الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فالقول له مع اليمين أو ما يقوم مقامها كحال مذاكرة الطلاق فيما يصلح جوابًا لا ردًا فلا يصدق في إنكار النية قضاء بل ديانة وفيما يصلح لهما قضاء أيضًا وكحالة الغضب لأنها دليل إرادة الطلاق فلو أنكر يصدق ولو قضاء إلا فيما لا يصلح إلا جوابًا وذلك لتعين المراد منها بأحديهما.
وقال أئمة العربية قرينتها غير صارفة بخلاف قرينة المجاز فلذا لا يجتمع اجتماعها مع الحقيقة.
وقال النسفي رحمه الله يجوز هى بلا اتصال كأبي البيضاء عن الحبشي وأبى العيناء عن الضرير وأيضًا لا انتقال فيها بخلافه فيهما.
وفيه بحث لما مر أن الحقيقة عند عدم الصرف في متعينه وإلا فلا وثوق على اللغة ولا انتقال ويلزم مخالفة الوضع بلا ضرورة يؤيده اجتماعها مع المجاز في غير المتعارف وإن لا فهم لغير الموضوع له بلا اتصال وأن التضاد اتصال ولو تباينًا بوجود الانتقال وعدمه لما اجتمعا.
ومنه أنها لما فيها من الإبهام قاصرة في الكلام عن إفهام المرام بالتمام فلا يثبت بها ما يندرئ بالشبهات فلا يحد بالتعريض نحو لست بزان خلافًا لمالك رحمه الله ولا بقوله لمست أو وطئت أو جامعت فلانة حتى يقول نكتها أو زنيت بها ولا يحد مصدق القاذف بقوله صدقت لاحتماله وجوهًا كصدقت في إنجاز وعدك بنسبته إلى الزنا والاستهزاء وكصدقت إلى الآن فلم كذبت الآن خلافًا لزفر لأنه ظاهر فيه كقوله هو كما قلت قلنا الظاهر لا يكفي لإيجاب الحد بخلاف هو كما قلت لأن كاف التشبيه يوجب العموم في محل يقبله أما أنت كالحر فلا مكان العمل بحقيقته.
أي في حرمة الدم ووجوب العبادات لا يصار إلى مجاز الإنشاء ولا إلى العموم لئلا يجتمع الحقيقة والمجاز.
الفصلين السابع عشر والثامن عشر في حكم الدال بعبارته وإشارته
هو إيجاب الحكم قطعًا فيهما غير أن الأول أقوى لتقويه بالسوق وشبها برؤية المقابل المقصود بالنظر وغيره المدرك بأطرافه وقيل لأن القطع فيه متعين وفي الثاني محتمل والأول هو هو ولذا يرجح عند التعارض كما رجح عبارة مروي أبى أمامة الباهلي عنه عليه السلام
من قوله عليه السلام "أقل الحيض ثلاثة أيام وأكثره عشرة أيام"(1) على إشارة قوله عليه السلام في بيان نقصان دينهن "تقعد في قعر بيتها شطر دهرها لا تصوم ولا تصلي"(2).
وهي أن أكثر الحيض خمسة عشر يومًا على أن الشطر قد يجيء بمعنى البعض ولئن سلم أنه بمعنى النصف فبضم ما قبل البلوغ إلى ثلث ما بعده، إلى تمام العمر الغالب وهو الستون يكمل زمن القعود نصفًا.
