الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله ولا تلتبس به الألسنة لأن الله يسر تلاوته وتدبره على العرب والعجم، ولذلك تجد المجودين والمتضلعين في علوم القرآن من الشعوب الأعجمية أكثر مما تجدهم من العرب.
فقد جرت مباراة في ماليزيا بالشرق الأقصى في تجويد القرآن وحسن تلاوته اشترك فيها أربعة عشر قطرا، رجالا ونساء، ففاز بالجائزة الأولى قراء ماليزيا وقارئاتها، وفاز بالجائزة الثانية قراء إندونيسيا وقارئاتها {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} (1)
ولا يشبع منه العلماء لأن فوائده لا نهاية لها، فمن شبع منه فهو من الجاهلين، والأستاذ (محمد مارماديوك) الإنجليزي النسب رحمه الله في مقدمة تفسيره للقرآن بالإنجليزية كلام حسن في هذا المعنى، وليس تحت يدي الآن نسخة منه لكي أنقله، وكذلك الأستاذ الفرنسي (خير الدين زيني) في تفسيره للقرآن بالفرنسية رحمه الله.
ولا يخلق عن كثرة الرد أي لا يبلى مع كثيرة التلاوة وإعادتها ولا يمل ولا تنقضي عجائبه أي أودع الله في القرآن حكما وأسرارا لا نهاية لها فلا تزال تظهر للمفكرين والمتدبرين فيتعجبون منها، هو الذي سمعته الجن فأجلته وأكبرته، وبهرها حتى قالت {إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآنًا عَجَبًا} (2){يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ} (3) إلى الخير والعدل والحق، وأهم ذلك توحيد الله، ولذلك قالوا {وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا} (4) وسائر ما قالوه في سورة الجن يدل على شدة تأثير القرآن فيهم، وقوله من قال به أفتى بمقتضى ما فيه صدق أي أصاب الحق، ومن أفتى بخلافه كذب ومن عمل به نجا من خزي الدنيا وعذاب الآخرة، ومن لم يعمل به هلك هلاكا أبديا ومن حكم به عدل ومن حكم بخلافه تعدى وظلم ومن دعا إليه أي إلى تحكيمه والعمل به فقد هدي بصيغة المجهول والمعلوم، وهما متلازمان، لأنه الهادي إلى الصراط المستقيم مهدي.
(1) سورة القمر الآية 17
(2)
سورة الجن الآية 1
(3)
سورة الجن الآية 2
(4)
سورة الجن الآية 2
تجويد القرآن
اعلم أن تجويد القرآن فرض على كل قارئ، وتعليمه فرض كفاية على أهل
كل بلد، فإن تركوه وأهملوه أثموا جميعا، وقد نص العلماء على ذلك، وحرروه أتم التحرير، غير أن هذا المقال قد طال - لذلك أردت أن ألم به إلماما.
قال ابن الجزري في المجلد الأول من كتابه (النشر في القراءات العشر) ص210 ما نصه: التجويد مصدر من جود تجويدا، والاسم منه الجودة ضد الرداءة يقال: جود فلان في كذا إذا فعل ذلك جيدا، فهو عندهم عبارة عن الإتيان بالقراءة مجودة الألفاظ، بريئة من الرداءة في النطق، ومعناه انتهاء الغاية في التصحيح وبلوغ النهاية في التحسين.
ولا شك أن الأمة كما هم متعبدون بفهم معاني القرآن وإقامة حدوده، فهم كذلك متعبدون بتصحيح ألفاظه وإقامة حروفه على الصفة المتلقاة من أئمة القراءة، المتصلة بالحضرة النبوية الأفصحية العربية، التي لا تجوز مخالفتها ولا العدول عنها إلى غيرها.
والناس في ذلك بين محسن مأجور، ومسيء آثم أو معذور، فمن قدر على تصحيح كلام الله تعالى باللفظ الصحيح العربي الفصيح، وعدل إلى اللفظ الفاسد العجمي أو النبطي القبيح، استغناء بنفسه، واستبدادا برأيه وحدسه، واتكالا على ما ألف من حفظه، واستكبارا عن الرجوع إلى عالم يوقفه على صحيح لفظه فإنه مقصر بلا شك، وآثم بلا ريب، وغاش بلا مرية، فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم «الدين النصيحة لله ولكتابه ولرسوله ولأئمة المسلمين وعامتهم (1)» .
