المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ المصطلحات ((…الغالب، الكثير، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ - قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

[إيهاب سلامة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ منهج البحث في أثناء الدراسة:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌ ترجمة سيبويه

- ‌ الاسم والنشأة والوفاة:

- ‌ أسفاره العلميَّة:

- ‌ شيوخه:

- ‌ منزلة سيبويه العلميَّة:

- ‌ كتاب سيبويه:

- ‌ وقت تأليفه:

- ‌ القيمة العلميَّة للكتاب:

- ‌ منهج الكتاب:

- ‌ أهم المصطلحات المستخدمة في البحث:

- ‌ المصطلح الأول ((…السِّياق)):

- ‌ المصطلح الثاني ((…التَّقْعِيدالنَّحْوِيّ)):

- ‌ المصطلح الثالث ((…التوجيه الإعرابِيّ)):

- ‌ المصطلح الرابع ((…الأصل)):

- ‌ المصطلحات ((…الغالب، الكثير، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ

- ‌الفصل الأول: السياق والمنهج عند سيبويه

- ‌مقدمة:

- ‌المبحث الأول: سيبويه والسِّياق:

- ‌ سيبويه يقوم بالتَّقْعِيدالنَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ من خلال النصوص الحَيَّة المنطوقة:

- ‌اعتبار سيبويه للسياق:

- ‌المخاطب والمُتَكَلِّم أبرز عناصر سياق الحال التي اهتَمَّ بها سيبويه:

- ‌ المبحث الثاني: خطوات إجرائِيَّة ومنهجِيَّة قبل التقيعد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه:

- ‌1 ــ تصنيف اللُّغَة إلى تراكيب نمطِيَّة مُجَرَّدة:

- ‌2 ــ الإحصاء العددي للتراكيب النَّمَطِيَّة:

- ‌3 ــ تتَبُّع التركيب اللغويّ المُعَيَّن قيد البحث في السِّياقات المختلفة وربطه بدلالة السِّياق إِنْ وجدت:

- ‌4 ــ معايشة التراكيب اللُّغَوِيَّة في نصوصها المنطوقة:

- ‌الفصل الثاني: دور سياق الحال في التوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه

- ‌1 ــ المبحث الأول: أهمِيَّة سياق الحال في التوجيهات الإعرابِيّة عند سيبويه:

- ‌أوجود تراكيب نحوِيَّة لا يصِحُّ تركيبُها ولا تصِحُّ كينونتُها وبالتالي لا يصِحُّ توجيهها نحويا إلا إذا قامت قرينة من سياق الحال تُصَحِّحُها:

- ‌ب وجود تراكيب نحوِيَّة توجَّه في إطار معرفة قرينة السِّياق:

- ‌ت يستعين به أحيانا في شرح توجيهه:

- ‌ث يفسِّرُ بالسِّياق مَرْجِعِيَّة الضمير:

- ‌ج خطورة عدم الاعتداد بقرينة السِّياق وأثره في التوجيه:

- ‌2 ــ المبحث الثاني: إثراء السِّياق للتوجيهات الإعرابِيّة والدِّلالِيَّة:

- ‌ حال المُتَكَلِّم ودوره في التوجيه الإعرابِيّ وإثرائه:

- ‌ المخاطب ودوره في التوجيه الإعرابِيّ وإثرائه:

- ‌3 ــ المبحث الثالث: تَحَرُّك سيبويه بحُرِّيَّة في توجيهاته النحوِيَّة في حالة عدم اللَّبس:

- ‌الفصل الثالث: دور السِّياق في التَّقْعِيد النَّحْوِيّ عند سيبويه

- ‌المبحث الأول: سياق الحال والجملة الاسمِيَّة:

- ‌ السِّياق والابتداء بالمعرفة:

- ‌ الحذف في الجملة الاسمِيَّة وسياق الحال:

- ‌ قرينة السِّياق والحال النَّحْوِيّ:

- ‌المبحث الثاني: سياق الحال والجملة الفعلِيَّة وما يتعلق بها:

- ‌ سياق الحال يُؤَثِّر في كينونة الجملة الفعلِيَّة أيضا:

- ‌ الترتيب بين العناصر المكوِّنة للجملة الفعلِيَّة:

- ‌ السِّياق وإعمال اسم الفاعل عمل الفعل:

- ‌ نواصب الفعل المضارع:

- ‌ المفعول المطلق:

- ‌ دور قرينة السِّياق في إعمال ظن وأخواتها أو إلغاء عملها:

- ‌ الحذف في الجملة الفعلِيَّة:

- ‌المبحث الثالث: سياق الحال والتوابع:

- ‌ أولا البدل:

- ‌ ثانيا التوكيد:

- ‌ ثالثا النعت:

- ‌ رابعا العطف:

- ‌المبحث الرابع: سياق الحال والأساليب النحوِيَّة:

- ‌1 ــ أسلوب الاستفهام:

- ‌2 ــ أسلوب النفي:

- ‌3 ــ أسلوب التفضيل:

- ‌4 ــ أسلوب النداء:

- ‌5 ــ أسلوب التحذير والإغراء والاختصاص:

- ‌6 ــ أسلوب الاستثناء:

- ‌7 ــ أسلوب القسم:

- ‌8 ــ النصب على التعظيم أو الذم:

- ‌المبحث الخامس: سياق الحال والأدوات النحوِيَّة:

- ‌ المبحث السادس: سياق الحال والتنوين والتنكير والتعريف:

- ‌الفصل الرابع: سياق الحال والقواعد الصَّرْفِيَّة

- ‌ المبحث الأول: سياق الحال ودلالة الفعل الزَّمَنِيَّة والمصادر والمشتقات

- ‌أ - سياق الحال والدِّلَالَة الزَّمَنِيَّة للفعل:

- ‌ج - سياق الحال ودلالة أوزان المصدر:

- ‌ح - سياق الحال ودلالة المشتقات:

- ‌ المبحث الثاني: سياق الحال ومعاني الأوزان الصَّرْفِيَّة:

- ‌الفصل الخامسالسِّياق وسيبويه والنظَرِيَّةالنحوِيَّة

- ‌ المبحث الأول:‌‌ تعريف مصطلح النظَرِيَّة، وأهم خصائص النظَرِيَّةالعلميَّة:

- ‌ تعريف مصطلح النظَرِيَّة

- ‌ أهم خصائص النظَرِيَّة العلميَّة:

- ‌ المبحث الثاني:‌‌ النظَرِيَّة النحوِيَّة السِّياقِيَّة:

- ‌ النظَرِيَّة النحوِيَّة السِّياقِيَّة:

- ‌ نقد نظَرِيَّة العامل:

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

- ‌أولا ـ المصادر والمراجع العربِيَّة

- ‌ثانيا المراجع الأجنبية

- ‌ثالثا: المجلات والدوريات

- ‌ملخص الرسالة

الفصل: ‌ المصطلحات ((…الغالب، الكثير، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ

وأعتقد أَنَّ مصطلح الأصل يساوي عند سيبويه ما يسميه «المطرد» ، نستشف هذا من قوله:

«لا ينبغي لك أَنْ تكسر الباب وهو مطرد وأنت تجد له نظائر» ) (1).

