الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأبو عبد الله الفاكهي (المتوفى نحو سنة 280 هجرية) صاحب كتاب (تاريخ مكة) ومن تبعهما من المؤرخين في هذا الموضوع حتى عصر التقي الفاسي (المتوفى سنة 832 هجرية) فجاء العقد الثمين جامعا لمؤلفات السابقين مضافا إليه ما شاهده المؤلف مسجلا على الرخام والأحجار والأخشاب بالإضافة إلى ما تلقاه من الأخبار عن الثقات وما قام به من زيادات وتآليف وإضافات مما لم يذكره المؤرخون السابقون الذين توفوا قبله بنحو خمسمائة عام.
الموارد العلمية للكتاب
وعن الموارد التي استقى منها التقي الفاسي مواد كتابه (العقد الثمين في تاريخ البلد الأمين) فهي شاملة متنوعة جديرة بإلقاء نظرة تأمل عليها كي يتبين لنا مدى الجهد العلمي الذي بذله المؤلف حتى ترك لنا كتابه النفيس فشملت هذه الموارد كتبا في السيرة. . . والتاريخ الإسلامي والتراجم. . والطبقات. . والمعاجم. . والرحلات. . . هذه الموارد العلمية لعمالقة وجهابذة هذا الفن جعلت الكتاب عملاقا في موارده وفي تأليفه.
وكي نتبين منتهى الدقة العلمية لتلك الموارد فإن التقي الفاسي تلقاها كلها عن طريق السماع والمشافهة والإجازة والقراءة بالإضافة إلى القيمة العلمية لبعض هذه الموارد حيث إن السند فيها متصل.
ومن هذه الموارد في السيرة النبوية كتاب (السيرة) لمحمد بن إسحاق تهذيب ابن هشام وروايته عن زياد عنه. ومن تلك الموارد كتاب (الروض الأنف) لأبي القاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد المعروف بالسهيلي.
ومن تلك الموارد كتاب (النسب) للزبير بن بكار قاضي مكة.
ومن تلك الموارد كتاب (أخبار مكة) لأبي عبد الله محمد بن إسحاق بن العباس المكي المعروف بالفاكهي، وقد وصفه تقي الدين المكي بأنه (ما أكثر فوائده (1) وأيضا من الموارد التي اعتمد عليها التقي الفاسي كتاب (أخبار مكة) لأبي
(1) العقد الثمين للتقي الفاسي ج 1/ 19.
الوليد محمد بن عبد الله بن أحمد الأزرقي المكي.
ونحن إذا استعرضنا تلك الموارد وجدنا أن التقي الفاسي لم يقع إلا على ما هو نفيس وأصيل فمن موارده (الاستيعاب في معرفة الأصحاب) لأبي عمر يوسف بن عبد البر النمري وكتاب (تهذيب الكمال) للحافظ المعتمد أبي الحجاج يوسف بن عبد الرحمن المزي وأيضا (مختصر تهذيب الكمال) للحافظ الناقد أبي الفضائل أحمد بن علي بن حجر الشافعي.
أما الحافظ شمس الدين الذهبي فقد كان لمؤلفاته مكانة كبيرة وهامة عند التقي الفاسي فقد طالع منها - التقي الفاسي - مؤلفات ومصنفات جليلة مثل (ميزان الاعتدال) و (مختصر تاريخ دمشق) و (مختصر تهذيب الكمال) و (طبقات الحفاظ) و (طبقات القراء) و (تاريخ الإسلام) و (العبر) و (ذيل سير النبلاء) وغير ذلك من تأليف المؤرخ العملاق شمس الدين الذهبي.
أما الإمام النووي - صاحب كتاب رياض الصالحين - فقد أسقى تقي الدين بعض موارده من كتاب (تهذيب الأسماء واللغات) ومن الموارد أيضا السفر الجليل كتاب (تاريخ بغداد) للخطيب البغدادي واستكمل التقي الفاسي الإتمام التاريخي لتاريخ بغداد والممثل في " الذيول " فقرأ (ذيل تاريخ بغداد) لأبي سعد بن السمعاني و (ذيل تاريخ بغداد) للحافظ أبي عبد الله محمد بن سعد بن الدبيثي و (ذيل تاريخ بغداد) للقطيعي، و (ذيل تاريخ بغداد) للحافظ محب الدين محمد بن محمود بن النجار و (ذيل تاريخ بغداد) للحافظ تقي الدين بن رافع.