أما من كان لا يطاوعه لسانه، أو لا يجد من يهديه إلى الصواب، فإن الله لا يكلف نفسا إلا وسعها، ولهذا أجمع من نعلمه من العلماء على أنه لا تصح صلاة قارئ خلف أمي، وهو من لا يحسن القراءة، واختلفوا في صلاة من يبدل حرفا بغيره، سواء تجانسا أم تقاربا وأصح القولين عدم الصحة. ثم نقل عن الشيخ أبي عبد الله نصر بن علي بن محمد الشيرازي في كتابه الموضوع في وجوب القراءات في التجويد منه ما نصه:" فإن حسن الأداء فرض في القراءة، ويجب على القارئ أن يتلو القرآن حق تلاوته، صيانة للقرآن عن أن يجد اللحن والتغيير إليه سبيلا ".
ثم مضى إلى أن قال: " فالتجويد هو حلية التلاوة، وزينة القرآن وهو إعطاء
(1) صحيح مسلم الإيمان (55)، سنن النسائي البيعة (4197)، سنن أبو داود الأدب (4944)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 102).
الحروف حقوقها وترتيبها في مراتبها، ورد الحرف إلى مخرجه وأصله، وإلحاقه بنظيره وتصحيح لفظه، وتلطيف النطق به على حال صيغته، وكمال هيئته، من غير إسراف ولا تعسف، ولا إفراط ولا تكلف، وإلى ذلك أشار النبي صلى الله عليه وسلم بقوله:«من أحب أن يقرأ القرآن غضا كما أنزل فليقرأ قراءة ابن أم عبد (1)» يعني عبد الله بن مسعود " وكان قد أعطي حظا عظيما في قراءة القرآن وتحقيقه وترتيله كما أنزله الله تعالى.
وناهيك برجل أحب النبي صلى الله عليه وسلم أن يسمع القرآن منه، ولما قرأ أبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم.
كما ثبت في الصحيحين، وروينا بسند صحيح عن أبي عثمان النهدي قال صلى بنا ابن مسعود المغرب بـ {قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ} (2) ووالله لوددت أنه قرأ بسورة البقرة من حسن صوته وترتيله.
والأخذ بالتجويد حتم لازم
…
من لم يجود القرآن آثم
لأن به الإله أنزل
…
وهكذا منه إلينا وصلا
وهو أيضا حلية التلاوة
…
وزينة الأداء والقراءة
فواجب عليهم محتم
…
قبل الشروع أولا أن يعلموا
مخارج الحروف والصفات
…
ليلفظوا بأفصح اللغات
وهذا الواجب مضيع في المغرب لا يقوم بأدائه إلا النادر من أهل العلم، مع أن المغرب أحق الناس بالعناية بإصلاح اللسان لاختلاطهم مع الأعاجم وإبدال كثير منهم بعض الحروف، كالجيم يبدلونها زايا، والتاء يبدلونها بحرف ألماني بين التاء والسين، والثاء ينطقون بها مثل ذلك، والذال يبدلونها دالا مهملة، والظاء يبدلونها ضادا، والشين يبدلونها سينا، وقد يبدل هؤلاء السين شينا، يرتكب ذلك حتى من ينسب إلى العلم منهم من غير نكير، وقد أشار إلى ذلك المحقق ابن عبد السلام الفاسي في كتابه الذي ألفه في القرآن وعلومه وآدابه في المجلد الأول قال: اللحن لحنان: جلي، وخفي، فالجلي: لحن الإعراب، والخفي: لحن ترك إعطاء الحرف حقه من تجويد لفظه، وذلك إما بالنسبة إلى مخارجها، بأنه لا تعطى حقها الواجب لها.
(1) سنن ابن ماجه المقدمة (138)، مسند أحمد بن حنبل (1/ 7).
(2)
سورة الإخلاص الآية 1
وإما بالنسبة إلى صفاتها التي تحقق ذاتها وتفصلها عما يشاركها أو يقاربها، وإما بالنسبة إلى تبديلها بغيرها كجعل الظاء المعجمة مكان الضاد، وكجعل السين مكان الشين المعجمة، وكجعل الزاي مكان الجيم، وكجعل الغين المعجمة مكان الراء، وكجعل الهمزة مكان القاف، إلى غير ذلك مما يطول تتبعه مما نسمعه من ألسنة الناس. انتهى.