-‌

‌ المصطلحات ((

الغالب، الكثير، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ

)):

هذه المصطلحات من المصطلحات التي تَتَرَدَّد عند سيبويه، وهي أيضا ستتردَّد في بحثنا تباعا؛ لذلك فهي تحتاج إلى فضل توضيح وبيان.

وهذه المصطلحات ابتداء تعبِّر عن تراكيب نحوِيَّة لها ــ بدرجة ما ــ نسبةُ تكرار أو تردُّد في النصوص اللُّغَوِيَّة. وإذا ضممنا إلى هذه المصطلحات مصطلح الأصل؛ فإِنَّنا يمكن أَنْ نرتب هذه المصطلحات ترتيبا من الأكثر إلى الأَقَلّ كما يلي:

«الأصل) المطَّرد (، الغالب، الكثير) الجَيِّد (، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ» .

وفي كتاب «الاقتراح» للسيوطي نجد نصا مهما ينقله عن غيره من العلماء يذكر فيه عددا من المصطلحات التي تدل على الترتيب ونسبة التكرار للتراكيب النحوِيَّة، يقول فيه:«وقال الشيخ جمال الدين بن هشام: اعلم أنَّهم يستعملون غالبا وكثيرا ونادرا وقليلا ومطردا. فالمطرد لا يتخلَّف، والغالب أكثر الأشياء ولَكِنَّه يتخلف، والكثير دونه، والقليل دونه، والنادر أقل من القليل؛ فالعشرون بالنسبة بالنسبة إلى ثلاثة وعشرين غالب، والخمسة عشر بالنسبة إليها كثير لا غالب، والثلاثة قليل والواحد نادر فاعلم بهذا مراتب ما يقال فيه ذلك» ) (2).

ويمكن أَنْ نجمع بين مصطلحات سيبويه ومصطلحات السيوطي في الجدول الآتي:

مصطلحات سيبويه - ملحوظات - مصطلحات السيوطي - ملحوظات

1 -

الأصل

قد أثبتنا أَنَّ هذه المصطلح يساوي مصطلحا آخر هو ((المطرد))، وقد يصف سيبويه هذا الأصل أحيانا بـ «الوجه، الوجه الأكثر والأعرف، حد الكلام، المستقيم الحسن» ) (3).

المطرد

(1) سيبويه: الكتاب، 2/ 376

(2)

السيوطي: الاقتراح، ت: محمود فجال، دار القلم، دمشق، ط 1، ) 1989 م (، ص 99

(3)

من ذلك مثلا قوله: ((فهذا ضعيفٌ، والوجهُ الأكثرُ الأعرفُ النصبُ))، 1/ 86، ((واعلم أنه إذا وقع في هذا البابِ نكرةٌ ومعرفةٌ فالذي تَشْغَلُ به كان المعرفةُ، لأنه حد الكلام، لأَنَّهما شيء واحد))، 1/ 47، ((مررت برجل حسنٌ ظريفٌ أبوه فالرفع فيه الوجه والحدُّ، والجرُّ فيه قبيح))، 2/ 29، ((هذا باب الاستقامة من الكلام والإحالة، فمنه مستقيم حسنٌ، ومحال، ومستقيم كذب، ومستقيم قبيح، وما هو محال كذب. فأما المستقيم الحسن فقولك: أتيتُك أمْسِ وسآتيك غدًا، وسآتيك أمس. وأمَّا المستقيم الكذب فقولك: حَمَلتُ الجبلَ، وشربت ماء البحر، ونحوه. وأما المستقيم القبيح فأنْ تضع اللفظ في غير موضعه، نحو قولك: قد زيدًارأيت، وكي زيدًا يأتيك، وأشباه هذا. وأما المحال الكذب فأن تقول: سوف أشرب ماء البحر أمسٍ)) 1/ 25، والمقصود بالكلام المستقيم هنا ((الكلام المستقيم استقامة نحوية)) ينظر: د. حماسة عبد اللطيف: النحو والدِّلَالَة، ص 66

ص: 57

2 -

الغالب - استخدم سيبويه هذا المصطلح في معظم المواضع التي وردت فيه ليصف نوعا من الأسماء أسماه ((الاسم الغالب)).

الغالب

3 -

الكثير - في بعض المواضع كان سيبويه يصف الكثير بـ ((الجَيِّد والعربي والقوي والحسن)) (1).

الكثير

4 -

القليل - وصف سيبويه هذا المصطلح أحيانا بالردئ (2).

القليل

5 -

الضعيف - وقد وصف سيبويه هذا الضعيف أحيانا بـ ((القبح)) (3) وأحيانا بـ ((الخبث)) (4)

6 -

الشاذ - وفي بعض الأحيان استُصْحِبَ بلفظ غريب وغلط) (5).

النادر - لم يرد استعمال هذا اللفظ عند سيبويه.

7 -

الردئ

ومن خلال تأمل هذا الجدول السابق نلاحظ أَنَّ:

(1) من هذه المواضع مثلا: ((

وكل هذا التضعيف فيه عربيٌّ كثير جَيِّد)).، 4/ 424، ((سِيرَ عليه سَيْرُ اليوم. والرفعُ فى جميع هذا عربىّ كثير فى جميع لغات العرب)).، 1/ 216، ((وقد يَحْسُنُ أن تقول: سير عليه قَريبٌ؛ لأَنَّكَ تقول: لقيتُه مُذْ قَريبٌ. والنصب عربىّ جَيِّد كثير)) 1/ 228، ((وزعم يُونُس أنّ أبا عمرو كان يقول: دارى من خَلْفِ دارك فرسخانِ، فشبَّهه بقولك: دارُك منّى فرسخانِ؛ لأنَّ خلفَ ههنا اسمٌ، وجَعَل مِنْ فيها بمزلتها فى الاسم. وهذا مذهبٌ قوىٌّ))، 1/ 417، ((وممَّا جاء فى النصب أنّا سمعنا من يُوثَق بعربِيَّته يقول: خَلَقَ الله الزرافة يديها أطول من رِجْلَيْها

فهذا عربىٌّ حسَن، والأوّل أَعرف وأَكثر))، 1/ 155

(2)

قال سيبويه: ((وقد بلغنا أنَّ قومًا من أهل الحجاز من أهل التحقيق يحققون نبيْ وبريئةٌ، وذلك قليلٌ رديء))، 3/ 555

(3)

قال سيبويه: ((وزعم الخليل رحمه الله أنه يجوز أن يقول الرجلُ: هذا رَجُلٌ أخو زيدٍ، إذا أردتَ أن تشبَّهه بأخى زيد. وهذا قبيح ضعيف لا يجوز إلاّ فى موضع الاضطرار))، 1/ 361، وينظر أيضا: 1/ 434، 2/ 124

(4)

قال سيبويه: ((وتقول: إِنَّ أحدا لا يقول ذاك، وهو ضعيف خبيث، لأن أحدا لا يستعمل في الواجب)) 2/ 318

(5)

قال سيبويه: ((وأما الدكر فَإِنَّهم كانوا يقلبونها في مدكرٍ وشبهه، فقلبوها هنا، وقلبها شاذٌّ شبيهٌ بالغلط))، 4/ 477 وقال: ((

وقد جاء في الكلام مفعولٌ وهو غريب شاذٌ))، 4/ 273

ص: 58

• المصطلحات الأربعة الأولى متشابهة عند سيبويه والسيوطي.

