الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فإن العلماء الموجودين في البلدان العربية والذين عرفنا بعضهم معرفة حقيقية هم أعلى وأجل بأكثر من علماء الخارج.
سفر البنات العذارى إلى البلدان الخارجية
للانتساب بزعمهم
أما سفر البنات إلى الخارج لطلب الانتساب فإن هذا أكبر نكرا وأعظم خطرا وأشد ضررا فيما يتعلق بدينهن وأخلاقهن، والوقاية خير من العلاج، وكل الأشياء مربوطة بوسائلها وأسبابها إذ الوسائل كالمقاصد، وإن قلنا: إن العلم مطلوب في حق الرجال والنساء فإن هذا صحيح، فإن الله يقول {وَأْتُوا الْبُيُوتَ مِنْ أَبْوَابِهَا} (1) وليس من باب العلم أن تقصد المرأة المسلمة أستاذا مربيا ليس لديه نصيب من علم الدين والأحكام وأمور الحلال والحرام، إذ هو كالطبيب الذي داؤه من دوائه وعلته من حميته، فإن عادم العلم لا يعطيه، وكل إناء ينضح بما فيه، فإن هذا الانتساب الذي يطلبنه لا يزيدهن علما أبدا، بل ترجع إحداهن كما ذهبت، لكن الفتاة تكتسب به نوعا من الكبر في نفسها وارتفاعا في رتبتها مما يصيب القواعد بشيء من الانكسار والذل، وقد يكون من المخلفات من هن أعلى درجات في العلم والعقل من المسافرات للانتساب، والجريمة جريمة فتح الباب للفتاة والسماح لها بالسفر.
قد ينبو فهم بعض الناس عن صحة ما أقول، ونصيحتي للجمهور ألا يرمي ببناته وأفلاذ كبده في البلدان الغربية التماسا للانتساب، نظرا إلى رجاء ما يحصل من رفع رتبتها ومرتبها ولا يبالي بما ذهب من دينها وأخلاقها، والنبي صلى الله عليه وسلم قد حرم هذا السفر قطعا كما في الصحيح أن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم (2)» رواه البخاري ومسلم، والحلال هو ما أحله الله ورسوله، والحرام هو ما حرمه الله ورسوله، وإن الجولة العظيمة القائمة بإنشاء المدارس والمعاهد والكليات والجامعات لن تعجز عن حجز مكان من مدرسة البنات أو من إحدى الكليات تعينه للانتساب للبنات مع العلم أن باب العلم مفتوح لهن
(1) سورة البقرة الآية 189
(2)
صحيح البخاري الجمعة (1088)، صحيح مسلم الحج (1339)، سنن الترمذي الرضاع (1170)، سنن أبو داود المناسك (1723)، سنن ابن ماجه المناسك (2899)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 437)، موطأ مالك الجامع (1833).
في جميع الكتب والمؤلفات {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ} (1).
لكن يوجد من يعتذر لسفر هؤلاء بدعوى - أنه معهن رقيب، أو رقباء من الرجال يكفلوهن من الشذوذ والانفراد، وهذا الرقيب لا يغني عنها شيئا، فإنهن متى وصلن إلى دار الغربة انتشرن فيها وانتثرن، فواحدة تذهب للسوق لحاجتها، وواحدة تذهب إلى صديقتها، وأخرى إلى صديقتها، وأخرى هي أخطرهن حين تذهب إلى بيت الأستاذ لشهادة الانتساب حينما يغلق عليهما الباب ويحضرهما الشيطان، فما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان ثالثهما.
أما الاصطلاح الذي وضعوه للجامعات بأن يقبلوا من يزيد محصولها على خمسين ويسعون سعيهم في سفرها للانتساب بدل ما يردون أكثر البنات والذي ينقص حظهن عن الخمسين بدعوى أن هذا هو النظام، وأن العدل والإنصاف كون النظام، مثل هذا يدخل فيه التسهيل والتيسير والتعديل والتبديل، فمن واجب هؤلاء المتخلفات أن يفرض لهن مكان في إحدى الكليات والمدارس ينتسبن فيه، أي بعد الاختبار وأن يغلق دونهم الباب. بحيث تبقى أسيرة وحصيرة في بيت أهلها إذ هذا مما ينفيه العدل، والقادرون على إنشاء الجامعات والكليات والمعاهد وسائر المدارس هم الذين يقدرون على تخصيص محل في بلدهم والاصطلاح العائل والمائل هو القابل للتبديل والتعديل.
