها وهو عكس المعقول فمذهبه وهو مختار شمس الأئمة وصدر الإِسلام وصاحب الميزان أن نحو واسأل القرية وإن أكلت وحرمت عليكم أمهاتكم وإنما الأعمال بالنيات من قبيل المحذوف أو المضمر الذي هو كالمنطوق به فلا يخرج دلالته من الأقسام الأربعة المذكورة فلا بد عندهم من تقييد الصحة بالشرعية.

وعد شيء منها في أمثلة المقتضى كما فعله فخر الإِسلام إنما هو على سوق من يقول به.

أما عامة أصحابنا منهم أبو زيد وهو مذهب الشافعي رحمه الله أنه ثلاثة أقسام كما مر ما أضمر ضرورة صدق الكلام نحو رفع عن أمتي أو ضرورة صحته عقلا نحو واسأل القرية أو شرعًا نحو فتحرير رقبة فعرفوه بجعل غير المنطوق منطوقًا لتصحيح المنطوق من غير تقييد بالشرعى كما قيده فخر الإِسلام رحمه الته بقوله فأمر شرعى ضروري ثم العموم في الكل وتجويز التخصيص مذهب الشافعي وعدمه في الكل مذهب أبي زيد والعموم في المحذوف دون المقتضى مذهب الفارقين إلا أبا اليسر حيث لم يقل بعموم المحذوف أيضًا.

للشافعي رحمه الله أنه ثابت بالنص كالثلاثة قلنا العموم صفة النظم وإنما أنزلناه منظومًا شرطًا لغيره وضرورة تصحيحه فيتقدر بقدرها بخلاف الثلاثة فهما كتناول الميتة لا يتجاوز به سد الرمق وحل الذكية يظهر في الشبع والحمل والتمول والعموم الثابت بقولك أعتق عبيدك عني نفس المقتضى وفرق ما بين العموم المقتضى وعموم المقتضى بين.

وللفارق أن الحذف للاختصار وهو أمر لغوي فالمختصر أحد طريقي اللغة قيقبل العموم كالمطول والاقتضاء أمر شرعي ضروري يندفع ضرورته بالخصوص فحقيقة الفرق بينهما يكون الاحتياج لغويا في الحذف وشرعيًا في الاقتضاء وقيل أو عقليًا ثم المضمر يرادف المحذوف أو كالمحذوف حكمًا وإن فرق بينهما بأنه ما له أثر نحو والقمر قدرناه وبلدة ليس بها أنيس والمحذوف ما لا أثر له نحو واسأل القرية.

ومنه يعلم أن تغير الإعراب عند الظهور لا مدخل له في صحة العموم بل وليس قيدًا في المحذوف غلا غالبًا في الوقوع فعلى هذا اختصاص الحكم بالآخرة في حديثي الرفع والنية وعدم عمومه لاشتراك الحكم لا للاقتضاء كما مر مرات.

ص: 204

تفريعات:

1 -

تبطل نية الثلاث في اعتدى بعد الدخول لأنه وقع مقتضى الأمر بالاعتداد ولذا كان رجعيًا إذ الضرورة تندفع به والمقتضى له اعتداد لهذا الأمر أثر في إيجابه فلذا يقع به ولو في عدة طلاق آخر وهذا تخريج غير ما مر من أنه مستعار لكوني طالقًا.

2 -

تبطل نية الثلاث في أنت طالق وطلقتك خلافًا للشافعي رحمه الله فعنده يقع ما نوى كما في طلقي نفسك وأنت باين وإذا يقع الثلاث تفسيرًا لهما قلنا نية غير المحتمل لأن طالق نعت فرد للمرأة لا عموم فيه ومحتمله هو الطلاق بمعنى التطلمِق وهو المراد هنا لأن ما هو صفة المرأة يقتض ضرورة صدقه إيقاعًا سابقًا وهو الذي في يده فأثبتناه وهذا الشرعي واللغوي المصدر القائم بها لا به وكيف يراد هو وأنه غير واقع بعد وقد أخبر عن وقوعه فلا بد من إثبات الإيقاع والوفع قبيله ليصدق ويصح شرعًا وكذا المدلول اللغوي لطلقت المصدر الماضي وليس موجودًا فاقتضى سابقًا ليصبح والمقتضى لا عموم له وإنما صحت في أنت طالق طلاقًا وأنت الطلاق وإن كان المصدر المذكور صفة للمرأة لأن نية التعميم في المذكور المقتضى للتطليق يقتضى التعميم فيه فذلك هو التعميم المقتضى لا تعميم المقتضى كبيع العبيد في أعتق عبيدك عني بألف وللغفلة عن هذا ظن أن المراد بالطلاق التطليق والمراد أنت طالق لأني طلقتك تطليقات ثلاثًا.

وفيه بعد من وجوه لا سيما في أنت الطلاق وهذا طريق جعله إنشاء فلا يقال هو إنشاء وضرورة الصدق في الإخبار فلا اقتضاء إذ لولا اعتبار الاقتضاء حال إنشائيته كلما عمل بإخباريته إذا أمكن كقوله للمطلقة والمنكوحة إحديكما طالق لا يقع شىء ولئن لم يلاحظ إخباريته فلأن مدلوله الحقيقي معدوم ولو لفظًا والمعدوم لا يحتمل العموم أو لأنه لما جعل إنشاء شرعًا صار فعلا لا قولا والفعل لا يتعدد بالنية لأنها تعمل في المراد من الأقوال ثم الباين كالطالق في كل ذلك لكن صحت نية الثلاث فيه لأمر آخر هو أن لاتصال البينونة بها وجهين انقطاع الملك وانقطاع الحل فالنية عينت أحد محتمليه فإذا لم ينو أو نوى مطلق البينونة تعين الأدنى المتيقن وإذا نوى انقطاع الحل يثبت العدد ضمنًا كالملك في المغصوب في ضمن الضمان أما الطلاق فغير متصل بالمحل في الحال اتفاقًا لبقاء جميع أحكام النكاح فضلا عن تنوعه إنما هو في نفسه انعقاد العلة فقط والأفعال قبل الحلول في المحال لا تنوع إلى النقصان والكمال كالرمي بل المتنوع أثره كالجرح والقتل ولئن سلم اتصاله فغير متنوع بل تنوعه بالعدد فهو الأصل في التنويع فلا يثبت مقتضى وإلاكان الأصل تبعًا أو نقول تنوعه إلى مزيل الملك بانقضاء العدة وإلى مزيل الحل بكمال

ص: 205

العدد فهما محتملا متعلقيه لا نفسه وأما طلقى فليس إخبارًا وضعًا ليقتضى إيقاعًا سابقًا ولا إيقاعًا للطلاق ليكون معدومًا ولا أن إنشائيته جعلية شرعًا ليكون فعلا بل قول موضوع لغة لطلب مصدره فله طالب أن يعين مطلوبه بالنية وعلى تنوع الفعل يصحح نية التخصيص صح نية السفر ديانة في إن خرجت خلافًا للقاضى أبى هيثم لتنوعه إلى المديد المرخص وغيره لا قضاء لأن فيه تخفيفًا ونية بيت واحد لا يعينه في لا نساكن فلانًا مع أنه بلا نية يقع على الدار والمكان يقتضى لتنوع المساكنة إلى كاملها في بيت وغيره في دار ويتعين الأدنى لعدم النية وأما من أقر ببنوة صغير صدقته أمه المعروفة بالحرية وبأموميته بعد موته فإنما يثبت نكاحها دلالة كما قل شمس الأئمة أو إشارة كما اختاره أبو زيد أن النكاح الصحيح هو المتعين للولادة في مثلها فالإقرار بالولد إقرار بالوالدة ولئن ثبت اقتضاء لثبوت النسب كما قال فخر الإِسلام فإنما ترث لأن الإرث لازم النكاح في أصله إذ لا يتنوع إلى موجب الإرث وغيره إلا بعارض لا يعتبر فالإرث هنا للنكاح كالملك للبيع الثابت مقتضى في أعتق عبدك عني بألف.