• المصطلحات الثلاث الأخيرة اختصرت لاحقا عند السيوطي تحت مصطلح «النادر» . ولم يرد عند السيوطي مصطلح الأصل، ويعتقد الباحث أَنَّ مصطلح «الأصل» هو الأولى بالاستعمال من مصطلح «المطرد» ؛ لأَنَّ الأصل هو ما يبنى عليه غيره وهذا ما كان يقوم به سيبويه؛ حيث يستخدم الأكثر لبناء القاعدة) (1).

- أهمِيَّة اعتبار سياق الحال عند تحليل اللُّغَة ودراستها:

من الأسئلة المنطقية التي ثارت في ذهن الباحث، وكان لا مَعْدَى له عن الإجابة عنها السؤال التالي: ما خطورة غياب السِّياق عن تحليل اللُّغَة والتَّقْعِيد لها؟ وما تَبِعاته التي قد تنجم عن ذلك؟

كانت الإجابة عن هذا السؤال مُهِمَّة للغاية؛ فوجود بعض الخطورة يمكن أَنْ تقع عند غياب السِّياق في تحليل اللُّغَة ــ يعني أَنَّنا لمسنا وطرا حساسا في دراستها، ويعطي مسَوِّغا لبحثنا ويمنحه بعض القيمة العلميَّة.

يمكن أَنْ نقول إِنَّ غياب سياق الحال عن تحليل اللُّغَة ودراستها يؤدي إلى:

(1) وقد قدم بعض الباحثين المعاصرين تعريفات لبعض المصطلحات السابقة، فقالوا:

الغالب: ((وصف للحال الأكثر استعمالا وإساغة، وحيث وجد هذا الوصف يعني أَنَّ وجها آخر يجوز في اللفظ أو التعبير المقصود)).

الكثرة والندرة: ((حالة تلحق الوجوه الإعرابِيّة والاستعمالات الكلامِيَّة، وهي تقابل الكثرة، وتعني في مفهومها قِلَّة الاستعمال، وقد تكون استثناء من ممنوع

والندرة في عمومها لا تصلح لتعميم الحكم واعتماده، والنادر من الاستعمالات لا حكم له، وإِنَّمَا الحكم للكثرة والأرجحيَّة، ولهذا فَإِنَّ حالات الندرة قد تصلح للحجيَّة ولَكِنَّها لا تصلح للتعميم وقياسيَّة الاستعمال)).

الشذوذ: ((هو الخروج عن القياس وعدم الاتساق مع المألوف من القواعد العامة، أو هو مخالفة القياسي من غير نظر إلى قِلَّة وجوده وكثرته. والشذوذ من الأحكام الشائعة التي كثر ذكرها في مجال تقويم القواعد النحوِيَّة، حتى أَنَّه يعتبر ظاهرة بارزة تعلن عنها كل مراجع النحو ومصنفاته

ولَعلَّ الإكثار من الإحالة إلى الوصف بالشذوذ ظاهرة تحسب لنحو البصرة أكثر من غيرها، وقد دعاهم إلى ذلك تشددهم في وضع قواعدهم وحرصهم البالغ على تحري سلامتها وصحتها، حتى إذا ما فوجئوا بما يخرج عن قواعدهم مما قاله العرب الخلص أحالوه إلى الشذوذ حفاظا على اتساق موازينهم)). ينظر: د. محمد سمير نجيب اللبدي: معجم المصطلحات النَّحْوِيَّة والصَّرْفِيَّة، ص 166، وص 219، وص 113

ص: 59

o اضطراب القاعدة النحوِيَّة أحيانا:

غياب سياق الحال وإهماله عن التَّقْعِيد لِلُّغَة أمر خطير؛ إذ قد يؤدي إلى الاضطراب في وضع القاعدة وتضاربها في بعض الأحيان وعدم دقتها. ومن الأمثلة التي رصدها الباحث وتدل على ذلك الأمثلة التالية:

أجموع القِلَّة والكثرة:

يقول النحاة إنَّ العربية تفرق بين الجموع؛ فتجعل من الصيغ ما يفيد القِلَّة، ومنها ما يفيد الكثرة. قال ابنُ عقيل في شرحه على ألفية ابن مالك بعد أنْ أورد بيت ابن مالك عن جموع القِلَّة:

أَفْعِلَةٌ أَفْعُلُ ثُم فِعْلَه

ثُمَّتَ أَفْعَالٌ جموع قِلَّة

«جمع التكسير: هو ما دلَّ على أكثر من اثنين، بتغيير ظاهر

، وهو على قسمين: جمع قلة، وجمع كثرة، فجمع القِلَّة يدلُّ حقيقة على ثلاثة فما فوقها إلى العشرة، وجمع الكثرة يدلُّ على ما فوق العشرة إلى غير نهاية، ويستعمل كل منهما في موضع الآخر مجازا») (1).

ويذهبون إلى أَنَّ الجمع الصحيح مثل «مسلمين ــ مسلمات» يفيد القِلَّة، ويعبِّر عن عدد في حدود العشرة، قال السيوطي:«ومن جموع القِلَّة جمع التصحيح قال تعالى: {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ} البقرة: 29، {سَبْعَ بَقَرَاتٍ} يوسف: 43» ) (2).

وأَنَّها ــ أي جموع القِلَّة ــ تدل على عدد «مبهم ــ أي لا تحديد ولا تعيين لمدلوله ــ ولَكِنَّه لا يقل عن ثلاثة ولا يزيد على عشرة، بشرط ألا توجد قرينة تدلُّ على أَنَّ المراد الكثرة أو القِلَّة، فعند

عدم القرينة تتعيَّن القِلَّة حتمًا» (3)، ويزعم النُّحَاة والبلاغيون «أَنَّ العرب كثيرا ما تستعمل جمع القِلَّة مكان جمع الكثرة أو العكس لحكمة ما» (4)، وأنَّ الجموع «يقع بعضها موقع بعض؛ لاشتراكها في مطلق الجمع» (5).

ويرى د. إبراهيم أنيس عدم دِقَّة هذا الربط، ويشير إلى أَنَّ «فكرة اختصاص القِلَّة بصيغ، والكثرة بصيغ لم تكن من الظواهر الملتزمة في العربِيَّة» (6) وأنَّ قول النُّحَاة «أَنَّ العرب كثيرا ما

(1) شرح ابن عقيل: ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث، القاهرة، ط 20، ) 1980 م (، 4/ 114

(2)

همع الهوامع: 2/ 348

(3)

أ/ عباس حسن: النحو الوافي، دار المعارف، القاهرة، ط 11، ) بدون تاريخ للطبعة (، 4/ 628

(4)

د. إبراهيم أنيس: من أسرار اللُّغَة، ص 153

(5)

د. أحمد مطلوب: معجم المصطلحات البَلاغِيَّة وتطورها، ص 673 ــ 674

(6)

من أسرار اللُّغَة، ص 153 ــ 154

ص: 60

تستعمل جمع القِلَّة مكان جمع الكثرة أو العكس» «يحمل في ثناياه دليل ضعف الرأي الذي ذهبوا

إليه» (1). ويرى د. أنيس أَنَّ الأولى بالنُّحَاة «تفسير مثل تلك الكلمات لا على أَنَّها جمع؛ بل على أَنَّ بعض الكلمات المجموعة قد تفقد فكرة الجمعيَّة على مرِّ الأيام، وتصبح لكثرة دورانها على الألسن والأسماع كَأَنَّما هي مفردة؛ فإذا أريد جمعها اتخذت أمثال تلك الصيغ» (2).

