الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القسم الثاني: في المستفتي
وفيه مسائل:
الأولى: يجوز للعامي تقليد المجتهد في فروع الشريعة خلافا للمعتزلة في بغداد وفرق الجبائي بين الاجتهاديات وغيرها لنا.
أولًا: أن علماء الأمصار لا ينكرون على العوام الاقتصار على أقاويلهم فحصل الإجماع قبل حدوث المخالف.
وثانيا: إن عاميا وقع له واقعة مأمور بشماء فيها اجماعا وليس التمسك بالبراءة الأصلية إجماعا ولا الاستدلال بأدلة سمعية إذ الصحابة لم يلزموهم تخصينها ولأنه يمنعهم عن الاشتغال بمعاشهم فهو التقليد ولا ينقضان بمعرفة أدلة العقليات لما مر أن المعرفة الإجمالية المحصلة للطمأنينة كافية في ذلك أما هنا فيحتاج إلى تفصيل كثير وبحث عزيز.
فإن قلت المانعون من التقليد يمنعون الإجماع وخبر الواحد والقياس والتمسك بالظواهر بل يقولون حكم العقل في المنافع الإباحة يؤيده قوله تعالى: {خَلَقَ لَكُمْ مَا في الأرْضِ جَميعًا} [البقرة: 29] وفي المضار الحرمة يؤيده {ومَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحَج: 78]، وإنما يترك هذا الأصل لنص قطعي الثبوت والدلالة والعامي إن كان ذكيًا عرف حكم العقل وإن لم يكن ذكيًا أو وجد في الواقعة نص قطعي الثبوت والدلالة يخالف حكمه حكم العقل نبهه المفتي عليه.
قلنا لم يكلف العامي بذلك لأنه يمنعه عن المعاش ولذا كان الاجتهاد فرض كفاية لهم وجوهًا:
1 -
قوله تعالى: {وَأَنْ تَقُولُوا عَلَى اللهِ مَا لا تَعْلَمُونَ} [البقرة: 169].
قلنا يختص بالعقليات جمعًا بينه وبين أدلة اتباع الظن.
2 -
ذم التقليد بقوله إنا وجدنا آبائنا على أمة.
قلنا التقليد الباطل على خلاف الدليل الواضح أو في العقليات.
3 -
طلب العلم فريضة على كل مسلم.
قلنا فيما يمكن علمه لا علم كل شيء لكل مسلم بالإجماع وإلا كان الاجتهاد فرض عين.
4 -
جواز التقليد يفيض إلى عدمه لأنه يقتضى جواز التقليد في المنع منه.
قلنا أحدهما يمنع الآخر عادة.
5 -
قوله عليه السلام اجتهدوا فكل ميسر لما خلق له والمستفتى لا يأمن من جهل
المفتى فيقع في المفسدة.
قلنا لا يعتبر لرجحان المصلحة.
ولنا على الجبائى أن الفرق يقتضي أن يحصل للعامي درجة الاجتهاد ثم يقلد إذ لا يميز بينهما سوى المجتهد وهو بط.
له أن الحق في غير المحتهد فيه واحد فالتقليد فيه يوقعه في غير الحق.
قلنا بل وفي المجتهد فيه ولأنه لا يأمن أن يقصر المفتى في الاجتهاد أو يفتى نفسه بخلاف اجتهاده.
الثانية أن العالم بطرف صالح من علوم الاجتهاد يلزمه التقليد.
وقيل بشرط أن يتبين له صحة اجتهاد المجتهد بدليله والجبائى ما لم يكن كالعبادات الخمس من ضروريات الدين.
لنا أولًا: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43]، فإن علة الأمر بالسؤال هو الجهل والأمر المقيد بالعلة يتكرر بتكررها وهذا غير عالم بهذه المسألة.
وثانيًا: العلماء لم يزالوا يستفتون فيفتون ويتبعون من غير إبداء المستند حتى شاع ولم ينكر فكان إجماعًا.
وثالثا: أن بيجاب الاطلاع على المستفتي يؤدى إلى إبطال المعاش والصنائع بخلاف مآخذ معرفة الله تعالى ليسرها.
لهم أن يودى إلى وجوب اتباع الخطأ لجوازه.
قلنا مشترك الالزام لجوازه حين أبدى المستند وكذلك يجب على المفتى اتباع رأيه مع جواز الخطأ والحل أن الواجب اتباع الظن من حيث هو ظن لا من حيث هو خطأ والمحدود هذا.
الثالثة: لا يرجع العامي العامل بقول مجتهد في مسألة إلى غيره اتفاقا أما في الأخرى فالمختار جواز تقليد الغير للقطع بوقوعه شايعا مشتهرا من غير نكير في زمن الصحابة رضي الله عنهم من غير إلزام سؤال مفت بعينه أما إذا التزم مذهبا معينا كأبي حنيفة رضي الله عنه فقيل يلزم وقيل لا يلزم في وافعة وقعت فقلده فيها فليس له الرجوع وفي غيرها يتبع من شاء قال القاضي عبد الجبار الحنفي استفتى الشافعية فوافقه جوابهم لا يسعه أن يختاره وللرجل والمرأة أن ينتقل من مذهب الشافعى إلى مذهب أبي حنيفة وبالعكس ولكن بالكلية أما في مسألة واحدة فلا يمكن من ذلك وقال ظهير الدين المرغيناني من انتقل إلى مذهب الشافعي رضي الله عنه لتزوج له أخاف أن يموت مسلوب الإيمان