المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌ح - سياق الحال ودلالة المشتقات: - قرينة السياق ودورها في التقعيد النحوي والتوجيه الإعرابي في كتاب سيبويه

[إيهاب سلامة]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ الدراسات السابقة:

- ‌ منهج البحث في أثناء الدراسة:

- ‌ خطة البحث

- ‌تمهيد

- ‌ ترجمة سيبويه

- ‌ الاسم والنشأة والوفاة:

- ‌ أسفاره العلميَّة:

- ‌ شيوخه:

- ‌ منزلة سيبويه العلميَّة:

- ‌ كتاب سيبويه:

- ‌ وقت تأليفه:

- ‌ القيمة العلميَّة للكتاب:

- ‌ منهج الكتاب:

- ‌ أهم المصطلحات المستخدمة في البحث:

- ‌ المصطلح الأول ((…السِّياق)):

- ‌ المصطلح الثاني ((…التَّقْعِيدالنَّحْوِيّ)):

- ‌ المصطلح الثالث ((…التوجيه الإعرابِيّ)):

- ‌ المصطلح الرابع ((…الأصل)):

- ‌ المصطلحات ((…الغالب، الكثير، القليل، الضعيف، الشاذ، الردئ

- ‌الفصل الأول: السياق والمنهج عند سيبويه

- ‌مقدمة:

- ‌المبحث الأول: سيبويه والسِّياق:

- ‌ سيبويه يقوم بالتَّقْعِيدالنَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ من خلال النصوص الحَيَّة المنطوقة:

- ‌اعتبار سيبويه للسياق:

- ‌المخاطب والمُتَكَلِّم أبرز عناصر سياق الحال التي اهتَمَّ بها سيبويه:

- ‌ المبحث الثاني: خطوات إجرائِيَّة ومنهجِيَّة قبل التقيعد النَّحْوِيّ والتوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه:

- ‌1 ــ تصنيف اللُّغَة إلى تراكيب نمطِيَّة مُجَرَّدة:

- ‌2 ــ الإحصاء العددي للتراكيب النَّمَطِيَّة:

- ‌3 ــ تتَبُّع التركيب اللغويّ المُعَيَّن قيد البحث في السِّياقات المختلفة وربطه بدلالة السِّياق إِنْ وجدت:

- ‌4 ــ معايشة التراكيب اللُّغَوِيَّة في نصوصها المنطوقة:

- ‌الفصل الثاني: دور سياق الحال في التوجيه الإعرابِيّ عند سيبويه

- ‌1 ــ المبحث الأول: أهمِيَّة سياق الحال في التوجيهات الإعرابِيّة عند سيبويه:

- ‌أوجود تراكيب نحوِيَّة لا يصِحُّ تركيبُها ولا تصِحُّ كينونتُها وبالتالي لا يصِحُّ توجيهها نحويا إلا إذا قامت قرينة من سياق الحال تُصَحِّحُها:

- ‌ب وجود تراكيب نحوِيَّة توجَّه في إطار معرفة قرينة السِّياق:

- ‌ت يستعين به أحيانا في شرح توجيهه:

- ‌ث يفسِّرُ بالسِّياق مَرْجِعِيَّة الضمير:

- ‌ج خطورة عدم الاعتداد بقرينة السِّياق وأثره في التوجيه:

- ‌2 ــ المبحث الثاني: إثراء السِّياق للتوجيهات الإعرابِيّة والدِّلالِيَّة:

- ‌ حال المُتَكَلِّم ودوره في التوجيه الإعرابِيّ وإثرائه:

- ‌ المخاطب ودوره في التوجيه الإعرابِيّ وإثرائه:

- ‌3 ــ المبحث الثالث: تَحَرُّك سيبويه بحُرِّيَّة في توجيهاته النحوِيَّة في حالة عدم اللَّبس:

- ‌الفصل الثالث: دور السِّياق في التَّقْعِيد النَّحْوِيّ عند سيبويه

- ‌المبحث الأول: سياق الحال والجملة الاسمِيَّة:

- ‌ السِّياق والابتداء بالمعرفة:

- ‌ الحذف في الجملة الاسمِيَّة وسياق الحال:

- ‌ قرينة السِّياق والحال النَّحْوِيّ:

- ‌المبحث الثاني: سياق الحال والجملة الفعلِيَّة وما يتعلق بها:

- ‌ سياق الحال يُؤَثِّر في كينونة الجملة الفعلِيَّة أيضا:

- ‌ الترتيب بين العناصر المكوِّنة للجملة الفعلِيَّة:

- ‌ السِّياق وإعمال اسم الفاعل عمل الفعل:

- ‌ نواصب الفعل المضارع:

- ‌ المفعول المطلق:

- ‌ دور قرينة السِّياق في إعمال ظن وأخواتها أو إلغاء عملها:

- ‌ الحذف في الجملة الفعلِيَّة:

- ‌المبحث الثالث: سياق الحال والتوابع:

- ‌ أولا البدل:

- ‌ ثانيا التوكيد:

- ‌ ثالثا النعت:

- ‌ رابعا العطف:

- ‌المبحث الرابع: سياق الحال والأساليب النحوِيَّة:

- ‌1 ــ أسلوب الاستفهام:

- ‌2 ــ أسلوب النفي:

- ‌3 ــ أسلوب التفضيل:

- ‌4 ــ أسلوب النداء:

- ‌5 ــ أسلوب التحذير والإغراء والاختصاص:

- ‌6 ــ أسلوب الاستثناء:

- ‌7 ــ أسلوب القسم:

- ‌8 ــ النصب على التعظيم أو الذم:

- ‌المبحث الخامس: سياق الحال والأدوات النحوِيَّة:

- ‌ المبحث السادس: سياق الحال والتنوين والتنكير والتعريف:

- ‌الفصل الرابع: سياق الحال والقواعد الصَّرْفِيَّة

- ‌ المبحث الأول: سياق الحال ودلالة الفعل الزَّمَنِيَّة والمصادر والمشتقات

- ‌أ - سياق الحال والدِّلَالَة الزَّمَنِيَّة للفعل:

- ‌ج - سياق الحال ودلالة أوزان المصدر:

- ‌ح - سياق الحال ودلالة المشتقات:

- ‌ المبحث الثاني: سياق الحال ومعاني الأوزان الصَّرْفِيَّة:

- ‌الفصل الخامسالسِّياق وسيبويه والنظَرِيَّةالنحوِيَّة

- ‌ المبحث الأول:‌‌ تعريف مصطلح النظَرِيَّة، وأهم خصائص النظَرِيَّةالعلميَّة:

- ‌ تعريف مصطلح النظَرِيَّة

- ‌ أهم خصائص النظَرِيَّة العلميَّة:

- ‌ المبحث الثاني:‌‌ النظَرِيَّة النحوِيَّة السِّياقِيَّة:

- ‌ النظَرِيَّة النحوِيَّة السِّياقِيَّة:

- ‌ نقد نظَرِيَّة العامل:

- ‌الخاتمة

- ‌قائمة المصادر والمراجع

- ‌أولا ـ المصادر والمراجع العربِيَّة

- ‌ثانيا المراجع الأجنبية

- ‌ثالثا: المجلات والدوريات

- ‌ملخص الرسالة

الفصل: ‌ح - سياق الحال ودلالة المشتقات:

ولا بد عند استبعاد دلالة الهيئة من هذا الوزن استحضار السِّياق واللجوء إليه، فعليه المعول في هذا، وسيبويه وإن لم يشر إلى دور السِّياق في تحديد هذه الدِّلَالَة فهو مفهوم ضمنا.

ومن النتائج التي خرج بها سيبويه من خلال المنهج الذي اتبعه في كتابه أَنَّ المصدر قد يأتي في بعض الأحيان دالا على الكثرة. يقول في باب «ما جاء من المصادر وفيه ألف التأنيث» :

«وأما الفِعِّيلَي فتجيء على وجهٍ آخر تقول: كان بينهم رِمِّيَّا، فليس يريد قوله: رميا، ولَكِنَّه يريد ما كان بينهم من الترامي وكثرة الرمي، ولا يكون الرِّمِّيَّا واحدًا. وكذلك الحِجِّيزَي. وأما الحِثِّيثَي فكثرة الحث كما أَنَّ الرِّمِّيَّا كثرة الرمي، ولا يكون من واحد. وأما الدِلِّيلَي فَإِنَّما يراد به كثرة علمه بالدِّلَالَة ورسوخه فيها. وكذلك القِتِّيتَي، والهِجِّيرَي: كثرة الكلام والقول بالشيء. والخِلِّيفَي: كثرة تشاغله بالخلافة وامتداد أيامه فيها» (1).

فالمصدر «الفِعِّيلَي» من خلال تتَبُّعه في النصوص المختلفة دلَّ عنده على الكثرة.