لأننا وإن قلنا: إن النساء في حاجة إلى العلم والأدب والإصلاح وتعلم سائر العلوم والفنون كالرجال فهذا صحيح والعلم النافع مطلوب ومرغوب فيه في حق الرجال والنساء، غير أن هذا العلم من الممكن تحصيله لها في بلدها بمراجعة الكتب والفنون وسائر المؤلفات، وبسؤال العلماء عن المشكلات، فإن هذا هو طريقة حصول العلم للرجال والنساء.
فالراسخون في العلم والمتوسعون فيه إنما توصلوا إلى ما تحصلوا عليه بهذه الطريقة، فلماذا تترك المرأة هذا ثم تحرص ويحرص أهلها على سفرها وحدها الذي حرمه
(1) سورة المجادلة الآية 11
الشارع بقوله: «لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تسافر يوما وليلة إلا مع ذي محرم (1)» رواه البخاري، خصوصا مثل السفر البعيد الذي تتعرض فيه إلى الأخطار والأضرار، ثم إلى فتنتها والافتتان بها الناشئ عن وحدتها والخلوة بها، وعن اختلاطها بالرجال في الملاهي والمجتمعات وسائر الأحوال والأوقات تقليدا بما يسمونه تحرير المرأة عن رق أهلها وزوجها، وهن ناقصات عقل ودين والمشبهة عقولهن بالقوارير في تكسرهن وميولهن، وليس من شأنها أن تطلب علما يوصلها إلى سطح القمر بحيث لا تجده إلا في الخارج، وما عداه فإنه موجود في بلدها بدون سفر.
لهذا يحرم على حكام المسلمين تمكين النساء من السفر إلى الخارج، كما يحرم إعانتهم في سبيل هذا السفر لاعتبار أنه سفر معصية بلا شك - وبالله قل لي ماذا ينفع العائلة الحسيبة المسلمة من سفر ابنتهم إلى المدارس النصرانية تتربى بأخلاقهم ومساوئ آدابهم وعوائدهم؟ إن أكبر ما تستفيده هي اللغة الأجنبية التي لا يمكن أن تخاطب بها أمها ولا أباها ولا أخواتها، وإذا رجعت من سفرها إلى أهلها رجعت إلى أهلها بغير الأخلاق والآداب التي يعرفونها عنها، فترى أهلها كأنهم عالم غير العالم الذي نشأت فيه، وتحمل في نفسها الكبر والازدراء لأهلها فتعيب عليهم كل ما يزاولونه من معيشتهم وأخلاقهم وآدابهم وعوائدهم، ثم تقع العداوة والتنافر بينها وبينهم في كل شيء، وغايتها أنها تبغض أهلها وأقاربها ويبغضونها. وحتى الأزواج الأكفاء تعزف نفوسهم عن خطبتها والرغبة فيها لعلمهم بأنها متبرجة ومتفرنجة لا تخضع لطاعة الزوج وتكلفه شيئا من المشاق في السفر بها دائما إلى البلدان الأجنبية، ومتى تقلدت عمل الوظيفة فإنها أبعد لها عن الزوج وعن تدبير شئون بيته وعياله، أفلا يكون سفرها للتعلم على هذه الحالة شقاء وضلالة وقطعا لأواصر الزوجية والعيال، وما تستفيده من مرتباتها فإنها ستكون أبعد بها عن أهلها ويتضخم به خبالها وعدم اعتدالها.
وباعتبار أننا مسلمون على الحقيقة فإنه يجب علينا امتثال مأمورات دين الإسلام واجتناب منهياته، فقد «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن تسافر المرأة يوما وليلة إلا مع ذي محرم (2)» ، ونهى أن يخلو الرجل بالمرأة وقال: «ما خلا رجل بامرأة إلا والشيطان
(1) صحيح البخاري الجمعة (1088)، صحيح مسلم الحج (1339)، سنن الترمذي الرضاع (1170)، سنن أبو داود المناسك (1723)، سنن ابن ماجه المناسك (2899)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 437)، موطأ مالك الجامع (1833).
(2)
صحيح البخاري الجمعة (1088)، صحيح مسلم الحج (1339)، سنن الترمذي الرضاع (1170)، سنن أبو داود المناسك (1723)، سنن ابن ماجه المناسك (2899)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 437)، موطأ مالك الجامع (1833).
