الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الهجرية (1)(712 م)، ازدادت فرص عبد الأعلى في التّعليم والتدريب عملياً في الفتوحات، حتى إذا أصبح قادراً على تولي مهام القيادة، ولاّه أبوه موسى منصباً قيادياً، فأضاف بقيادته فتحاً جديداً على فتوح طارق بن زياد، وفتوح أبيه موسى وأخيه عبد العزيز (2).
ولم نجد لعبد الأعلى نشاطاً في القيادة أو الإدارة أيام كان مع أبيه في إفريقية والمغرب، وظهر نشاطه أول ما ظهر بعد عبور أبيه موسى إلى الأندلس، مما يشير إلى أنه كان في إفريقية والمغرب صغيراً على المناصب الإدارية والقيادية، فأصبح في أيام عبوره إلى الأندلس برفقة أبيه موسى في عُمْر يناسب تولي المناصب الإدارية والقيادية، فمن المحتمل أن يكون عمره سنة ثلاث وتسعين الهجرية قد جاوز العشرين سنة على الأقل.
لقد تهيّأ لعبد الأعلى مزيتان من مزايا القيادة الثلاث الرئيسة: العلم المكتسب، والتجربة العملية.
وبقي السِّمة الثالثة للقيادة، وهي: الطبع الموهوب، ولا ندري هل تهيأت له هذه السِّمة أم لا، لأن مدّة قيادته لم تطل، وظروفه الراهنة في حينها لم تكن ملائمة له، كما أنّ إنجازاته في الفتح كانت قليلة جداً نسبياً، وهذه العوامل الثلاثة: المدة، والظروف، والإنجازات، لم تيسِّر له إظهار مواهبه القيادية كما ينبغي، فكانت تلك العوامل الثلاثة عليه لامعة، فمضى إلى أجله ومعه سرّ موهبته القيادية، لم يسجلها المؤرخون، ولا يستطيع أحد معرفتها حتى اليوم.
الفاتح
وجه موسى بن نُصَيْر ولديه: عبد العزيز وعبد الأعلى، إلى جنوبي وجنوب
(1) ابن الأثير (4/ 215).
(2)
أنظر التفاصيل في فقرة: نسبه وأيامه الأولى، من سيرة أخيه عبد العزيز بن موسى بن نُصير، في كتاب: قادة فتح الأندلس والبحار.
شرقي الأندلس، وكان هذا على الأغلب، بعد استعادة عبد العزيز فتح إشبيلية (1) ولَبْلَة (2) وباجَة (3)، لأن أسبقية أهداف موسى بعد عبوره إلى الأندلس، هي القضاء على مراكز المقاومة الرئيسة للقوط، وأسبقية هذه المراكز حسب خطورتها هي: المقاومة القوطية في المناطق الشمالية للأندلس، وقد توجّه موسى وطارق بن زياد للقضاء عليها والمقاومة القوطية في وسط الأندلس، التي تهدِّد خطوط مواصلات المسلمين، وهي منطقة إشبيلية ولبلة وباجة، وقد وجه موسى ابنه عبد العزيز، فقضى عليها. والمقاومة القوطية في جنوبي وجنوب شرقي الأندلس، التي تهدّد جناح المسلمين الأيمن، وقد وجه موسى ابنيه: عبد العزيز وعبد الأعلي لمعالجتها. وأخيراً، المقاومة القوطية في غربي الأندلس، وقد وجّه موسى ابنه عبد العزيز، بعد انتهائه من معالجة المقاومة القوطية في جنوبي وجنوب شرقي الأندلس، فقضى عبد العزيز على تلك المقاومة، وبذلك أصبحت خطوط مواصلات المسلمين، وجناحاهم: الأيمن والأيسر، آمنة مطمئنة، وأصبح موقف قوّات المسلمين سليماً.
واستطاع عبد الأعلى، بالتعاون مع أخيه عبد العزيز، أن يستعيد فتح مَالَقَة ( Malaga) وإلْبِيرَة ( Elvira) وكان ذلك سنة أربع وتسعين الهجرية (4)
(713 م).
(1) إشبيلية: مدينة كبيرة عظيمة بالأندلس، ليس بالأندلس أعظم منها، وبها قلعة ملك الأندلس، وهي قريبة من البحر، على شاطئ نهر، يطلّ عليها جبل الشّرف، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (1/ 254).
(2)
لبلة: قصبة كورة في الأندلس كبيرة، يتصل عملها بعمل أكشونبة، وهي شرقي أكشونبة وغربيّ قرطبة، بينها وبين قرطبة على طريق إشبيلية خمسة أيام: أربعة وأربعون فرسخاً، بينها وبين إشبيلية إثنان وأربعون ميلاً، وهي بريّة بحريّة، غزيرة الثمر والزروع والشجر، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (7/ 319).
(3)
باجة: مدينة بالقرب من لبلة وضمن قصبتها.
(4)
الإحاطة (1/ 101) ونفح الطيب (1/ 275).