ومما يؤَيِّد د. أنيس فيما ذهب إليه:

• وجود النصوص الفصيحة الصحيحة التي تشير إلى خلاف ذلك، أي التي تشير إلى عدم دقة ربط أوزان مُعَيَّنَة من الأساس بدلالة جمع قِلَّة أو كثرة، ومن هذه النصوص:

» قوله تعالى: {وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] إِنَّ «المجموع بالألف والتاء للقِلَّة؛ وغرف الجنة لا تحصى» (3).

» وقوله: {إِنَّ الْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ} [الأحزاب: 35]

» وقوله: {وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ} [البقرة: 228]

» وقوله: {اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِهَا} [الزمر: 42]

» ومثل قول حسان بن ثابت:

لَنا الجَفَناتُ الغُرُّ يَلمَعنَ بِالضُحى

وَأَسيافُنا يَقطُرنَ مِن نَجدَةٍ دَما [بحر الطويل]

• ونجد إشارات في كتاب سيبويه تشير إلى تردُّد هذه الجموع بين القِلَّة والكثرة، منها قوله:

«واعلم أَنَّ لأدنى العدد أبنيةٌ هي مختصَّة به، وهي له في الأصل، وربَّما شركه فيه الأكثر، كما أَنَّ الأدنى ربَّما شرك الأكثر» ) (4)، وقوله:«وربَّما عنوا ببناء أكثر العدد أدنى العدد، كما فعلوا ذلك بما ذكرنا من بنات الثلاثة، وذلك قولهم: ثلاثةُ جدرٍ» ) (5).

• وها هو الزَّمَخْشَرِيّ يؤكد نفس الفكرة فيقول: «الجموع يتعاور بعضها موقع بعض، لالتقائهما في الجمعيَّة، كقوله {كَمْ تَرَكُوا مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} الدخان: 25» ) (6).

(1) السابق: ص 154

(2)

السابق: ص 154

(3)

السابق: ص 673

(4)

سيبويه: الكتاب، 3/ 490

(5)

سيبويه: الكتاب، 3/ 601

(6)

الكشاف: 1/ 89

ص: 61

إِنَّ سياق الحال حاضر في رأي د. أنيس في نقده لهذه القاعدة، والباحث يؤَيِّد هذا الرأي ويقول إِنَّ الحكم على دلالة جمع ما بقِلَّة أو بكثرة متروك للسياق، بدون ربط «حتمي» لأوزان مُعَيَّنَة بدلالةٍ على القِلَّة أو الكثرة كما نصّ صاحب النحو الوافي، وفيما أوردنا من أمثلة ما يؤَيِّد ذلك، ولما يقرِّرُه علمُ الدِّلَالَة من أَنَّ المفردات لا تستقرُّ على حال؛ وذلك لأَنَّ «الحياة تشجِّع على تغير المفردات؛ لأَنَّها تضاعف الأسباب التي تؤثر في الكلمات، فالعلاقات الاجتِماعِيَّة والصناعات، والعُدد المتنوعة تعمل على تغير المفردات، وتقصي الكلمات القديمة، أوتحور معناها، وتتطلب خلق كلمات

جديدة» (1).

ومن النُّحَاة المعاصرين الذين تناولوا هذه القضية أيضا د. فاضل السامرائي، وأشار سيادته إلى أَنَّه «قد يستغنى بجمع عن جمع؛ فيستعمل جمع القِلَّة للقِلَّة والكثرة» ) (2). وأضاف أَنَّه يعدل عن استعمال القِلَّة موضع الكثرة والعكس «لضرب من البلاغة» ) (3).

أنفي النفي:

تتردد في كثير من المراجع النحوِيَّة هذه المقولة:

«نفي النفي إثبات» (4)،

• وأحيانا ترد «نفي النفي إيجاب» (5)،

• وفي أحيان ثالثة ترد «نفي النفي إزالة للنفي» (6).

وهذه المقولة تُورَدُ مورد الحقيقة المُسَلَّم بها، بلا نقاش وبلا جدال؛ لأَنَّها حقيقة «معروفة ولازمة ومقطوع بها» عند كثير من العلماء:

• يقول ابن الحاجب: «

؛ فيؤدي إلى معنى الإثبات؛ إذ نفي النفي إثبات قطعًا») (7).

(1) د. رمضان عبد التواب: التطور اللغويّ، ص 11 ــ 12.

(2)

معاني الأبنية في العَرَبِيَّة: دار عمار، الأردن، ط 2، ) 2007 م (، ص 118

(3)

السابق: 121

(4)

يُنْظَر على سبيل المثال: عباس حسن: النحو الوافي، 1/ 562، 1/ 603

(5)

أبو البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري: الإنصاف في مسائل الخلاف، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار الطلائع، القاهرة، ) بدون تاريخ للطبعة (، 2/ 175

(6)

أبو العرفان محمد بن علي الصبان: حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفِيَّة ابن مالك، دار الكتب العلمِيَّة بيروت ــ لبنان، ط 1) 1997 م (، 1/ 363

(7)

أمالي ابن الحاجب: ت: د. فخر صالح سليمان، دار عمار، الأردن، ط 1، ) 1989 م (، 1/ 146

ص: 62

• وجاء في حاشية الصَّبَّان: «ونفي النفي يستلزم الثبوت» ) (1).

• ويقول الأستاذ عباس حسن: «

ومثل نفي آخر بعده يزيل أثره، ويجعل الكلام مثبتا؛ لأَنَّ نفي النفي إثبات كما هو معروف») (2).

• ومن المفسرين من قال: «ومن المعلوم أَنَّ نفي النفي إثبات» ) (3).

والحق أَنَّ هذه العبارة تتردِّدُ بكثرة في كثير من المصادر والمراجع.

ولَعلَّ أول من تنبَّه لعدم دِقَّة هذه المعلومة وأنَّ فيها نظرًا العلامةُ محمد محيي الدين عبد الحميد (4) ــ طيَّب الله ثراه ــ في كتابه «الانتصاف من الإنصاف» الذي طبع على هامش كتاب

«الإنصاف في مسائل الخلاف» ، فقال ــ رحمه الله ــ في نقد هذه المقولة: «هذه مغالطة ظاهرة، لا يجوز أَنْ تأخذ بها، ولا أَنْ تجدها صحيحة

،

وذلك لأَنَّ النفي إذا دخل على النفي لا يكون الكلام إيجابًا على الإطلاق، وبيان هذا أَنَّ النفي الداخل على النفي يكون على أحد وجهين: الأول: أَنْ يكون المراد به نفي النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام إثباتا وإيجابا؛ لأَنَّ نفي النفي إيجاب، والوجه الثاني: أَنْ يكون المراد بالنفي الثاني تأكيد النفي الأول، وحينئذ يكون الكلام نفيًا مؤكدًا، ولا يكون إثباتا أصلا، وذلك وارد) أي يشبه (في التوكيد اللفظي فإِنَّهُ إعادة اللفظ الأول بنفسه أو بمرادفه» (5).

