الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(د) الحشيش.
ويضم الأوراق المزهرة والقمم النامية وحشيش كاراس ومن حشيش الأوراق المزهرة ماريجوانا، بهانج، كيف، داجا. . . إلخ. ويعتبر الحشيش من أهم عقاقير الهلوسة في الاستخدام والإدمان.
(هـ) القات.
(و) التبغ.
هذا ومما تجدر الإشارة إليه أن أنواع المخدرات ذكرت في كتب الفقه وفق ظهورها التاريخي وتناولت مثلا: البنج، والشيكران، والأفيون، والحشيش، وجوزة الهند، والقات، والعنبر، والقنقيط، وعسل البلادر والداتورة [الطاطورة] والعقاقير الأخرى كالمورفين والهيرويين وغيرهما، مما شاع في هذا العصر وهي معدودة من المخدرات في الأبحاث الفقهية الحديثة. والتتن والتبغ والدخان والقات وقهوة البن. وقد ذكر علماء الشريعة الإسلامية هذه المخدرات وأنواعها وتسميتها حسب ظهورها في عصر كل منهم، وجاء المتأخرون فأضافوا إلى ذلك ما ظهر في عصورهم من الأنواع الأخرى وبينوا حكم الشرع فيها بالنظر إلى الآثار المترتبة على تناولها.
رابعا: حكم تناول المخدرات في الشريعة الإسلامية:
اتفق العلماء في مختلف المذاهب الإسلامية على حرمة تناول القدر المؤثر على العقل من المواد والعقاقير المخدرة، فيحرم تعاطيها بأي وجه من الوجوه سواء كان بطريق الأكل أو الشراب أو التدخين أو السعوط أو الحقن بعد إذابتها، أو بأي طريق كان. واعتبر العلماء ذلك كبيرة من كبائر الذنوب
يستحق مرتكبها المعاقبة في الدنيا وفي الآخرة. . وهاك بعضا من كلامهم في ذلك:
قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله مجيبا لمن سأله عن حكم تناول الحشيش [هذه الحشيشة الصلبة حرام سواء سكر منها أو لم يسكر. والسكر منها حرام باتفاق المسلمين. ومن استحل ذلك وزعم أنه حلال، فإنه يستتاب فإن تاب وإلا قتل مرتدا لا يصلى عليه ولا يدفن في مقابر المسلمين](1). وقال في موضع آخر: [وهى بالتحريم أولى من الخمر، لأن ضرر آكل الحشيشة على نفسه أشد من ضرر الخمر](2).
وقال الذهبي رحمه الله: " والحشيشة المصنوعة من ورق القنب حرام كالخمر يحد شاربها كما يحد شارب الخمر، وهي أخبث من الخمر "(3). ونقل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله عن ابن حجر الهيثمي تحريمها عند الأئمة الأربعة فقال:
["فثبت بما تقرر أنها حرام عند الأئمة الأربعة: الشافعية، والمالكية، والحنابلة بالنص والحنفية بالاقتضاء "](4).
وقال البهوتي رحمه الله: [ولا يباح أكل الحشيشة المسكرة](5) وقال ابن حجر في الزواجر: " وحكى القرافي وهو من أئمة المالكية وابن تيمية الإجماع على تحريم الحشيش وقال: (من استحلها كفر)(6).
وقال ابن شهاب الدين الرملي في: [نهاية المحتاج إلى شرح المنهاج]:
(1) فتاوى ابن تيمية جـ 34/ 210
(2)
فتاوى ابن تيمية جـ 36/ 224
(3)
الكبائر / 86 للحافظ الذهبي
(4)
فتاوى ورسائل الشيخ محمد بن إبراهيم آل الشيخ رحمه الله جـ 12/ 102
(5)
كشاف القناع للبهوتي جـ 6/ 188
(6)
الزواجر عن اقتراف الكبائر جـ 1/ 213
الحشيش حالة إسكار وتحريم.
وقال ابن حجر العسقلاني في فتح الباري (1): "واستدل بمطلق قوله صلى الله عليه وسلم «كل ما يسكر حرام (2)» على تحريم المسكر ولو لم يكن شرابا فيدخل في ذلك الحشيشة. . إلخ " ما قال ابن حجر رحمه الله.
وقال ابن القيم رحمه الله في "زاد المعاد" ما خلاصته: إن الخمر يدخل فيها كل مسكر مائعا كان أو جامدا عصيرا أو مطبوخا، فيدخل فيها لقمة الفسق والفجور- ويعني بها الحشيش- لأن هذا كله خمر بنص رسول الله صلى الله عليه وسلم الصريح الصحيح الذي لا مطعن في سنده إذ صح عنه قوله:«كل مسكر خمر (3)» وصح عن أصحابه الذين هم أعلم الأمة بخطابه ومراده أن الخمر ما خامر العقل، على أنه لو لم يتناول لفظه صلى الله عليه وسلم "كل مسكر" لكان القياس الصريح الذي استوى فيه الأصل والفرع من كل وجه حاكما بالتسوية بين أنواع المسكر، فالتفريق بين نوع ونوع تفريق بين متماثلين من جميع الوجوه". اهـ (4).
وقال الصنعاني في سبل السلام: " إنه يحرم ما أسكر من أي شيء وإن لم يكن مشروبا كالحشيشة ".
والفقهاء يرون أنه لا فرق في الحكم بين المواد السائلة والمواد الجامدة وأنه يحرم تعاطيها جميعها إذا أسكرت أو خدرت.