ثالثهما (1)» ونهى القرآن عن إبداء زينتهن للرجال، وهذا كله حاصل متيسر منها في سفرها، فإنها تتزيا بزي نساء أهل تلك البلاد من التكشف وإبداء مفاتن جسمها غير مبالية بالحياء والستر، وإنما نهى رسول الله عن هذه الأشياء لكونها كالمقدمات لما بعدهما كما في البخاري ومسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «العين تزنى وزناها النظر والقلب يتمنى ويشتهي والفرج يصدق ذلك أو يكذبه (2)» فلا ينهى الشارع عن شيء إلا ومضرته واضحة ومفسدته راجحة، فأقل شيء تستبيح في سفرها هو النظر إلى الرجال الأغنياء ونظرهم إليها، وما من نظرة إلا للشيطان فيها مطمع، فهي في مبدئها نظرة، ثم تكون خطرة، ثم خطوة ثم خطيئة، والنبي صلى الله عليه وسلم قال:«لا تتبع النظرة نظرة فإن الأولى لك والأخرى ليست لك (3)» وقد قيل: " كم نظرة أثارت فتنة وأورثت حسرة ".
إن الرجال الناظرين إلى النساء
…
مثل السباع تطوف باللحمان
إن لم تصن تلك اللحوم أسودها
…
أكلت بلا عوض ولا أثمان
فلا أدري ما حجة هذا الرجل الذي جعله الله راعيا على أهل بيته متى سئل عن سفر ابنته لبلدان أوربا، وهل يصدق عليه أنه قام بواجب رعايته في أمانة تربية ابنته، فحاط بحفظها وصيانتها حسب استطاعته، وفاء بصدق أمانته وحسن رعايته، أم ضيع ما استؤمن عليه وفرط في رعايته وقذف بابنته في هاوية الفتنة والافتتان بها وتركها تتصرف كيف شاءت بدون مراقب ولا وازع.
ومن ذا يثني الأصاغر عن مراد
…
وقد جلس الأكابر في الزوايا
إنه لا ينبغي لنا أن نحسن الظن بهؤلاء البنات في سفرهن إلى الخارج والحالة هذه، بل يجب أن نحسن العمل برعاية حمايتهن عن مراتع الفتن، فإن من وقع في الشبهات وقع في الحرام.
وحسن ظنك بالأيام معجزة
…
فظن شرا وكن منها على حذر
وكذا يقال في الأئمة الذين جعلهم الله رعاة عل عباده بأنه يجب عليهم أن يغرسوا في نفوس رعاياهم التخلق بمحبة الفرائض والفضائل وحمايتهم عن منكرات الأخلاق والرذائل باستعمال الأسباب والوسائل " فإن الوقاية خير من العلاج
(1) صحيح البخاري النكاح (5232)، صحيح مسلم السلام (2172)، سنن الترمذي الرضاع (1171)، مسند أحمد بن حنبل (4/ 149)، سنن الدارمي الاستئذان (2642).
(2)
صحيح البخاري القدر (6612)، صحيح مسلم القدر (2657)، سنن أبو داود النكاح (2152)، مسند أحمد بن حنبل (2/ 343).
(3)
مسند أحمد بن حنبل (1/ 159)، سنن الدارمي الرقاق (2709).
والدفع أيسر من الرفع " أولم يكن الأوفق والأليق لهذه البنت ولأهلها أن تتعلم سائر العلوم عند أهلها وفي مدارس بلدها لتستعين بالبيئة والمجتمع على تهذيبها وصيانتها وحسن تربيتها وحسن الظن بها، وحتى تكون في بيت أهلها وزوجها صالحة مصلحة تعاملهم وتعاشرهم بالحفاء والوفاء بدون نفرة ولا جفاء، وحتى تكون مثلا صالحا لأخواتها وأهل بيتها وكاليد الكريمة لزوجها في إدارة شئون بيتها وعيالها فتعيش سيدة بيت وسعيدة عشيرة، ولا يوفق لهذا إلا خيار النساء عقلا وأدبا ودينا.
إن تحويل النساء المسلمات عن أخلاقهن الإسلامية يقع بتأثير أخلاق أرواح أجنبية غايتها تحويل المسلمات عن دينهن وجميل أخلاقهن إلى اتباع الأوربيات وتقليدهن في عاداتهن، وكل ما ذكرنا من خطورته على العفاف والدين فإنه من البراهين التي لا مجال للجدل في صحتها.