3 -

يبطل نية مكان ومأكول ومشروب دون آخر في إن خرجت أو أكلت أو شربت عندنا قضاء اتفاقًا وديانة إلا عن أبي يوسف رحمه الله في رواية لا عند الشافعي رحمه الله في المفعول به رواية واحدة والشرط كالنفي هنا لأنها وإن دلت على المصدر لغة لم يدل على المكان والمفعول إلا شرطًا لأن المحال شروط وكذا نية تخصيص سبب وفاعل في إن اغتسلت أو اغتسل لأن اللغة لا تقتض ذكر السبب وفاعل المبني للمفعول ولا بد منهما بخلافها لو ذكر طلاقًا وموضعًا ومأكولا ومشروبًا وغسلا واحدًا حيث يصدق في نية التخصيص ديانة والفرق أن هذه الاقتضاءات إن كانت شرعية فقد علم وإن لم تكن بل كانت عقلية حيث يعرفها من لم يعرف الشرع أصلًا فللاقتضاء عند من يقول به أو لأن نية التخصيص في غير الملفوظ لغو مطلقًا إليه أشير في المبسوط فإنما ذكرها من شرط الشرعية هنا أخذًا بسوق القوم إما أنه يحنث فيها بكل مفعول ومكان وحال فلحصول المحلوف عليه لا للعموم وإنما لم يذكروا المصدر لأنه المدلول اللغوي إذا أريد مطلقه فيصح ديانة نية التخصيص في أنواعه إذاكان متنوعًا في نفسه كما سلف في مسألتى إن خرجت ولا أساكن لا إن أريد النوع ثم ينوي تخصيص ذلك النوع ففي إن اغتسلت يصح نية تخصيص الفرض أو النفل أو التبرد إن كانت أنواعه لا إن كانت أوصافه كما نص عليه وقيل إنما يصح نية التخصيص في اغتسلت اغتسالا لا في اغتسلت لأن المصدر المصرح يقوم مقام الاسم الذي له عموم بخلاف غير المصرح وكونه في حكم المصرح

ص: 206

في حق صحة الفعل لا في حق إقامته مقام الاسم.

وتحقيق مذهبنا أن لا آكل أو إن أكلت لنفي نفس الحقيقة فلا يحتمل إثبات بعض أفرادها للمنافاة الظاهرة فلو نوى مأكولا دون مأكول فقد نوى ما لا يحتمله لفظه بخلاف لا آكل شيئًا ولا آكل أكلا إذ قد يقصد به عدم التعيين لما هو معين عند المتكلم إذا فسره ببيان نيته فقد عين أحد محتملاته.

ونظيره الفرق بين قراءتي {لا رَيْبَ} [البقرة: 2] بالفتح والرفع على ما علم فيما مر من الفرق الواضح بين نفي الجنس المساوي للفرد المنتشر نصًا وبين الفرد المقيد بالإبهام المحتمل لهما، واستدق الإِمام فخر الدين الرازي هذا النص للإمام الأعظم رحمه الله والفضل ما شهدت به الأعداء فلا يرد أن التأكيد تقوية مدلول الأول من غير زيادة فلا تفاوت بينهما.

للشافعي رحمه الله أن نفي الحقيقة إنما يتحقق بنفي كل مأكول ولذا يحنث بأيها أكل وذلك معنى العموم فوجب قبوله للتخصيص.

قلنا منقوص بتخصيص بعض الأزمنة والأمكنة بالنية حيث لا يجوز اتفاقًا والحل ما مر على أن دليلهم يفيد عموم المعنى والمبحث العموم الذي هو من عوارض الألفاظ ومنهما يعلم أن التزام جواز التخصيص في الجميع فاسد كفساد فرقهم بأن المفعول به من معقولية الفعل فلا يخطر بالبال إلا به فيكون كالمذكور بخلاف غيره وذلك لأن المتعدي قد يراد تعلقه بالمفعول وقد لا بتنزيله منزلة اللازم كما لو عم كلا الاستعمالين في المعاني ونزل في أكثر الفواصل القرآنية فلم يكن من ضرورياته كما في غيره.

ومن حكمه أن يثبت بشرط المقتضى لا شرط نفسه كالبيع الثابت في ضمن الأمر بالإعتاق بألف إلا عند زفر فإنه ينكر الاقتضاء ويشترط أهلية الإعتاق في الأمر لا القبول ولا يثبت فيه خيار العيب والرؤية ويصح في الأبق وذا شأن التابع كإقامة الجندي والغلام والمرأة بنية السلطان والمولى والزوج فليس كالمذكوركما ظنه الشافعى رحمه الله ولذا لو قال المأمور بعته منك بألف وأعتقته يقع عنه لأنه كان مأمورًا بالبيع الضمني وأتى به مقصودًا فكان ابتداء عقد توقف على قبول الأمر فإعتاقه قبله يقع منه وقال أبو يوسف رحمه الله في الأمر به بغير شيء يعتق عن الأمر ويملكه هبة ويسقط القبض كما في البيع الفاسد مثل أن يقول أعتق عبدك عني بألف ورطل خمر وقوله لغيره أطعم عني كفارة يميني لأنه القبول وأنه ركن لما سقط فالشرط أولى وقالا يقع عن المأمور لأن مالية العبد تلفت على ملك المولى في يده غير مقبوضة للطالب ولا محتملة لها لهلاكها بالإتلاف لا حقيقة

ص: 207

وهو ظاهر ولا حكمًا لأن القبض والتسليم في الهبة لا يسقط في صورة فلا يحتمله ودليل السقوط يعمل في محله بخلاف القبول في البيع حيث يحتمل كلا ركنيه السقوط بالتعاطي في النفيس والخسيس في الأصح وفي نحو كيف تبيع الحنطة فقال قفيزًا بدرهم فقال كلني خمسة أقفزة فكالها فالشرط أولى كما في نحو بعتك هذا الثوب فأقطعه فقطعه والبيع الفاسد كالصحيح مشروع بأصله فيعتبر به نظرًا إلى الأصل وفي مسألة التكفير جعل الفقير قابضًا عن الأمر ثم عن نفسه لكون الطعام قائمًا ولضة المالية تالفة.

وهذه تحصيلات المنطوق والمفهوم على سوق الشافعية.

