الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حيناً آخر، فإن فتوحه في البر والبحر، تدلّ على أنه كان قائداً متميزاً.
وقد برزت مزيتان من مزايا القيادة الرئيسة في عبد الله، بشكل واضح لا غبار عليهما: العلم المكتسب، والتجربة العملية.
وبقيت المزية الثالثة: الطبع الموهوب، حالت ظروفه دون ظهورها، فلا أعرف هل كان يتمتّع بهذه المزية حقاً، وهي مزية تكشفها الفتوحات العظيمة والانتصارات الباهرة فقط.
عبد الله في التاريخ
يذكر التاريخ لعبد الله، أنه كان أكبر أولاد موسى بن نصير، وأنه كان ساعده الأيمن في معاونته والياً وقائداً.
ويذكر له، أنه تولّى إفريقية والمغرب نحو أربع سنوات، ثلاث سنوات منها في أيام أبيه موسى، بعد عبوره إلى الأندلس فاتحاً، وسنة واحدة بعد استدعاء أبيه موسى من الأندلس إلى دمشق، فقام بواجبه إداريّاً على أحسن ما يقوم به الولاة القادرون.
ويذكر له، أنه تولّى القيادة في إفريقية، ففتح فتوحاً واسعة، وقضى على انتفاضة البربر في مناطق فتوحه، وغنم غنائم جسيمة.
ويذكر له، أنه تولّى القيادة البحرية، ففتح مَيُورْقَة ومَنُورَقَة، وأغار على صِقِلِّية وسَرْدَانيَة، وانتصر في معاركه البحرية انتصارات باهرة، وغنم غنائم كبيرة، وضمن حماية ساحل إفريقية والمغرب في حاضرها ومستقبلها.
ويذكر له أنه أشرف على القاعدة الرئيسة في القيروان، وقواعد المغرب في
سَبْتَة وطنجة وتونس، لإدامة الفتوح الأندلسية، وأمدّ الفاتحين بالرجال والمواد والمراكب لإدامة زخم الفتوح، وضمان استمرارية الانتصارات.
ويذكر له، أنه كان قائد أول غزوة غُزيت في بحر إفريقية، المواجه للساحل الإفريقي، الذي فتحه المسلمون، وحافظوا عليه بالسيطرة الكاملة على البحر الأبيض المتوسط، وبفتح جزر البحر التي يستخدمها الروم قواعد أمامية متقدمة للتعرّض بالمسلمين في إفريقية والمغرب، وبإنتاج السفن والمراكب البحرية بالمصانع الإسلامية.
ويذكر له، أن ظروفه حرمته من إظهار كفاياته القيادية، في الفتوح المستدامة، والانتصارات الباهرة.
ويذكر له، أن أعماله إدارياً وقائداً، في خدمة بلاده وأمته، قوبلت بالعقوق، فسقط مضرّجاً بدمائه، بسيوف لم تُضرّج بدماء الأعداء في ساحات الجهاد.
رحمه الله رحمة واسعة، جزاء ما قدم لأمته وبلاده من خدمات، والياً وغازياً، وإدارياً وقائداً، ومرابطاً ومجاهداً، فالله وحده لا ينسى مَن أحسن عملاً.