الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَنِ الْأَحَادِيثِ الَّتِي تُرْوَى " «أَنَّ اللَّهَ عز وجل يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا» «وَأَنَّ اللَّهَ يَرَى» «وَأَنَّ اللَّهَ يَضَعُ قَدَمَهُ» " وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، فَقَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ: نُؤْمِنُ بِهَا وَنُصَدِّقُ بِهَا وَلَا كَيْفَ وَلَا مَعْنَى، وَلَا نَرُدُّ مِنْهَا شَيْئًا، وَنَعْلَمُ أَنَّ مَا جَاءَ بِهِ الرَّسُولُ حَقٌّ إِذَا كَانَتْ بِأَسَانِيدَ صِحَاحٍ وَلَا نَرُدُّ عَلَى اللَّهِ قَوْلَهُ، وَلَا نَصِفُ اللَّهَ بِأَكْثَرَ مِمَّا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ بِلَا حَدٍّ وَلَا غَايَةٍ، لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ، وَهَذَا الْكَلَامُ وَكَلَامُ الشَّافِعِيِّ مِنْ مِشْكَاةٍ وَاحِدَةٍ.
[فصل اختلاف أهل السنة في نزول الرب تبارك وتعالى على ثلاثة أقوال]
فَصْلٌ
وَاخْتَلَفَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي نُزُولِ الرَّبِّ تبارك وتعالى عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ:
أَحَدُهَا: أَنَّهُ يَنْزِلُ بِذَاتِهِ، وَهُوَ قَوْلُ الْإِمَامِ أَبِي الْقَاسِمِ التَّيْمِيِّ وَهُوَ مِنْ أَجَلِّ الشَّافِعِيَّةِ لَهُ التَّصَانِيفُ الْمَشْهُورَةُ كَالْحُجَّةِ فِي بَيَانِ الْمَحَجَّةِ، وَكِتَابِ التَّرْغِيبِ وَالتَّرْهِيبِ وَغَيْرِهِمَا، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَى إِمَامَتِهِ وَجَلَالَتِهِ، قَالَ شَيْخُنَا: وَهَذَا قَوْلُ طَوَائِفَ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَالسُّنَّةِ وَالصُّوفِيَّةِ وَالْمُتَكَلِّمِينَ، وَرُوِيَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ مَرْفُوعٌ لَا يَثْبُتُ رَفْعُهُ.
قَالَ أَبُو مُوسَى الْمَدِينِيُّ: إِسْنَادُهُ مَدْخُولٌ وَفِيهِ يُقَالُ: وَعَلَى بَعْضِهِمْ مَطْعَنٌ لَا تَقُومُ بِمِثْلِهِ الْحُجَّةُ، وَلَا يَجُوزُ نِسْبَةُ قَوْلِهِ إِلَى رَسُولِهِ صلى الله عليه وسلم وَإِنْ كُنَّا نَعْتَقِدُ صِحَّتَهُ إِلَّا أَنْ يَرِدَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
وَقَالَتْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ: لَا يَنْزِلُ بِذَاتِهِ، وَقَالَتْ فِرْقَةٌ أُخْرَى: نَقُولُ يَنْزِلُ وَلَا نَقُولُ بِذَاتِهِ وَلَا بِغَيْرِ ذَاتِهِ، بَلْ نُطْلِقُ اللَّفْظَ كَمَا أَطْلَقَهُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم وَنَسْكُتُ عَمَّا سَكَتَ عَنْهُ.
وَاخْتَلَفُوا أَيْضًا هَلْ يَخْلُو الْعَرْشُ مِنْهُ؟ فَقَالَتْ طَائِفَةٌ يَنْزِلُ وَيَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ، قَالَ الْقَاضِي أَبُو يَعْلَى فِي كِتَابِ الْوَجْهَيْنِ وَالرِّوَايَتَيْنِ: لَا تَخْتَلِفُ أَصْحَابُنَا أَنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي كُلِّ لَيْلَةٍ حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخِرِ، كَمَا أَخْبَرَ بِهِ نَبِيُّهُ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ سَاقَ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ثُمَّ قَالَ: وَاخْتَلَفُوا فِي صِفَتِهِ، فَذَهَبَ شَيْخُنَا أَبُو عَبْدِ اللَّهِ إِلَى أَنَّهُ نُزُولُ انْتِقَالٍ، قَالَ: لِأَنَّ هَذَا حَقِيقَةُ النُّزُولِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَهُوَ نَظِيرُ قَوْلِهِ فِي الِاسْتِوَاءِ بِمَعْنَى قَعَدَ، قَالَ: وَهَذَا عَلَى ظَاهِرِ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ.
