الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إما لأنها تعطي أتباعها الاستقلالية التامة والحرية المنشودة مع ما فيها من كمال وشمول وصلاح ومصلحة.
وإما أنه تسلط محض يراد به الإثارة والبلبلة في المنطقة حتى لا تستقر ويسهل الاصطياد في الأجواء المتعكرة المضطربة.
وأي دكتاتورية في تطبيق الشريعة والكل يعلم من القاصي والداني أنه ما جرى استفتاء في تطبيق الشريعة إلا وكانت الأغلبية تنادي به، ولكن الرجل الأبيض وحده لا يريد ذلك بدعوى حفظ حقوق الأقلية. ويتساءل المتسائل. . أين حقوق الأكثرية في كثير من الدول الأفريقية التي يحكمها أقلية نصرانية متمكنة مسيطرة مدعومة من القوى الخارجية.
الحدود والعقوبات الجسدية:
إن الحدود والعقوبات الجسدية ما هي إلا أحكام تنص عليها الشريعة. كما ينص على مثلها أي قانون في الدنيا باعتبارها جزاءات توقع على المخالفين. ويبقى النظر في المصالح المتحققة من جراء القانون ومدى إعطائه أثره ونتيجته كحافظ للأمن مثبت لاستقرار الناس في معاشهم وتنقلاتهم وأخلاقهم.
وليس من الإنصاف انتزاع مادة من قانون أو حكم من شريعة وإبرازه وكأنه مثلبة في هذا القانون أو ذاك. ولكن نظرة الإنصاف تقتضي النظر إلى النظام كله: شروط الجريمة وتحققها وشروط إيقاع الجزاء وأسباب ذلك. على سبيل المثال في هذه العقوبات المذكورة من القطع والرجم لن تجد في تاريخ الإسلام الطويل تنفيذا لها إلا بعدد لا يجاوز أصابع اليد الواحدة ليس لأنها غير عملية، وإنما من أجل الأمان الذي تحققه الشريعة في صرامة العقوبة ثم الشروط الموضوعة لتطبيقها حيث تدرأ الحدود بالشبهات.
وحتى يكون الأمر أكثر واقعية نستشهد بالواقع المعاصر بقوانينه ونظمه.
إن الأمم المعاصرة وبخاصة دول الغرب قد ملكت أسلحة فتاكة وأجهزة نفاذة
وتقنيات متقدمة ووسائل دقيقة واستكشافات باهرة وبخاصة في مجال الجريمة بحوثا ودراسات وطرقا في الملاحقات وتتبع المجرمين، إضافة إلى التوعية الإعلامية الواسعة للجمهور والاستنارة بالثقافة والتقدم العلمي والوعي المعرفي للأفراد والجماعات. وعلى الرغم من كل ذلك فإن الجريمة تستفحل ويزداد المجرمون عتوا وطغيانا هذا من جهة، ومن جهة أخرى فإن تركيزهم منصب على استصلاح المجرمين وتهذيب الأشرار وقد أرادوا أن يجعلوا من السجون أماكن تهذيب وعنابر إصلاح واعتبروا المجرمين مرضى أحق بالعلاج منهم بالعقاب وألقوا باللائمة على عوامل الوراثة والبيئة والفساد الاجتماعي، وهذا حق لا ينكر، ولكن الأمر ليس مقصورا على هذا الجانب وحده ذلك أن العضو المريض قد تكون المصلحة في بتره حتى لا يسري مرضه إلى الجسم كله وهذا أمر مقرر عقلا وواقعا، والفساد الاجتماعي ما هو إلا من مجموع فساد الأفراد.
أما السجون فقد غلظت فيها قلوب كثير من المجرمين وخرجوا منها في ضراوة أشد وشقاوة أعظم. ومن اليسير أن يتعاون اللصوص والقتلة في رسم الخطط ويجعلوا من السجن مساحات ممهدة للتدارس وتقاسم المهمات يشاركهم في ذلك إخوان لهم في الغي خارج القضبان.
وأنت ملاحظ مدرك أن فكرة الهدف الإصلاحي للمجرمين والمعالجات اللينة قد مضى عليها أكثر من نصف قرن، ومع هذا فالإجرام في تزايد مطرد فما كان هذا الهدف إلا وهما وسرابا.
إن المجتمع الإنساني المعاصر بما فيه من العالم المتحضر قد بلغ ذروة من الاستهتار والاستباحة والاسترخاص للدماء والأموال والأعراض جعلت العقوبات في التشريعات الوضعية ضعيفة هزيلة بجانب سوء صنائع هؤلاء العتاة المجرمين. أي رحمة أو تهذيب يستحقها هؤلاء القتلة والسفاكون، وهل كان هؤلاء رحماء بضحاياهم الأبرياء؟ وهل كانوا رحماء بالمجتمع كله، بل تطور الأمر كما هو مشاهد إلى تطور المجرمين في وسائلهم فصاروا يشكلون العصابات