الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
على تعاطي المخدر أو العقار لأول مرة ثم يعتاده ويتعود عليه، من هذه الأسباب:
أولا: تأثير الحالة الاقتصادية وضغوط المعيشة، فالفقر والحرمان والجوع قد يدفع أحيانا بالإنسان إلى تعاطي المخدر هربا من الآلام وقسوة الحياة.
ثانيا: وفرة المال مع الشباب قد تدفعه إلى تعاطي المخدر من قبيل البذخ واللهو.
ثالثا: حب الاستطلاع والتجربة، ولكن حذار فالتجربة هنا مدمرة.
رابعا: قد يكون السبب في ذلك حب الظهور والميل إلى تقليد الرجال.
خامسا: شغل أوقات الفراغ ومجاراة أصدقاء السوء والصحبة السيئة.
سادسا: المعالجة لبعض الأمراض دون مشورة طبية.
سابعا: الرغبة في زيادة القدرة على العمل أو السهر للمذاكرة وغيرها.
ثامنا: الاعتقاد الخاطئ بعلاقة المخدرات بالجنس.
تاسعا: الاعتقاد الخاطئ بأن المخدرات ليست محرمة شرعا.
عاشرا: وهو السبب الأهم. . ضعف الوازع الديني وعدم اللجوء إلى الله في الشدائد والمحن، فلو تمسك المسلم بدينه وقوي إيمانه بالله لما أقدم على ارتكاب هذه المعصية مهما كانت الظروف ومهما اعترضه من مشاكل الحياة، ففي الإسلام الدواء الناجع لكل مشكلة والشفاء لكل داء.
ثالث عشر: الآثار السلبية المترتبة على تعاطي المخدرات:
المخدرات داء وبيل وشر مستطير وسم ناقع، يفترس كل من يقع في حبائله ويقضي على كثير من مقدرات الأمة وينشر فيها الشر والفساد. ولم يعد خافيا ما أحدثته المخدرات من آثار سلبية في المجتمعات التي استشرت فيها وسوف نوضح في هذه العجالة الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد دينيا واجتماعيا وسلوكيا وصحيا واقتصاديا. ثم الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأسرة، ومن ثم على المجتمع كله.
أولا: الآثار الناجمة عن تعاطي المخدرات على الأفراد دينيا:
جنح الإسلام
في أصوله إلى التزام مبدأ العناية بتهذيب الفرد خاصة حتى يكون مصدر خير للجماعة؛ لأنه إذا صلح الفرد صلحت الجماعة. يقول تعالى مخاطبا رسوله وأنصاره: {فَاسْتَقِمْ كَمَا أُمِرْتَ وَمَنْ تَابَ مَعَكَ وَلَا تَطْغَوْا إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} (1).
وعنوان صلاح الفرد المسلم إنما يكون بامتثاله الأوامر واجتنابه النواهي: {وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ} (2).
وتناول المخدرات يعطل القيام بهذا الأمر العظيم إذ هي صادة عن ذكر الله مانعة من أداء الواجبات الشرعية من صلاة وصيام وغيرهما:
فأي ضرر أعظم من هذا الضرر الذي يصيب الإنسان في دينه ويصده عن عبادة ربه؟ ويكفي متناول المخدرات عقوبة وذنبا أنه لا يحل له قربان المسجد حتى يصحو ولا تصح صلاته حتى يعلم ما يقول، ولا تقبل منه حتى يتوب. عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من شرب الخمر لم تقبل له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب تاب الله عليه فإن عاد في الرابعة لم يقبل الله له صلاة أربعين صباحا فإن تاب لم يتب الله عليه وسقاه من نهر الخبال (4)» قيل: يا أبا عبد الرحمن وما نهر الخبال؟ قال: نهر من صديد أهل النار. أخرجه الترمذي وقال حديث حسن (5).
(1) سورة هود الآية 112
(2)
سورة الذاريات الآية 56
(3)
سورة المائدة الآية 91
(4)
سنن الترمذي الأشربة (1862)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 35).
(5)
جامع الأصول في أحاديث الرسول جـ 5/ 106 حديث رقم 3128.
إن الدين أعز ما يملكه الإنسان؛ لأنه الثروة الحقيقية التي ينال بها الإنسان سعادة الدنيا ونعيم الآخرة، والإنسان الذي يعتني بدينه ويحافظ عليه سيكون في منأى عن تأثير الشيطان وأعوانه، ولا يمكن أن يقع في شرك المخدرات إلا إنسان ضعفت صلته بالله عز وجل، فإذا سقط في مستنقعها أفسدت عليه دينه وعقله، لأنه وقع فريسة لإبليس الذي يحرص على إغوائه فيصبح شخصا لا خلاق له ولا دين له، لأن عقله بات أسير شهواته فلا يردعه وازع من دين أو ضمير لأن إحساسه يتلاشى، وغيرته الدينية تموت بمخالفته أمر الله تعالى وتنكبه الطريق السوي الذي كان يجب عليه أن يسلكه.
ولا ريب أن الدين والعقل من أهم الضرورات التي يحافظ عليها الإسلام، فكل منهما مرتبط بالآخر، فباستقامة العقل يستقيم للإنسان دينه فإذا فسد العقل أدى ذلك بالضرورة إلى فساد الدين، وإذا فسد دين الإنسان لم يعد له وازع يزعه ولا منهج سليم يسلكه ويختل تفكيره ولا يتورع أن يرتكب أية جريمة أو يمارس أية معصية في سبيل إشباع نزواته.
روي عن عثمان بن عفان رضي الله عنه قال:
"اجتنبوا الخمر فإنها أم الخبائث، إنه كان رجل ممن كان قبلكم يتعبد فعلقته امرأة أغوته، فأرسلت إليه جاريتها فقالت له: إنها تدعوك للشهادة، فانطلق مع جاريتها فطفق كلما دخل بابا أغلقته دونه حتى أفضى إلى امرأة وضيئة عندها غلام وباطية خمر. فقالت: والله ما دعوتك للشهادة ولكن دعوتك لتقع علي أو تشرب من هذه الخمر كأسا أو تقتل هذا الغلام. قال فاسقيني من هذه الخمر كأسا فسقته كأسا فقال زيدوني فلم يرم حتى وقع عليها وقتل الغلام. . فاجتنبوا الخمر فإنها والله لا يجتمع الإيمان وإدمان الخمر إلا ويوشك أن يخرج أحدهما صاحبه ". . أخرجه النسائي موقوفا على عثمان بن عفان وإسناده