وبالتأكيد لا نقول إِنَّ نفي النفي يفيد التوكيد وهو الوجه الثاني الذي أشار إليه الشيخ محيي الدين إلا بالاعتماد على سياق الحال. وهذا ما يؤكده د. إبراهيم أنيس عند حديثه عن النفي اللغويّ

(1) 2/ 22

(2)

النحو الوافي: 4/ 356

(3)

الإمام البقاعي: نظم الدرر في تناسب الآيات والسور، دار الكتاب الإسلامي، القاهرة، ط 1، ) بدون تاريخ للطبعة (، 9/ 327

(4)

العلامة شيخ العلماء المحققين الدءوبين، ولد في 23/ 9/ 1900 م، توفي في 30/ 12/ 1972 م، شغل العديد من المناصب العلمِيَّة، يمثل فلسفة لغَوِيَّة لها منهجها ودقتها وعمقها، عني بكتب التراث وتحقيقها تحقيقا علميا دقيقا وهو أشهر شارح ومفسر لكتب القدماء في مختلف فنون العلم. يُنْظَر ترجمة وافية عنه: د. محمد رجب الفيومي: النهضة الإسلامية في سير أعلامها المعاصرين، مجمع البحوث الإسلامية ــ الأزهر، القاهرة، ) 1984 م (، 4/ 164

(5)

الانتصاف من الإنصاف، على هامش الإنصاف في مسائل الخلاف، طبعة دار الطلائع، القاهرة، ) بدون تاريخ للطبعة (، 2/ 175

ص: 63

فقال إِنَّ: «المُتَكَلِّم يريد أَنْ ينفي جملة من الجمل أو معنى من المعاني وقد تدفعه حالته النفسِيَّة أو ظروف الكلام إلى تأكيد هذا النفي؛ فيكرر أداة النفي مثنى وثلاث ورباع» (1).

بل إِنَّنَا نفهم من كلام د. أنيس أَنَّهُ يكاد ينفي الوجه الأول من نفي النفي حين يقول:

«فاللغات حين تكرر الأداة في موضع ما من الجملة إِنَّمَا تهدف إلى توكيد فكرة النفي لا إلى الإثبات» (2). إِنَّ مسألة نفي النفي مثال جَيِّد على خطورة إهمال السِّياق، وأنَّ إهماله قد يجعل المستمع أو المخاطب يفهم عكس المراد تماما من النَّصّ أو الكلام) (3).

o عدم استيعاب التوجيه النَّحْوِيّ، وصيرورة اللُّغَة إلى فوضى، وإجداب الدراسات اللُّغَوِيَّة:

هذا هو الأمر الثاني من خطورة غياب السِّياق عند التَّقْعِيد. إِنَّ كثيرا من التوجيهات النحوِيَّة والبَلاغِيَّة تعتمد على سياق الحال، ولا يمكن أَنْ يتمَّ هذا التوجيه وفهمه إلا بمعونته. ومثال ذلك:

• كيف يتم استيعاب حذف النعت «صالحة» بعد منعوتها «سفينة» في قوله تعالى: {وَكَانَ وَرَاءَهُمْ مَلِكٌ يَأْخُذُ كُلَّ سَفِينَةٍ غَصْبًا} [الكهف: 79] بدون فهم القصة التي قيلت فيها هذه الآية؟

ومثله قوله: {وَكَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ} الأنعام: 66؛ أي: المعاندون، وقوله:{قَالَ يَانُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ} هود: 46؛ أي: الناجين، {قَالُوا الْآنَ جِئْتَ بِالْحَقِّ} البقرة: 71؛ أي: الواضح، {تُدَمِّرُ كُلَّ

(1) من أسرار اللُّغَة: ص 179

(2)

السابق: ص 179

(3)

جاء في كتاب ((البلاغة العَرَبِيَّة)) لعبد الرحمن بن حسن حبنكة 1/ 192 ما نصه: ((المؤكد الرابع عشر: تكرير النفي، مثل قول الشاعر:

لَا. لَا أَبُوحُ بحُبّ بَثْنَةَ إِنَّهَا

أَخَذَتْ عَلَيَّ مَواثِقًا وَعُهُودًا [بحر الكامل])).

فقد اعتبر صاحب كتاب البلاغة العَرَبِيَّة تكرار النفي نوعا من المؤكدات في العَرَبِيَّة. ومن يتأمَّل تكرار النفي في الشعر يجد أنَّه لإفادة التوكيد على وجه العموم، فمعظم النصوص الشعرِيَّة التي وقعت بين أيدينا وبها تكرار للنفي أفادت التوكيد، مثل قول الشاعر ((مجنون ليلى)):

خَليلَيَّ لا وَاللَهِ لا أَملِكُ الَّذي

قَضى اللَهُ في لَيلى وَلا ما قَضى لِيا [بحر الطويل]

قول الشاعر ((زكي مبارك)):

من أنت لا لن أسمّى من أهيم به

يكفى الذي قد مضى من فضح أشجاني [بحر البسيط]

وقوله: لا لن أبوح بحبي لن أبوح به

إني لأنبت من أركان ثهلان [بحرالبسيط]

ص: 64

شَيْءٍ} الأحقاف: 25؛ أي: سُلِّطَت عليه، وقول النبي ــ صلى الله عليه وسلم ــ «لا صلاة لجار المسجد إلا في المسجد»؛ أي: لا صلاة كاملة.

• قال النُّحَاة: إذا وقع بعد جملة الجواب مضارع مقرون بالواو أو الفاء جاز فيه ثلاثة أوجه إعرابية (1).

ويعلِّق الأستاذ عباس حسن على هذه المسألة وعلى اختيار الوجه المناسب في «النحو الوافي 4/ 477» ، قائلا:«يختار منها المُتَكَلِّم والمعرب ما يناسب السِّياق، ويساير التركيب» . ويضيف في الهامش الأول من نفس هذه الصفحة كلاما نفيسا ومهمًّا جدا. يقول فيه:

«كل وجه من هذه الثلاثة يقوم على اعتبار معنوي خاص به، يخالف الآخر، وواجب المُتَكَلِّم والمعرب اختيار الوجه الإعرابِيّ الذي يقوم على الاعتبار المناسب للسياق، ولما يقتضيه المعنى. ومن الخطأ الزعم أَنَّ هذه الأوجه الثلاثة تصلح لكل أسلوب، وتباح في كل تركيب بغير تقيد بهذا الاعتبار المُعَيَّن الخاص، وإلا صارت اللُّغَة فوضى بسبب محو القيود، أو إهمالها، وإهمال الاعتبارات التي تميز المعاني بعضها من

بعض» (2).