الأول في تعريفها قسموا الدلالة إلى المنطوق والمفهوم وإن جعلهما قليل منهم فسمى المدلول فأدرجوا غير دلالة النص في المنطوق وإياها في المفهوم فالمنطوق دلالة اللفظ على الحاصل في محل النطق إما حكمًا له تكليفيًا شرعيًا في الشرع وإيجابًا وسلبًا مطلقًا وإما حالًا من أحواله أي حكمًا وضعيًا بأن يكون شرطًا له عقلا كتحصيل القوس في أرم أو شرعًا كالوضوء للصلاة والتمليك في أعتق عبدك عني أو سببًا له أو مانعًا كالحيض لترك الصلاة أو لنفسها وكما يستدل بقوله عليه السلام "تمكث إحداهن شطر دهرها"(1)، الحديث أن أكثر عشرة أو خمسة عشر قيل فنحو رفع عن أمتي واسأل القرية ليس من الاقتضاء إذْ ليس المقدر حكمًا أو حالًا للمنطوق.

وأقول إلا أن يجعل الاقتضاء أعم من وجه أو يفسر الحال يما يتناول المقدر فيهما فأقسام المنطوق أربعة ..

1 -

الدلالة على حكم مذكور لمذكور كأقم الصلاة الآية على وجوب صلاة الظهر.

2 -

على غير مذكور لمذكور نحو {فَالْآنَ بَاشِرُوهُنَّ} على جواز إصباح الصائم جنبًا.

3 -

على حال مذكورة لمذكور نحو السارق والسارقة الآية على كون السرقة علة.

4 -

على غير مذكورة لمذكور كحديث الحيض على أكثر مدته والمفهوم دلالته على حكم أو حال غير المذكور لغير ما نطق به فهو قسمان نحو ولا تقل لهما أف على حكم الضرب ونحو {وَمنْهُمْ مَنْ إِنْ تَأمَنْهُ بِدِينَار} [آل عمران: 75] الآية على علية الأمانة لتأدية ما دون القنطارَ كذا ذكر.

وفيه بحث فإن الأمانة مذكورة إلا أن يراد كونه أمينًا والمذكور جعله أمينًا.

(1) تقدم تخريجه.

ص: 208

الثاني: في تقسيم المنطوق هو صريح إن كانت مطابقة أو تضمنًا لما مر أن فهم الكل عين فهم الجزئين ذاتًا وغير صريح إن كانت التزامًا وهذه ثلاثة لأنه إن كان مقصودًا للمتكلم فقسمان استقراء.

1 -

أن يتوقف الصدق والصحة العقلية أو الشرعية عليه نحو رفع الحديث واسأل القرية وأعتق عبدك عني بألف ويسمى اقتضاء.

2 -

أن يقترن وصف مذكور في الجملة بحكم لو لم يكن ذلك الوصف أو نظيره علة له كان بعيدًا ويسمى إيماء وأقسامه خمسة.

1 -

عين الوصف علة لحكم مذكور في كلام الشارع والوصف في كلام غيره كقوله عليه السلام أعتق لمن قال واقعت أهلي في نهار رمضان.

2 -

نظير الوصف علة الحكم في كلامه والنظير في كلام غيره كما في حديث الخثعمية.

3 -

أن يفرق بين حكمين بوصفين صفة أو استثناء أو غاية أو غيرها نحو للراجل سهم وللفارس سهمان.

4 -

أن يذكر الشارع مع الحكم وصفًا مناسبًا نحو لا يقضى القاضي وهو غضبان.

5 -

أن يذكر الوصف دون الحكم فيستنبط نحو أحل الله البيع فإنه حله وصف حكمه الصحة فالعلية في الكل مدلولة لا بالوضع للوصف المذكور وأما إذا ذكر الحكم دون الوصف كما في العلل المستنبطة فالمختار أنه ليس من الإيماء وإن لم يكن مقصودًا فإشارة.

ولها أمثلة منها حديث الحيض إلى أن أكثر من خمسة عشر عندهم وهو ظاهر فإن المقصود وهو المبالغة في نقصان الدين يقتضي ذكر أكثر ما يتعلق به الغرض وعشرة عندنا وهذا أوجه كما مر أن العمر الغالب هو الستون بالحديث ولا حيض إلا بعد البلوغ فالثلاث مما بعده إذا ضم بما قبله وذا مجموع زمان الترك يبلغ نصف العمركذا قيل.

وفيه بحث لأن سياق الذم يوجب اعتبار ترك زمان الوجوب إذ لا ذم بترك غير الواجب إلا أن يقال ليس الذم بترك الواجب فقط بل بالمجموع منه.

ومن عدم الأهلية على أن المناسب للسياق أن لا يكون الذم بترك الواجب بل بعدم أثر الأهلية إذ لا وجوب لنحو الصلاة في أيام الحيض أيضًا.

وأما إشارته إلى أن أقل الطهر خمسة عشر إذ لو كان زمانه أقل لذكره في ذلك السياق فإنما يناسب توجيههم ويقويه.

ص: 209

ومنها قوله تعالى: {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ} [البقرة: 187] إلى جواز إصباح الصائم جنبًا بوجهين:

1 -

استغراق الليل بجواز الرفث فإن الحل ليلة الصيام يقتض جوازه في آخر جزء منها.

2 -

امتداد إباحة المباشرة حتى يتبين.

قيل فعد صاحب المنهاج هذه الآية والاقتضاء من المفهوم ليس بجيد لأن الدلالة فيهما على سؤال وحكم للمنطوق.

وأقول إلا أن يريد بعض أقسام الاقتضاء كما مر وغير خاف على المنصف أن الضبط الوافي والميز الشافي لأصحابنا كما سلف في المبادي.

الثالث: في تقسيم المفهوم إن وافق حكم المذكور حكم غيره إثباتًا ونفيًا فالموافقة وإلا فالمخالفة تسمى فحوى الخطاب أو لحنه أي مفهومه كقوله تعالى {فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ} [الإسراء: 23] في حرمة الضرب وكآخر الزلزلة في المجازاة بالأمرين فيما فوق الذرة ونحو {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] في تأدية ما دونه و {مَنْ إِنْ تَأْمَنْهُ بِقِنْطَارٍ يُؤَدِّهِ إِلَيْكَ} [آل عمران: 75] في عدم تأدية ما فوقه قيل والكل تنبيه بالأدنى أي بالأقلَ مناسبة على الأعلى وقيل: بالعكس فيراد بهما الأصغر والأكبر فلذا كان الحكم في غير المذكور أقوى وإنما يعرف ذلك باعتبار المعنى المقصود من الحكم كالإكرام في منع التأفيف وعدم تضييع الإحسان والإساءة في الجزاء والأمانة وعدمها في القنطار والدينار ولذا قال قوم بأنه قياس جلي وقد مر فساده ثم هذا على تقدير أن يكون مساواة المسكوت عنه بواسطة لا موافقة ولا مخالفة كما قيل أما إذا ألحق بالموافقة كما فعله أصحابنا فلا يشترط الانتقال من الأدنى وهو الحق لأن اشتراك العلة مدار اشتراك الحكم.

قيل إن كان التعليل بالمعنى في الموافقة والسببية للفرع قطعتين فقطعية كما مر وإلا فظنية كقول الشافعي رحمه الله إذا أوجب القتل الخطأ وغير الغموس الكفارة فالعمد والغموس أولى وإنما يتم لو كان المعنى الزاجر أما لو كان التلافي للمضرة فلا إذ ربما لا يقبله العمد والغموس لعظمهما وقد مر ما فيه.

الرابع في أقسام مفهوم المخالفة المسمى دليل الخطاب وشرطه حصره القائلون به بالاستقراء في اللقب، والصفة، والشرط، والغاية، والاستثناء، والبدل، والعدد، وإنما، والحصر، وقران العطف، وليعم أمران:

1 -

إن عدها مفهومًا من جهة الحكم لا ينافي عد نحو الصفة والشرط إيماء ومنطوقًا

ص: 210

من جهة دلالتهما على علية الوصف.