ومن خلال منهجه التتَبُّعي للألفاظ في سياقاتها يرصد دلالة لازمة لبعض المصادر. فيقول: «ومما جرى مجرى الدعاء مما هو تطلُّقٌ عند طلب الحاجة وبشاشة، نحو كرامة ومسرة ونُعمةَ

عين» (2)

***

‌ح - سياق الحال ودلالة المشتقات:

1 ــ اسم الفاعل:

من الجوانب التي يتصل فيها سياق الحال باسم الفاعل العامل تحديده لدلالته الزَّمَنِيَّة: الحالِيَّة أو المستقبلِيَّة. فتحديد هذه الدِّلَالَة يتوقَّف عليه. يقول: «من ذلك: مررتُ برجلٍ ضاربك، فهو نعت على أَنَّهُ سيَضربه

، وذلك قولُك: مررتُ برجلٍ ضاربه رجل؛ فإنْ شئت حملتَه على أَنَّهُ سيفَعل، وإن شئتَ على أنَّك مررت به وهو فى حالِ عملٍ، وذلك قوله عز وجل:{هَذَا عَارِضٌ مُمْطِرُنَا} ») (3). ويقول السيرافي شارحا العبارة السابقة: «والنكرات ينعت بها، نحو: مررت برجل ضاربه رجل؛ فهو بمعنى يضربه في الحال أو تعني سيضرب» ) (4).

(1) سيبويه: الكتاب، 4/ 41

(2)

سيبويه: الكتاب، 2/ 302

(3)

سيبويه: الكتاب، 1/ 425

(4)

سيبويه: الكتاب، 1/ 425 الحاشية ذات الرَّقْم 1

ص: 336

ويؤكد على هذه الدِّلَالَة الزَّمَنِيَّة مع اسم الفاعل بشكل آخر عند حديثه عن «تصغير اسم الفاعل» . فيقول: «واعلم أنَّك لا تحقِّر الاسم إذا كان بمنزلة الفعل، ألا ترى أَنَّهُ قبيح: هو ضويربٌ زيدًا، وهو ضويربٌ زيدٍ، إذا أردت بضارب زيدٍ التنوين. وإن كان ضارب زيدٍ لما مضى فتصغيره جَيِّد» ) (1).

فإذا أراد المُتَكَلِّم بـ «ضارب زيد» التنوين ــ أي المستقبل ــ قبح التصغير، وإن أراد المضي، فالتصغير جَيِّد. أي أَنَّ صيغة التصغير هنا تتوقف على السِّياق الذي ترد فيه الجملة. ويكون قبح تصغير اسم الفاعل أو جودته مرتبطا بالزمن؟

وقد يثور سؤال: لماذا يقبح تصغير اسم الفاعل إذا دَلَّ على المستقبل ويجود إذا دَلَّ على الماضي؟

يمكن أَنْ نقول إِنَّ القبح أو الجودة مرتبطان هنا بدلالة اسم الفاعل على الزمن، والأغراض التي يأتي لها التصغير متعددة، مثل: التحقير، وتقليل جسم الشيء وذاته، وتقليل الكمية والعدد، وتقريب الزمان والمكان، والتحبب، وإظهار الود، والترحم، والتعظيم) (2). وكل هذه الأغراض تتطلب سياقا يسبقها، سياقا تكوَّنت فيه للمتكلم خبرة مُعَيَّنَة جعلته يستخدم التصغير؛ فأنا لا أحقر أو أتحبَّبُ أو أظهر الودَّ أو أترحم أو أعظم لـ «مَنْ» أو «ما» لا أعلمه سلفا، فنحن لا نترحم عقلا على شيء سيقع في المستقبل لم نعلمه بعد، ولا نعظم من لا نعرفه سلفا. ونحن لن نقلل كمية أو عددا لم نرها أو نره، ولن أقرب زمانا أو مكانا لم أعش فيه، فكل هذا يتطلب خبرة اجتماعِيَّة تجعلني أحكم بهذا.

وأشار العلماء إلى أَنَّ المشتقات عموما ومن بينها اسم الفاعل قد تحل محل المصدر، كما جاء في شرح التسهيل:«وقد يقوم مقام المصادر صفات مقصود بها الحالِيَّة على سبيل التوكيد، نحو عائذا بالله من شرها، وهنيئا لك، وأقاعدا وقد سار الركبُ» ) (3).