ويفهم من كلام أ / عباس حسن أَنَّه لا يجوز تقديم توجيهات نحوِيَّة طالما أَنَّ هناك قرينة سِيَاقِيَّة تُحَدِّد توجيها مُعَيَّنًا؛ وبمفهوم المخالفة نفهم أَنَّه في غياب القرينة المحدِّدة لمعنى معيَّن يجوز تقديم كل التوجيهات النحوِيَّة والدِّلالِيَّة؛ لأَنَّ هذا مما يثري المعنى؛ فالمُعَوَّلُ عليه القرينةُ في التوجيه فإذا كان «تعَدُّد المعنى يكشف عن عدم كفاية القرائن» ) (3)؛ فَإِنَّ كفاية القرائن تدلُّ على تحديد المعنى

• أساليب التوكيد والحذف والنداء، لا يمكن استيعابها إلا من خلال السِّياق، فأسلوب التوكيد بأشكاله وألفاظه المختلفة وصوره المتنوعة «ذات ارتباط وثيق بالمقام» ، والحذف «في كثير من حالاته يعتمد في تعيينه وفهمه وتحليله على مشاهدة الحال؛ أي المقام وما يلفُّه من ظروف وملابسات اجتماعِيَّة» ، والنداء يعدُّ «كله وما حواه من أحكام وقوانين يمثل ضربا من

(1) الوجه الأول: رفع الفعل المضارع واعتبار الواو والفاء حرفي استئناف، الوجه الثاني: نصب المضارع باعتبار أنَّ الفاء للسببية والواو للمعية، الوجه الثالث: الجزم، باعتبارهما حرفي عطف؛ عطفا الفعل على فعل الشرط.

(2)

يُنْظَر أيضا نصب الفعل المضارع بعد حتى، في مثل قولنا:((سرت حتى أدخل البلد)) فإعراب الفعل ((أدخل)) يتوقَّف على سياق الكلام. ابن عقيل: شرح ابن عقيل على ألفِيَّة ابن مالك، ت: محمد محيي الدين عبد الحميد، دار التراث - القاهرة، ط 20، 1980 م 4/ 11

(3)

د. تَمَّام حسان: البيان في روائع القرآن، 1/ 164

ص: 65

الخطاب الكلامي الذي لا يؤدي دوره في التواصل إلا بوصفه عنصرا من عناصر مسرح اجتماعي يضم مرسلا ومستقبلا أو مخاطبا ومتلقيا» (1).

• دلالة الأفعال على زمن معين مرتبطة بالسِّياق، فدلالة الفعل الماضي مثلا لا تخلص دائما للمضي، فـ «الماضي له أربع حالات من ناحية الزمن، تتعين كل واحدة منها عند عدم قرينة تعارضها» ) (2).

• وكذلك الفعل المضارع) (3).

• عمل بعض المشتقات عمل الفعل مرتبط بالزمن وبالدِّلَالَة على الحال أو الاستقبال، وهذا لا يكون إلا من خلال الوقوف على سياق الحال.

• وهناك كثير من الأمور البَلاغِيَّة التي لا يمكن أَنْ نتذوقها ونتفاعل معها بلاغيا بدون

«الخلفيَّة الثقافيَّة» ) العَقِيدِيّة، الاجتِماعِيَّة،

(التي نمتلكها. من ذلك مثلا:

»

«وضع الخبر موضع الطلب» في قوله تعالى: {يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ} [البقرة: 233]، يقول البلاغيون:«الخبر هنا للأمر» (4).

» وضع الأمر للخبر، مثل قوله تعالى:«فَلْيَضْحَكُوا قَلِيلا وَلْيَبْكُوا كَثِيرًا» [التوبة 82]

«أي: أنهم: سيضحكون قليلا ويبكون كثيرا» ) (5).

(1) د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص 104، 102، 79

(2)

أ/ عباس حسن: النحو الوافي، 1/ 51 ــ 52، وهناك من الباحثين من أوصل دلالة الفعل الماضي إلى تسع عشرة دلالة. يقول د. فاضل السامرائي في كتابه ((معاني النحو)) تحت عنوان الفعل الماضي أزمنته ص 308 وما بعدها:((يستعمل الفعل الماض للدلالة على أزمنة متعددة أشهرها: 1 ــ الماضي المطلق، 2 ــ الماضي المنقطع، 3 ــ الماضي القريب، 4 ــ الدِّلَالَة على حدث ماض بالنسبة إلى حدث ماض قبله، 5 ــ الدِّلَالَة على الحال 6 ــ الدِّلَالَة على الاستقبال، 7 ــ احتمال المضي والاستقبال، 8 ــ توقع الحدث في الماضي، 9 ــ الدِّلَالَة على الاستقبال في الماضي، 10 ــ الماضي الحاصل في المستقبل، 11 ــ الماضي المستمر، 12 ــ الماضي المستمر المنقطع، 13 ــ استمرار الفعل واتصاله بزمن الإخبار، 14 ــ مقاربة حصول الفعل 15 ــ رجاء حصول الفعل، 16 ــ شروع القيام بالفعل، 17 ــ تلبس حصول الفعل بوقت من الأوقات، 18 ــ قد تؤخذ من ألفاظ الأوقات أفعال للدلالة على الدخول في زمن معين؛ وذلك نحو: أفجر، بعنى دخل الفجر .... ، 19 ــ تقليل حصول الفعل)).

(3)

السابق: 1/ 57

(4)

د. أحمد مطلوب: معجم المصطلحات الأدبيَّة وتطورها، مكتبة لبنان ناشرون، بيروت، ط 2، (2007 م)، ص 673 ــ 674

(5)

د. أحمد مطلوب: معجم المصطلحات الأدبيَّة وتطورها، 1/ 321 طبعة المجمع العلمي العراقي.

ص: 66

o تَفَكُّك أوصال النَّصّ:

إن وجود السِّياق «يسهل عَمَلِيَّة ربط الكلام وبناء النَّصّ بناء محكما في بدئه وخاتمته والحبكة بينهما» (1). وبمفهوم المخالفة فَإِنَّ عدم وجود السِّياق يؤدي إلى عكس ما سبق.

ومن الأمور التي اهتَمَّ بها علماء «نحو النَّصّ» قضيَّة «الاتساق النصي ووسائله» ، واهتموا بوجه خاص بما أسموه بـ «الإحالة Reference» كإحدى الوسائل المُهِمَّة لتحقيق هذا الاتساق أو السبك Cohesion . وأشاروا إلى عدة أنواع من الإحالة:«إحالة نصية) داخل النَّصّ (، إحالة مقامية) خارج النَّصّ (، إحالة بينية» ) (2).