فمن أمثلة ح ما اجتمعا فيه قوله تعابي {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ} [الحشر: 8] عبارة في استحقاق سهم من الغنيمة إشارة إلى زوال ملكهم عن المخلف في دار الحرب لأن الفقر به لا يبعد اليد لوجوب الزكاة على المنقطع من ماله وإلى لقلك الحربي أموالنا بعد الإحراز بها خلافا للشافعي فيهما وجعل الفقراء مجازًا كان لا مال لهم ولا ضرورة تدعو إليه وقوله تعالى {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} [البقرة: 233] عبارة في إيجاب الإرضاع على المنكوحات من كل وجهَ أو من وجه كالمعتدة عن بائن أو ثلاث تدينا أو قضاء أو عجز عن الاستيجار أو لم يجد ظئرًا أو لم يقبل الصبي إلا ثدي أمه إشارة إلى عدم جواز استيجار المنكوحة من كل وجه باتفاق الروايات ومن وجه في رواية خلافا للشافعى إذ قد وجب فلا يجب ثانيًا بالاستئجار أو لأن وجوب النفقة على الأب بمقابلة الإرضاع وقوله تعالى {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ} [البقرة: 233] عبارة في إيجاب النفقة على الأب أعنى فضل نفقة تحتاج إليهَا حالة الإرضاع إن أريد بهن المنكوحات كما يدل عليه ذكر الرزاق والكسوة دون الأجر وفي إيجاب أجر الرضاع إن أريد للمطلقات كما يقتضيه وعلى الوارث فإن نفقة النكاح لا تنتقل إليه إشارة إلى أن النسب إلى الأب فيعتبر به في الإمامة الكبرى والكفاءة ومهر المثل لا بها وله حق التملك في ماله للأم الملك المفيد للاختصاص التام وإن لم يفد الملك إذ ليس له حق الملك في الحال بوجه ولذا يطأ الابن جاريته ويتصرف في ماله بلا رضاه كما للمكاتب حيث لا يطأ المكاتبة مولاها بل له أن يجعل ملكا في المال كالشفيع للمبيع.
(1) أخرجه الدارقطني في سننه (1/ 219) برقم (61)، والربيع في مسنده (1/ 218) ح (541)، والطبراني في الأوسط (1/ 189 - 190) ح (599) وفي مسند الشاميين (2/ 370) ح (1515)، وفي الكبير (12918) ح (7586)، وابن الجوزي في التحقيق (1/ 260 - 261) ح (304) بتحقيقنا، وانظر التلخيص الحبير (1/ 172)، الدراية في لخريج أحاديث الهداية (1/ 84).
(2)
لا أصل له بهذا اللفظ، وانظر التلخيص الحبير (1/ 162) كشف الخفاء للجلودى (1/ 379).
وعليه مسائل:
1 -
لا يحد بوطء جارية ابنه وإن علم الحرمة (1) بل لا يعاقب به مطلقًا فلا يقتل بقتله ولا يحد بقذفه ولا يحبس بدينه.
2 -
يفرض نفقته محتاجًا قدر على الكسب على الابن الموسر بخلاف الابن القادر.
3 -
يجب نفقة خادمته عليه امرأة وجارية بخلاف نفقة خادمة الابن.
4 -
له استيلاد جاريته.
5 -
لا يجب العقر عليه بذلك لثبوت الملك قبيل الوطئ.
6 -
يثبت نسب ولدها.
7 -
لا يجب عليه رد قيمة الولد.
8 -
إذا أنفق ماله على نفسه عند الضرورة لا يجب الضمان.
9 -
ينفرد بتحمل نفقة الولد كالعبد.
10 -
ينفرد بتحمل نفقته وله.
وقوله: {رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] عبارة في إيجاب أجر الرضاع أو فضل نفقته إشارةَ إلى استغناته عن التقدير كيلا ووزنًا كما قال به الإمام رضي الله عنه خلافًا لهما فإن بالمعروف يستعمل في مجهول الصفة والقدركما في الحديث ولأن الجهالة فيه غير مفضية إلى النزاع إذْ العادة جرت بالتوسعة على الأظآر شفقة على الصغار وقوله {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ} [البقرة: 233] أي: وعلى وارث المولود له وقيل على وارث الصبي الذي لوَ مات يرثه عبارة في بيجاب النفقة التي منها أجر الرضاع على الوارث إشارة أولا إلى أن علة استحقاقها الإرث فيستحق بغير الولادة لشمول اللفظ المحلي باللام وعموم المعنى بالإيماء فإن الترتيب على المشتق دليل عليه مأخذه فيجب نفقة كل ذي رحم محرم منه من الصغر والنساء والعاجزين من الرجال محتاجين.