إن قولنا: «عائذا بالله من شرها» يجري مجرى «عِياذا بالله» . والسبب الذي جعل العلماء يقولون إِنَّ المشتقات عموما ومن بينها اسم الفاعل يحل محل المصدر هو بلا شك قرينة سياق

الحال؛ فالمُتَكَلِّم في المثال السابق «عائذا بالله من شرها» لا يتعوذ بالله من شيء في وقت، ويتعوذ به منه في وقت آخر على حسب ما تدل عليه صيغة اسم الفاعل التي تعرف بأنَّها: «الاسم المشتق

(1) سيبويه: الكتاب، 4/ 480

(2)

عباس حسن: النحو الوافي، 4/ 683 ــ 684

(3)

محمد بن عبد الله الطائي: شرح تسهيل الفوائد، ت: د. عبد الرحمن السيد، د. محمد بدوي المختون، هجر للطباعة والنشر، القاهرة، ط 1، ) 1990 م (، 3/ 122

ص: 337

الدال على حدث وذات موصوفة بالقيام بهذا الحدث، بمعنى التجدد والحدوث») (1). على عكس المصدر الذي يدل على الحدث مجردًا من الزمن؛ أي أَنَّ السِّياق يحكم على أَنَّ دلالة «عائذا» في الجملة السابقة هي دلالة مصدرية وليست دلالة اسم الفاعل، فالمؤمن يتعوذ بالله دائما، في كل وقت وفي كل مكان طاهر.

يقرر سيبويه ما أشارنا إليه سابقا فيقول: «ومثل ذلك: عائذًا بالله من شرّها، كأَنَّه رأى شيئًا يُتَّقَى؛ فصار عند نفسه فى حال استعاذةٍ، حتَّى صار بمنزلة الذى رآه فى حال قيامٍ وقُعودٍ، لأنَّهُ يَرَى نفسَه فى تلك الحال

، وإذا ذكرتَ شيئًا من هذا الباب فالفعل متّصِلٌ فى حال ذكرِك وأنت تَعمل فى تثبيته لك أو لغيرك فى حال ذكرِك إيّاه») (2).

إن المُتَكَلِّم عندما يستخدم اسم الفاعل يدلُّ على الظاهر من قوله، فهو لا يستطيع أَنْ يستمر بنطق «التعوذ» دوما في كل حال وفي كل وقت، ولا يستطيع لسانه ذلك، ولكن «قلبه» أو «حال نفسه» ــ كما قال سيبويه ــ دائم التعوذ بالله، لذلك ناسبت صيغة اسم الفاعل حال المُتَكَلِّم الظاهرة، وتكفل سياق الحال بالتعبير عن الحال الباطنة، بصيرورة دلالة اسم الفاعل إلى الدِّلَالَة المصدرية.

2 ــ صيغ المبالغة:

هناك علاقة بين اسم الفاعل وصيغ المبالغة؛ إذ يجوز تحويل صيغة فاعل إلى صيغة أخرى تفيد الكثرة والمبالغة. فاسم الفاعل في جملة: «فلان زارِعٌ فاكهةً» ، يمكن أَنْ تصبح «فلان زَرَّاعٌ فاكهةً» . والفرق بين «زَارِع» و «زَرَّاع» إفادة الثانية الكثرة والمبالغة عن الأولى.

والسؤال: متي يتم الانتقال من صيغة فاعل إلى صيغة مبالغة؟ والإجابة: يتم ذلك عند إرادة المبالغة، وهذا يتطلب سياقا يستدعي ذلك. قال سيبويه:«وأجروا اسمَ الفاعل، إذا أرادوا أَنْ يبالِغوا فى الأمر، مُجراه إذا كان على بناء فاعلٍ؛ لأنَّهُ يريد به ما أراد بفاعل من إيقاع الفعل، إلاّ أَنَّهُ يريد أَنْ يُحدَّثَ عن المبالغة. فمَا هو الأصلُ الذى عليه أكثُر هذا المعنى: فَعولٌ، وفعّال، ومِفْعَال، وفَعِلٌ، وقد جاء: فَعيلٌ كَرحيمٍ وعَليم وقَدير وسَميع وبَصير» ) (3).

3 ــ اسما الزمان والمكان: اسما الزمان والمكان يصاغان من الفعل الثلاثي على «مَفْعَل» أو

«مَفْعِل» . وهاتان الصيغتان مشتركتان بين اسمي الزمان والمكان والمصدر الميمي.