2 -

إن عد الغاية والاستثناء مفهوم المخالفة إنما يصح في بعض الأمثلة كالمرافق حيث يدل على أن غسل ما بعدها ليس بواجب وكالاستثناء المفرغ وإلا فالدلالة في نحو أكرم بني تميم إلى أن يدخلوا والاستثناء التام على حكم المذكوركذا ذكر.

وفيه نظر فإن المرافق وما وراءها مذكور في الأيدي لتناوله إلى الإبط وغير المذكور في الاستثناء حكم المستثنى وهو مذكور في المفرغ غالبًا فالأولى تمثيل الغاية بنحو الليل في الصوم والاستثناء إن صح أنه من المفهوم المفسر بما ذكر بنحو ليس إلا وليس غير منه على أنه يجب ذكر ما هو المستثنى قبلهما وعندنا يسمى الكل تمسكًا فاسدًا إذ الإثبات لم يوضع للنفي وبالعكس فلا يدل عليه فتحقق نقيض الحكم كعدم وجوب الزكاة في غير السائمة إما لكونه أمرًا أصليًا وبدليل آخر وبالقرائن الحالية أو القالية قالوا واشترط في الجميع أمور:

1 -

أن لا يظهر أولوية المسكوت عنه بالحكم وإلا كان موافقة وكذا مساواته أما القياس فقد يكون حكم أصله ثابتًا بالإجماع لا لنص ويكون علته في الفرع أدنى إلا عند من جعل جنسه المساواة.

2 -

أن لا يخرج مخرج الأغلب كتقييد الربائب بالكون في الحجور والخلع بخوف عدم إقامة حدود الله ونكاح المرأة نفسها بعدم إذن الولي لأن وجه الحمل على التخصيص تحقيق الفائدة فإذا ظهرت أخرى كالمدح والذم والتأكيد في الصفة بطل وجه الدلالة.

3 -

أن لا يكون لخصوصية السؤال أو الحادثة كالسؤال عن سائمة الغنم أو كون الغرض بيانها.

4 -

أن لا يكون تقدير جهالة للمتكلم بحكم المسكوت عنه ولا خوف يمنع عن ذكره ولا غيرهما من موانعه والفقه ما مر أن الحاجة إلى تحقيق فائدة التخصيص إنما يتحقق عند عدم فائدة أخرى والحق أن هذا الاشتراط لا يتصور في نحو الاستثناء والغاية والبدل والحصر وأن كون الغرض بيان المذكور فائدة شاملة يمكن أن يمنع به كل فرد منه على أن تخصيص الحكم النفسي المفسر بالعلم بوقوع النسبة أولا وقوعها عندنا وبالإذعان عند الحكيم يكفي فائدة فلا يجب تخصيص الحكم الخارجي وهو الوقوع أو اللاوقوع أما عدم تأديته أصلًا كما في الإنشاء أو لعدم تأدية مخالفه كما في الخبر فلا يلزم تأدية العدم فيهما.

ص: 211

الخامس: في مفهوم اللقب وهو نفى الحكم عما لم يتناوله النص باسم الجنس كالماء في حديث الغسل أو العلم نحو زيد موجود.

منعه الجمهور خلافًا لأبي بكر الدقاق وبعض الحنابلة والأشعرية.

لنا أولا: أن القول بالمفهوم حيث يتعين التخصيص فائدة وليس التنصيص باللقب كذلك إذ لو طرح اختل الكلام.

وثانيًا: لزوم الكفر من سعد موجود ومحمد رسول الله لاقتضائهما نفى وجود غيره حتى الله جل جلاله ونفى رسالة سائر الأنبياء.

وثالثًا: الآيات والأحاديث التي ليس التنصيص باللقب فيها للتخصيص نحو {فَلَا تَظْلِمُوا فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُوا} [التوبة: 36] الآية {وَمَا تَدْرِي نَفْسٌ} [لقمان: 34] الآية ونحو "ولا يبولن أحدكَم"(1) الحديث لا تخصص بالأشهر الحرم وبالغد وبالجنابة دون الحيض كذا قيل في توجيهها.

وفيها بحث سيجيء أن القيود من قبيل الأوصاف بل الوجه التوجيه بتخصيص المخاطبين والنفس والبول أما الاستدلال بأن القول به يفضي إلى بطلان القياس الحق ففاسد لأن موضع القياس مستثنى اتفاقًا لأن ذكر الأصل كذكر مناط حكمه لا لأن شرط المفهوم عدم ظهور المساواة كما مر إذ القياس قد يكون للأدنى إلا عند من جعلها جنسه.

لهم أولا فهم الأنصار وهم من أهل اللسان عدم وجوب الاغتسال بالإكسال من قوله عليه السلام: "الماء من الماء"(2) قلنا بموجب العلة ذلك من حرف الاستغراق أي جنس الاغتسال الذي يتعلق بالماء من الماء فلا يرد ما من الحيض والنفاس وقد سلمناه لكن يكون وجود الماء تارة عيانًا كالإنزال وأخرى دلالة كالتقاء الخاتنين لسببيته كالسفر والنوم.

وثانيًا أنه لولا التخصيص فلا فائدة للتنصيص.

لا يجاب كشمس الأئمة بأنها التأمل للاستنباط لنيل ثوابه ولا يحصل بالتعميم لما مر أن موضع القياس مستثنى بل فائدته إفهام مقصود الكلام.

وثالثًا: التبادر إلى الفهم في قوله لمن يخاصمه ليست أمي بزانية ولا أختي حتى أوجب به الحد مالك وأحمد.

(1) أخرجه البخاري (1/ 94) ح (236) ومسلم (1/ 235) ح (282).

(2)

أخرجه مسلم (1/ 269) ح (343).

ص: 212

قلنا من القرائن الحالية كالخصام وإرادة الإيذاء لا من اللفظ.

السادس: في مفهوم الصفة ولا يراد بها التعب بل كل قيد في الذات من نحو سائمة الغنم ولى الواجد وطرفي الزمان والمكان وغيرهما حتى قال إمام الحرمين بجواز تناولهما لمفهوم الغاية والعدد فضلا عن الشرط فإن المحدود والمعدود موصوفان بالحد والعد.

والعد والمظروف بالاستقراء في الظرفين فقال به الشافعي وأحمد ومالك والأشعري مطلقًا وأبو عبد الله البصري في ثلاث صور:

في موضع البيان كبيان خذ من غنمهم صدقة بقوله عليه السلام: "في الغنم السائمة زكاة"(1) حاشية.

2 -

في تمهيد القاعدة كقوله عليه السلام "إن تخالف المتبايعان في القدر أو في الصفة فليتحالفا وليتحالفا"(2) فالظرفان صفة معنى وهو أوجه من اعتبار الشرط صفة من حيث المعنى.

دخول غير ما له الصفة فيه دخول الواحد في {وَاسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ} [البقرة: 282] ونفيناه كالقاضي والغزالي والمعتزلة والقفال وابن سريج والنزاع في وصف خاص لا مادح ولا غيره.

لنا أولًا لو ثبت فينقل إذ لا مدخل للعقل في مثله متواتر أو جار مجراه في الاعتماد لأن الآحاد لا تفيد ولم يوجد وإلا لما اختلف فيه وبقيد الجريان اتباعًا لصاحب الكشف رحمه الله اندفع منع اشتراط التواتر.