وعند ابن أبي ليلى رحمه الله نفقة كل وارث وإن لم يكن محرما للعموم قلنا قرأ ابن مسعود وعلى الوارث ذي الرحم المحرم خلافًا للشافعي في غير الولاد فإن أصله أن استحقاق الصلة بالجزئية ويحمل الآية على نفى المضارة لا يختص بوجوبه بالوارث ولو أريد ذلك لقيل ولا الوارث فإن على ظاهر في العطف على مثله وذلك ظاهر في الأبعد والأصل أن استحقاق الصلة لحرمة القطعة وهي بالمحرمية.
وثانيًا: إلى أن من عدا الأب بتحملها على قدر الميراث فيجب على الأم والجد ثلاثًا.
(1) انظر حاشية ابن عابدين (4/ 4).
وقوله: {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: 187] عبارة في إباحة المفطرات الثلاث في الليالي ونسخ ما قبل الإحلال من تحريمها في ابتداء الإِسلام بعد ما صلى العشاء أو نام إشارة إلى استواء الكل في الحرمة لدخولها تحت خطاب واحد فلا يخص الإفطار بالوقاع بالكفارة كما قال الشافعي رحمه الله تمسكًا بأن النص ورد فيه وله مزية فلا يلحقان به إذ المزية ممنوعة حينئذ.
أما مزية السجود من أركان الصلاة فمع أنها ليست في الوجوب والركنية إما لأنها بخطابات متعددة أو بدليل مستقل كحديث الأقرب وكونه نهاية في التذلل كإشارة أحل {لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ} إلى هنا إلى صحة صوم المصبح جنبًا فإن حله إلى الانفجار يقتضي جواز الغسل بعده يؤيده حديث عائشة رضي الله عنها فما روى بعض أصحاب الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه مؤول بأن المراد من أصبح بصفة توجب الجنابة أي مخالطًا لأهله وكإشارة ثم أتموا إلى جواز النية نهارًا لأنه لما أباح المفطرات إلى أول الفجر كان معنى قوله {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ} [البقرة: 187] ثم ابتدأوا به وألقوه فوجب ترتيب ابتدائه على آخر الليل ووقوعه في جزء من النهار وإن جعل التراخي من ابتداء الفعل كما في قوله تعالى {فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ} [البقرة: 28] ولا شك أن الصوم المبتدأ به إمساك عنها لا مطلقًا بل مع النية فقد جازت النية من النهار ولم يجب مع ورود الأمر لأن وجوب الكل مؤخرًا لا يقتضي وجوب كل جزء كذلك.