وقالوا عن «الإحالة خارج النَّصّ» : «إِنَّنَا في بعض الأحيان نجد أَنَّ الإحالة لا تصدق على شيء داخل النَّصّ، بل تمتد إلى شيء خارج النَّصّ؛ مِمَّا يدلُّ على وجود علاقات متشابكة ومتفاعلة بين اللُّغَة والمواقف الاجتِماعِيَّة والثقافيَّة العامَّة، بل بينها وبين الخطاب بشكل عام؛ لأَنَّ الإحالة تقوم على مبدأ التفاعل بين المتلقي والنَّصّ والمواقف العامة الخارجة عن النَّصّ، وبدون هذا التفاعل يصير الانتفاع بقراءة النَّصّ شيئا غير مؤكد، أو ربما غير موجود» ) (3).

o الوقوع في مأزق عَقِيدِيّ خاصة عند التعامل مع الآيات القُرْآنِيَّة والأحاديث النبَوِيَّة الصحيحة:

سبق أَنْ أشرنا إلى ما قاله د. بدراوي زهران من أَنَّ عبد القاهر «انتهى إلى أَنَّ التأويلات النحوِيَّة المنبثقة عن التقديرات العقلِيَّة فقط تغفل طبيعة اللُّغَة وتسيء إلى فهمها إساءة شديدة، بل الأكثر من ذلك أَنَّها قد توقعهم في ضلالة كبيرة، وقد تقودهم إلى الكفر والعياذ بالله» (4).

إِنَّ هذه النتيجة وحدها كفيلة بأن تلفت بشِدَّة الانتباه إلى سياق الحال ومدى ما يمكن أَنْ يُقَدِّمه للنص قيد التحليل.

****

(1) د. محمد التونجي: المعجم المُفَصّل في الأدب، ص 535

(2)

د. أحمد عفيفي: الإحالة في نحو النص دراسة في الدِّلَالَة والوظيفة، بحث ضمن الكتاب التذكاري: العَرَبِيَّة بين نحو الجملة ونحو النص، القاهرة، ) 2005 م (، 2/ 549

(3)

السابق، 2/ 543

(4)

(من قضايا اللُّغَة وجوب تحليل البناء اللغويّ من خلال مسرح الحدث الذي دار عليه)): د. بدراوي زهران، مجلة مجمع اللُّغَة ع 50، ص 110 وينظر مناقشة عبد القاهر لقوله تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ} التوبة: 30. الدلائل: 375

ص: 67

- النصوص المعتمد عليها في التَّقْعِيد:

من الأمور التي تستحق فضل بيان وإلقاء بعض الضوء عليها في هذا التمهيد الإشارة إلى طبيعة النصوص المعتمد عليها في التَّقْعِيد النَّحْوِيّ في العربِيَّة ونقول: إِنَّ أنماط النصوص التي اعتمد عليها النُّحَاة عند تقعيدهم هي: الآيات القُرْآنِيَّة، كلام العرب: شعره ونثره، وأحيانا الحديث النبوي للائتناس والاسترشاد. وأول ما نَوَدّ إثباته هنا أَنَّه إذا كان الكلام العادي مرتبط بالسِّياق بطبيعته، فأنماط هذه النصوص أشد ارتباطا به.

فالقرآن الكريم ــ الذي يأتي على قمة اللسان العربي من حيث «انتظامه خواص العربِيَّة ومميزاتها: قواعد وتراكيب وعلم نظم وأسلوب ــ بُلِّغَ إلى الرسول ــ صلى الله عليه وسلم ــ منطوقا منجَّمًا بحسب الأحوال والظروف، وموزعة آياته وسوره على الزمان والمكان» (1)، وهو «جاء على ما يقع في أنفس المخلوقين من السؤال

[و] خوطب [به العرب] بما يتعارفونه، وسلك باللطف معهم المسلك الذي يسلكونه» (2).

والشعر وارتباطه بالسِّياق الذي يقال فيه لا يحتاج إلى بيان؛ فكل «شاعر أو ناثر يصدر عن ذات نفسه وفقا لثقافته وحياته الاجتِماعِيَّة، ووفقا للغرض الذي يتناوله، والمقام أو المسرح اللغويّ الاجتماعِيّ المُعَيَّن» ، وأَيَّة رسالة أدبيَّة شعرِيَّة أو نثرِيَّة تفرض أَنْ «يطعم المرسِل) الناثر أو

الشاعر (أو أَنْ يلون رسالته بألوان لغَوِيَّة جديدة، بوصفها أوقع في نفس المستقبل وأقرب إلى موقعه الثقافي الاجتماعِيّ، ويستوي في ذلك أَنْ تكونَ هذه الألوان صوتيَّة أو صرفِيَّة أو نحوِيَّة» (3).

والحديث النبوي «كان موجَّها إلى الناس أجمعين، بكل فئاتهم وطبقاتهم وبيئاتهم الثقافيَّة والاجتِماعِيَّة

فكان من الطبيعي أَنْ تأتي كلماته وأساليبه مطابقة للظروف والحال والغرض الذي يقصد إرساله أو التعبير عنه أو توصيله إلى الناس» (4).

ومن النصوص المُهِمَّة التي ذكرها العلماء عن سيبويه ما رواه البغدادِيّ في خزانة الأدب عن الأخفش الأصغر على بن سليمان إذ يقول: «وعمل سيبويه كتابه على لغة العرب وخطبها وبلاغتها فجعل فيه بيتا مشروحا وجعل فيه مشتبها ليكون لمن استنبط ونظر فضلٌ» (5).

(1) د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص 72

(2)

عبد القاهر الجرجاني: دلائل الإعجاز، ص 240

(3)

د. كمال بشر: علم اللُّغَة الاجتماعِيّ، ص 74

(4)

السابق، ص 71

(5)

خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب، ت: عبد السلام هارون، مكتبة الخانجي، القاهرة، ط 4، 1/ 372

ص: 68

وتستوقف القارئ كلمة البغدادِيّ في هذا النَّصّ «وخطبها وبلاغتها» ، وهي عبارة مثيرة تثير التساؤل فما المقصود بأن سيبويه عمل كتابه على لغة العرب وخطبها وبلاغتها؟

يمكن تفسير هذه اللفظة في ضوء سياقها الذي وردت فيه بأنَّ سيبويه اعتمد عند تقعيده على لغة العرب وخطبها وعلى النصوص البليغة التي يطابق فيها الكلام مقتضى الحال. وفي هذا ولا شك إشارة للعنصر الاجتماعِيّ سياق الحال الذي اعتمد عليه سيبويه.

****

- القواعد العلميَّة المراعاة عند تقعيد القاعدة:

ومما أَجِدُهُ واجب الإشارة إليه في هذا التمهيد الحديث عن القواعد العلميَّة المراعاة عند تقعيد القاعدة. والإشارة هنا إشارة معيارية؛ بمعنى أَنَّها ستكون المعيار الذي نحتكم إليه عند مناقشتنا لدور السِّياق في التَّقْعِيد والتوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه؛ لإظهار مدى «علمِيَّة» ما نقوله.

من خلال ما سبق، وما أقرَّهُ العلماء يمكن أَنْ نضع بعض الشروط للوصول إلى قاعدة لغَوِيَّة سليمة، منها:

1 ــ ملاحظة مسرح الحدث اللغويّ والعنصر الاجتماعِيّ:

ينبغي عند التَّقْعِيد ملاحظة الجانب الاجتماعِيّ ومسرح الحدث اللغويّ؛ فإهماله يؤدي إلى اضطراب القاعدة، وإشاعة الفوضي كما بيَّنا. كما أَنَّ اعتباره أيضا يقلِّلُ من اختلافات النُّحَاة في التوجيهات الإعرابِيّة والنحوِيَّة.