إن النصارى لا يعدون الزنا جريمة، وإن الاختلاط بين الطلاب من الشباب والشابات واحتكاك بعضهم ببعض جنبا إلى جنب وجريان الحديث والمزاج من بينهم، ثم المصاحبة والخلوة كما تستدعيه المجالسة والمآنسة فإن هذا العمل ضار في ذاته ومؤد إلى الفاحشة الكبرى في غايته وسوء عاقبته، لأنه يعد من أقوى الأسباب والوسائل لإفساد البنات المصونات وتمكن الفساق من إغوائهن، فهل أنتم منتهون.
{وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (1) فهذه نصيحتي لكم والله خليفتي عليكم واستودع الله دينكم وأمانتكم والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.
رئيس المحاكم الشرعية والشئون الدينية بقطر
عبد الله بن زيد آل محمود
(1) سورة المائدة الآية 92
صفحة فارغة
التبشير في منطقة الخليج والجزيرة العربية
بقلم رئيس التحرير الدكتور محمد بن سعد الشويعر
- تخرج في كلية اللغة العربية عام 1379 - 1380 هـ، ثم حصل على درجة الماجستير في اللغة العربية، وكان موضوع البحث: شعراء الرسول صلى الله عليه وسلم ودفاعهم عن الدعوة، ومن ثم نال درجة الدكتوراه في اللغة العربية بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف الأولى من كلية اللغة العربية بجامعة الأزهر.
- عمل مدرسا في وزارة المعارف، ثم موظفا في رئاسة تعليم البنات، ثم مديرا عاما لتعليم البنات المتوسط، يعمل رئيسا لتحرير مجلة البحوث الإسلامية منذ عام 1402 هـ.
- له عدة مؤلفات طبع منها خمسة.
- حضر العديد من المؤتمرات التربوية الإسلامية في الداخل والخارج.
- له مشاركات في الصحف والمجلات المحلية والخارجية وله أحاديث وندوات إذاعية وتليفزيونية.
الحمد لله الذي أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بشيرا ونذيرا وداعيا إلى الله بأذنه وسراجا منيرا وهو القائل له في محكم التنزيل: {فَلَا تُطِعِ الْكَافِرِينَ وَجَاهِدْهُمْ بِهِ جِهَادًا كَبِيرًا} (1) والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وقدوة للسالكين وحجة على العباد أجمعين وعلى آله وأصحابه وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
فقد وصلت إلينا معلومات عن التبشير في منطقة الخليج العربي، تستهدف غزو الإسلام في عقر داره، يحسن بالمسلمين توجيه الأنظار نحوها، والاهتمام بها لتحريك الهمة الإسلامية في الوقوف ضد ذلك الغزو الموجه.
وقبل أن ندخل في هذا الموضوع، رأيت من المناسب لفت نظر المسلمين في كل مكان إلى أن التسمية الحقيقية يجب أن تكون التنصير، فالله جل وعلا قد سمى أهل هذه الملة في كتابه الكريم (نصارى) وإن رغبتهم في جذب الناس إلى معتقداتهم، دعتهم إلى أن يسموا دعوتهم إلى ذلك بالتبشير للتشويق إلى نحلتهم، وإن تغيير الاسم لا يغير المسمى، إذ من المعلوم أن التبشير في الغالب لا يكون إلا في الخير كما قال الله تعالى في حق نبيه {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا وَلَا تُسْأَلُ عَنْ أَصْحَابِ الْجَحِيمِ} (2).
وقال تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إلَاّ مُبَشِّرًا وَنَذِيرًا} (3).
قال ابن كثير رحمه الله في تفسيره عن عكرمة عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «أنزلت علي: {إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيرًا وَنَذِيرًا} (4) قال: بشيرا بالجنة، ونذيرا من النار» .
وقال الطبري في تفسيره هذه الآية: إنا أرسلناك يا محمد بالإسلام الذي لا أقبل من أحد غيره من الأديان وهو الحق، مبشرا من اتبعك فأطاعك، وقبل منك ما دعوته إليه من الحق بالنصر في الدنيا والظفر بالثواب في الآخرة والنعيم المقيم فيها،
(1) سورة الفرقان الآية 52
(2)
سورة البقرة الآية 119
(3)
سورة الإسراء الآية 105
(4)
سورة البقرة الآية 119