(1) د. محمد عبادة: معجم مصطلحات النحو والصرف، ص 163

(2)

سيبويه: الكتاب، 1/ 341

(3)

سيبويه: الكتاب، 1/ 110

ص: 338

المصدر الميمي هو: «مصدر يدلُّ على المصدر العادي، غير أَنَّهُ يبدأ بميم زائدة مفتوحة. ويصاغ من الفعل الثلاثي على وزن «مَفْعَل» ، نحو: شرب مشرَبا، وأكل مأكَلا

، وإذا كان الفعل مثالا، صحيح اللام، وفاؤه تحذف في المضارع؛ فَإِنَّ مصدره الميمي يكون على وزن

«مَفْعِل» ، نحو: وعد موعِد، وقع موقِعا

ويصاغ من الفعل الثلاثي على وزن الفعل المضارع مع إبدال حرف المضارعة ميما مضمومة، وفتح ما قبل الآخر، نحو: أكرمه يكرمه مُكْرَمًا، هاجر يُهَاجِر مُهَاجَرًا») (1). ومعنى هذا أَنَّ:

- الوزن «مَفْعَل» ــ بفتح العين ــ قد يُعطي دلالة: اسم الزمان، اسم المكان، المصدر الميمي) (2).

- والوزن «مَفْعِل» ــ بكسر العين ــ قد يُعطي دلالة: اسم الزمان، اسم المكان، المصدر الميمي.

- والأوزان التي تمثلها الألفاظ «مُكْرَم، مُهَاجَر، مُسْتخدَم

» ــ بفتح ما قبل الآخر ــ قد يُعطي دلالة: اسم الزمان، اسم المكان، المصدر الميمي) (3).

إلى هذه الدلالات المختلفة يشير سيبويه قائلا: «وأمَّا ما كان يفعل منه مفتوحًا فَإِنَّ اسم المكان يكون مفتوحا، كما كان الفعل مفتوحا. وذلك قولك: شرب يشرب. وتقول للمكان مشربٌ. ولبِس يلبَس، والمكان الملبَس. وإذا أردت المصدر فتحته أيضًا

ويقولون المذهب للمكان.

وتقول: أردت مذهبًا أي ذهابًا فتفتح») (4).

بعد ما سبق يظهر سؤالان: الأول: لماذا يلجأ المُتَكَلِّم إلى المصدر الميمي بدلا من المصدر الأصلي؟ والثاني: كيف يمكن التفريق بين الدلات الثلاث لكل صيغة؟

يتكفل السِّياق بالإجابة عن السؤالين السابقين، فصيغة المصدر الميمي يُأْتى بها في الكلام لأَنَّها تفوق صيغة المصدر الأصلي في «قوة الدِّلَالَة وتأكيدها» ) (5). إِنَّ إرادة المُتَكَلِّم هي التي تتجه به إلى استخدام المصدر الأصلي أو الميمي، فإذا استدعى السِّياق مزيدا من التأكيد لجأ المُتَكَلِّم إلي المصدر الميمي لتحقيق هذه الغاية.

(1) د. إميل بديع يعقوب: معجم الأوزان الصرفِيَّة، ص 246

(2)

ويدل هذا الوزن أيضا على الاسم المعدول) الممنوع من الصرف (، نحو: مَوْحَد، وعليه تُعدل الأعداد من واحد إلى عشرة. ينظر المرجع السابق، ص 252

(3)

من إشارات سيبويه الطريفة أنَّ ((المكان والمصدر يبنى من جميع هذا بناء المفعول، وكان بناء المفعول أولى به لأنَّ المصدر مفعول، والمكان مفعول فيه)). 4/ 95

(4)

سيبويه: الكتاب، 4/ 89

(5)

عباس حسن: النحو الوافي، 3/ 231، وأضاف الأستاذ عباس حسن في الحاشية ذات الرَّقْم 4 أن هذا المصدر قد يفيد بيان السبب.

ص: 339

كما أَنَّ السِّياق هو المرجع الفصل لتحديد دلالة الوزن «مَفْعِل» ، أو «مَفْعَل» . فبدونه يتعذر الوقوف على هذه الدِّلَالَة.

وينبه سيبويه على أَنَّ «التاء» قد تلحق اسمي الزمان والمكان للدلالة على «التكثير» . يقول في باب ((ما يكون مفعلةٌ لازمة لها الهاء والفتحة)): «وذلك إذا أردت أَنْ تكثر الشيء بالمكان، وذلك

قولك: أرضٌ مَسْبَعَةٌ، ومَأْسَدَةٌ، ومَذْأَبَةٌ. وليس في كل شيءٍ يقال إلا أَنْ تقيس شيئًا وتعلم أَنَّ العرب لم تَكَلَّم به») (1).

وهذه القاعدة لا يمكن الوقوف عليها إلا من خلال تتَبُّع هذه الصيغة في السِّياقات المختلفة، وربط هذه الصيغة بدلالة التكثير.

***

(1) سيبويه: الكتاب، 4/ 94

ص: 340