الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مُتَعَدِّدَةً، فَأَنْزَلَ اللَّهُ:{قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمَنَ أَيًّا مَا تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} [الإسراء: 110] فَأَيُّ اسْمٍ دَعَوْتُمُوهُ بِهِ فَإِنَّمَا دَعَوْتُمُ الْمُسَمَّى بِذَلِكَ الِاسْمِ، فَأَخْبَرَ سُبْحَانَهُ أَنَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ، وَإِنْ تَعَدَّدَتْ أَسْمَاؤُهُ الْحُسْنَى الْمُشْتَقَّةُ مِنْ صِفَاتِهِ، وَلِهَذَا كَانَتْ حُسْنَى، وَإِلَّا فَلَوْ كَانَتْ كَمَا يَقُولُ الْجَاحِدُونَ لِكَمَالِهِ: أَسْمَاءٌ مَحْضَةٌ فَارِغَةٌ مِنَ الْمَعَانِي لَيْسَ لَهَا حَقَائِقُ لَمْ تَكُنْ حُسْنَى، وَلَوْ كَانَتْ أَسْمَاءُ الْمَوْصُوفِينَ بِالصِّفَاتِ وَالْأَفْعَالِ أَحْسَنَ مِنْهَا، فَدَلَّتِ الْآيَةُ عَلَى تَوْحِيدِ الذَّاتِ وَكَثْرَةِ النُّعُوتِ وَالصِّفَاتِ.
وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُ هَؤُلَاءِ: أَخَصُّ صِفَاتِ الْإِلَهِ: الْقَدِيمُ، فَإِذَا أَثْبَتُّمْ لَهُ صِفَاتٍ قَدِيمَةً لَزِمَ أَنْ تَكُونَ آلِهَةً قَدِيمَةً، وَلَا يَكُونُ الْإِلَهُ وَاحِدًا.
فَيُقَالُ لِهَؤُلَاءِ الْمُدَلِّسِينَ الْمُلْبِسِينَ عَلَى أَمْثَالِهِمْ مِنْ أَشْبَاهِ الْأَنْعَامِ: الْمَحْذُورُ الَّذِي نَفَاهُ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ وَالْفِطْرَةُ، وَأَجْمَعَتِ الْأَنْبِيَاءُ عَلَى بُطْلَانِهِ: أَنْ يَكُونَ مَعَ اللَّهِ آلِهَةٌ أُخْرَى، إِلَّا أَنْ يَكُونَ إِلَهُ الْعَالَمِينَ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ حَيًّا قَيُّومًا سَمِيعًا بَصِيرًا مُتَكَلِّمًا آمِرًا نَاهِيًا فَوْقَ عَرْشِهِ، لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى وَالصِّفَاتُ الْعُلَى، فَلَمْ يَنْفِ الْعَقْلُ وَالشَّرْعُ وَالْفِطْرَةُ أَنْ يَكُونَ لِلْإِلَهِ الْوَاحِدِ صِفَاتُ كَمَالٍ يَخْتَصُّ بِهَا لِذَاتِهِ.