ومن المصادر التاريخية كتاب (تاريخ أربيل) لابن المستوفى وكذلك (تاريخ مصر) للحافظ قطب الدين الحلبي وكذلك بعض (تاريخ دمشق) لأبي القاسم ابن عساكر ولم يغفل التقي الفاسي أن يطلع على عمدة التاريخ (الكامل في التاريخ) لابن الأثير وكذلك كتابه (اللباب في الأنساب) وكتابه (أسد الغابة في معرفة الصحابة).
ومن المصادر التاريخية أيضا كتاب (مرآة الزمان في وفيات الفضلاء والأعيان)
لأبي المظفر يوسف بن قزعلي سبط الحافظ ابن الجوزي وكذا (ذيل مرآة الزمان) للإمام قطب الدين موسى بن محمد بن أحمد اليونيني.
ومن الموارد أيضا كتاب (الروضتين في أخبار الدولتين النورية والصلاحية) وذيلها للعلامة شهاب الدين أبو شامة عبد الرحمن بن إسماعيل المقدسي الدمشقي. ومن الموارد الدقيقة الهامة كتاب (وفيات الأعيان وأنباء الزمان مما ثبت بالنقل والسمع وأثبته العيان) للقاضي ابن خلكان - وما أدراك ما ابن خلكان - وكذا تاريخ البرزالي المسمى (المكتفي) الذي ذيل به على تاريخ أبي شامة ومعجمه.
ومن الموارد أيضا (أعوان النصر وأعيان العصر) للإمام صلاح الدين خليل بن أيبك الصفدي ومن الموارد أيضا (تاريخ الصلاح محمد بن شاكر الكتبي ومن الموارد التاريخية النفيسة التي استقى منها التقي الفاسي، كتاب (البداية والنهاية) للحافظ الكبير ابن كثير الدمشقي وأيضا تاريخ الأمير بيبرس الدوادار الناصري وتاريخ النويري وتاريخ الملك المؤيد صاحب حماة (المختصر في أخبار البشر) وتاريخ الحافظ أبي زرعة.
ومن المعاجم معجم السفر للحافظ السلفي. . . ومعجم الحافظ عز الدين بن الحاجب الأميني ومعجم الحافظ العلامة زكي الدين المنذري والتكملة له. . . ومعجم الحافظ ابن مسدي. . . ومعجم الإمام علاء الدين علي بن إبراهيم بن داود بن العطار. . . ووفيات الحافظ العراقي التي ذيل بها على (العبر) للمؤرخ الفذ شمس الدين الذهبي. . . ووفيات مفتي الشام ابن الحسباني ووفيات الشيخ الشهير محيي الدين عبد القادر الحنفي وأيضا كتابه النفيس (طبقات الحنفية)، و (طبقات الحنفية) أيضا لمجد الدين الشيرازي. . . ووفيات ابن نافع. . . ووفيات الأكفاني ووفيات ابن المفضل المقدسي. . . وتاريخ ناصر الدين بن الفرات. . . وتاريخ الصارم إبراهيم المعروف بابن دقماق ورحلة ابن جبير. . . وغير ذلك من المؤلفات النفيسة والموارد الجليلة.
وبعد: -
فتلك كانت كلمة موجزة عن موارد التقي الفاسي مؤرخ مكة المكرمة هذا المؤرخ الذي أتاح الله عز وجل له أن يستقي من تلك العلوم النافعة والدروس
المفيدة كل ما من شأنه أن جعل كتابه (العقد الثمين في أخبار البلد الأمين) أثرا علميا كبيرا يرتفع شاهقا ليدل على أصالة هذا المؤلف الذي بذل جهدا كبيرا وضخما فجاء سفر العقد الثمين مواكبا لذلك الجهد مؤكدا أنه كما قال تعالى: {إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا} (1)
معالي عبد الحميد حمودة
(1) سورة الكهف الآية 30