(قُلْتُ) يُرِيدُ قَوْلَهُ ثُمَّ يَعْلُو تبارك وتعالى عَلَى كُرْسِيِّهِ، قَالَ لِأَنَّ أَكْثَرَ مَا فِي هَذَا أَنَّهُ مِنْ صِفَاتِ الْحَدَثِ فِي حَقِّنَا، وَهَذَا لَا يُوجِبُ كَوْنَهُ فِي حَقِّهِ مُحْدَثًا كَالِاسْتِوَاءِ عَلَى الْعَرْشِ هُوَ مَوْصُوفٌ بِهِ مَعَ اخْتِلَافِنَا فِي صِفَتِهِ، وَإِنْ كَانَ هَذَا الِاسْتِوَاءُ لَمْ يَكُنْ مَوْصُوفًا
بِهِ فِي الْقِدَمِ، وَكَذَلِكَ نَقُولُ تَكَلَّمَ بِحَرْفٍ وَصَوْتٍ وَإِنْ كَانَ هَذَا يُوجِبُ الْحَدَثَ فِي حَقِّنَا وَلَمْ يُوجِبْهُ فِي حَقِّهِ، وَكَذَلِكَ النُّزُولُ.
قَالَ: وَحَكَى شَيْخُنَا عَنْ طَائِفَةٍ مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ قَالُوا: يَنْزِلُ، مَعْنَاهُ قُدْرَتُهُ وَلَعَلَّ هَذَا الْقَائِلَ ذَاهِبٌ إِلَى ظَاهِرِ كَلَامِ أَحْمَدَ فِي رِوَايَةِ حَنْبَلٍ أَنَّهُ قَالَ يَوْمَ احْتَجُّوا عَلَى: يَوْمَئِذٍ، تَجِيءُ الْبَقَرَةُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَيَجِيءُ تبارك وتعالى، قُلْتُ لَهُمْ: هَذَا الثَّوَابُ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى:{وَجَاءَ رَبُّكَ وَالْمَلَكُ صَفًّا صَفًّا} [الفجر: 22] إِنَّمَا يَأْتِي قُدْرَتُهُ، وَإِنَّمَا الْقُرْآنُ أَمْثَالٌ وَمَوَاعِظُ وَزَجْرٌ.
وَذَكَرَ أَحْمَدُ أَيْضًا فِيمَا خَرَّجَهُ فِي الْحَبْسِ: كَلَامُ اللَّهِ لَا يَجِيءُ وَلَا يَتَغَيَّرُ مِنْ حَالٍ إِلَى حَالٍ، وَوَجْهُ هَذَا أَنَّ النُّزُولَ هُوَ الزَّوَالُ وَالِانْتِقَالُ: وَلِهَذَا قُلْنَا فِي الِاسْتِوَاءِ إِنَّهُ لَا بِمَعْنَى الْمُمَاسَّةِ وَالْمُبَايَنَةِ، لِأَنَّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْحَدَثِ وَالِانْتِقَالِ وَهَذَا مِنْ صِفَاتِ الْحَدَثِ.
قَالَ: وَحَكَى شَيْخُنَا عَنْ طَائِفَةٍ أُخْرَى مِنْ أَصْحَابِنَا أَنَّهُمْ قَالُوا نُثْبِتُ نُزُولًا وَلَا نَعْقِلُ مَعْنَاهُ: هَلْ هُوَ بِزَوَالٍ أَوْ بِغَيْرِ زَوَالٍ كَمَا جَاءَ الْخَبَرُ، وَمِثْلُ هَذَا لَيْسَ بِمُمْتَنَعٍ فِي صِفَاتِهِ، كَمَا نُثْبِتُ ذَاتًا لَا تُعْقَلُ، قَالَ وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ هِيَ الْمَذْهَبُ، وَقَدْ نَصَّ عَلَيْهَا أَحْمَدُ فِي مَوَاضِعَ، فَقَالَ حَنْبَلٌ: قُلْتُ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ: يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؟ قَالَ: نَعَمْ، قُلْتُ: نُزُولُهُ بِعِلْمِهِ أَمْ مَاذَا؟ فَقَالَ لِيَ: اسْكُتْ عَنْ هَذَا وَغَضِبَ غَضَبًا شَدِيدًا، وَقَالَ أَمْضِ الْحَدِيثَ عَلَى مَا رُوِيَ.
