الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عبد الأعلى بن موسى بن نُصَيْر اللَّخْمِيّ (1)
فاتح مالَقَة (2) وإِلبِيْرَة (3)
نسبه وأيّامه الأولى
هو عبد الأعلى بن موسى بن نُصَيْر بن عبد الرحمن بن زيد (4) من بني لَخْم (5)، ويقال: إنّه مولى لَخْم (6)، وقيل: إنّه من أراشَة من بَلِيّ (7)، وقيل من بَكْر بن وائل (8)، ويذكر أولاده أنّه من بكر بن وائل، وغيرهم يقول: إنّه
(1) ورد اسم أبيه: موسى بن نُصَيْر الّلخمِي في المعارف (570) واليعقوبي (3/ 22) والبداية والنهاية (9/ 171) ورياض النفوس (1/ 77). ولخم: هو مالك بن عَديّ بن الحارث بن مرَّة بن أدد، أنظر جمهرة أنساب العرب (422)، وهم من بني سعد العشيرة بن مذجح من سبأ، أنظر جمهرة أنساب العرب (410 - 422)، وأنظر بطون لخم في جمهرة أنساب العرب (477).
(2)
مالقة: مدينة بالأندلس عامرة، من أعمال (ريّة)، سورها على ساحل البحر، بين الجزيرة الخضراء والمرية، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (7/ 367).
(3)
إلبيرة: كورة كبيرة بالأندلس، واسم مدينة أيضاً، بينها وبين قرطبة تسعون ميلاً، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (1/ 322) و (2/ 320).
(4)
البيان المغرب (1/ 32).
(5)
بغية الملتمس (457) وتاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس (2/ 114) والنجوم الزاهرة (1/ 235) ونفح الطيب (1/ 254).
(6)
بغية الملتمس (457) وتاريخ العلماء والرواة للعلم بالأندلس (2/ 114) وجذوة المقتبس (317) ووفيات الأعيان (4/ 402) والولاة والقضاة (52).
(7)
البلاذري (248)، وأراشة بن عُبيلة بن قِسْميل بن فَرَان بن بَلِيّ بن عمرو بن الحافي بن قُضاعة، أنظر التفاصيل في جمهرة أنساب العرب (442).
(8)
نفح الطيب (1/ 234) والبيان المغرب (1/ 32).
مولى (1).
وادِّعاء أولاده وأحفاده، بأنه من بَكْر بن وائل، بعد أن استقرّوا فى إفريقية والمغرب والأندلس وملكوا وتأثّلوا، وأصبح لهم أجداد يفاخرون بأمجادهم، وبخاصة موسى بن نصير فاتح شطر الأندلس وأوّل جدّ لهم لا تخفى مفاخره، في وقت كان فيه الفخر بالنسب سِمة من سمات العصر البارزة، عصر بني أميّة، قد يؤخذ مأخذ الدعاوة لهم بالنّسب المفضّل لا بمأخذ تقرير الواقع، كما أن ادِّعاء مَن كان عليهم لا معهم بأنهم موالي، كان نتيجة من نتائج تعالي أولاد موسى بن نصير بالنّسب المزوّر لا بالنسب السّليم، فهو ردّ فعل تلقائي لهذا التعالي الموهوم المفتعل، فلا يؤخذ به ولا يُصدّق أيضاً، لأن دوافعه عاطفية عن الحق والواقع.
إنه عربي (2)، من لخْم، أبوه موسى بن نصير اللّخْمِي (3)، فاتح شطر الأندلس المشهور، وكان والياً على إفريقية والمغرب في أواخر سنة خمس وثمانين الهجرية (704 م) أو أوائل سنة ست وثمانين الهجرية (705 م)، كما شغل عدّة مناصب إدارية وقيادية قبل ذلك، تدل على أنه كان قريباً من بنى أميّة ومَن كان يعمل معهم في المناصب الإدارية والقيادية العليا.
ولم يكن جدّه نصير بعيداً عن مراكز السلطة في الإدارة والقيادة أيضاً، وأصله من سبايا بلدة عّيْن التَّمْر (4) الذين سباهم خالد بن الوليد سنة اثنتي عشرة الهجرية (633 م)، فقد وجد خالد أربعين غلاماً يتعلمون الإنجيل، عليهم باب مغلق، فكسر عنهم وقال:(وما أنتم؟!) فقالوا: (رُهُنٌ!)، منهم نصير أبو موسى بن نصير، فقسّمهم خالد في أهل
(1) جل فتوح الإسلام - ملحق بجوامع السيرة لابن حزم الأندلسيّ (344).
(2)
البلاذري (248) والنجوم الزاهرة (1/ 235).
(3)
أنظر سيرته المفصلة في كتابنا: قادة فتح المغرب العربي (1/ 221 - 309).
(4)
عين التمر: بلدة قريبة من الأنبار (مدينة الفلّوجة حالياً) غربيّ الكوفة، بقربها موضع يقال له: شفاثا، لا يزال معروفاً اليوم، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (6/ 253).
البلاد؛ (1) ثم أصبح من حرس معاوية بن أبي سفيان (2)، ثم أصبح على حرس معاوية (3)، وعلى جيوشه (4)، ولكنه لم يشهد معه قتال علي بن أبي طالب رضي الله عنه (5).
ولا نعلم متى وُلد، وأين، ولا نعلم عن أيامه الأولى شيئاً، ونستطيع أن نستنتج أنه نشأ وترعرع واستوى على عوده، بالمقارنة مع لِداته في عصره، الذين عاشوا في بيئة مشابهة لبيئته الاجتماعية، فهو أمثاله يربّون تربية تفيد عقولهم بالعلم، وتفيد أبدانهم بالتدريب العسكري، ويخالطون العلماء والقادة والإداريين عن كثب، فيتلقّون منهم عصارة علومهم وتجاربهم في الحياة، ويتعلمون منهم كيف يواجهون الأحداث، وكيف يجدون الحلول المجدية للمعضلات، فإذا أصبحوا كفايةً وعُمراً قادرين على العطاء، مُنحوا الفُرص لإبداء كفاياتهم في ميدان الإدارة، أو في ميدان القيادة، أو في الميدانين معاً، فتظهر معادنهم الأصلية، ويُكتب لهم النجاح أو الإخفاق.
لقد نشأ عبد الأعلى وترعرع في ظروف ملائمة كل الملائمة، لاستكمال مزاياه الشخصية، فتلقى مختلف العلوم والآداب والفنون المعروفة يومذاك، وتدرّب على الفنون العسكرية العملية والنظرية، وتلقى تجارب القادة والإداريين، وبخاصة تجارب والده موسى الغنية بالعمل والإنتاج والآلام والآمال. وقد طبّق الفنون العسكرية النظرية عملياً في ميدان القتال، وبذلك جمع التدريب الفني النظري والعملي، ووضع معلوماته العسكرية النظرية في حيِّز التنفيذ العملي.
ولما عبر موسى إلى الأندلس في رمضان من سنة ثلاث وتسعين
(1) الطبري (2/ 577) وأنظر ابن الأثير (2/ 151).
(2)
ابن خلدون (4/ 187).
(3)
وفيات الأعيان (4/ 402) ونفح الطيب (1/ 224).
(4)
نفح الطيب (1/ 224).
(5)
وفيات الأعيان (4/ 402) ونفح الطيب (1/ 224 - 225).