[لفظ الجسم لم ينطق به الوحي إثباتا لا نفيا]
وَاعْلَمْ أَنَّ لَفْظَ الْجِسْمِ لَمْ يَنْطِقْ بِهِ الْوَحْيُ إِثْبَاتًا فَيَكُونُ لَهُ الْإِثْبَاتُ، وَلَا نَفْيًا فَيَكُونُ لَهُ النَّفْيُ، فَمَنْ أَطْلَقَهُ نَفْيًا أَوْ إِثْبَاتًا سُئِلَ عَمَّا أَرَادَ بِهِ، فَإِنْ قَالَ: أَرَدْتُ بِالْجِسْمِ مَعْنَاهُ فِي لُغَةِ الْعَرَبِ وَهُوَ الْبَدَنُ الْكَثِيفُ الَّذِي لَا يُسَمَّى فِي اللُّغَةِ جِسْمٌ سِوَاهُ، فَلَا يُقَالُ لِلْهَوَى جِسْمٌ لُغَةً وَلَا لِلنَّارِ وَلَا لِلْمَاءِ، فَهَذِهِ اللُّغَةُ وَكُتُبُهَا بَيْنَ أَظْهُرِنَا، فَهَذَا الْمَعْنَى مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ عَقْلًا وَسَمْعًا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِهِ الْمُرَكَّبَ مِنَ الْمَادَّةِ وَالصُّورَةِ، وَالْمُرَكَّبَ مِنَ الْجَوَاهِرِ الْمُفْرَدَةِ، فَهَذَا مَنْفِيٌّ عَنِ اللَّهِ قَطْعًا، وَالصَّوَابُ نَفْيُهُ عَنِ الْمُمْكِنَاتِ أَيْضًا، فَلَيْسَ الْمَخْلُوقُ مُرَكَّبًا مِنْ هَذَا وَلَا مِنْ هَذَا، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُوَصَفُ بِالصِّفَاتِ وَيُرَى بِالْأَبْصَارِ وَيَتَكَلَّمُ وَيُكَلِّمُ وَيَسْمَعُ وَيُبْصِرُ وَيَرْضَى وَيَغْضَبُ، فَهَذِهِ الْمَعَانِي ثَابِتَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى وَهُوَ مَوْصُوفٌ بِهَا، فَلَا نَنْفِيهَا عَنْهُ بِتَسْمِيَتِكُمْ لِلْمَوْصُوفِ بِهَا جِسْمًا، كَمَا أَنَّا لَا نَسُبُّ الصَّحَابَةَ لِأَجْلِ تَسْمِيَةِ الرَّوَافِضِ لِمَنْ يُحِبُّهُمْ وَيُوَالِيهِمْ نَوَاصِبَ، وَلَا نَنْفِي قَدَرَ الرَّبِّ وَنُكَذِّبُ بِهِ لِأَجْلِ تَسْمِيَةِ الْقَدَرِيَّةِ لِمَنْ أَثْبَتَهُ جَبْرِيًّا، وَلَا بِرَدِّ مَا أَخْبَرَ بِهِ الصَّادِقُ عَنِ اللَّهِ وَأَسْمَائِهِ وَصِفَاتِهِ لِتَسْمِيَةِ أَعْدَاءِ الْحَدِيثِ لَنَا حَشْوِيَّةً، وَلَا نَجْحَدُ صِفَاتِ خَالِقِنَا وَعُلُوَّهُ عَلَى خَلْقِهِ وَاسْتِوَاءَهُ عَلَى عَرْشِهِ لِتَسْمِيَةِ الْفِرْعَوْنِيَّةِ الْمُعَطِّلَةِ لِمَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ مُجَسِّمًا مُشَبِّهًا:
فَإِنْ كَانَ تَجْسِيمًا ثُبُوتُ اسْتِوَائِهِ
…
عَلَى عَرْشِهِ إِنِّي إِذًا لِمُجَسِّمُ
وَإِنْ كَانَ تَشْبِيهًا ثُبُوتُ صِفَاتِهِ
…
فَمِنْ ذَلِكَ التَّشْبِيهِ لَا أَتَكَتَّمُ
وَإِنْ كَانَ تَنْزِيهًا جُحُودُ اسْتِوَائِهِ
…
وَأَوْصَافِهِ أَوْ كَوْنِهِ يَتَكَلَّمُ
