الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وبذلت المحاكم في ذلك ما يلزم شرعا من العقوبات الرادعة، والواجب على أفراد الشعب التعاون مع الدولة ومع المحاكم في محاربة جميع المخدرات بالنصيحة والتوجيه الإسلامي والتحذير بالقول والعمل، وأن يبدأ كل واحد بنفسه فيحاربها قولا وعملا بصدق وإخلاص، وأن ينصح إخوانه في ذلك، ويبين لهم أضرارها العظيمة وعواقبها السيئة عملا بقول الله سبحانه وتعالى:{وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ} (1) وقوله عز وجل: {وَالْعَصْرِ} (2){إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ} (3){إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ} (4) ونسأل الله لنا ولجميع المسلمين الهداية والتوفيق والعافية من كل ما يغضبه سبحانه.
(1) سورة المائدة الآية 2
(2)
سورة العصر الآية 1
(3)
سورة العصر الآية 2
(4)
سورة العصر الآية 3
248 -
كلمة في التحذير من القمار
وشرب المسكر وبيوع الغرر
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه، أما بعد (1) :
فإن الله سبحانه أحل لعباده الطيبات من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات، لحاجة العباد إليها وعظيم نفعها وسلامتها من
(1) صدرت من سماحته بتاريخ 8 \ 1 \ 1408هـ.
الضرر، وحرم عليهم عز وجل جميع الخبائث من المطاعم والمشارب والملابس والمعاملات لعظم ضررها وعدم نفعها، أو قلته في نجب المضرة الغالبة، قال تعالى في سورة المائدة:{يَسْأَلُونَكَ مَاذَا أُحِلَّ لَهُمْ قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} (1) وقال تعالى في السورة المذكورة: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} (2){إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ} (3){وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَاحْذَرُوا فَإِنْ تَوَلَّيْتُمْ فَاعْلَمُوا أَنَّمَا عَلَى رَسُولِنَا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ} (4) وقال تعالى في سورة الأعراف في وصف نبينا وسيدنا وإمامنا محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم: {الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ} (5) أوضح الله سبحانه في هذه الآيات أنه أحل
(1) سورة المائدة الآية 4
(2)
سورة المائدة الآية 90
(3)
سورة المائدة الآية 91
(4)
سورة المائدة الآية 92
(5)
سورة الأعراف الآية 157
لعباده الطيبات وحرم عليهم الخبائث، وبين سبحانه: أن من جملة الخبائث الخمر لعظم مضرتها وسلبها العقول وجلبها الشحناء والعداوة بين المتعاطين لها وغيرهم، وصدها عن ذكر الله وعن الصلاة، فهي: أم الخبائث ووسيلة الرذائل، وهي من أقبح الكبائر وأعظم الجرائم، وقد أوعد الله من مات عليها أن يسقيه من طينة الخبال، وهي عصارة أهل النار، نستجير بالله من ذلك.
ومن جملة الخبائث الكسبية الميسر وهو: القمار، وما ذاك إلا لما يترتب عليه من الأضرار العظيمة التي منها سلب الثروات وأكل المال بغير حق، وجلب الشحناء والعداوة، والصد عن ذكر الله وعن الصلاة.
وكثير من الناس اليوم يتعاطى الميسر، ولا يبالي بما قاله الله ورسوله في تحريمه والنهي عنه، ولا بما يترتب عليه من المفاسد والأضرار؛ وذلك لما جبلت عليه القلوب من الجشع والطمع والحرص على استحصال المال بكل وسيلة، ولو كان في ذلك غضب الله وعقابه، بل ولو كان في ذلك ذهاب ماله وتلف نفسه في العاقبة، إلا من شاء الله من العباد، وما ذاك إلا لسكر القلوب بحب المال والحرص عليه ونسيان ما يترتب على وسائله المحرمة: كالقمار وبيع الغرر من العواقب الوخيمة في الدنيا والآخرة، وقد صح عن النبي صلى الله عليه وسلم «أنه نهى عن بيع الغرر (1) » .
(1) صحيح مسلم البيوع (1513) ، سنن الترمذي البيوع (1230) ، سنن النسائي البيوع (4518) ، سنن أبو داود البيوع (3376) ، سنن ابن ماجه التجارات (2194) ، مسند أحمد بن حنبل (2/439) ، سنن الدارمي البيوع (2563) .
ومن المعاملة الداخلة في القمار وفي بيع الغرر: ما حدث في هذا العصر من وضع بعض الشركات والتجار جوائز خفية في بعض السلع التي يراد بيعها، طمعا في استنزاف ثروات المسلمين وترغيبا لهم في شراء السلع المشتملة على الجوائز بأغلى من ثمنها المعتاد، والاستكثار من تلك السلع رجاء الظفر بتلك الجوائز، ولا ريب أن هذه المعاملات من الميسر، ومن بيع الغرر؛ لأن المشتري يبذل ماله الكثير رجاء مال مجهول، لا يدري هل يظفر به أم لا؟ وهذا من الميسر وبيع الغرر الذي حذر الله ورسوله منه، وهكذا بيع البطاقات ذوات الأرقام ليفوز مشتريها ببعض الجوائز إذا حصل على الرقم المطلوب، ولا شك أن هذا العمل من الميسر الذي حرمه الله لما فيه من المخاطرة وأكل الأموال بالباطل، فاتقوا الله أيها المسلمون، واحذروا هذه المعاملات المحرمة وحذروا منها إخوانكم، واحرصوا على حفظ أموالكم، وعدم صرفها إلا فيما تتحققون منفعته وسلامته مما يخالف شرع الله، وإياكم أن تساعدوا أعداءكم، وأرباب الجشع من التجار والشركات بما يسلب أموالكم، ويغضب الله عليكم، ويجب على الحكومة- وفقها الله لكل خير- أن تمنع هذه المعاملات، وأن تمنع ورود هذه السلع المشتملة على الجوائز التي توقع