الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما قول أبي حاتم: "ليس بقوي، يكتب حديثه، وما روى عنه الثقات فيذكر به. . ".
قلت: هذا رأيه رحمه الله، والرأي الراجح فيه أنه ثقة، وهو رأي أكثر العلماء.
قال الإمام الترمذي: ومن ضعفه، فإنما ضعفه من قبل أنه يحدث من صحيفة جده عبد الله (1).
وقال الحافظ ابن حجر:
عمرو بن شعيب ضعفه ناس مطلقا، ووثقه الجمهور، وضعف بعضهم روايته عن أبيه عن جده حسب.
ومن ضعفه مطلقا فمحمول على روايته: عن أبيه عن جده (2).
قلت: وذلك من أجل احتمال الانقطاع أو الإرسال أو كونه صحيفة.
(1) جامع الترمذي 3/ 33
(2)
التهذيب 8/ 51.
إلى من يعود الضمير في قوله: عن أبيه عن جده:
الضمير المتصل في "أبيه" يعود إلى شعيب، بلا خلاف بين العلماء. أما الضمير المتصل في "جده" فقد اختلف العلماء فيه إلى من يعود.
1 -
الذين قالوا بانقطاعه:
ذهب ابن حبان أن عمرا إذا روى عن أبيه عن جده فهو منقطع، لا يحتج به.
قال رحمه الله: وإذا روى عن أبيه عن جده، ففيه مناكير كثيرة، لا يجوز الاحتجاج عندي بشيء رواه عن أبيه عن جده، لأن هذا الإسناد لا يخلو من أن يكون مرسلا أو منقطعا، لأنه: عمرو بن شعيب بن محمد بن عبد الله بن عمرو، فإذا روى عن أبيه، فأبوه شعيب، وإذا روى عن جده، وأراد: عبد الله بن عمرو، جد شعيب، فإن شعيبا لم يلق عبد الله بن عمرو، والخبر بنقله هذا منقطع.
وإن أراد بقوله: عن جده: جده الأدنى فهو: محمد بن عبد الله بن عمرو، ومحمد بن عبد الله لا صحبة له، فالخبر بهذا النقل يكون مرسلا أو منقطعا، والمرسل والمنقطع من الأخبار لا يقوم بها حجة (1).
وممن جعله منقطعا أيضا الإمام أحمد كما نقل ذلك ابن عدي.
قال رحمه الله: وعمرو بن شعيب في نفسه ثقة إلا إذا روى عن أبيه عن جده، على ما نسبه أحمد بن حنبل يكون ما يرويه، عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا، لأن جده عنده هو: محمد بن عبد الله بن عمرو، ومحمد ليس له صحبة.
وقد روى عن عمرو بن شعيب أئمة الناس وثقاتهم، وجماعة من الضعفاء، إلا أن أحاديثه عن أبيه عن جده، عن النبي صلى الله عليه وسلم، اجتنبه الناس مع احتمالهم إياه، ولم يدخلوه في صحاح ما خرجوه، وقالوا: هي صحيفة (2). ومر بنا بعض أقوال الأئمة الذين وثقوه وقبلوا حديثه إلا إذا روى عن أبيه عن جده، فكانوا يجتنبون حديثه.
2 -
الذين قالوا باتصاله:
قلت: الضمير في "جده " يعود على " شعيب " على الصحيح الراجح، وجد شعيب هو الصحابي الجليل: عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما.
وقد ثبت بأسانيد صحيحة، أنه قد سمع من جده، كما قال بذلك الأئمة فمن الذين أثبتوا سماعه: علي بن المديني رحمه الله (3).
وأحمد بن صالح قال: عمرو بن شعيب سمع من أبيه عن جده، وكله سماع، وعمرو بن شعيب ثبت، وأحاديثه تقوم مقام الثبت (4).
وممن أثبت سماعه الإمام أحمد بن حنبل.
(1) المجروحين: 2/ 72.
(2)
الكامل لابن عدي: 2/ 1767 وما بعد.
(3)
التهذيب 8/ 54.
(4)
ثقات ابن شاهين صفحة: 152.