ويرسِّخ هذا المعنى علمٌ من أعلام العربِيَّة هو أبو حيان في مقابساته عند تفريقه بين النحو والمنطق، فيؤكد أَنَّ «النحو»:

•• «يرتب اللفظ ترتيبًا يؤدي إلى الحق المعروف أو إلى العادة الجارية» .

•• «والشهادة في النحو مأخوذة من العرف» .

•• «ودليل النحو طباعي» .

•• «والنحو يتبع ما في طباع العرب، وقد يعتريه الاختلاف» .

•• «والنحو تحقيق المعنى باللفظ، والمنطق تحقيق المعنى بالعقل» .

•• «والنحو يدخل المنطق، ولكن مرتبًا له، والمنطق يدخل النحو، ولكن محققًا له» .

•• «والنحو أشد التحامًا بالطبع» .

•• «والنحو شكل سمعي، والمنطق شكل عقلي» .

ص: 69

•• «وشهادة النحو طباعية، وشهادة المنطق عقلية» (1).

كل ما سبق من أقوال أبي حيان مُؤَدّاه أَنَّ القاعدة يجب أَنْ تؤخذ من «العرف وعادة أصحاب

اللُّغَة، فما تعودوه من أساليب التعبير، وما جرت به ألسنتهم، وما ألفوه في كلامهم من طرق مُعَيَّنَة في التعبير بالألفاظ؛ كل هذا هو المصدر الوحيد لنحو كل لغة» (2).

ويتأكَّد لدينا أهمية ملاحظة مسرح الحدث اللغوي والجانب الاجتماعي إذا نظرنا إلى كتب القواعد الحديثة في اللُّغَة الإنجليزية، فسنجد هذه الكتب تهتم برسم مسرح للحدث اللغويّ قبل الشروع في شرح القاعدة من خلال «الرسوم الكاريكاتورية والصور الفوتوغرافية» ، وبين يدي كتابان من أشهر كتب القواعد الإنجليزية المتداولة بين المتخصصين في اللُّغَة الإنجليزية يعتمدان هذه التقنية، وهما:

- English Grammar In Use، Raymond Murphy ، Cambridge University

Press .

- Oxford Practice Grammar، John Eastwood ، Oxford University Press .

من يتصفح هذين الكتابين يجد الرسوم والصور الفوتوغرافية مبثوثة فيهما من أول الكتابين إلى آخرهما وليُنظَر الكتاب الأول على سبيل المثال عند شرحه للأزمنة في اللُّغَة الإنجليزية.

إن استغلال الرسوم والصور في شرح القاعدة أمر يتَّجه إليه الشارحون للقواعد في مختلف اللغات؛ لأَنَّه أمر يسهل الشرح ويثبت القاعدة في الأذهان) (3). والصورة «لم تعد تساوي ألف كلمة ــ كما جاء في القول الصيني المأثور ــ بل صارت بمليون كلمة، وربما أكثر. لقد أصبحت الصور مرتبطة الآن على نحو لم يسبق له مثيل، بكل جوانب حياة الإنسان» ) (4). لقد «ساهمت علوم الصورة وتقنياتها وتجلياتها في عمليات التربية والتعليم من خلال الصور التوضيحية والرسوم

(1) يُنْظَر: المقابسات: ت: حسن السندوبي، الهيئة المصريَّة ــ مكتبة الأسرة، القاهرة، ط 1، ) 2006 م (، المقابسة 22، ص 171 وما بعدها

(2)

د. إبراهيم أنيس: من أسرار اللُّغَة، ص 137

(3)

ولم يقتصر أمر استغلال الرسوم والصور في اللُّغَة الإنجليزية على كتب القواعد فقط بل انتقلت إلى المعاجم اللُّغَوِيَّة، التي أصبحت مملوءة بالصور الملونة اللامعة التي تشد الانتباه شدا وتغري بالاقتناء لجودة طباعتها ورخص أثمانها، أذكر من هذه المعاجم التي بين يدي:

Collins Cobuild Intermediate Dictionary of English ، Thomson ELT، 2008

Oxford Wordpower Dictionary، Oxford University Press، 2006

Longman Active Study Dictionary، Longman، 2002

(4)

د. شاكر عبد الحميد: عصر الصورة، سلسلة عالم المعرفة، الكويت، يناير 2005 م، ع 311، ص 7

ص: 70

المصاحبة للكلمات، أو من خلال تقنيات الفيديو والسينما، وأجهزة عرض البيانات») (1). ونتيجة لذلك «ينصح كثير من خبراء التربية والتعليم بأهمية المزواجة بين الكلمة والصورة في المراحل المختلفة لتعليم الصغار والكبار أيضا» ) (2).

ونتمنى أَنْ تطبق تلك التقنية في كتب القواعد للناشئة. وإن شاء الله فيما يلي سنبيِّنُ أَنَّ سيبويه في بعض الأحيان كان يهتمُّ برسم مسرح لغوي بسيط ــ حواري غالبا ــ قبل إقرار القاعدة.

2 ــ الاعتماد على الأكثر:

فما كثر شيوعه وزادت نسبة وروده يُقاس عليه، وتؤسس عليه القاعدة، ويستنبط منها الصحيح المقبول «وتلك هي الطريقة العلميَّة الحديثة في تقعيد القواعد، واستخراج مسائل اللُّغَة» (3).

3 ــ الاعتماد على القياس الاستقرائي:

وهو الذي يكون فيه «الانتقال من الجزئيّات إلى الكليّات، وهو الأصلح في تقعيد القواعد» (4). ولذلك لعله من أفضل التعريفات التي نراها معبِّرة عن علم النحو التعريف الذي يقال فيه: «النحو في الاصطلاح هو العلم المستخرج بالمقاييس المستنبطة من استقراء كلام العرب الموصِّلة إلى معرفة أحكام أجزائه التي ائتلف منها» ) (5).

***

(1) السابق: 8

(2)

السابق: 154

(3)

السابق: ص 11

(4)

السابق: ص 30

(5)

أبو العرفان محمد بن علي الصبان: حاشية الصبان على شرح الأشمونى لألفِيَّة ابن مالك، دار الكتب العلمِيَّة، بيروت، ط 1، ) 1997 م (، 1/ 23

ص: 71

الفصل الأول

السياق والمنهج عند سيبويه

- المبحث الأول: سيبويه والسِّياق:

o سيبويه يقوم بالتَّقْعِيد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ من خلال النصوص الحَيَّة المنطوقة.

o اعتبار سيبويه للسياق.

o المُتَكَلِّم والمخاطب أبرز عناصر سياق الحال التي اهتَمَّ بها سيبويه.

- المبحث الثاني: خطوات إجرائِيَّة ومنهجِيَّة قبل التقيعد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه:

o تصنيف اللُّغَة إلى تراكيب نمطِيَّة مُجَرَّدة.

o الإحصاء العددي للتراكيب النَّمَطِيَّة.

o تَتَبُّع التركيب اللغويّ المُعَيَّن قيد البحث في السِّياقات المختلفة وربطه بدلالة السِّياق إِنْ وجدت.

o معايشة التراكيب اللُّغَوِيَّة في نصوصها المنطوقة.

ص: 72