والواقع أن البيئة الإسلامية ظلت نظيفة من المسكرات والمخدرات قرونا عديدة ولم يعرف المسلمون النباتات المخدرة إلا بعد أن وفدت بها شعوب أخرى إليهم. فلما عرفها الفقهاء أفتوا فيها بتحريم تعاطيها حيث قال صاحب تهذيب الفروق والقواعد السنية (5).
(1) جـ 10/ 38
(2)
صحيح البخاري الأشربة (5586)، صحيح مسلم الأشربة (2001)، سنن الترمذي الأشربة (1866)، سنن النسائي الأشربة (5591)، سنن أبو داود الأشربة (3687)، سنن ابن ماجه الأشربة (3386)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 226)، موطأ مالك الأشربة (1595)، سنن الدارمي الأشربة (2097).
(3)
صحيح مسلم الأشربة (2003)، سنن الترمذي الأشربة (1861)، سنن أبو داود الأشربة (3679)، سنن ابن ماجه الأشربة (3390)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 98).
(4)
زاد المعاد في هدي خير العباد جـ 5/ 747، ط مؤسسة الرسالة، الطبعة الأولى 1407هـ
(5)
جـ 1/ 214 (انظر: المخدرات والعقاقير المخدرة ص 230)
: " اعلم أن النبات المعروف بالحشيشة لم يتكلم عليه الأئمة المجتهدون ولا غيرهم من علماء السلف، لأنه لم يكن في زمانهم، وإنما ظهر في أواخر المائة السادسة، وانتشر في دولة التتار. هذا ولم يستخدم الفقهاء لفظ المخدرات إلا في القرن العاشر الهجري. أما قبل ذلك فقد تحدثوا عن الحشيش والأفيون وغيرهما من المواد وذكروهما ضمن المواد المفترة أو المواد المسكرة، وقد حفلت كتب الفقه الإسلامي بآرائهم واجتهاداتهم في تحريم الحشيش والأفيون تحريما قاطعا وقد نقلنا نماذج منها.
أما المخدرات سواء كانت طبيعية أو مصنعة أو تخليقية وما يندرج تحت تعدد أنواعها فلم يرد نص في القرآن الكريم أو السنة على حكمها، ولكن هل عدم ورود النص بتحريمها يعني أنها مباحة كما حاول بعض المفترين ادعاء ذلك؟ كلا كلا.
إن الحكم يمكن أن يكون مصدره النص كما يمكن أن يكون مصدره الإجماع أو القياس إذ هما مصدران من مصادر الأحكام في الإسلام.
وبناء على هذا فإن الحكم الشرعي للمخدرات أنها "حرام " ودليل هذا الحكم النص، لأنها داخلة في عموم المسكرات أو بالقياس على الخمر لاتحادهما في علة الحكم وهي الإسكار أو لما في المخدرات من الأضرار الفردية والاجتماعية. ودخولها في عموم المسكرات قائم على أساس أن كثيرا من العلماء والأطباء يؤكد أن تأثير المخدرات كتأثير الخمر على العقل من ناحية الإسكار. وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم:«كل مسكر خمر وكل خمر حرام (1)» .
(1) صحيح مسلم حديث رقم 03/ 20 كتاب الأشربة، ومسند الإمام أحمد 2جـ / 16، 29.
لهذا تكون المخدرات بذلك داخلة في عموم تحريم الخمر، وحتى لو قيل: إنها مفترة وليست مسكرة. فقد روي عن أم سلمة رضي الله عنها «أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن كل مسكر ومفتر (1)» .
وعلينا أن ندرك أن المخدرات كالخمر، حيث إن كليهما يخامر العقل ويحجبه، وأركان القياس على المخدرات تتماثل مع ما ينطرح على الخمر. فالمخدرات كالخمر في الإسكار وحجب العقل والذهاب به، تلك هي علة تحريم الخمر. لذلك ينسحب حكم الخمر - وهو التحريم - على المخدرات، لاشتراكهما في علة الحكم.
كذلك فإن في المخدرات من المفاسد والأضرار مثل ما في الخمر، من حيث إضاعة المال وإثارة العداوة والبغضاء بين الناس، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة. . فمتعاطي الخمر أو المخدرات كلاهما يفقد وعيه ويتصرف تصرفات طائشة تثير الشقاق والخلاف والعداوة والبغضاء، وكلاهما يكون في غفلة عن الصلاة وسائر التكاليف أثناء فقده الوعي، وفي ضوء ذلك فإن علة الحكم في الخمر وهي الإسكار تكون قد توفرت في المخدرات، لأنها تفعل فعل الخمر في حجب العقل وإذهابه، ويكون حكم الخمر وهو التحريم هو حكم المخدرات أيضا، فتكون المخدرات بجميع أنواعها حراما، لذلك فالنصوص التي تحرم كل مسكر ومفتر تنطرح على المخدرات مثلما تنطرح على أحكام المسكرات. وبهذا يتبين غلط من زعم عدم وجود نص في الكتاب والسنة يقتضي تحريم الحشيش وسائر المخدرات والعقاقير المخدرة الأخرى. . قال ابن تيمية رحمه الله: (وأما قول القائل أن هذه ما فيها آية ولا حديث فهذا من جهله، فإن القرآن والحديث فيهما كلمات جامعة هي قواعد عامة وقضايا كلية تتناول كل ما دخل فيها، فهو مذكور في القرآن والحديث باسمه العام وإلا فلا يمكن ذكر
(1) سنن أبي داود جـ 4/ 90 كتاب الأشربة حديث رقم 3686.