وثانيًا أنه لو أفاد لم يحسن بعد الأمر المقيد السؤال عن حال عدم القيد كما إذاكان النفي مصرحًا.

وفيه بحث سيجيء مع جوابه.

وثالثًا لو ثبت في الإنشاء لثبت في الخبر لأن الحذر عن عدم الفائدة مشترك لكن قولنا في الشاة الغنم السائمة لا يدل على عدم المعلوفة لا لغة ولا عرفًا قطعًا ولا يجاب بالالتزام لولا القرينة فإنه مكابرة ولا بأنه قياس في اللغة إذ المراد به دخوله تحت القاعدة الكلية

(1) لا يوجد بهذا اللفظ وأصله أخرجه البخاري (2/ 527) ح (1386).

(2)

أخرجه الدارمي (2/ 325) ح (2549) والبيهقي في الكبرى (5/ 333) ح (10591) والدارقطني في سننه (2013) برقم (67)، والشافعي في مسنده (1/ 328) ح (302) والطبراني في الكبير (10/ 174) ح (10365)، وابن الجوزي في التحقيق (2/ 185) ح (1458) بتحقيقنا، وانظر التلخيص الحبير (3/ 30).

ص: 213

الثابتة بالاستقراء القائلة بان كل ما ظن أن لا فائدة للفظ سواه تعين لأن يكون مرادًا ولا بأن للخبر خارجيًا شأنه الإشعار بوقوعه فلا يلزم من عدم الإشعار عدمه والإنشاء لا خارجي له فانتفاء إيجاب الزكاة في المعلوفة مثلا عين انتفاء وجوبها وذلك لأن حاصله أن النص غير متعرض لحكم المسكوت عنه ونحن نقول به ولا فرق فيه بينهما لأن عدم الحكم بالشىء كما هو أعم من حصوله ولا حصوله خارجًا كذلك أعم من الحكم بالعدم فالكلام في أن الإيجاب في السائمة ليس نفيًا للوجوب في المعلوفة لا في انتفاء إيجاب الشيء ليس انتفاء لوجوبه.

ورابعًا لو صح لما جاز تعليق الحكم الواحد بالقيدين المتخالفين معًا كإيجاب الزكاة في السائمة والمعلوفة إما لعدم فائدة القيدين حينئذ وإما التناقض منطوق كل مع مفهوم الآخر.

وخامسًا: لو ثبت لما ظهر خلافه بدليل وإلا لزم التعارض.

ونظر فيهما بأن هذا المفهوم ظني فيترجح المنطوق عليه والتناقض والتعارض في الظواهر جائزان لجواز التأويل بالدليل ودفعه أقوى دليل علمِه وفائدتهما دفع احتمال تخصيصهما وجوابه أن معناهما لو ثبت لزم خلاف الأصل من التناقض والتعارض وإن لم يثبت لم يلزم وما يفضى إلى خلافه مرجوح إلا الدليل فإن أقامه كان معارضة وهي مقررة لا مبطلة ودفع احتمال التخصيص لو كفى فائدة فليكف لأحد التقييدين فقط لمثبتيه أولا أن أبا عبيد القاسم الكوفي أو أبا عبيدة معمر بن المثنى وكل منهما إمام في معرفة اللسان فهم من قوله عليه السلام: "ليّ الواجد يحل عقوبته وعرضه"(1) أي مطل الغنى يحل حبسه ومطالبته أن مطل غير الغنى ليس كذا ولما فسر الشعر في قوله عليه السلام: "لأن يمتلئ بطن الرجل قيحًا خير من أن يمتلئ شعرًا"(2) بالهجاء أو بهجاء الرسول عليه السلام قال فلم يكن لذكر الامتلاء معنى لاستواء قلته وكثرته فيه فجعل لامتلاء من الشعر في قوة الشعر الكثير.

قال إمام الحرمين المراد مطلق الشعر وبامتلائه الاعتناء بتكثيره بحيث يكون مرغوبًا

(1) أخرجه البخاري معلقًا بغير الجزم (2/ 845) باب لصاحب الحق مقال (13)، والبيهقي في الكبرى (6/ 51) ح (11061)، والنسائي ق الكبرى (4/ 59) ح (6288) وابن أبي شيبة في مصنفه (4/ 489) ح (22402)، والطبراني في الأوسط (3/ 46) ح (2428) في مسند المقلين (1/ 37) ح (12)، والإمام أحمد في مسنده (4/ 389).

(2)

أخرجه الشاشى في مسنده (1/ 175) ح (120).

ص: 214

عن غيره إذ لا يلام عليه إلا حله إذًا وكذا الشافعي قال به وهو ممن يعلم لغة العرب فالظاهر فهمه.

قلنا يجوز إن بنياه على اجتهادهما لا على فهمه كيف والبحث معهما ومع أمثالهما قيل لو كان هذا قادحًا لما ثبت شيء من مفهوم اللغات.

قلنا لا نعلم إذ الكلام مع من في صدد إثبات أحكام الشرع وإلا فليجب على جميع الأمة والأئمة تصديق ما بناه الشافعي رضي الله عنه على اللغة من الأحكام والإجماع على خلافه مع أن نفي الأخفش إياه لغة معارض مؤيد بالعلم الأصلي وإن رواته ليست من أئمة الاجتهاد.

وثانيًا: لولا لم يكن للتخصيص بالذكر فائدة وكلام البلغاء بريء عنه فكلام الله تعالى أولى.

لا يجاب بأن الوضع لا يثبت بترتيب الفائدة بل بالنقل لما مر أنه إثبات بقاعدة استقرائية بل بما مر أن فائدته الإشعار بتعلق الحكم النفسي به سواء لم يكن له خارجي كالإنشاء أو كان كالخبر يطابقه أو لا فإن الألفاظ موضوعة بإزاء ما في النفس وهو المعبر عنه يكون الغرض بيانه أو عدم احتمال تخصيصه أو لا فإن الألفاظ موضوعة بإزاء ما في النفس وهو المعبر عنه يكون الغرض بيانه أو عدم احتمال تخصيصه عامًا وإذا استوعب جميع محل الحكم لم يبق للاجتهاد مجال أو كثرة بواعثه على الحكم وغير ذلك.

قيل مثله خارج عن محل النزاع قلنا الأولى فائدة عامة ولذا ما يجاب عن النقض بمفهوم اللقب بأن فائدة ذكره عدم اختلال الكلام ليس بشيء لأن الداعي عدم اختلال المقصود وذا إنما يتم بجميع قيوده ويؤيده قول أئمة العربية أن القيد مناط الإفادة حتى قيل ينصب النهي في {وَلَا تُطِعْ مِنْهُمْ آثِمًا أَوْ كَفُورًا} [الإنسان: 24] على كل منهما وفي وكفورا على المجموع.

وثالثًا: لو لم يكن فيه الاختصاص لزم الاشتراك إذ لا واسطة بين ثبوت الحكم للمسكوت عنه وعدمه وليس للاشتراك اتفاقًا.

