الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وظلّ عبد العزيز في كنف والده موسى الذي كان قائداً عاماً في الأندلس وإفريقيّة والمغرب، وكان عبد العزيز في تلك المدّة قائداً مرءوساً لوالده موسى، فلمّا استُدعي موسى وطارق بن زياد من الأندلس إلى دمشق، خلّف موسى ابنه عبد العزيز على الأندلس (1) وكان ذلك في ذي الحجّة من سنة خمس وتسعين الهجرية (2)(714 م)، فأصبح والياً على الأندلس وقائداً عاماً على قوّات المسلمين فيها.
ولم نجد لعبد العزيز نشاطاً في القيادة أو الإدارة أيام كان مع أبيه في إفريقيّة والمغرب، وظهر نشاطه في القيادة أولاً بعد العبور إلى الأندلس مع أبيه، ثم ظهر نشاطه في القيادة والإدارة معاً بعد رحيل والده موسى عن الأندلس، مما يدلّنا على أنّه كان في إفريقيّة والمغرب صغيراً على المناصب القياديّة والإدارية، فأصبح في أيام عبوره إلى الأندلس في عُمْر يناسب تولّي المناصب الإدارية والقيادية، فمن المحتمل أن يكون عمره سنة ثلاث وتسعين الهجرية قد جاوز العشرين على الأقل.
لقد تهيّأ لعبد العزيز: العلم المكتسب، والتجربة العمليّة، فآتت ثمراتها في مناصبه التي تولاّها قائداً وإدارياً.
الفاتح
1 -
فتح إشْبِيْلِيّة (3) ثانية:
رافق عبد العزيز أباه موسى بن نُصَير في عبوره إلى الأندلس، وكان معه في فتوحه الأندلسيّة، فلما كان موسى محاصِراً مدينة
(1) نفح الطيب (1/ 235).
(2)
تاريخ افتتاح الأندلس (36) وأخبار مجموعة (19) والبيان المغرب (2/ 30).
(3)
إشبيلية: مدينة كبيرة عظيمة بالأندلس، ليس بالأندلس أعظم منها، وبها قلعة ملك الأندلس، وهي قريبة من البحر، وهي على شاطئ نهر، ويطلّ عليها جبل الشرف، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (1/ 254).
مَارِدَة (1)، ثار عجم (2) إشبِيليّة وارتدّوا وقاموا على مَن فيها من المسلمين. وتجالب فلّهم من مدينة لَبْلَة (3) وبَاجَة، وقتلوا من المسلمين نحو ثمانين رجلاً (4). وأتى فلّ المسلمين موسى من إشبيليَة وهو بماردة، فلمّا أن فتح ماردة وجّه ابنه عبد العزيز في جيش إلى إشبيلية، ففتحها وقتل أهلها. ونهض عبد العزيز إلى لَبْلَة وباجة ففتحهما أيضاً، واستقامت الأمور وعلا الإسلام (5)، ثمّ انصرف عبد العزيز إلى إشبيلية (6).
وقد استعاد عبد العزيز فتح إشبيلية ثانية سنة أربع وتسعين الهجرية (7)(713 م)، وكان طارق قد فتحها لأول مرّة صلحاً، إذ صالحه أهلها على الجزية، وذلك سنة اثنتين وتسعين الهجرية (711 م)، ولكنها انتقضت
(1) ماردة: كورة واسعة من نواحي الأندلس، بينها وبين قرطبة ستة أيام، ولها حصون وقرى، أنظر معجم البلدان (7/ 360).
(2)
عجم إشبيلية: هم القوط الغربيون، وهم قسم من القوط، وجماعة رئيسة من الجرمان، انفصلوا من القوط الشرقيين في أوائل القرن الرابع الميلادي، وقد توغلوا في شمالي إسبانيا، ثمّ وسّعوا ممتلكاتهم الإسبانية على حساب الوندال. وأخيراً أصبح تاريخ القوط الغربيين في صميمه هو تاريخ إسبانيا، واعتنقوا الكاثوليكية واندمجوا مع الإسبان، وكان آخر ملوكهم لذريق الذي هزمه طارق بن زياد، أنظر الموسوعة العربية الميسرة (1407 - 1408).
(3)
لبلة: قصبة كورة في الأندلس كبيرة، يتصل عملها بعمل أكشونبة وغربيّ قرطبة، بينها وبين قرطبة على طريق إشبيلية خمسة أيام: أربعة وأربعون فرسخاً، وبينها وبين إشبيلية اثنان وأربعون ميلاً، وهي بريّة بحريّة، غزيرة الفضائل والثمر والزروع والشجر، أنظر التفاصيل في معجم البلدان (7/ 319).
(4)
البيان المغرب (2/ 22) ونفح الطيب (1/ 272) وأخبار مجموعة (18) وابن الأثير (4/ 565) والنويري (22/ 29).
(5)
البيان المغرب (2/ 22) ونفح الطيب (1/ 272) وأخبار مجموعة (18) وابن الأثير (4/ 565) والنويري (22/ 29).
(6)
البيان المغرب (2/ 22) ونفح الطيب (1/ 272) وابن الأثير (4/ 565).
(7)
أخبار مجموعة (18) وابن الأثير (4/ 565) والبيان المغرب (2/ 15) والنويري (22/ 29) ونفح الطيب (1/ 271).