قُلْتُ: أَمَّا قَوْلُ ابْنِ حَامِدٍ إِنَّهُ نُزُولُ انْتِقَالٍ فَهُوَ مُوَافِقٌ قَوْلَ مَنْ يَقُولُ يَخْلُو مِنْهُ الْعَرْشُ، وَالَّذِي حَمَلَهُ عَلَى هَذَا إِثْبَاتُ حَقِيقَةٍ، وَأَنَّ حَقِيقَتَهُ لَا تَثْبُتُ إِلَّا بِالِانْتِقَالِ وَرَأَى أَنَّهُ لَيْسَ فِي الْعَقْلِ وَلَا فِي النَّقْلِ مَا يُحِيلُ الِانْتِقَالَ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ كَالْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ وَالذَّهَابِ وَالْهُبُوطِ، هَذِهِ أَنْوَاعُ الْفِعْلِ اللَّازِمِ الْقَائِمِ بِهِ، كَمَا أَنَّ الْخَلْقَ وَالرِّزْقَ وَالْإِمَاتَةَ وَالْإِحْيَاءَ وَالْقَبْضَ وَالْبَسْطَ أَنْوَاعٌ لِلْفِعْلِ الْمُتَعَدِّي، وَهُوَ سُبْحَانَهُ مَوْصُوفٌ بِالنَّوْعَيْنِ وَقَدْ يَجْمَعُهُمَا كَقَوْلِهِ:{خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ ثُمَّ اسْتَوَى عَلَى الْعَرْشِ} [الأعراف: 54] وَالِانْتِقَالُ جِنْسٌ لِأَنْوَاعِ الْمَجِيءِ وَالْإِتْيَانِ، وَالنُّزُولِ وَالْهُبُوطِ، وَالصُّعُودِ. وَالدُّنُوِّ وَالتَّدَلِّي وَنَحْوِهَا، وَإِثْبَاتُ النَّوْعِ مَعَ نَفْيِ جِنْسِهِ جَمْعٌ بَيْنَ النَّقِيضَيْنِ.
قَالُوا: وَلَيْسَ فِي الْقَوْلِ بِلَازِمٍ النُّزُولُ وَالْمَجِيءُ وَالْإِتْيَانُ وَالِاسْتِوَاءُ وَالصُّعُودُ مَحْذُورٌ
الْبَتَّةَ، وَلَا يَسْتَلْزِمُ ذَلِكَ نَقْصًا وَلَا سَلْبَ كَمَالٍ، بَلْ هُوَ الْكَمَالُ نَفْسُهُ، وَهَذِهِ الْأَفْعَالُ كَمَالٌ وَمَدْحٌ، فَهِيَ حَقٌّ دَلَّ عَلَيْهِ النَّقْلُ، وَلَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ كَمَا أَنَّ الْعَقْلَ وَالنَّقْلَ قَدِ اتَّفَقَا عَلَى أَنَّهُ سُبْحَانَهُ حَيٌّ مُتَكَلِّمٌ، قَدِيرٌ عَلِيمٌ مُرِيدٌ، وَمَا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ تَعَيَّنَ الْقَوْلُ بِهِ، فَإِنَّهُ لَازِمُ الْحَقِّ، وَكَذَلِكَ رُؤْيَتُهُ تَعَالَى بِالْأَبْصَارِ عِيَانًا فِي الْآخِرَةِ هُوَ حَقٌّ، فَلَازِمُهُ حَقٌّ كَائِنًا مَا كَانَ، وَالْعَجَبُ أَنَّ هَؤُلَاءِ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ أَرْبَابُ الْمَعْقُولَاتِ، وَهُمْ يَجْمَعُونَ بَيْنَ إِثْبَاتِ الشَّيْءِ وَنَفْيِ لَازِمِهِ، وَيُصَرِّحُونَ بِإِثْبَاتِهِ، وَيُثْبِتُونَ لَوَازِمَهُ بِإِثْبَاتِهِ، وَيُصَرِّحُونَ بِنَفْيِهِ، وَلِهَذَا عُقَلَاؤُهُمْ لَا يَسْمَحُونَ بِإِثْبَاتِ شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ، فَلَا يُثْبِتُونَ لِلَّهِ نُزُولًا وَلَا مَجِيئًا، وَلَا إِتْيَانًا وَلَا دُنُوًّا، وَلَا اسْتِوَاءً وَلَا صُعُودًا الْبَتَّةَ، وَإِثْبَاتُ هَذِهِ الْحَقَائِقِ عِنْدَهُمْ فِي الِامْتِنَاعِ كَإِثْبَاتِ الْأَكْلِ وَالشُّرْبِ وَالنَّوْمِ وَنَحْوِهَا، وَالْفَرْقُ بَيْنَ هَذَا وَهَذَا ثَابِتٌ عَقْلًا وَنَقْلًا وَفِطْرَةً وَقِيَاسًا وَاعْتِبَارًا، فَالتَّسْوِيَةُ بَيْنَهُمَا فِي غَايَةِ الْبُطْلَانِ.