قلنا على أنه منقوض بمفهوم اللقب إن أريد أن نفس الأمر لا يخلو عن أحدهما فمسلم لكن الكلام في إفادة اللفظ ولا حصر بين الإفادتين لأن عدم الإفادة واسطة وبعبارة أخرى إن أريد اختصاص الحكم النفسي فلا نزاع وإن أريد اختصاص متعلقه وهو الحكم الخارجي أعنى الثبوت والانتفاء فممنوع إما لعدم أدائه أصلًا كما في الإنشاء أو لعدم تعرضه بخلاف مؤداه ولا يلزم من عدم الحكم الحكم بالعلم.

ص: 215

ورابعًا أن قولنا الفقهاء الحنفية فضلاء ينفر الشافعية.

قلنا للتصريح بغيرهم وتركهم على الاحتمال أو لأن بعض الناس يفهم الحصر أو لأنه مما يفهم في الجملة ولو من القرائن.

وخامسًا: أن قوله عليه السلام بعد نزول {إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ} [التوبة: 80] الآية لأزيدن على السبعين دل على فهمه عليه السلام مفهوم العدد وهو أن حكم ما وراء السبعين خلافه.

وقول يعلي بن أمية لعمر رضي الله عنه ما بالنا نقصر الصلاة وقد أمنا فأجاب بأنه سأل النبي عليه السلام وأجاب بحديث الصدقة (1) دل على فهمهما مفهوم الشرط وقرره الرسول عليه السلام وقد مر أن كلا من العدد والشرط صفة في المعنى أو الغرض إلزام من لا يفصل.

قلنا في الأول لا نعلم الفهم فإن العدد هنا للمبالغة ولعل قوله لأزيدن لأنه علم بالوحي أو غيره أن شركة ما زاد غير مراد هنا بخصوصه ولئن فهم فمن أن الأصل جواز الاستغفار له لكونه مظنة الإجابة لا من العدد وفي الثاني لعل فهمهما من استصحاب الحال في وجوب الإتمام.

وسادٍسًا أن فائدة التخصيص أكثر إذ فيه النفي عن الغير وتكثيرها يلائم غرض العقلاء فالظاهر هو ولا دور كما في كل برهان أن والحل إن توقف المؤثر على عقلي وتوقف الأثر عيني.

قلنا تكثيرها لا يكفي دالا على الوضع بل على الترجيح بعد التردد بين الثابتين نقلا.

وسابعًا إن فهم العلية من دليل الإيماء لاستبعاد عدم إرادة التعليل ففهم الشىء لعدم الإفادة بدونه أولى إذ هذا أشد محذورًا.

قلنا ذا متعارف لا هذا إلا بدليل.

قيل مشترك كما يفهم من قولنا الإنسان الطويل لا يطير فيستبعده العقلاء. قلنا لعله لفهم التعليل إِذ الطول ليس علة ثم لايقتضي من انتفاء العلة انتفاء المعلول لجواز ثبوته بعلل شتى ولذا قال مشايخنا أقصى درجات الوصف عليته وحين لم ينف فغيره أولى.

وثامنًا كالشرط في أنه معترض على ما يوجب لولاه بخلاف العلة لأن إيجابها ابتدائي قلنا قياس في اللغة بل هو هو كما مر.

(1) انظر التمهيد لابن عبد البر (15/ 272).

ص: 216

تتمة: النصوص التي صفاتها للاختصاص معارضة بما ليس كذلك نحو {وَمَنْ قَتَلَهُ مِنْكُمْ مُتَعَمِّدًا} [المائدة: 95] في جزاء الصيد إذ يجب على الخاطى {وَبَنَاتِ خَالَاتِكَ اللَّاتِي هَاجَرْنَ مَعَكَ} [الأحزاب: 50] لحل من لم يهاجر اتفاقًا {وَلَا تَأْكُلُوهَا إِسْرَافًا وَبِدَارًا} [النساء: 6] فلا تمسك بالوقوع في نزاع الظهور.

فروع: وصف الربائب بكونها من نسائنا والفتيات بكونها من المؤمنات لا يعدم الحرمة في بنت المزنية والحل في الأمة الكتابية خلافًا له إما لأن دعوة المولى أكبر أو لإدامة ولدتهم في بطون تنفي نسب الأصغرين فإما لأن دلالة حاله وهي فرضية التزام النسب عند دليله والتبري عند دليله جعلت سكوته في موضع الحاجة إلى البيان بيانًا إصلاحًا لأمره فإن ضرورة بترك الفرض أعلى وإما لعدم شرط الثبوت وهو الدعوة وليسا ولدي أم الولد حتى لا يشترط الدعوة لولادتهما قبل ثبوت الأمومية ودعوة الواحد ممن في بطن دعوة للجميع وأما رد قول شهود الميراث لا نعمل له وارثًا في بلخ عندهما فلزيادة تورث بإيهامها علمهم في مكان آخر شبهة بها ترد والشبهة مسلمة وقال سكونهم عن سائر الأمكنة ليس في موضع الحاجة لعدم وجوب ذكر المكان فليس بيانًا لوجوده على أنه يحتمل أن يكون للاحتراز عن المجازفة.

السابع: في مفهوم الشرط وهو أقوى ولذا قال به كل من قال بمفهوم الصفة لأنه صفة معنى وبعض من لا يقول به كأبي الحسن الكرخي منا وأبى الحسين البصري من المعتزلة وابن سريج من الشافعية.

لنا ولهم ما تقدم فيها من مقبول ومزيف ولهم أيضًا أن شأن الشرط أن يلزم من انتفائه انتفاء المشروط ولا يرد {إِنْ أَرَدْنَ تَحَصُّنًا} [النور: 33] لخروجه مخرج الأغلب ومخرج المبالغة لأن المولى أحق بإرادته أو تحالف لمعارض أقوى وهو الإجماع أو لعدم شرط التكليف حينئذ لأنهن إذا لم يردن التحصن لم يكرهن على البغاء فلا يمكن الإكراه عليه وهذا أولى من أن يقال أردن البغاء لأن عدم جواز خلو ضدين ليس بينهما ثالث عن الإرادة إنما هو عندهم لا عند من أورده عليهم وهو أبو عبد الله البصري وعبد الجبار من المعتزلة.

قلنا هو شرط لإيقاع الحكم لا لثبوته كما مر فينتفى الإيقاع بانتفائه وإن كان حلفا فيحنث به من حلف لا يحلف لا من حلف لا يوقع أو لا يقع إلا عند وجوده ولذا قلنا لا يصير سببًا إلا عنده ولئن سلم فذا في الشرط الوضعي أو الشرعي لا اللغوي لاحتمال أن يكون سببًا أو علة بل هو الغالب قيل فإن اتحد العلة انتفى المعلول بانتفائها وإن تعددت

ص: 217

فكذا لأن الأصل عدم غيرها.

قلنا: لا نعلم بل الغالب تعدد العلل والغالب كالمتحقق ولئن سلم فاللزوم منه لا يقتضي عليته ولذا قلنا عدم الإيقاع والوقوع والجزاء عدم أصلى فإن قلت ما روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص أنه خطب امرأة فأبوا أن يزوجوها إلا بزيادة صداق فقال إن تزوجتها فهي طالق ثلاثًا فبلغ ذلك الرسول عليه السلام فقال: "لا طلاق قبل النكاح"(1) مفسر يبطل ذلك.

قلنا إن صح فمؤول لأن مداره على الزهرى وقد عمل بخلافه وذلك لأنه أول قوله عليه السلام "لا طلاق قبل النكاح" بأن المرأةكانت تعرض على الرجل فيقول هي طالق ثلاثًا فتحرم فرده الرسول عليه السلام بذلك فرد الزهري المعلق إلى المرسل دليل أنه يرى صحة التعليق بالنكاح.