وقد سمعت بأذني قارئا يقرأ قوله تعالى: {إلَاّ مَا شَاءَ رَبُّكَ عَطَاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} (1) بإبدال الشين سينا والجيم زايا والذالين دالين مهملتين، وهذا من اللحن الذي يغير المعنى، وقد نقل القاضي عياض في الشفاء الإجماع على أن من بدل حرفا في القرآن عمدا كفر.
ومن أسوا ما يرتكبه المغاربة من تبديل الحروف نطقهم بالتسهيل في قراءة ورش هاء خالصة فيقرءون الهمزة الثانية في (أئنك) و (أئذا) وما أشبه ذلك هاء وليس هذا معنى التسهيل، فالتسهيل تليين الهمزة الثانية حتى تكون بين الألف والهمزة، أو بين الواو والهمزة، أو بين الياء والهمزة، ويقابله التحقيق وهو النطق بهما همزتين خالصتين.
ولم ينعدم التجويد بالمرة في المغرب في أي زمن، ولكنه كما قلت سابقا نادر، وأكثر القراء على خلافه، ومما يدلنا على ذلك ما جاء في نصوص الشيخ التهامي بن الطيب السجلماسي ثم الغرفي في إنكار تبديل التاء بما تقدمت الإشارة إليه، وهذه الأبيات بعضها مختل الوزن فأنا أنقلها على علاتها، قال:
تحفظ رعاك الله في السر والجهر
…
على مخرج التاء حين تتلو على غير
إلى الحنك اصعد حين إخراجك لها
…
ولا تنحون نحو الثنايا تنل شكري
ولا تحدثن فيها صفيرا ورخوة
…
فذلك فعل الجاهلية ذوي السكر
فبالسين والزاي الجهرا وصادها
…
يخص صغير القوم كلهم قادر
كما خصصوا رخوا بجملة أحرف
…
وليس لحرف التاء فيهن من ذكر
وقد كان علماء المغرب إلى عهد قريب جدا معنيين بتجويد كتاب الله أحسن عناية، قل ما يجاريهم في ذلك علماء قطر آخر من الأقطار الإسلامية، حتى أن الملك فؤاد ملك مصر لما أراد أن يطبع المصحف على الرسم العثماني، وكلف بذلك جماعة
(1) سورة هود الآية 108
من علماء مصر المحققين لم يجدوا من الكتب ما يعتمدون عليه مثل كتاب مورد الظمآن بشرح العالم المقرئ عبد الواحد بن عاشرة، ومن أشهر المنظومات التي عم نفعها، وقل في التحقيق والبلاغة نظيرها (الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع) لأبي الحسن علي بن الرباطي، المشهور بابن بري قال في المنظومة المذكورة:
القول في التحقيق والتسهيل
…
للهمز والإسقاط والتبديل
والهمز في النطق به تكلف
…
فسهلوه تارة وحذفوا
وأبدلوه حرف مد محضا
…
ونقلوه للسكون رفضا
فنافع سهل أخرى الهمزتين
…
بكلمة فهي بذاك بين بين
قال شارحه إبراهيم المارغني شيخ القراء بالجامع الأعظم بتونس المتوفى سنة 1349 هـ في شرحه لمنظومة ابن بري المسمى (النجوم الطوالع على الدرر اللوامع في أصل مقرأ الإمام نافع) ما نصه " التسهيل في اصطلاح القراء إذا أطلق اختص بالتسهيل بين بين، أي فالهمزة الثانية بسبب ذلك التسهيل لكونها بين بين، أي بينهما وبين الحرف المجانس لحركتها فتكون المفتوحة بين الهمزة والألف، والمضمومة بين الهمزة والواو، والمكسورة بين الهمزة والياء، هذا هو المأخوذ به عندنا في كيفية التسهيل بين بين. قال أبو شامة: وكان بعض أهل الأداء يقرب الهمزة المسهلة من مخرج الهاء، قال: وسمعت أنا منهم من ينطق بذلك، وليس بشيء لكن جوز الداني وجماعة إمدادها هاء خالصة في الأنواع الثلاثة، قال العلامة سيدي عبد الرحمن بن القاضي في بعض تكاليفه: جرى الأخذ عندنا بفاس والمغرب في المسهل بالهاء خالصة مطلقا وبه قال الداني. انتهى. وجوزه بعضهم في المفتوحة دون المضمومة والمكسورة، والأكثرون على المنع مطلقا، وعليه جرى عملنا بتونس. انتهى. "
قال محمد تقي الدين الهلالي: الصواب هو تسهيل الهمزة الثانية بين بين، كما قاله أبو الحسن ابن بري، وقرره شارحه، ولا حق للداني أن يتصرف في كتاب الله فيبدل حرفا بحرف، لأن القراءة سنة متبعة لا مجال فيها للاجتهاد، ولا تصح الرواية
بإبدال أخرى الهمزتين هاء البتة.
