الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الكرة فيه أو يقم على الإصرار عليه حتى بعد التوبة.
ننتقل بعد ذلك إلى
حد المحاربة وقطع الطريق
فالمحاربة هي المضادة والمخالفة وهي صادقة على الكفر وقطع الطريق وإخافة السبيل، وكذا الإفساد في الأرض، واختلفت وجهة نظر العلماء رحمهم الله في الحد المقدر على المحاربين وقطاع الطريق، والأصل فيها قول الله سبحانه {إِنَّمَا جَزَاءُ الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَنْ يُقَتَّلُوا أَوْ يُصَلَّبُوا أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُمْ مِنْ خِلَافٍ أَوْ يُنْفَوْا مِنَ الأَرْضِ} (1) الآية. وتفسيرها: إنما جزاء الذين يحاربون شريعة الله ودينه وأولياءه ويحاربون رسوله ويفسدون في الأرض بالمعاصي وسفك الدماء أن تقطع أيديهم اليمنى وأرجلهم اليسرى، أو يطردوا ويبعدوا من بلد إلى آخر، ذلك الجزاء المذكور ذل لهم وفضيحة في الدنيا ولهم في الآخرة عذاب النار. وقد اختلف في سبب نزول هذه الآية أهي في المشركين أم في قوم من أهل الكتاب أم في الحرورية؟ ورجح ابن كثير رحمه الله أنها عامة في المشركين وغيرهم ممن ارتكب هذه الصفات، وذكر حديثا رواه البخاري ومسلم عن أنس بن مالك «أن نفرا من عكل ثمانية قدموا على رسول الله صلى الله عليه وسلم فبايعوه على الإسلام فاستوخموا المدينة وسقمت أجسادهم، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: (ألا تخرجون مع راعينا في إبله فتصيبوا من أبوالها وألبانها) فقالوا: بلى، فخرجوا يشربون من أبوالها وألبانها فصحوا ثم قتلوا الراعي وطردوا الإبل، فبلغ ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم فبعث في آثارهم فأدركوا فجيء بهم، فأمر بهم فقطعت أيديهم وأرجلهم وسمرت أعينهم ثم نبذوا في الشمس حتى ماتوا (2)» هذا لفظ مسلم. وفي لفظ «فألقوا في الحرة فجعلوا يستسقون فلا يسقون (3)» . وعند البخاري قال أبو قلابة: فهؤلاء سرقوا وقتلوا وكفروا بعد إيمانهم وحاربوا الله ورسوله، وتعددت الروايات في هذا الباب واحتج بعموم هذه الآية جمهور العلماء في ذهابهم إلى أن حكم المحاربة في الأمصار وغيرها على حد سواء؛ لقوله تعالى {وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا} (4) وهذا مذهب مالك والشافعي وأحمد بن حنبل رحمهم الله.
(1) سورة المائدة الآية 33
(2)
صحيح البخاري الديات (6899)، صحيح مسلم القسامة والمحاربين والقصاص والديات (1671)، سنن النسائي الطهارة (305)، سنن أبو داود الحدود (4364)، مسند أحمد بن حنبل (3/ 163).
(3)
صحيح البخاري الوضوء (233).
(4)
سورة المائدة الآية 33
أما وضع توقيع العقوبة فاختلف فيه أيضا؛ فعن ابن عباس رضي الله عنهما أن (أو) في الآية للتخيير، أي الإمام مخير في إيقاع هذه العقوبة على من شهر السلاح في فئة المسلمين وأخاف السبيل وظفر به وقدر عليه.
أما الجمهور فنزلوا العقوبة بحسب الأحوال، قال الشافعي رحمه الله عن ابن عباس رضي الله عنهما في قطاع الطريق -: إذا قتلوا وأخذوا المال قتلوا وصلبوا، وإذا قتلوا ولم يأخذوا المال قتلوا ولم يصلبوا، وإذا أخذوا المال ولم يقتلوا قطعت أيديهم وأرجلهم من خلاف، وإذا أخافوا السبيل ولم يأخذوا المال نفوا من الأرض، وكذلك قال غيره من السلف، وفي الصلب خلاف للأئمة رحمهم الله:
أ- هل يصلب حيا ويترك حتى يموت يمنع من الطعام والشراب
ب- يقتل برمح أو نحوه
جـ- يقتل أولا ثم يصلب؛ تنكيلا لغيره من المفسدين
وفي ذلك خلاف يمنع من الترجيح.
أما النفي من الأرض الوارد في الآية الكريمة ففيه الخلاف أيضا:
1 -
يصلب حتى يقدر عليه فيقام عليه الحد أو يهرب من دار الإسلام، رواه ابن جرير عن ابن عباس.
2 -
ينفى من بلد إلى بلد آخر.
3 -
يخرجه السلطان أو نائبه من عمالته بالكلية.
4 -
ينفى من جند إلى جند ولا يخرج من دار الإسلام.
5 -
المراد بالنفي السجن، وهو قول أبي حنيفة، واختاره ابن جرير.
6 -
ينفى من بلد إلى بلد آخر فيسجن.
فتحصل مما تقدم أن حد المحاربة كما يلي:
أ- القتل
ب- الصلب