فَعَنْ ذَلِكَ التَّنْزِيهِ نَزَّهْتُ رَبَّنَا
…
بِتَوْفِيقِهِ وَاللَّهُ أَعْلَى وَأَعْظَمُ
وَرَحْمَةُ اللَّهِ عَلَى الشَّافِعِيِّ حَيْثُ فَتَحَ لِلنَّاسِ هَذَا الْبَابَ فِي قَوْلِهِ:
يَا رَاكِبًا قِفْ بِالْمُحَصَّبِ مِنْ مِنًى
…
وَاهْتِفْ بِقَاعِدِ خَيْفِهَا وَالنَّاهِضِ
إِنْ كَانَ رَفْضًا حُبُّ آلِ مُحَمَّدٍ
…
فَلْيَشْهَدِ الثَّقَلَانِ أَنِّي رَافِضِي
وَهَذَا كُلُّهُ كَأَنَّهُ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الشَّاعِرِ الْأَوَّلِ:
وَعَيَّرَنِي الْوَاشُونَ أَنِّي أُحِبُّهَا
…
وَذَلِكَ ذَنْبٌ لَسْتُ مِنْهُ أَتُوبُ
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُشَارُ إِلَيْهِ إِشَارَةً حِسِّيَّةً فَقَدْ أَشَارَ أَعْرَفُ الْخَلْقِ بِهِ بِأُصْبُعِهِ رَافِعًا بِهَا إِلَى السَّمَاءِ بِمَشْهَدِ الْجَمْعِ الْأَعْظَمِ مُسْتَشْهِدًا لَهُ، لَا لِلْقِبْلَةِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يُقَالُ: أَيْنَ هُوَ؟ فَقَدْ سَأَلَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِهِ بِأَيْنَ، مُنَبِّهًا عَلَى عُلُوِّهِ عَلَى عَرْشِهِ، وَسَمِعَ السُّؤَالَ بِأَيْنَ، وَأَجَابَ عَنْهُ، وَلَمْ يَقُلْ: هَذَا السُّؤَالُ إِنَّمَا يَكُونُ عَنِ الْجِسْمِ، وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَلْحَقُهُ مِنْ، وَإِلَى، فَقَدْ نَزَلَ جِبْرِيلُ مِنْ عِنْدِهِ، وَعَرَجَ بِرَسُولِهِ إِلَيْهِ، وَإِلَيْهِ يَصْعَدُ الْكَلِمُ الطَّيِّبُ، وَعَبْدُهُ الْمَسِيحُ رُفِعَ إِلَيْهِ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَتَمَيَّزُ مِنْهُ أَمْرٌ غَيْرُ أَمْرٍ، فَهُوَ سُبْحَانُهُ مَوْصُوفٌ بِصِفَاتِ الْكَمَالِ، جَمِيعًا، مِنَ السَّمْعِ وَالْبَصَرِ وَالْعِلْمِ وَالْقُدْرَةِ وَالْحَيَاةِ، وَهَذِهِ صِفَاتٌ مُتَمَيِّزَةٌ مُتَغَايِرَةٌ، وَمَنْ قَالَ: إِنَّهَا صِفَةٌ وَاحِدَةٌ فَهُوَ بِالْمَجَانِينِ أَشْبَهَ مِنْهُ بِالْعُقَلَاءِ، وَقَدْ قَالَ أَعْلَمُ الْخَلْقِ بِهِ:" «أَعُوذُ بِرِضَاكَ مِنْ سَخَطِكَ، وَأَعُوذُ بِعَفْوِكَ مِنْ عُقُوبَتِكَ وَأَعُوذُ بِكَ مِنْكَ» " وَالْمُسْتَعَاذُ بِهِ غَيْرُ الْمُسْتَعَاذِ مِنْهُ، وَأَمَّا اسْتِعَاذَتُهُ صلى الله عليه وسلم بِهِ مِنْهُ فَبِاعْتِبَارَيْنِ مُخْتَلِفِينَ، فَإِنَّ الصِّفَةَ الْمُسْتَعَاذَ بِهَا وَالصِّفَةَ الْمُسْتَعَاذَ مِنْهَا صِفَتَانِ لِمَوْصُوفٍ وَاحِدٍ وَرَبٍّ وَاحِدٍ، فَالْمُسْتَعِيذُ بِإِحْدَى