وقد روى مسلم في صحيحه من حديث عائشة رضي الله عنها أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «من عمل عملا ليس عليه أمرنا فهو رد (1)» وقد طال المقال حتى أنه لا يحتمل الزيادة، فنسأل الله أن ينفعنا ويرفعنا بالقرآن العظيم، وبما فيه من الآيات والذكر الحكيم، وأن يجعله لنا شافعا مشفعا، وآخر دعوانا أن الحمد رب العالمين.
(1) صحيح مسلم الأقضية (1718)، مسند أحمد بن حنبل (6/ 180).
السنة
بقلم الدكتور محمد بن عبد الله العجلان
- من مواليد مدينة حريملاء، تخرج في كلية الشريعة بالرياض سنة 1382 - 1383 هـ ثم نال درجة الماجستير من الكلية، ثم نال درجة الدكتوراه من جامعة القاهرة، دار العلوم، بعد أن قدم بحثه "الرأي في مذهب الإمام أحمد بن حنبل".
- عمل مدرسا بمعهد الرياض العلمي، مدرسا بكلية الشريعة، ويعمل الآن وكيلا لجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية.
- مؤلفاته:
1 -
ولاية المظالم، وهو بحث منشور في مجلة أضواء الشريعة العدد الثامن
2 -
صلاحية الشريعة الإسلامية لكل زمان ومكان
3 -
أدلة الأحكام الشرعية في أصول الشاطبي، وهو موضوع رسالة الماجستير (مخطوط)
4 -
الرأي في مذهب الإمام أحمد بن حنبل (مخطوط)
- حضر العديد من المؤتمرات في الداخل والخارج، وله مشاركات علمية وفكرية، عبر وسائل الإعلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
"مكانتها - وأشهر رجالها من الصحابة والتابعين وتابعيهم - تدوينها"
عند اللغويين: السنة: الطريق المسلوكة، والطريقة حسنة كانت أو سيئة ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«من سن سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها إلى يوم القيامة، ومن سن سنة سيئة فعليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة (1)» .
وعند المحدثين: ما أثر عن النبي صلى الله عليه وسلم من قول أو فعل أو تقرير (2).
وعند الأصوليين: ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأفعال أو الأقوال التي ليست للإعجاز.
وزاد بعضهم: ألا يكون ما صدر عن النبي صلى الله عليه وسلم من الأفعال الجبلية.
أي أن يكون مقصودا مما صدر منه صلى الله عليه وسلم التشريع حتى يخرج ما صدر عنه بمقتضى الطبيعة البشرية كالقيام والقعود والمشي والنوم والأكل والشرب ونحو ذلك مما لم يكن التشريع مقصودا في أصل القيام به.
(1) أخرجه مسلم. .
(2)
الشوكاني: إرشاد الفحول ص 33 والتهاتوني: كشاف اصطلاحات الفنون ص 703.
فإن وردت في هذا القسم توجيهات قصد منها التشريع فهي من مفهوم السنة، هذا وتطلق السنة على ما يقابل القرآن الكريم، ومنه قوله صلى الله عليه وسلم:«يؤم القوم أقرؤهم لكتاب الله تعالى، فإن كانوا في القراءة سواء فأعلمهم بالسنة (1)» .
كما تطلق تارة على ما يقابل الفرض، وتارة على ما يقابل البدعة، فيقال أهل السنة، وأهل البدعة.