الثامن: في مفهوم الغاية وهو أقوى من مفهوم الشرط لما يختص به من الدليل ولذا قال به كل من قال بذاك وبعض من لم يقل كالقاضى وعبد الجبار.

لنا: ما تقدم وللقائل به ذلك ووجه يخصه هو أن الغاية آخر فلو دخل ما بعدها لما كانت آخرًا.

قلنا: قولًا بالموجب سلمناه لكن لا نزاع في عدم دخول ما بعد الآخر بل في أن مدخول حرف لغاية آخر أم لا فقد لا يكون آخرًا كالليل في الصوم فلا يدخل وقد يختلف في أنه الآخر أما ما قبله كالمرافق فإنها آخر محل الغسل عندنا لا عند زفر وكالعاشر في الإقرار من واحد إلى عشرة ليس آخرًا عندنا وعليه معظم الشافعية آخر عند الصاحبين كالواحد وليس آخرين عند زفر رحمه الله وكذا في ضمنت مالك على فلان من واحد إلى عشرة يلزم عند زفر ثمانية وعند بعض الشافعية تسعة وعند بعضهم عشرة وهو قياس قولنا لأن عموم ما يجعلها لإسقاط ما وراء الغاية بخلاف الإقرار فإنها فيه لمد الحكم كالجدارين في بعث من هذا إلى هذا وكذا النخلتان وكذا في الإقرار في قول الرافعي من

(1) أخرجه الحاكم في مستدركه (2/ 455) ح (3573) وقال مدار سند هذا الحديث على إسنادين واهيين جويبر عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي، وعمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، ولذلك لم يقع الاستقصاء من الشيخين في طلب هذه الأسانيد "الصحيحة" والله أعلم، والدارمي (2/ 214) ح (2266)، والبيهقي في الكبرى (7/ 383) ح (15028)، والدارقطني في سننه (1414)، وابن ماجه (1/ 660) ح (2048) وابن أبي شيبة في مصنفه (6414)، وعبد الرزاق في مصنفه (7/ 464) ح (13899) والبزار في مسنده (6/ 439) ح (3472) والطبراني في الأوسط (8/ 168) ح (8296) والحارث في مسنده (1/ 439) ح (357) البغية.

ص: 218

الشافعية خلافًا للغزالي في النخلة الأولى.

ولي في هذا الجواب نظر لأن النزاع إذا كان في حكم مدخول حرف الغاية وهو مذكور لم يصح عده من المفهوم كيف وكلام العلماء ظاهر في أن المفهوم لما بعده والحق في الجواب ما مر غير مرة أن عدم التعرض ليس تعرضًا للعدم.

إن قلت الغاية منهية والإنهاء إعدام وهو تعرض للعدم.

قلنا إنها للنسبة النفسية فيكون إعدامًا للإيقاع لا إيقاعًا للعدم فالمفهوم من العدم إما لأنه الأصل وإما من أحوال الكلام وخصوصيات المقام ومبنى هذه الشبهة اشتباه أن الألفاظ موضوعة بإزاء المعاني المعقولة كما هو الحق أو بإزاء الموجودات الخارجية وقد سلف تخقيقه.

التاسع في مفهوم الاستثناء والبدل والعدد فالاستثناء والبدل تبينا غير أن مفهوم الاستثناء يختص ببعض المفرغ ليكون حكم المسكوت عنه ودالا يكون إلا إثباتًا لاختصاص المفرغ بالنفط إلا في قلائل قلما تتعارف نحو قرأت إلا يوم كذا ومفهوم البدل شامل نحو {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ} [آل عمران: 97] الآية أما مفهوم العدد نحو "خمس من الفواسق"(1) َ الَحديث: "وأحلت لنا ميتتان ودمان"(2) الحديث فيقول به بعض الفقهاء يمنعون من الإلحاق بالقياس على المعدود كما على المحدود والمذهبان مرويان من أصحابنا فقول صاحب الهداية بعد حديث الفواسق ولأن الذئب في معنى الكلب العقور أي في أنه يبتدئ بالأذى وكذا قوله العقعق غير مستثنى لأنه لا يبتدئ بالأذى فليس كغراب الجيف مع قوله في جواب قياس الشافعي السباع على الفواسق والقياس ممتنع لما فيه من إبطال العدد ناظر إلى المذهبين فلهم ما مر وأنه عددي لزم إبطال نص العدد إذ هو لا يحتمل الزيادة والنقصان كما علم في ثلاثة قروء.

قلنا التعميم بعلته لا سيما إذا كانت مفهومة لغة إذ الثابت بدلالة النص منصوص لا بنفسه وعدم التعرض ليس تعرض العدم.

العاشر في مفهوم الاستثناء إنما هو نفي غير المذكور آخرًا فاعتمد البعض في أنه لا يفيد الحصر على أنه مثل إن وما زائدة كالعدم. قلنا بل بينهما فرق لإفادته الحصر بالنقل

(1) أخرجه البخاري (3/ 1204) ح (3136) ومسلم (2/ 856) ح (1198).

(2)

أخرجه البيهقي في الكبرى (1/ 254) ح (1128)، والإمام الشافعي في مسنده (1/ 340)، وابن ماجه (2/ 1102) ح (3314) والربيع في مسنده (1/ 243) ح (618) والإمام أحمد في مسنده (2/ 97) ح (5723) وعبد بن حميد في مسنده (1/ 260) ح (820).

ص: 219

عن أئمة اللغة واستعمال الفصحاء، وقد يفيده بالمنطوق لأنه بمعنى النفي والاستثناء وهو يفيده منطوقًا إذا كان المستثنى منه مذكور كما مر وقد مر البحث فيه.

قلنا: بون بين بين إفادة نفى غير المذكور وإفادة النفي المذكور وبذلك الفرق بين المنطوق والمفهوم وأما الفروق الآخر البينة في علم المعاني فمبينة على ضمنية النفي فيه فلا تعلق لها بما نحن فيه أما الاحتجاج في الحصر بمثل "إنما الولاء لمن أعتق" فليس بتام لجواز استفادته من عموم الولاء إذ معناه كل ولاء للمعتق فلا يكون بعضه لغيره لأن الجزئي السالب نقيض الكلي الموجب.

إن قيل لا نعلم المناقضة وسالبية الجزئي هنا لجواز اجتماعهما صدقًا يكون بعض الولاء له ولغيره شركة.

قلنا: يستلزم الجزئي السلب إذ ما للغير ولاء وليس للمعتق.

لا يقال تغاير إضافي نحو خرجت بوجه غير وجه الدخول لا وجودي فلا يصدق سلبه عن المعتق لجواز أن يعرض لشيء واحد إضافات متعددة نحو جميع هذا الكتاب سماع لزيد وكله أو بعضه سماع لعمر ولأنا نقول بل وجودى لأن اللام للاختصاص والاستحقاق ويمتنع اجتماع الاستحقاقين كما في ملكته الدار لزيد ظاهر في الاستقلال إذ ما لعمرو وغيره على تقدير الشركة وليس له حتى أو قال كل الدراهم لزيد ولعمر ويقتض مقابلة الجملة بالجملة التوزيع فلا يكون البعض لزيد.