وهذا لا يحتاج إلى ذكر أن الليل لا ينقضي إلا بجزء من النهار مع أن مراد فخر الإِسلام منه بيان أنه لا فصل بينهما أصلًا فمن ضرورة التراخي وقوع العزيمة في النهار، وقيل: قصد الصوم قصد الفعل، فلا بد من تقدمه عليه فيتقدم النية على الصوم ضرورة، وليس بشيء لأن النية هنا قصد جعل الإمساك العادي عباديا، وذا يمكن أن يقارنه لا قصد إيجاده فإن وجوده لا يتوقف عليه، وأما جعل النية المتأخرة متقدمة فأمر حكمي عرفي لميته في موضعه، وإذا ثبتت الإشارة فقوله عليه السلام:"لا صيام لمن لم يعزم الصيام من الليل"(1) محمول على نفي الفضيلة لا على حقيقته، وإلا لنسخ به الكتاب،
(1) لم أجده هكذا بلفظ "يعزم"، لكن "يبيت"، أو"يجمع"، أخرجه: الدارمي (2/ 12) ح (1698)، والبيهقي في الكبرى (4/ 202) ح (7698)، والنسائي في الكبرى (2/ 117) ح (2643)، وانظر الدراية (1/ 275). وأخرجه الترمذي (3/ 108) ح (730)، والدارقطني في سننه (173/ 2)، وابن ماجه (1/ 542) ح (1700)، وابن أبي شيبة في مصنفه (2/ 292) ح (9112)، وبلفظ "يؤرضه من الليل" أخرجه الطبراني في الأوسط (9/ 45) ح (9094)، وابن أبي شيبة في مصنفه =
فجوز تقديمها تخفيفًا بخبر الواحد الذي لا ينسخ به الكتاب، وتفضيله لا لكمال الصوم بل للمسارعة على أدائه كالابتكار يوم الجمعة أو ليخرج عن الخلاف فلا بحث فيه، وقوله تعالى {فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ} [المائدة: 89] عبارة في إيجاب إحدى الخصال على التخيير إشارة إلى أن اَلأصلَ في جهة الإطعام الإباحة لا التمليك، خلافًا للشافعى، لأن إطعام ما يؤكل عينه متعارف في التمليك كإطعام الحنطة بخلاف إطعام الأرض ولأنه أدفع لحاجة المسكين كما في الزكاة والكسوة والخلاف مطرد في كل ما شرع بلفظ الإطعام بخلاف ما شرع بلفظ الأداء أو الإيتاء. قلنا: الإطعام جعل الغير طاعم أي: آكلًا فحقيقته التمكين لا التمليك، يؤيده {تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ} [المائدة: 89]، فان المتعارف الإباحة لهم، وإضافته إلى المساكين لحاجتهم إلى الَاّكل دون التملك، وأن التمكين أقرب إلى سد الجوعة من التمليك وإنما تعورف أطعمت هذا لما لم يؤكل بعد في التمليك، مجازًا لصارف عن حقيقته كما تجوز في أطعمت الأرض لصارف عن عينها إلى منفعتها وإنما الحق التمليك بها خلافًا لحمدان بن سعل ومن تبعه، لأنه أدفع لحاجة الفقير فإن فيه إباحة وزيادة من حيث المقصود لأنه سبب لقضاء كل حوائج المسكين التي منها الأكل، فلخفاء قضائها أقيم التمليك مقامه واستقام التعدية بطريق الدلالة إلى الكل المشتمل على النصوص لا بطريق أن التمليك لاشتماله على التمكين أحد أفراد الإباحة كما ظن لأن المنصوص الإطعام بطريق الإباحة لا هي أما الكسوة اسمًا كان بالكسر أو مصدرًا بالفتح أو وبالكسر فيتناول التمليك القاضي كل الحوائج. تقديرًا فلم يتعد إلى ما هو جزء منها وذلك لأن إضافة الوجوب إلى العين وإن قدر الفعل المناسب كالإيتاء يستدعي مبالغة في اختصاصها بالوجوب كإضافة التحريم إليها على ما مر وهي بالتمليك كما في الزكاة ولأن التكفير يقتضي زوال الملك المكفر ليتم الانزجار له واندفاع الحاجة للفقير به وذا بالتمليك هنا لا بالإعارة وفي الطعام بالإباحة فلا حاجة إلى الزيادة فلذا كان مصدرًا كهو اسمًا ولم يكن إلحاق الإعارة به هنا لنقصانها في ذلك وفي أنها بعض الحوائج ومنقضية قبل كمال المقصود على نقيض إعارة الإطعام بالكسوة فيهما ففي الأصل لأن التمليك فيه ليس لمنصوص بل فهم من ضرورة إضافة الوجوب إلى العين فلا يعلى، وفي الفرع لأنه قياس للمنصوص على خلاف مقتضى نصه، ثم في لفظي الإطعام والمساكين إشارة إلى أنهم صاروا مصارف لحوائجهم لا لإغنائهم، فإن الإطعام للجائع أما للطاعم فكإغناء الغنى
= (2/ 292) ح (9111).