قَالُوا وَقَوْلُنَا إِنَّهُ نُزُولٌ لِاعْتِبَارٍ لَا مَحْذُورَ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَيْسَ كَانْتِقَالِ الْأَجْسَامِ مِنْ مَكَانٍ إِلَى مَكَانٍ، كَمَا قُلْتُمْ إِنَّ سَمْعَهُ وَبَصَرَهُ وَحَيَاتَهُ وَقُدْرَتَهُ وَإِرَادَتَهُ لَيْسَتْ كَصِفَاتِ الْأَجْسَامِ، فَلَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ فِي ذَاتِهِ وَلَا فِي صِفَاتِهِ وَلَا فِي أَفْعَالِهِ.
قَالُوا وَنَحْنُ لَمْ نَتَقَدَّمْ بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ، بَلْ أَثْبَتْنَا لِلَّهِ مَا أَثْبَتَهُ لِنَفْسِهِ وَأَثْبَتَهُ لَهُ رَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم، فَأَلْزَمْتُمْ أَنْتُمْ مَنْ أَثْبَتَ ذَلِكَ الْقَوْلَ بِالِانْتِقَالِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ هَذَا الْإِلْزَامَ إِنَّمَا هُوَ إِلْزَامٌ لِلَّهِ وَرَسُولِهِ، فَإِنَّا لَمْ نَتَعَدَّ مَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ، فَكَأَنَّكُمْ قُلْتُمْ مَنْ أَثْبَتَ لَهُ نُزُولًا وَمَجِيئًا وَإِتْيَانًا وَدُنُوًّا لَزِمَهُ وَصْفُهُ بِالِانْتِقَالِ، وَاللَّهُ وَرَسُولُهُ هُوَ الَّذِي أَثْبَتَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ فَهُوَ حَقٌّ بِلَا رَيْبٍ، فَكَانَ جَوَابُنَا إِنَّ الِانْتِقَالَ إِنْ لَزِمَ مِنْ إِثْبَاتِ مَا أَثْبَتَهُ اللَّهُ تَعَالَى وَرَسُولُهُ صلى الله عليه وسلم وَتَصْدِيقُهُ فِي ذَلِكَ وَالْإِيمَانُ بِهِ، فَلَا بُدَّ مِنْ إِثْبَاتِهِ ضَرُورَةً، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ، بَطَلَ إِلْزَامُكُمْ وَنَظِيرُ هَذَا مُنَاظَرَةٌ جَرَتْ بَيْنَ جَهْمِيٍّ وَسُنِّيٍّ.
قَالَ الْجَهْمِيُّ: أَنْتَ تَزْعُمُ أَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ عِيَانًا بِالْأَبْصُرِ؟ قَالَ السُّنِّيُّ: نَعَمْ، فَقَالَ لَهُ الْجَهْمِيُّ: هَذَا يَلْزَمُ مِنْهُ إِثْبَاتُ الْجِهَةِ وَالْحَدِّ وَكَوْنِ الْمَرْئِيِّ مُقَابِلًا لِلرَّائِي مُوَاجِهًا لَهُ، وَهَذَا تَشْبِيهٌ وَتَجْسِيمٌ، قَالَ لَهُ السُّنِّيُّ: قَدْ دَلَّ الْقُرْآنُ وَالسُّنَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ وَاتِّفَاقُ الصَّحَابَةِ وَجَمِيعُ أَهْلِ السُّنَّةِ وَأَئِمَّةِ الْإِسْلَامِ عَلَى أَنَّ اللَّهَ يُرَى فِي الْآخِرَةِ، وَقَدْ شَهِدَ بِذَلِكَ الرَّسُولُ وَبَلَّغَهُ الْأُمَّةَ، وَأَعَادَهُ وَأَبْدَاهُ، فَذَلِكَ حَقٌّ لَا رَيْبَ فِيهِ، فَإِنْ لَزِمَ مَا ذَكَرْتَ فَلَازِمُ الْحَقِّ حَقٌّ، وَإِنْ لَمْ يَلْزَمْ بَطَلَ سُؤَالُكَ.
وَقَالَ بَعْضُ الْجَهْمِيَّةِ لِبَعْضِ أَصْحَابِنَا: أَتَقُولُ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا؟ فَقَالَ