الصِّفَتَيْنِ مِنَ الْأُخْرَى مُسْتَعِيذًا بِالْمَوْصُوفِ بِهِمَا مِنْهُ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِالْجِسْمِ مَا يَكُونُ فَوْقَ غَيْرِهِ وَمُسْتَوِيًا عَلَى غَيْرِهِ، فَهُوَ سُبْحَانَهُ فَوْقَ عِبَادِهِ مُسْتَوٍ عَلَى عَرْشِهِ، كَذَلِكَ إِنْ أَرَدْتُمْ مِنَ التَّشْبِيهِ وَالتَّرْكِيبِ هَذِهِ الْمَعَانِيَ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الْوَحْيُ وَالْعَقْلُ، فَنَفْيُكُمْ لَهَا بِهَذِهِ الْأَلْقَابِ الْمُنْكَرَةِ خَطَأٌ فِي اللَّفْظِ وَالْمَعْنَى، وَجِنَايَةٌ عَلَى
أَلْفَاظِ الْوَحْيِ، أَمَّا الْخَطَأُ اللَّفْظِيُّ فَتَسْمِيَتُكُمُ الْمَوْصُوفَ بِذَلِكَ جِسْمًا مُرَكَّبًا مُؤَلَّفًا مُشَبَّهًا بِغَيْرِهِ، وَتَسْمِيَتُكُمْ هَذِهِ الصِّفَاتِ تَرْكِيبًا وَتَجْسِيمًا وَتَشْبِيهًا، فَكَذَبْتُمْ عَلَى الْقُرْآنِ وَعَلَى الرَّسُولِ وَعَلَى اللُّغَةِ، وَوَضَعْتُمْ لِصِفَاتِهِ أَلْفَاظًا مِنْكُمْ بُدِئَتْ وَإِلَيْكُمْ تَعُودُ، وَأَمَّا خَطَؤُكُمْ فِي الْمَعْنَى فَنَفْيُكُمْ وَتَعْطِيُلُكُمْ لِصِفَاتِ كَمَالِهِ بِوَاسِطَةِ هَذِهِ التَّسْمِيَةِ وَالْأَلْقَابِ، فَنَفَيْتُمُ الْمَعْنَى الْحَقَّ وَسَمَّيْتُمُوهُ بِالِاسْمِ الْمُنْكَرِ، وَكُنْتُمْ فِي ذَلِكَ بِمَنْزِلَةِ مَنْ سَمِعَ أَنَّ الْعَسَلَ شِفَاءٌ وَلَمْ يَرَهُ فَسَأَلَ عَنْهُ، فَقِيلَ لَهُ: مَائِعٌ رَقِيقٌ أَصْفَرٌ يُشْبِهُ الْعَذِرَةَ، تَتَقَيَّؤُهُ الزَّنَابِيرُ، وَمَنْ لَمْ يَعْرِفِ الْعَسَلَ يَنْفِرُ عَنْهُ بِهَذَا التَّعْرِيفِ، وَمَنْ عَرَفَهُ وَذَاقَهُ لَمْ يَزِدْهُ هَذَا التَّعْرِيفُ عِنْدَهُ إِلَّا مَحَبَّةً لَهُ وَرَغْبَةً فِيهِ، وَلِلَّهِ دَرُّ الْقَائِلِ: تَقُولُ هَذَا جِنَاءُ النَّحْلِ تَمْدَحُهُ وَإِنْ تَشَأْ قُلْتَ ذَا قَيْءُ الزَّنَابِيرِ مَدْحًا وَذَمًّا وَمَا جَاوَزْتَ وَصْفَهُمَا وَالْحَقُّ قَدْ يَعْتَرِيهِ سُوءُ تَعْبِيرِ وَأَشَدُّ مَا جَادَلَ أَعْدَاءُ الرَّسُولِ فِي التَّنْفِيرِ عَنْهُ سُوءُ التَّعْبِيرِ عَمَّا جَاءَ بِهِ، وَضَرْبُ الْأَمْثَالِ الْقَبِيحَةِ لَهُ، وَالتَّعْبِيرُ عَنْ تِلْكَ الْمَعَانِي الَّتِي أَحْسَنَ مِنْهَا بِأَلْفَاظٍ مُنْكَرَةٍ أَلْقَوْهَا فِي مَسَامِعِ الْمُغْتَرِّينَ الْمَخْدُوعِينَ، فَوَصَلَتْ إِلَى قُلُوبِهِمْ فَنَفَرَتْ عَنْهُ، وَأَكْثَرُ الْعُقُولِ كَمَا عَهِدْتُ يَقْبَلُ الْقَوْلَ بِعِبَارَةٍ وَيَرُدُّهُ بِعِبَارَةٍ أُخْرَى.
