الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المكلف عالم وهو أبين الأدلة عنده كان وجوبه ملازما لكل من هو أهله فصح إيمان الصبي المميز لوجود سببه وركنه ولا حجر فيما لا يحتمل عدم المشروعية وإن لم يكلف به كتعجيل المؤجل وكما إذا أكره مريد للإيمان على السكوت لا يكلف بأدائه.
فإن قلت ليس المقتضي للإيمان نفس الحدوث بل العلم به لأن دليل الشيء ما يلزم من العلم به ذلك ولئن سلم لا يقتضي وجوبه والكلام فيه أيضا العلم بصحة النقل موقوف على الإيمان فلو فهم من النقل دار.
قلنا عن الأول العلم بالحدوث لكونه بديهيًا لا ينفك عنه عند العاقل فجعل الحدوث والعلم به شيئًا واححًا لذلك فإنما يجعل دليلا وسببًا بالاعتبارين ثم العلم به يوجب الإيمان الذى هو العلوم المخصوصة.
وعن الثاني أن الموقوف وجوبه والموقوف عليه نفسه.
فإن قلت ما المخلص في مكلف معاند يقول لا أو من ما لم أعرف وجوبه.
قلت بأن يعرف عليه المعجزات الآخر فيؤمن بضرورة فيعرف الوجوب من النقل.
واعلم أن الإيمان أقدم مباني الإسلام لأن كمال الإنسان بالعلم أولا ثم العمل كما جمع بينهما في قوله تعالى: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: 19] الأية ومقصود العلم هو التوحيد ولذا عهد إليه المحافظة بقوله {أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ} [الأعراف: 172]، وركز في عقله أدلته ووعد له إظهاره وتوفيقه لإخراجه بقوله {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا} [فصلت: 53] الأية لكن مجرد التوحيد أعني ذاتًا وصفة وفعلا يؤدى إلى الجبر المحض وَلا يتم أمر التكليف والكمال إلا بالجمع بين الجبر والقدر إذ به يظهر صفات جماله وجلاله كما قال: "فخلقت الخلق لأعرف" فقرن بالتوحيد قوله محمد رسول الله تنبيها على أنه كان كنزا مخفيًا في عماء وبظهور الوجود الإضافي في المظهر المحمدي ظهر جميع أسمائه وصفاته فالإيمان التصديق بجميع ما جاء به الرسول وهو مبنى الإسلام وإن وجد غيره معتبر بدونه كقوله تعالى: {وَلَكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنَا} [الحجرات: 14] ومحل الإيمان القلب ومحل الإسلام الغير المعتبر البدن ومحل الحقيقي المعتبر الجملة فبينهما عموم من وجه في الظاهر ومطلقًا في الاعتبار نعم إذا رسخ علم التوحيد استلزم جميع الفضائل فكان بينهما مساواة في الوجود.
المبحث الثاني في العبادات
فسببها إجمالا ما علق به من وقت وغيره وتفصيلا.
فالصلاة سببها الوقت وتأثيره عقلا غير ملتزم لأنه ليس بعلة عقلية وإن ذكر في بيانه
أن كون العبد محفوفًا بنعم لا تحصى كما في الآية اقتضى استغراقه في العبادة التي هى الذكر بلا نسيان والطاعة بلا عصيان والشكر بلا كفران فأقام الله تعالى الأوقات التي شرفها مقامه.
ثم الزكاة سببها ملك النصاب النامي حقيقة أو تقديرًا بالحولان للإضافة والتضاعف بتضاعفه ومنه تكررها بتكرر الحول لأن تجدد النماء تجدد المال الناس وسبب الفطرة رأس مال يمونه أي يتحمل نفقته بخلاف الابن الصغير الغني إلا عند محمَّد رحمه الله ويلى عليه أي ينفذ عليه قوله ساء أوابي كما في التزويج والاجارة وغيرهما.
قال أبو اليسر وعند الشافعي رأس يمونه فقط فعلى الزوج صدقة الزوجة وعلى الأب صدقة الابن الزمن البالغ خلافًا لنا وقيل سببها الوقت عنده للإضافة.
قلنا الصدقة مؤنة شرعية أصلية فيتعلق بكونه مالك رأسه ووليه لأن الأصل في باب وجوب المؤن رأس بلى عليه كما في العبيد والبهائم وذلك لأنه يعمل من خبرى عن فإن عن الانتزاعية هنا داخلة إما على السبب أو على محل يكون الوجوب عليه ثم سرى عنه إلى الولي والمولى سراية الدية من القاتل إلى العاقلة.
والثاني مح لأن العبد لا مال له لتجب عليه.
والكافر ليس أهلا للقربة والفقير إذ ليس على الخراب خراج فتعين الأول والوقت شرط أضيف إليه مجازًا بأدنى ملابسة أي بلا سببية كحجة الإِسلام وصلاة السفر وتضاعفه بتضاعف الرأس حقيقي وبتضاعف الوقت مجازى لا بالعكس لوصف المونة فإنها سبب بقاء الرأس لا الوقت وهذا أولى من التوجيه بأن تضاعفه بتضاعف الرأس ليس بإلحاق غير السبب بالسبب فيه لأنه غير وارد بخلاف الإضافة إلى غيره وتكررها لتكرر الرأس يمنع شرطيته وعند تكرر الوقت لتكرر المؤنة.
وللعشر الأرض النامية حقيقة للإضافة وكونه حقًا ماليًا كالزكاة غير أنه مقدر بجزء من الحادث خروجه فلا يكفي النماء التقديرى بخلاف الزكاة والخراج فإن سببه الأرض النامية ولو تقديرًا ولتعلقه بعين الخارج لم يجز تعجيله بخلافهما.
وصاركونهما مؤتة أنه سبب بقاء الأملاك في يد الملاك ففى العشر باستنزال النصر بدعاء الضعفاء والاستمطار في السنة الشهباء وفي الخراج بمقاتلة المقاتلة الذابين الحامين للدار عن الأعداء وهما وإن اشتركا أصلًا في المونة اختلفا وصفا ففى العشر معنى عبادة لأن الواجب جزء قليل من النماء ويصرف إلى الفقراء كالزكاة وفي الخراج معنى عقوبة من حيث الإقبال إلى تعمير الأرض المذموم والإعراض عن الجهاد الممدوح فيتنافيان للوصفين