تنبيه: فعلم أن كل إيجاب كلي يفيد الحصر الموضوع في المحمول عند التغاير الحقيقي بين ما ثبت له المحمول وما لم يثبت له ولا شك أن حصر الموصوف في الصفة إضافي فالأئمة من قريش ظاهره حصر الإِمام فيهم والإنسان حيوان يفيد نفي الجمادية في الجملة والإنسان ضاحك يفيد نفي أنه ليس بضاحك دائمًا هذا ما ذكروا.

والحق عند مشايخنا أنه بمعنى ما وإلا وقد مر في الاستثناءان شأنه السكوت عن غير المذكور وضعًا.

الحادي عشر: في مفهوم الحصر ويراد به عرفًا النفى عن الغير ويحصل من تصرف في التركيب كتقديم ما حقه التأخير من متعلقات الفعل والفاعل المعنوي والخبر حيث يفهم من العدو عن الأصل قصد النفي عن الغير وابن الحاجب ينكره إلا في نحو العالم أو الرجل زيد وصديقى زيد مما أريد بالمعرف المبتدأ الجنس أي المعهود الذهني لا غيره لكن الصفة وغيره ونحو الرجل زيد لعموم دليله الآتي من لزوم الاختيار عن الأعم بالأخص.

أما إذا كان المعرف هو الخبر نحو زيد العالم أو زيد الرجل أو هو العبد ونحو قوله:

ص: 220

أنا الرجل المدعو عاشق فقره

إذْ لم يكارمني صروف زماني

فلا وعند عبد القاهر ومن تبعه كل من الخمسة للحصر فالعالم زيد فصر المسند إليه في المسند وعكسه عكسه واللام فيهما للعهد الذهني ويفرق بأن الأول يقال لمن يطلب تعيين العالم المستحضر والثاني لمن يطلب حكمًا معلومًا للعين المستحضر باسمه والثالث حصر كمال السند لأن الجنس مطلق فينصرف إلى الكامل مريحًا أنه لا يعتد برجولية غيره والرابع حصر المسند إليه في جنس المسند مريدًا اشتهاره به واندراجه تحت ذلك الجنس المحقق لا تحت مقابله وكذا الخامس غير أن جنس المسند فيه موهوم مقدر مجري مجرى المعلوم المحقق.

فعلم أن الحصر عندهم لا ينحصر في المعرف نحو تميمي أنا ولا بين المبتدأ أو الخبر نحو إياك نعبد والله أحمد ولا بعدهما في تعريف المبتدأ نحو في الدار رجل ولا بعده في العهد الذهني لصحة إرادة الجنس في تعريف الخبر وإنما أنكر ابن الحاجب غيره نظرًا إلى مجيئها لغير الحصر في مواضع كثيرة والحق إذا قيل بالمفهوم خلافه إذ ليس دعوى أن تقديم ما حقه التأخير يفيد الحصر كلية بل مطلقة وهو الحق في الصفة أيضًا عند القائلين به.

وفيه مذاهب ثلاثة كما في إنما:

1 -

لا يفيده وهو المذهب.

2 -

يفيده بالمنطوق.

3 -

بالمفهوم والثاني ظاهر بطلانه لأن المنفي عنا وحكمه كالعالم في المثلين وليس بمذكور لهم أنه لو لم يفد حيث لا عهد خارجيًا فإنه المبحث إذ لا حصر معه كما علم في المعاني وسيفهم من الدليل لزم الحكم بالخاص على كل من أفراد العام وبطلانه ظاهر.

بيانه أن التعريف في العالم زيد ليس للجنس أي الحقيقة من حيث هي إذ الحكم عليها بأنها زيد كاذب لا لكليتَها وجزئيته كما ظن فإن الحقيقة من حيث هي ليست كلية ولا جزئية ولا هي من حيث كونها معروضة للكلية وهو الكلي الطيعي عند التحقيق ولا المجموع وهو الكلي العقلي إذ لا يصح حمل الجزئي على شيء من الثلاثة كما لا يصح حمل الأخيرين على الجزئي بخلاف الأول على ما سيتضح بل لما صدق عليه فأما بعد تخصيصه بالعهد الذهني بوجه ككونه كاملا في العلم والصداقة في يصحح أن يحمل عليه زيد فقد ثبت المدعي.

لا يقال الثابت به إن أكمل الناس في العلم زيد وهو غير الحصر المدعي.

لأنا نقول نعم لولا تضمنه ادعاء أن غير الكامل ليس علمًا كما علم في المعاني على

ص: 221

أن العهد بنحو الكمال غير ملتزم بل يكفي بنفس العلم وإما مستغرقًا فإما للأفراد المقدرة بمعنى كل شخص يقدر فردًا له زيد وفيه المدعي أيضًا وإما للمحققة ولا أقل من فرد غير زيد كعمرو فإذا حكم على كل فرد منه حكم يزيد على عمرو أيضًا.

إن قيل: يحتمل ما صدق عليه مطلقًا من غير تعيين ولا استغراق والمهملة لا تستلزم الكلية.

قلنا يحمل مثله في المقام الخطابي على الاستغراق دفعًا للتحكم كما علم.

قيل فيكون كاذبًا لما عرف أن أحد طرفي القضية متى سوِّرَ بسور الإيجاب الكلي قلنا صدقه خطابي لا برها في على قول البحتري:

ولم أرَ أمثال الرجال تفاوتت

لدى المجد حتى عد ألف بواحد

ولذا يستفاد الحصر، ولا يرد على ابن الحاجب رحمه الله أنه لازم في زيد العالم بعينه ولا فرق بأن الإخبار عن الأخص بالأعم جائز قطعًا بخلاف العكس لأن ذلك في النكرة لا في نحو الإنسان هو الحيوان ولا بأن المتأخر يصح عاهدًا لزيد السابق قرينة له لأن الخبر العاهد لا بد من كونه مستقلا بالإشارة كالموصولات مع قطع النظر عن المسند إليه ولأن الكلام فيما لا عهد خارجيًا وذلك لأن المسند يقصد به مفهومه فمعناه زيد شيء ثبت له العلم لا جزئياته كلها أو بعضها وإلا كانت منحرفة ولم تتعارف في العلوم بخلاف صورة التقديم فمعناها جميع جزئياته أو بعضها المعهود ذهنًا زيد وفيه الحصر.

يوضحه أن الفرق بين المنكر والمعرف الجنسي أو المعهود الذهني ليس إلا بالإشارة وعدمها فلاتحاد المعنى صح حمله بلا حصر وبه يعلم فساد تمسك بعض المانعين بأنه لو أفاده التقديم لأفاده التأخير لاتحاد مفهومهما كيف ولو صح لورد في عكس كل قضية هذا.

والحق عند مشايخنا أن الحصر فيه إن لزم فمن مجموع الكلام والمقام كالإشارة الحسية واللفظ بمجرده ساكت وتأخير الخبر في ذلك كتقديمه إذ قصد الاستغراق الادعائي لا يجعل القضية منحرفة ولا يتوقف على امتناع قصد المعاني الآخر إذ لا حجر للمتكلم في مثله.

الثاني عشر في مفهوم قرآن العطف وهو نفى الحكم في المعطوف عما نفى عنه في المعطوف عليه فيستدل بقوله تعالى {وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ} [البقرة: 43] على عدم وجوب الزكاة على الصبي عدم وجوب الصلاة عليه وقد فعله بعض أصحابنا رحمهم الله وقد مر الكلام عليه.

ص: 222