الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مكة والسنة
وعلى غرار المدينة المنورة كانت مكة المكرمة تخدم السنة وتحفظها، وهذا أمر طبيعي: ففي مكة بيت الله الحرام قبلة المسلمين، وفي مكة نشأ النبي صلى الله عليه وسلم، وفيها أمضى أغلب أيامه، وفيها تلقى الرسالة وفيها بدأ الدعوة والجهاد.
وقد كان صلوات الله عليه وسلامه عين نائبا عنه في مكة هو معاذ بن جبل الذي كان من رواته اثنان من عظماء المحدثين: عبد الله بن عباس، وعبد الله بن عمر.
وكان عبد الله بن عباس - ومن ألقابه العلمية " ترجمان القرآن " - ممن ذهب إلى البصرة ينشر علوم الإسلام، ثم عاد إلى المدينة يحمل فيها أمانته التعليمية، ثم ينتهي إلى اتخاذ مكة مثابة علمية راسخة يعلم فيها التفسير والحديث والفقه.
وفي عهد تال لعهد الصحابة، أقامت في رحاب الكعبة فرق من التابعين وتابعيهم يشتغلون بالحديث والفقه، ومن أشهرهم:
مجاهد بن جبر (21 - 104 هـ)، وكان شيخ القراء والمفسرين، أخذ التفسير عن ابن عباس (1).
وعطاء بن أبي رباح (27 - 114 هـ) الثقة العالم الكثير الحديث (2).
وفي اليمن:
طاوس بن كيسان (33 - 106 هـ)، وكان إماما علما أدرك خمسين من الصحابة، وكان من أكابر التابعين تفقها في الدين، ورواية للحديث (3).
(1) انظر في ترجمته: الخزرجي: خلاصة التذهيب ص 369، والذهبي: ميزان الاعتدال ج3 ص9.
(2)
انظر: الذهبي: ميزان الاعتدال ج2 ص197، والخزرجي: خلاصة التذهيب ص266.
(3)
انظر الخزرجي: خلاصة التذهيب ص 181، وابن الجوزي: صفة الصفوة ج2 ص160.
وفي اليمامة:
يحي بن أبي كثير (ت 129 هـ)، وكان من ثقات أهل الحديث، ورجحه بعضهم على الزهري (1).
وفي البصرة:
الحسن البصري (21 - 110 هـ)" أحد أئمة الهدى "، وأدرك خمسمائة من الصحابة (2).
ومحمد بن سيرين (33 - 110 هـ) إمام وفقيه، وكان " ثقة مأمونا عاليا رفيعا فقيها إماما كثير العلم "(3).
وفي الكوفة:
مسروق بن الأجدع (ت 63 هـ)، وكان إماما قدوة، وكان شريح القاضي يستشيره في معضلات المسائل، وقال عنه ابن معين: ثقة لا يسأل عن مثله (4).
وعلقمة بن قيس (ت 62 هـ)، روى الحديث عن الصحابة، وكان فقيه العراق (5).
وسعيد بن جبير (45 - 95 هـ)" الفقيه الثقة الإمام الحجة "، أخذ العلم عن ابن عباس وابن عمر (6).
وإبراهيم النخعي (46 - 96 هـ)، وكان من أكابر التابعين صلاحا وصدق رواية وحفظا للحديث، وكان إماما مجتهدا له مذهب (7).
(1) انظر: الخزرجي: خلاصة التذهيب ص427.
(2)
انظر: خلاصة التذهيب ص77.
(3)
انظر: خلاصة التذهيب ص340.
(4)
انظر: خلاصة التذهيب ص 374، وابن حجر العسقلاني: الإصابة - الترجمة رقم 840.
(5)
الخزرجي: خلاصة التذهيب ص 271، والخطيب البغدادي: تاريخ بغداد ج12 ص296.
(6)
الخزرجي: خلاصة التذهيب ص 136.
(7)
خلاصة التذهيب: ص23، وابن سعد: الطبقات الكبرى ج6 ص188 - 199.
وفي الشام:
مكحول أبو عبد الله (ت 112 هـ)، وكان من حفاظ الحديث، ومن أصحاب الرحلات إليه، وقيل: لم يكن أبصر منه بالفتيا في زمنه (1).
تابعو التابعين في مكة والمدينة:
واستجد عهد تابعي التابعين فبقيت المدينة ومكة بصفة خاصة منارة للعلم الإسلامي، وخاصة الحديث النبوي.
ففي المدينة:
كان " ربيعة الرأي "(ت 136 هـ)، وكان يقول بالرأي فيما لا يجد فيه حديثا أو أثرا، وفي الوقت نفسه كان محدثا، قال فيه ابن الماجشون:" ما رأيت أحدا أحفظ للسنة من ربيعة " ووثقه أحمد وابن سعد وابن حبان، وعلى ربيعة هذا تفقه مالك صاحب المذهب (2).
وفي مكة:
اشتهر عمرو بن دينار الفقيه المفتي المحدث (ت 115، وقيل 126 هـ)، وكان ثقة ثبتا كثير الحديث، قال شعبة عنه: ما رأيت أثبت في الحديث منه، وقال النسائي: ثقة ثبت، وقال مسعر: ثقة ثقة ثقة، وقال ابن المديني شيخ البخاري: له خمسمائة حديث (3).
واشتهر عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج (ت 150 هـ) فقيه الحرم المكي، وإمام أهل الحجاز في عصره، قال الذهبي عنه: كان ثبتا، والإمام أحمد
(1) الخزرجي: خلاصة التذهيب ص386، والذهبي: تذكرة الحفاظ ج1 ص101.
(2)
الخزرجي: خلاصة التذهيب ص216، والذهبي: تذكرة الحفاظ ج1 ص148.
(3)
انظر الخزرجي: خلاصة تذهيب التذهيب ص288.
ابن حنبل يقول عنه: إذا قال: أخبرنا وسمعت حسبك به، وقد تلقى عنه الأوزاعي، وسفيان الثوري، وسفيان بن عيينة وآخرون (1).
ومن أشهر المحدثين من تابعي التابعين في مكة: سفيان بن عيينة (ت 198 هـ) الموصوف بأنه أحد أئمة الإسلام، والذي قال الزهري عنه: إن حديثه نحو سبعة آلاف، وقال عمرو بن دينار: ما لبث نوح في قومه، أي: 950 حديثا، وقال الشافعي: لولا مالك وابن عيينة لذهب علم الحجاز (2).
وممن سكنوا مكة من المحدثين في ذلك العهد: الفضيل بن عياض (ت 187 هـ)، وكان موصوفا بأنه أحد أئمة الهدي والسنة، وكان ثقة في الحديث، وأخذ عنه كثيرون منهم الشافعي.
(1) انظر: الخزرجي: خلاصة تذهيب التذهيب ص244، والذهبي: ميزان الاعتدال ج2 ص150.
(2)
الخزرجي: خلاصة التذهيب ص145 و 146، والذهبي: تذكرة الحفاظ ج6 ص242، وميزان الاعتدال ج1 ص397.