وذكر الشاطبي (2) رحمه الله أن لفظ السنة يطلق أيضا على ما عمل عليه الصحابة رضوان الله عليهم سواء وجدنا في الكتاب أو السنة، أو لم نجده، بحيث يشمل ما كان سنة ثبتت عندهم ولم تنقل إلينا كسنة مروية عن النبي صلى الله عليه وسلم رواية صريحة، كما يشمل ما كان اجتهادا مجتمعا عليه منهم أو من خلفائهم.
فيدخل تحت هذا الإطلاق المصالح المرسلة - في عهدهم - والاستحسان كما فعلوا في جلد الشارب ثمانين وتضمين الصناع وجمع المصحف، وحمل الناس على القراءة بحرف واحد من الحروف السبعة وتدوين الدواوين. . .
وما أشبه ذلك مما عمل به الصحابة على سبيل الاجتهاد الذي لم يخالفه أحد منهم.
ويدل على هذا الإطلاق قوله صلى الله عليه وسلم: «عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهديين (3)» .
وفرضية السنة ثابتة بمقتضى القرآن الكريم، وطاعتها واجبة، وحجتها نافذة.
يقول الله تعالى:
1 -
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ} (4).
(1) رواه مسلم وأحمد وغيرهما.
(2)
الموافقات: 4/ 4.
(3)
أخرجه أبو داود والترمذي.
(4)
سورة آل عمران الآية 132
2 -
3 -
{وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ رَسُولٍ إلَاّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللَّهِ} (2).
4 -
5 -
{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ} (4).
6 -
{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} (5).
7 -
{اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ إِذَا دَعَاكُمْ لِمَا يُحْيِيكُمْ} (6).
8 -
9 -
{وَإِنْ تُطِيعُوهُ تَهْتَدُوا} (8).
10 -
11 -
(1) سورة النساء الآية 59
(2)
سورة النساء الآية 64
(3)
سورة النساء الآية 65
(4)
سورة النساء الآية 69
(5)
سورة النساء الآية 80
(6)
سورة الأنفال الآية 24
(7)
سورة الأنفال الآية 20
(8)
سورة النور الآية 54
(9)
سورة النور الآية 63
(10)
سورة الأحزاب الآية 21
12 -
13 -
{أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} (2).
وفي الرسالة للشافعي رحمه الله تفاصيل في هذا الشأن (3).
إذن فالسنة المطهرة هي مفتاح الكتاب، والنبراس الذي يهتدى به إلى كشف حقائقه، والوقوف على دقائقه.
ومنصب الرسول صلى الله عليه وسلم هو التبليغ عن الله عز وجل والبيان لأوامره ونواهيه، قال الله تعالى:{يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ} (4).
ومن ثم كانت السنة واجبة الاتباع، والمتمسك والعامل بها إنما يعمل بكتاب الله؛ قيل لمطرف بن عبد الله: لا تحدثونا إلا بالقرآن، فقال والله لا نبغي بالقرآن بدلا، ولكن نريد من هو أعلم منا بالقرآن.
وروى الأوزاعي عن حسان بن عطية قال: كان الوحي ينزل على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويحضره جبريل بالسنة التي تفسر ذلك (5).
وقد أمر الرسول صلى الله عليه وسلم باتباع سنته في أحاديث كثيرة.
منها قوله صلى الله عليه وسلم: «تركت فيكم أمرين لن تضلوا ما تمسكتم بهما كتاب الله وسنتي (6)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم: «كل أمتي يدخلون الجنة إلا من أبى قالوا: يا رسول الله ومن يأبى؟ قال: من أطاعني دخل الجنة ومن عصاني فقد أبى (7)» .
(1) سورة الأحزاب الآية 36
(2)
سورة محمد الآية 33
(3)
انظر: " الرسالة " ص 43، 46، 47، 49.
(4)
سورة المائدة الآية 67
(5)
تاريخ الفقه الإسلامي: محمد علي السايس.
(6)
رواه الحاكم وابن عبد البر عن كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن أبيه عن جده انظر جامع بيان العلم: 2/ 24.
(7)
أخرجه البخاري والحاكم.