قال محمد بن علي الوراق: قلت لأحمد بن حنبل: عمرو بن شعيب سمع من أبيه شيئا؟ قال: يقول: حدثني أبي.
قال: قلت: فأبوه سمع من عبد الله بن عمرو؟ قال: نعم، أراه قد سمع منه (1).
قلت: أما ما نسبه ابن عدي إلى الإمام أحمد من أنه قال بانقطاعه فقد تكون رواية له والله أعلم.
وقال أبو بكر النيسابوري: وقد صح سماع عمرو بن شعيب عن أبيه شعيب، وصح سماع شعيب من جده عبد الله بن عمرو (2).
وأثبت سماعه أيضا أبو عبد الله الحاكم (3).
والحافظ العلائي قال:
الخلاف فيه مشهور، هل حديثه مرسل أم لا؟ والأصح أنه- أي شعيب - سمع من جده عبد الله بن عمرو، ومن ابن عمر، وابن عباس، والضمير المتصل بجده في قولهم: عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده، عائد إلى شعيب، لا إلى عمرو، وقد بينت ذلك وبسطت الكلام عليه، في غير هذا الكتاب، ومحمد والد شعيب، مات في حياة أبيه عبد الله بن عمرو، وشعيب صغير، فكفله جده، وسمع منه كثيرا (4). ومن الذين أكدوا سماعه الإمام الذهبي.
قال رحمه الله:
الرجل لا يعني بجده إلا جده الأعلى عبد الله رضي الله عنه، وقد جاء كذلك مصرحا به في غير حديث، يقول: عن جده عبد الله، فهذا ليس بمرسل، وقد ثبت سماع شعيب والده، من جده عبد الله بن عمرو، ومن معاوية وابن عباس
(1) سنن الدارقطني: جزء3/ 50.
(2)
سنن الدارقطني: جزء3 ص 50.
(3)
المستدرك على الصحيحين: 2/ 65.
(4)
جامع التحصيل في أحكام المراسيل صفحة: 238.
وابن عمر وغيرهم، وما علمنا بشعيب بأسا، ربي في حجر جده عبد الله، وسمع منه، وسافر معه، ولعله ولد في خلافة علي رضي الله عنه، أو قبل ذلك، ثم لم نجد صريحا لعمرو بن شعيب عن جده: محمد بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولكن ورد نحو من عشرة أحاديث، هيئتها عن عمرو بن شعيب، عن أبيه عن عبد الله بن عمرو.
وبعضها: عن عمرو عن أبيه، عن جده عبد الله، وما أدري هل حفظ شعيب شيئا من أبيه أم لا؟ وأنا عارف بأنه لازم جده، وسمع منه (1). فهذا إمام الفن بلا منازع قد أثبت سماع شعيب من جده عبد الله، لكن ليس كل حديثه.
فعلى هذا يكون ما سمعه من جده متصلا، ليس فيه إرسال أو انقطاع. قال الحافظ ابن حجر: وأما رواية أبيه عن جده، فإنما يعني بها الجد الأعلى عبد الله بن عمرو، لا محمد بن عبد الله، وقد صرح شعيب بسماعه من عبد الله، في أماكن وصح سماعه منه (2).
أما ابن القطان فقد جعل احتمالين في عود الضمير في "جده" إذا قال- كما في نصب الراية-.
إنما ردت أحاديث " عمرو بن شعيب " لأن "الهاء" من جده، يحتمل أن تعود على " عمرو ". فيكون الجد محمدا، فيكون الخبر مرسلا. أو تعود على " شعيب ". فيكون الجد " عبد الله " فيكون الحديث مسندا متصلا، لأن شعيبا سمع من جده عبد الله بن عمرو. فإذا كان الأمر كذلك فليس لأحد أن يفسر الجد بأنه عبد الله بن عمرو إلا بحجة.
وقد يوجد في بعض الأحاديث: عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عبد الله، فيرتفع النزاع. وقد يوجد بتكرار: عن أبيه، فيرتفع النزاع أيضا (3).
(1) سير أعلام النبلاء: 5/ 173.
(2)
التهذيب: 8/ 51.
(3)
لأن أبا شعيب محمد وحينئذ يكون مرسلا.