وَكَذَلِكَ إِذَا قَالَ الْفِرْعَوْنِيُّ: لَوْ كَانَ فَوْقَ السَّمَاوَاتِ رَبٌّ أَوْ عَلَى الْعَرْشِ إِلَهٌ لَكَانَ مُرَكَّبًا، قِيلَ لَهُ: لَفْظُ الْمُرَكَّبِ فِي اللُّغَةِ هُوَ الَّذِي رَكَّبَهُ غَيْرُهُ فِي مَحَلِّهِ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى:{فِي أَيِّ صُورَةٍ مَا شَاءَ رَكَّبَكَ} [الانفطار: 8] وَقَوْلُهُمْ: رَكَّبَ الْخَشَبَةَ وَالْبَابَ، وَمَا يُرَكَّبُ مِنْ أَخْلَاطٍ وَأَجْزَاءٍ بِحَيْثُ كَانَتْ أَجْزَاؤُهُ مُفَرَّقَةً فَاجْتَمَعَتْ وَرُكِّبَ حَتَّى صَارَ شَيْئًا وَاحِدًا، كَقَوْلِهِمْ رَكَّبْتُ الدَّوَاءَ مِنْ كَذَا وَكَذَا.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ بِقَوْلِكُمْ: لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ كَانَ مُرَكَّبًا هَذَا التَّرْكِيبَ الْمَعْهُودَ، أَوْ أَنَّهُ كَانَ مُتَفَرِّقًا فَاجْتَمَعَ، فَهُوَ كَذِبٌ وَفِرْيَةٌ وَبَهْتٌ عَلَى اللَّهِ وَعَلَى الشَّرْعِ وَعَلَى الْعَقْلِ.
وَإِنْ أَرَدْتُمْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ لَكَانَ عَالِيًا عَلَى خَلْقِهِ بَائِنًا مِنْهُمْ مُسْتَوِيًا عَلَى عَرْشِهِ لَيْسَ فَوْقَهُ شَيْءٌ، فَهَذَا الْمَعْنَى حَقٌّ، فَكَأَنَّكَ قُلْتَ: لَوْ كَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ لَكَانَ فَوْقَ الْعَرْشِ، فَنَفَيْتَ الشَّيْءَ بِتَغْيِيرِ الْعِبَارَةِ بِقَوْلِكَ وَقَلْبِهَا إِلَى عِبَارَةٍ أُخْرَى، وَهَذَا شَأْنُكُمْ فِي أَكْثَرِ مَطَالِبِكُمْ.
وَإِنْ أَرَدْتَ بِقَوْلِكَ: كَانَ مُرَكَّبًا أَنَّهُ يَتَمَيَّزُ مِنْهُ شَيْءٌ عَنْ شَيْءٍ فَقَدْ وَصَفْتَهُ أَنْتَ بِصِفَاتٍ يَتَمَيَّزُ بَعْضُهَا مِنْ بَعْضٍ، فَهَلْ كَانَ عِنْدَكَ هَذَا تَرْكِيبًا؟