وقوله صلى الله عليه وسلم في خطبة الوداع: «إن الشيطان قد يئس أن يعبد بأرضكم، ولكن رضي أن يطاع فيما سوى ذلك مما تحقرون من أعمالكم فاحذروا، إني تركت فيكم ما إن اعتصمتم به فلن تضلوا أبدا: كتاب الله وسنة نبيه (1)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم - بعد أن «وعظ أصحابه موعظة بليغة ذرفت منها العيون ووجلت منها القلوب - فقيل يا رسول الله كأنها موعظة مودع فأوصنا، قال: عليكم بالسمع والطاعة وإن كان عبدا حبشيا، فإنه من يعش منكم فسيرى اختلافا كثيرا، فعليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين المهتدين، عضوا عليها بالنواجذ، وإياكم ومحدثات الأمور فإن كل بدعة ضلالة (2)» .
وقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه أبو داود: «ألا إني أوتيت الكتاب ومثله معه (3)» .
وقد أوجب الله على المسلمين اتباع الرسول فيما يأمر به والانتهاء عما ينهى عنه، قال تعالى:{وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} (4) وحذر من مخالفة أمره قال تعالى: {فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَنْ تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} (5){قُلْ أَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَإِنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْكَافِرِينَ} (6).
ولم يبح للمؤمنين مطلقا أن يخالفوا حكمه أو أوامره قال تعالى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ وَلَا مُؤْمِنَةٍ إِذَا قَضَى اللَّهُ وَرَسُولُهُ أَمْرًا أَنْ يَكُونَ لَهُمُ الْخِيَرَةُ مِنْ أَمْرِهِمْ وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلَالًا مُبِينًا} (7).
بل جعل من لوازم الإيمان ألا يذهبوا حين يكونون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على
(1) أخرجه الحاكم عن ابن عباس رضي الله عنهما.
(2)
أخرجه الترمذي وأبو داود والإمام أحمد وابن ماجه.
(3)
سنن أبو داود السنة (4604).
(4)
سورة الحشر الآية 7
(5)
سورة النور الآية 63
(6)
سورة آل عمران الآية 32
(7)
سورة الأحزاب الآية 36
أمر جامع دون أن يستأذنوا منه، قال تعالى:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَإِذَا كَانُوا مَعَهُ عَلَى أَمْرٍ جَامِعٍ لَمْ يَذْهَبُوا حَتَّى يَسْتَأْذِنُوهُ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ أُولَئِكَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ} (1) الآية.
قال الإمام ابن القيم رحمه الله: " فإذا جعل الله من لوازم الإيمان أنهم لا يذهبون مذهبا إذا كانوا معه إلا باستئذانه، فأولى أن يكون من لوازمه ألا يذهبوا إلى قول ولا مذهب علمي إلا بعد استئذانه، وإذنه يعرف بدلالة ما جاء به على أنه أذن فيه ".
أفبعد هذا يأتي من لا علاقة له بالعلم الشرعي لا من قريب ولا من بعيد فيدعو إلى طرح بعض أنواع السنة المطهرة؟!
أشهد لقد ضل ضلالا مبينا وعصى الله ورسوله وأهدر جهود علمائنا الذين ميزوا بين الصحيح والحسن والضعيف، والذين - كما يقول الدكتور مصطفى السباعي رحمه الله:" لا يستطيع من يدرس موقف العلماء - منذ عصر الصحابة إلى أن تم تدوين السنة - من الوضع والوضاعين وجهودهم في سبيل السنة صحيحها من فاسدها، إلا أن يحكم بأن الجهد الذي بذلوه في ذلك لا مزيد عليه، وأن الطرق التي سلكوها هي أقوم الطرق العلمية للنقد والتمحيص، حتى لنستطيع أن نجزم بأن علماءنا رحمهم الله هم أول من وضعوا قواعد النقد العلمي الدقيق للأخبار والمرويات بين أمم الأرض كلها، وأن جهدهم في ذلك جهد تفاخر به الأجيال وتتيه به على الأمم، وذلك فضل الله يؤتيه من يشاء والله واسع عليم "(2).
وما قول هذا وأمثاله إلا مصداق قوله صلى الله عليه وسلم: «يوشك رجل منكم متكئا على
(1) سورة النور الآية 62
(2)
السنة ومكانتها في التشريع ص90.